مقالات تربوية – عالم زيدو https://zidoworld.com Tue, 11 Mar 2025 13:27:25 +0000 ar hourly 1 https://zidoworld.com/wp-content/uploads/2023/08/logo1-120x120.png مقالات تربوية – عالم زيدو https://zidoworld.com 32 32 تربية قلب الطفل على الإيمان https://zidoworld.com/%d8%aa%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%82%d9%84%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%84-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86/ Tue, 11 Mar 2025 13:27:25 +0000 https://zidoworld.com/?p=6916 عندما كسرت لعبتها، ظهر الحزن على وجه الفتاة ذات الستة أعوام، وبالوقت نفسه خرجت من فمها كلمات رائعة: “قدر الله وما شاء فعل”، ذاك هو أثر التربية الإيمانية، عندما نغرسها في الطفل.

فما التربية الإيمانية؟

هي تعريف الطفل بالله تعالى الواحد الأحد، بأسمائه وصفاته وأحكامه، بما يناسب فئته العمرية، وما يرتبط بذلك من أقوال وأفعال، وسبُل رضا الله، وتحبيب ذلك لقلبهم، ثم تعريفه بالنبي محمد سيرته وسنته، وتعريف الطفل بأركان الإيمان الستة؛ إذ لما سُئل  عن الإيمان كما ورد في صحيح مسلم، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.

لم علينا أن نهتم بالتربية الإيمانية؟

  1. الحاجة إلى الدين موجودة في عمق الإنسان منذ ولادته، وهي تساهم في استقراره نفسيًا، وكلما كانت التربية الإيمانية أشمل وأعمق، كان أثرها في الاستقرار أكبر، قال المؤرخ بلوتارك: “لقد وُجدَت في التاريخ مدنٌ بلا قصور ولا مصانع ولا حصون، ولكن لم توجَد في التاريخ مدنٌ بلا معابد” فمهمتنا كوالدين أن نوجه أبناءنا للدين الحق دين التوحيد، نعرفهم بالله  الإله الواحد الأحد، وبكل أركان الإسلام والإيمان.
  2. وجود قاعدة وأساس صحيح من القرآن الكريم والسنة النبوية، يعود إليها الإنسان في كل مراحل حياته، بدلًا من التخبط.
  3. أن ينطلقوا في كل أمور حياتهم من مبادئ الإسلام، في النواحي الصحية والعلمية والاقتصادية والتعاملات الاجتماعية.
  4. وجود دافع مستمر للقيام بأعمالهم وما عليهم، عندما يضعون هدفًا عاليًا نصب أعينهم، ألا وهو رضا الله تعالى، ونصر هذه الأمة.
  5. تقوية الشعور بالمسؤولية، والالتزام بأداء المهام على أكمل وجه، والمبادرة، سواء بوجود سلطة خارجية، أو بغيابها.

أمور من المهم مراعاتها في التربية الإيمانية:

التربية الإيمانية ليس لها تاريخ انتهاء، مهما كبر الأولاد، لابد وأن نبقى نذكرهم بالله تعالى، مراعين بالأسلوب شخصياتهم ومرحلتهم العمرية، وها هو النبي يعقوب عليه السلام على فراش الموت، يذكّر أولاده بالله تعالى:

أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ حَضَرَ یَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِیۖ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰ⁠حِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ [سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٣٣]

قلما تجد طفلًا لم يسأل: “من خلق الله ؟” ويسأل أسئلة كثيرة تتعلق بالله ، وقد يجعل ذلك بعض الأهل يتوترون ويخافون على أولادهم من الانحراف والضلال، الحمد لله أن هذا الوضع طبيعي، لا يستدعي منا توترًا، وإنما يكفي أن نتحدث بهدوء مع أولادنا وأن نبيّن لهم ما نعلم وأن الله تعالى ليس كمثله شيء، وإن لم نكن نعلم إجابة لأسئلتهم، فإننا نبحث معهم عن الإجابة الصحيحة من مصادر موثوقة.

التربية الإيمانية تقوم على الخوف والرجاء، لكن في مرحلة الطفولة يكون الحب والرجاء أكثر من الخوف، ولنحذر من تخويفه الدائم بالنار، خاصة لو كان كلامنا كذبًا، كأن نقول له : ( إذا كذبت سيحرقك الله بالنار ) ، فالله تعالى لا يحاسب الأطفال غير المكلفين، ويكفي أن نقول له أن عمله هذا لا يرضي الله، ونعلمه على ميزان الحسنات والسيئات، وأن يمحو السيئة بالحسنة وبالتوبة الصادقة.

المعينات على التربية الإيمانية:

  • وجود المعرفة الإيمانية الضرورية عند الوالدين:
    قد يظن البعض أن ما لديه من معرفة دينية تكفي كي يربي أولاده، ويرشدهم ويجيب على تساؤلاتهم، لكن في الواقع كلنا نحتاج إلى التزود المستمر بالمعرفة الدينية، عن طريق سؤال أهل الاختصاص، والدورات العلمية الموجهة للعامة، والمتوفرة بكثرة وبشكل مجاني في الشبكة العنكبوتية.
  • الدعاء لهم: الدعاء هو سلاح المؤمن الذي لا يخيب، لنتضرع إلى الله سبحانه أن يحفظ أولادنا، وأن يجعلهم أئمة للمتقين، وَٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَ ٰ⁠جِنَا وَذُرِّیَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡیُنࣲ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِینَ إِمَامًا [سُورَةُ الفُرۡقَانِ: ٧٤]
  • الإكثار من العمل الصالح: قال سعيد بن المسيّب لابنِه: لأزيدنَّ في صلاتي من أجلك، رجاء أن أُحفظ فيك، ثم تلا هذه الآية: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا.
  • بناء علاقة قوية مع أبنائنا : قد يقول قائل: “ما علاقة ذلك بالتربية الإيمانية؟”
    إن بناء علاقة قوية مع أبنائنا، بعيدًا عن حصرها بالأوامر والنواهي فقط، قريبًا من نشاطات مشتركة معًا، واهتمام بأحوالهم العامة، يجعلهم يتقبلون إرشاداتنا الدينية أكثر، ويجعلهم يقتدون بنا أكثر، ولنا في رسول الله قدوة حسنة عندما اهتم بذاك الطفل الصغير وسأله عن حاله وعن طائرة : فعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله يدخل علينا ولي أخ صغير يُكنى أبا عُمير، وكان له نغر يلعب به، فمات فدخل عليه النبي ذات يوم فرآه حزينًا، فقال: ما شأنه؟ قالوا: مات نغره، فقال: يا أبا عمير ما فعل النغير.1.
  • عدم التناقض بين أقوالنا وأفعالنا: الطفل مراقِب شديد الملاحظة، حتى وإن لم يتكلم بما يلاحظ، لكن يبدو أثر ذلك في أفعاله، ويظهر أثر ذلك عليه في المستقبل إن لم يظهر فورًا، عندما نأمر الطفل بعدم الكذب ثم يلاحِظُ كذبًا من والديه، أو نأمره بالصلاة على وقتها ثم نؤخر صلاتنا، فإن ذلك يجعله يشك في كل ما نعلمه إياه، ومن ضمنه الأمور الدينية.

نواحي التربية الإيمانية:

الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، انطلاقا من ذلك يمكن أن نقول أن للتربية الإيمانية ناحيتين:

  1. الناحية العقدية وهي ما وقر في القلب.
  2. الناحية العملية

الناحية العقدية وهي ما وقر في القلب:

تلقين الأطفال شهادة التوحيد وتعليمهم أركان الإيمان الستة، وتذكيرهم بأن كل عمل دنيوي، إذا أخلصنا فيه النية لله، فإنه يتحول إلى عبادة، لنا بها أجر إن شاء الله.

قد يظن البعض أن الأطفال لا يستطيعون إدراك ذلك، لكن على العكس من ذلك فإن ما يقدم إلى الصبي في أول نشوه ليحفظه فإنه يبقى معه ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئًا فشيئًا، لذلك كان السلف يبدؤون مع الصبيان بالحفظ ثم الفهم ثم الاعتقاد والإيقان والتصديق به.

وللوقاية من الانحراف في الناحية العقدية لا بد من الانتباه إلى أمرين:

  1. الانتباه لما يشاهده الأطفال في التلفاز والأجهزة الالكترونية.
  2. الابتعاد عن كثرة تهديده بالنار.

الناحية العملية:

  • الالتزام بالصلاة: مع اقتراب نهاية مرحلة الطفولة الثانية، نبدأ بتدريب أولادنا على الالتزام بالصلاة، وبالطبع نكون قد مهدنا لهم سابقًا، وقد رأونا نصلي آلاف المرات، ومما يشجع الطفل على الصلاة أن نجعله إمامًا في صلوات النوافل، وأن نخصص له سجادة صلاة، وللفتاة طقم صلاة وسجادة صلاة، وأن ندعوه برفق بلا كلل أو تهاون.
  • تنبيه أولادنا إلى رحمة الله ولطفه وفضله، وتطبيق معاني أسماء الله الحسنى في تربيتنا،
    مثلا لو أخطأ طفلي بشيء ما، يمكن أن أعفو عنه وأقول له عفوت عنك استجابة لله العفو الغفور .
    يمكن أن أضمه، أو أجيب بعض طلباته وأقول له أحب أن أتمثل الرحمة، لأن الله رحيم. 
  • التفكر: إذا أردنا أن يتوهج قلبنا وقلب أولادنا بحب الله، فلا بد من عبادة التفكر، قال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۝ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[آل عمران: 190، 191].
    يمكننا أن ندرب أولادنا على عبادة التفكر، من ناحيتي الدقة والإحكام في الخلق، أو من الناحية الجمالية، وفي كلتا الحالتين يكون تأثير التفكر أكبر إن اخترنا التفكر بأمور يحبها أولادنا، والتي قد تختلف من طفل إلى آخر.
    الطفلة التي تحب الفراشات، يمكن أن نتفكر معها، حول ألوان الفراشات الجميلة ومنظرها المبهج وهي تطير فوق الأزهار، والطفل الذي يحب الفواكه يمكن أن نتفكر معه حول اختلاف مذاق الفواكه وأشكالها.
    يمكن أن نسأل أولادنا: “ماذا لو لم يكن هناك مطر؟، ثم نبدأ معهم باستكشاف الإجابات وإدراك نعمة الله سبحانه بوجود المطر”
    ينفع كثيرًا استخدام الشبكة العنكبوتية من أجل الحصول على صور ومعلومات للتفكر.
  • مراقبة الله : وهي إحدى ثمرات الإيمان باسم الله الرقيب، لنعلم أولادنا أن يسألوا أنفسهم عند كل قول أو فعل هل يرضي عملي الله سبحانه؟ يمكن أن نعلمهم ذلك بأن نكون نحن القدوة لهم.
    أو يمكن أن نقوم ببعض الأنشطة معهم، مثلا نطبع صور عدة أعمال من الشبكة العنكبوتية، ثم نطلب منه أن يصنفوها ضمن أعمال يحبها الله وأعمال لا يحبها الله تعالى.

ومن الأفكار اليومية للتربية الإيمانية:

  • اقتطاع جزء من مصروف الطفل للمحتاجين.
  • الجلوس للذكر.
  • الكلم الطيب.
  • مساعدة الآخرين.
  • تربية حيوان أليف بالبيت، وحث الطفل على الاهتمام به والرحمة له، وربط ذلك بالدين.

 كل ذلك يساعد في تربية أولادنا تربية إيمانية، والله هو الموفق ونعم الوكيل.2.3.https://binbaz.org.sa/discussions/24/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%B5%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86.4.

1    البخاري 4971، مسلم 2150
2    https://sites.google.com/site/sultan49helmy/home/sultan99helmy/sultan1helmy/sultan12hel/s5
3    https://shamela.ws/book/36414/8
4    http://iswy.co/e14vn4https://www.alukah.net/sharia/0/100305/%D8%AD%D8%A7%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-1/
]]>
اللعب الجماعي وأهميته في نمو شخصية الطفل https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a-%d9%88%d8%a3%d9%87%d9%85%d9%8a%d8%aa%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88-%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b7-2/ Thu, 27 Feb 2025 09:46:22 +0000 https://zidoworld.com/?p=6910 عالم الطفل يغلب عليه اللعب، فاللعب يعد حاجة فطرية ونشاط تلقائي يمارسه الطفل للاستكشاف وتحقيق المتعة والسرور، وتظهر الحاجة إلى الألعاب الجماعية لدى الأطفال بعد سن السابعة حيث يميل الأطفال إلى الألعاب الجماعية المنظمة والتي تحكمها قواعد وقوانين واضحة، مثل لعبة كرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة وغيرها. 

وسنتطرق في هذا المقال إلى أهمية اللعب الجماعي في نمو شخصية الطفل، حيث سنبدأ بتوضيح مفهوم اللعب الجماعي بأنه نوع من الأنشطة الترفيهية التي يشارك فيه مجموعة من الأطفال، ويتطلب تفاعلاً بين المشاركين والتوافق والتنسيق فيما بينهم لتحقيق الأهداف المشتركة، ويعرف بأنه نشاط تلقائي وموجه يكون على شكل حركة أو عمل، ويمارس جماعياً ويشغل طاقة الجسم الحركية والذهنية، ويمتاز بالسرعة والخفة ويرتبط بدوافع طبيعية متأصلة في كل طفل أهمها الاستمتاع، كما يعرف بأنه جميع الأنشطة التي يقوم بها الأطفال لإشباع حاجاتهم النفسية وتفريغ طاقاتهم بحيث يجدوا فيها متعة ولذة أثناء اللعب، والخلاصة أن اللعب الجماعي نشاط موجه يقوم به الأطفال لتنمية سلوكهم وقدراتهم العقلية والجسمية والوجدانية ويشبع رغباتهم ويحقق لهم المتعة والتسلية وتوسيع الآفاق المعرفية.

أهمية اللعب الجماعي للطفل

للعب الجماعي أهميّة كبيرة في حياة الطفل حيث يساعده على النمو النفسي والجسمي والعقلي والحركي والاجتماعي واللغوي والأخلاقي، فاللعب لدى الطفل لا يقل أهميّة عن الأكل والشرب والتنفس، بل إنّ الطفل أحياناً يفضّله على الأكل والشرب، كما أن اللعب الجماعي يجنب الأطفال من الوقوع في الملل، حيث يندمج الأطفال في اللعبة ويكونوا أكثر حباً واستمتاعاً بها من أي شيء آخر.

ويعد اللعب الجماعي ضرورة لنمو الأطفال وتطورهم، لأنه يوفر العديد من الفرص التي تساعد على نمو وتطوير المهارات الاجتماعية والإدارية والذهنية والبدنية لدى الأطفال، كما أنه يُعِدُّ الطفل للحياة من خلال مواقف التعاون والتنافس والصراع والمكسب والخسارة والنجاح والفشل والحزن والسعادة التي تحدث أثناء اللعب الجماعي، بالإضافة إلى أن الألعاب الجماعية توفر للأطفال اكتساب وتبادل المهارات، فلكل طفل طريقته الخاصة في التعامل مع الألعاب، وبهذا تتوفر فرصة تناقل المهارات بين الأطفال.

وتؤكد الدراسات الحديثة أن لعب الأطفال هو أفضل وسيلة لتحقيق النمو الشامل المتكامل للطفل ففي أثناء اللعب يكتسب الطفل مهارات التفكير المختلفة كالفهم والإدراك والتذكر والتحليل والاستنتاج والتركيب والتقييم والإبداع، وتعد مواقف اللعب بمثابة خبرات حسية عملية، والطفل يتعلم ويتذكر المعلومة التي ترتبط بالخبرة الحسية والممارسة العملية بشكل أفضل، وتؤكد نظريات النمو على أن اللعب خلال سنوات الطفولة المبكرة من عمر الطفل هو الإستراتيجية الأولى والأكثر كفاءة لتعليم الطفل وتنمية شخصيته، فاللعب يستثير حواس الطفل وينمي جسمه نمواً سليماً كما ينمي لغته وعقله وذكاءه وتفكيره، فعن طريق اللعب يستطيع اكتساب أصعب المفاهيم العلمية، كما يؤدي اللعب دوراً أساسياً في تنمية القدرة على الابتكار، فالطفل وهو يلعب يحول موقف اللعب إلى أمر جدي ويبرز كل قوته ويتعامل بكامل مشاعره، وعندما يلعب الأطفال فهم لا يهتمون بتحقيق هدف معين وإنما يكتسبون سلوكيات تلقائية تساعدهم على حل مشكلاتهم الحياتية، كما أن اللعب يكشف عن حالة الطفل النفسية ويقودنا إلى علاجها، ومن الفوائد الصحية للألعاب الجماعية أنها تقلل من مخاطر السمنة والسكري وأمراض القلب وغيرها من المشكلات الصحية المرتبطة بنمط الحياة الخامل.

كما تستخدم الألعاب الجماعية من قبل المعلمين كوسيلة للتعليم، مثل تعليم الحساب والحروف، وأسماء وأشكال وأصوات الحيوانات، وكذلك تعلّيم أنواع الفواكه وأعضاء جسم الإنسان والألوان، لا سيّما أنّ الطفل أثناء التعلّيم باللعب يكون له دور تفاعلي وليس مجرّد متلق سلبي كما يتم في التعليم التقليدي.

دور اللعب الجماعي في نمو شخصية الطفل

من أهم الأدوار التي يحققها اللعب الجماعي في نمو شخصية الطفل ما يلي:

  • الدور الاستكشافي 

اللعب الجماعي يكشف عن شخصية الطفل بشكل عام، فالطفل أثناء اللعب يتصرّف بتلقائية مما يسمح للمربين والوالدين من التعرّف على جوانب شخصيته، لا سيما التعرّف على قدرات الطفل ومهاراته مثل: الذكاء والإبداع ومهارات الاتصال، والتعرّف على نقاط ضعفه مثل: الخجل والانطواء والأنانية وضعف التصرّف واليأس والإحباط السريع، بالإضافة إلى التعرّف على المشكلات النفسية والسلوكية للطفل مثل: العناد والعصبية الزائدة والعنف والعدوان والخوف ونقص الثقة بالنفس والكذب، كما أن الطفل يستكشف العالم الخارجي ويتدرّب على التعامل معه.

  • الدور الإنمائي 

اللعب الجماعي ينمّي شخصية الطفل في جميع جوانبها الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية، ويمكن توضيح هذه الجوانب كما يلي: 

    • النمو الجسمي والحركي: تتطلب الألعاب الجماعية من الأطفال الانخراط في ألعاب بدنية مثل الجري والقفز والرمي والإمساك والركل والتسلق، وهذه الألعاب تساعد على تحسين المهارات الحركية والتنسيق والتوازن والتآزر الحسي الحركي واللياقة البدنية العامة وتقوية الجسم، فالألعاب الجماعية تنمّي مفهوم الذات الجسمي،  من خلال تمرين أعضاء الجسم مما يساهم في نموّها وتقويتها وصحتها، كما ينمّي القدرات الحركية مثل المهارات اليدوية في لعبة الكرة الطائرة وكرة السلة وكرة التنس، ومهارات الرجلين في لعبة كرة القدم.
    • النمو النفسي والعاطفي: تساعد الألعاب الجماعية الأطفال على تطوير الذكاء العاطفي من خلال تدريبهم على إدارة عواطفهم في بيئة تنافسية يتعلمون فيها التعامل مع النجاح والفشل بمرونة وتقبل، كما تنمو لديهم الثقة بالنفس وتقدير الذات وتحمّل الإحباط في حالة الفشل، وإظهار مشاعر المتعة والسعادة في حالة الفوز، والقدرة على التحدي والتغلب على المصاعب، ويتدرب الطفل كذلك على التحكم بالذات، من خلال احترام قوانين اللعب والالتزام بها، ومن ثمّ يتدرّب الطفل على احترام معايير الصواب والخطأ والحلال والحرام، وتنمية الصفات الخلقية، مثل: الصِّدق والأمانة والعدل، كما تنمو لديهم المرونة النفسية من خلال تبادل الأدوار والمهام والانتقال إلى الخطط البديلة عند الحاجة.
    • النمو العقلي والمعرفي: تساعد الألعاب الجماعية الأطفال على تطوير مهاراتهم المعرفية، حيث يتعلمون تحليل المواقف بسرعة واتخاذ القرارات بناء على الخيارات المتاحة مما ينمي لديهم القدرات العقلية والمهارات الذهنية مثل: الانتباه، والإدراك، والتركيز، والتفكير والاستبصار، والتخطيط للمستقبل، والتفاوض وحل المشكلات واتخاذ القرارات، كما يتعرّف الطفل أثناء اللعب على المفاهيم الجديدة مثل: الأوزان والأطوال والمسافات والأحجام، وينمّي الجوانب الإبداعية مثل: حبّ الاستطلاع والابتكار.
    • النمو الاجتماعي: توفر الألعاب الجماعية فرصة ممتازة للأطفال للتفاعل مع الآخرين وتقبلهم، وتطوير المهارات الاجتماعية مثل: التواصل الفعال والتعاون والعمل الجماعي والقيادة والتعاطف، والتعرف على عادات وقوانين المجتمع، حيث يتعلمون الدور المنوط بهم، والعمل ضمن فريق، واحترام نقاط القوة والضعف لدى بعضهم بعضا، وما يحدث داخل الفريق من التفاهم والتشاور والتعاضد والتضامن وتحقيق المكانة الاجتماعية.
    • النمو اللغوي: تتاح للأطفال أثناء اللعب الجماعي لا سيما في الألعاب الثقافية والفنية الحوار في إطار الفريق الواحد، أو التحدّث مع الآخرين من الفريق المنافس، أو التعبير عن الأفكار والمشاعر بحرية في المواقف المختلفة، مما يسهم في نمو الثروة اللغوية للطفل والقدرة على التحدث بشكل مؤثر، وتمكين الآخرين من فهم ميوله وحاجاته وقدراته.
  • الدور الوقائي

اللعب الجماعي يقي الطفل من العصبية الزائدة لأنّ اللعب يفرحه، ويقي الطفل من النشاط الحركي الزائد، وليس اللعب مجرد تنفيس عن انفعالات مكبوتة وإنّما هو نشاط يؤدِّي إلى إعادة الاتّزان الحيوي والنفسي في حياة الطفل، كما يقي الطفل من الاضطرابات العضوية، ومشاعر الخجل، والاكتئاب، والمخاوف، والشعور بالوحدة، ويعبّر الطفل من خلال اللعب عن صراعاته اللاشعورية، مثل: الخوف من الأب أو الأُم، أو من المدرسة، أو من الحيوانات، ومن ثمّ يتم تدارك هذه المخاوف بسرعة، فبمجرّد تكسير اللعبة هو تعبير عن عدوان الطفل نحو الأب أو الأُم، والطفل الذي يكون عنيفاً في اللعب يكون لديه مشكلة نفسية، ومن ثمّ يتم تداركها قبل أن تتفاقم، والطفل الذي تقع منه اللعبة كثيراً ربّما يكون السبب في ذلك نوبة صرع صغرى تفقده التحكم بالأشياء، وفي هذه الحالة يجب التدخل لعلاجه، واللعب يقي الطفل من السوك العدواني، فالغضب يؤدِّي إلى العدوان غالباً، ولكنّ اللعب فيه تنفيس للغضب حتى لا يزيد ويتحوّل إلى عدوان، كما أن اللعب الجماعي يقي الطفل من الأنانية والتمركز حول الذات.

  • الدور العلاجي

اللعب الجماعي يساعد الطفل في التخلص من النشاط الحركي الزائد وفرط الحركة، وذلك من خلال تفريغ الطاقات الجسمية والانفعالية الزائدة بل استثمار الطاقات الزائد بدلاً من إهدارها، فالطاقة تخرج إمّا في اللعب وإمّا في العدوان، كما يساعد في التخلّص من العصبية، فاللعب يصفي صراعات الطفل اللاشعورية المكبوتة أثناء اللعب، كذلك يساعد الطفل في التعبير عن صراعاته بشكل مباشر، في حين أنّ الراشد يعبّر عن صراعاته بشكل غير مباشر للحفاظ على شكله وعلاقاته، كما يساعد الطفل في التخلّص من العناد، فعند اللعب يطلب الطفل من زميله رمي الكرة ثم يعيدها إليه ومع الاستمرار يتخلص من أنانيته وتمركزه حول ذاته، فيستجيب بسهولة وينفذ طلبات زملائه وأوامر قائد الفريق، ومن ثمّ يعتاد على تنفيذ الأوامر والنواهي ويقل عناده، كما أن اللعب الجماعي يخلّص الطفل من الخجل، والانطواء والشعور بالوحدة، والعنف والعدوان وذلك بتفريغ الطاقات السلبية مما يساهم في تكوين شخصية مستقرة عاطفياً واجتماعياً ومبدعة، ويخلّص الطفل من الاكتئاب عندما ينفتح مع زملائه ويشاركهم اللعب، وشعوره بحبّ والديه ومربيه عندما يسمحون له بممارسة اللعب، ويخلّص الطفل من المخاوف، فلو أنّ طفلاً يخاف من الغرق أثناء السباحة، ففي ظل الأجواء الجماعية وتجهيزه بأدوات السباحة وتدريبه مع زملائه لعدة مرات ستقل مخاوفه وتنتهي بالتدريج، كما يستخدم اللعب في الثواب والعقاب، فالثواب أن يقوم المربي بإشراك الطفل في اللعب في حالة مكافأته على سلوك جيِّد، وحرمانه من اللعب عند العقاب.

ختاما تعد الألعاب الجماعية ضرورية لنمو الأطفال وتطورهم، لأنها تهيئ العديد من فرص النمو الجسمية والعقلية والاجتماعية والعاطفية مع تعديل نمط الحياة الصحي، لذا يجب على الآباء والأمهات والمربين تشجيع أطفالهم على المشاركة في الألعاب الجماعية من سن مبكرة لمساعدتهم على النمو، حتى يصبحوا أفراداً ذوي لياقة جسمية وعقلية ونفسية، الأمر الذي يمكنهم من المساهمة بشكل إيجابي وفعال في المجتمع.1.2.

1    جلاب مصباح، بعايري حسان (2021). أهمية اللعب في حياة الطفل ووظائفه ونظرياته وأدواره التربوية والاجتماعية، مجلة الراصد لدراسات العلوم الاجتماعية، جامعة محمد بوضياف، المسيلة، الجزائر، المجلد1(1)، ص47-69.
2    حميدة فرج إبراهيم الفرجاني (2021). دور اللعب في تنشئة الطفل من الناحية الاجتماعية والثقافية- رؤية مستقبلية، مجلة القرطاس، كلية التربية، جامعة طرابلس، العدد 16، ص 300- 322.
]]>
مفاتيح مهمة للتعامل مع الحالات الانفعالية للطفل https://zidoworld.com/%d9%85%d9%81%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%ad-%d9%85%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%85%d9%84-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%81%d8%b9/ Tue, 25 Feb 2025 10:12:23 +0000 https://zidoworld.com/?p=6901 مفاتيح مهمة للتعامل مع الحالات الانفعالية للطفل

يوصف النمو العاطفي للطفل بأنه عملية تدرجية طبيعية ومستمرة، وتلعب المشاعر دورًا مهما في هذا النمو، حيث يتعلم الطفل كيفية التعامل معها والتعبير عنها بشكل صحيح وفعال، ويُعتبر النمو العاطفي الصحي أمرًا حيويًا لتنمية الشخصية الكاملة للطفل والتأثير على سلوكه وتفاعلاته الاجتماعية في المستقبل.

يُعتبر النمو العاطفي للطفل مهماً بشكل كبير لأنه يؤثر على حياته العاطفية والاجتماعية والعقلية فيما بعد، وإذا كان الطفل يعاني من صعوبات عاطفية في سن مبكرة، فقد يؤثر هذا في قدرته على تطوير العلاقات الاجتماعية والاستجابة العاطفية السليمة في الحياة اليومية. 

وتلعب المشاعر دورًا حاسمًا في نمو الطفل، حيث تؤثر على سلوك الطفل وعلاقاته الاجتماعية والعاطفية. إذا كان الطفل قادرًا على فهم ومعالجة مشاعره بطريقة صحية، فسوف يكون قادرًا على تكوين علاقات إيجابية وتعلم مهارات اجتماعية هامة.

ومن بين الأدوار الرئيسية التي تلعبها المشاعر في نمو الطفل:

  1. تحسين الصحة العقلية: إذا كان الطفل يتعلم كيفية التعامل مع المشاعر السليمة، فسوف يتمتع بصحة عقلية جيدة ويكون أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق وغيرها من الاضطرابات النفسية.
  2. تطوير الذكاء العاطفي: إذا كان الطفل يتعلم كيفية التعامل مع المشاعر بطريقة صحية، فسوف يتمكن من تطوير الذكاء العاطفي الذي يشمل فهم مشاعر الآخرين والتعامل معها بطريقة إيجابية.
  3. تطوير مهارات التواصل: إذا كان الطفل قادرًا على فهم مشاعره والتعبير عنها بطريقة صحية، فسوف يكون قادرًا على التواصل مع الآخرين بطريقة فعالة وبناءة.
  4. تطوير القدرة على التعاطف: إذا كان الطفل يتعلم كيفية التعامل مع المشاعر السليمة، فسوف يكون أكثر قدرة على فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معها، مما يساعد على فهم الآخرين وتكوين العلاقات الإيجابية.
  5. تطوير السلوك الإيجابي: إذا كان الطفل يتعلم كيفية التعامل مع المشاعر بطريقة صحية، فسوف يكون أكثر قدرة على تطوير السلوك الإيجابي الذي يعبر عن صحته النفسية والعقلية والعاطفية بشكل متوازن.

مراحل النمو العاطفي للأطفال

تختلف مراحل النمو العاطفي للأطفال وفقًا للعديد من العوامل، مثل الجنس والثقافة والبيئة المحيطة بالطفل. ومع ذلك، يمكن تقسيم مراحل النمو العاطفي للأطفال إلى المراحل التالية:

المرحلة الأولى (من الولادة حتى 6 أشهر):

في هذه المرحلة، يكون الطفل حساسًا للحواس المختلفة ويركز على تلبية الاحتياجات الفيزيائية مثل التغذية والراحة والنظافة. يتواصل الطفل بالبكاء والابتسام والحركات البسيطة. كما يتعرف الطفل على رائحة وصوت ولمس وجه الأم، وهذا يساعد في تكوين رابطة الارتباط المبكرة بين الأم والطفل.

وما إن يصل الطفل لعمر 3 أشهر تقريبًا حتى يبدأ في التعرف على الأشخاص المحيطين به ويبدأ بإظهار الاهتمام والابتسام عندما يرى وجوها مألوفة ويصاب بالملل حينما يكون بمفرده، وهنا نلاحظ أن بكاء الطفل يمتد للتعبير عن الحاجات العاطفية أيضاً، فضلا عن الحاجات الفيزيولوجية الأصلية.

المرحلة الثانية (من 7 أشهر حتى 18 شهرًا):

يبدأ الطفل في الاستجابة بشكل أكبر للعواطف والمشاعر لدى الآخرين، ويستطيع الآن إظهار العاطفة بطرق مختلفة مثل: الضحك والابتسام والغضب. يبدأ الطفل أيضًا في استخدام الإيماءات الجسدية والتواصل غير اللفظي للتعبير عن المشاعر كالضحك والبكاء والابتسام.

المرحلة الثالثة (من 18 شهرًا حتى 3 سنوات):

يتمتع الطفل بالمزيد من الاستقلالية، وبالتالي تتميز عواطفه بالقدرة على التحكم، فنراه يتعلم كيفية تحديد مشاعر الآخرين تجاهه وأيضاً تحديد ردود أفعاله تجاههم . كما يبدأ التبادل العاطفي بالنمو تدريجيًا مع اللغة، حيث يصبح الطفل أكثر قدرة على التعبير عن مشاعره بطريقة لفظية، فيبدأ الطفل يظهر لنا مهاراته في التعاطف والاهتمام والمودة والانتماء.

المرحلة الرابعة (4-6 سنوات):

يبدأ الطفل في التعبير عن المشاعر بشكل أوضح وأدق، ويبدأ في التفكير بشكل أكبر في المشاعر والمواقف الخاصة بالآخرين. فنراه يتطور في طريقة تعبيره عن الآخرين ومشاعره تجاههم. ففي ميدان اللعب على سبيل المثال نراه يستمتع باللعب مع الآخرين ويبدأ في تطوير المهارات الاجتماعية الخاصة بالجماعة كالتعاطف الجماعي والتعاون والتنظيم وأدوار الجماعة وغيرها. وعلى صعيد اللعب يبدو اهتمامه بالألعاب الجماعية واضحا، إذ تبدأ مهارات التفاوض والتنافس واضحة عند الطفل.

من جانب آخر نلاحظ تطوراً ملحوظًا في إدراك المشاعر السلبية، وبحسب جهود المربين معه فإنه يطور مهاراته في التعامل مع هذه المشاعر وحلها بطريقة صحية أو غير صحية. 

المرحلة الخامسة (من 7 سنوات حتى 12 سنة):

يستمر الطفل في تطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية، ويتعلم كيفية التعامل مع المشاعر المختلفة وفهم أن الآخرين قد يختلفون عنه في ذلك. فيبدأ مفهوم الذات والآخر يتبلور لديه بشكل واضح، كما يتعلم الطفل أيضًا كيفية التعبير عن المشاعر بشكل صحي وفعال، وكيفية التعامل مع الصعوبات والمشاكل الاجتماعية. وهنا علينا أن نشير إلى أن مهارات الطفل في كل مرحلة ترتكز على مدى تطوره في المرحلة السابقة، لأنه في كل مرحلة يرتكز النمو العاطفي على ثمار المرحلة السابقة.

مؤشرات النمو العاطفي غير الصحي:

في الأصل يتطور النمو العاطفي عند الأطفال بشكل تدريجي، مما يساعد الأطفال على فهم ذواتهم والتعايش مع الآخرين بشكل سليم وفاعل. 

لكن هذه الأطوار الطبيعية قد لا يمر بها كل الأطفال، فهناك من يعاني من صعوبات معينة في هذا المجال مما يتسبب في معاناة بعضهم من أعراض اضطرابات مزاجية كالقلق والاكتئاب والصراعات المعرفية الأولية، وفي هذه الأحوال يعاني الطفل من صعوبات عاطفية تظهر في سلوكياته وحالته المزاجية من خلال:

  • ضعف تواصله مع الآخرين إذ يظهر من خلاله فشل الطفل في الانضمام إلى مجموعات اللعب من خلال ضعف مهاراته في الألعاب أو مزاجيته السلبية التي تفشل الألعاب، ما يؤدي إلى طرده من مجموعات اللعب، الأمر الذي ينعكس على نفسيته بشكل سلبي ملحوظ.
  • ضعف/فرط في الاستجابة للبيئة بما تحمله من مثيرات (ضوضاء، ضوء، صوت) أو تغييرات بيئية (سفر، تغيير المكان، زيارة أصدقاء جدد، تغيير الروضة أو المدرسة…)
  • تأخر ملحوظ في التطور المعرفي العقلي أو الحركي.
  • فقدان/ زيادة الوزن بشكل ملحوظ.
  • سلوكيات مؤذية للذات من مثل ضرب الراس بالجدار أو محاولات جرح اليد أو التهديد بذلك، أو إيذاء الآخرين كالإيذاء اللفظي أو العدوان الجسدي.
  • عدم القدرة على تكوين علاقات عاطفية جيدة مع المربين (الأهل، المشرف في دار رعاية الأيتام، مقدم الخدمة الاجتماعية، …الخ).
  • الانشغال بالتعزيزات السلوكية (الترغيب بكل أنواعه كالحلوى والمكافآت والثناء وغيرها) عن قيامه بالسلوك الأصلي العادي البسيط المطلوب منه والسبب هو ضعف الرغبة النفسية عن بذل أي مجهود حركي للتطوير الذاتي.

أسباب النمو العاطفي غير الصحي عند الأطفال؟ 

يمكن أن يكون هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى النمو العاطفي غير الصحي لدى الأطفال، ومن بين أهم تلك الأسباب:

  1. الإهمال العاطفي: عندما لا يحصل الطفل على الاهتمام والحنان الكافي من قبل الوالدين أو المربين، فقد يتطور لديه نمط علاقات عاطفية غير صحية (يحب الأقارب أو الغرباء بشكل مبالغ به ويتعلق بهم، يفضل المبيت عند أحد الأقارب هروبًا من الجو العائلي المتوتر أو المهمِل للطفل) وقد يعاني من عدم الثقة بالنفس أو عدم القدرة على التعامل مع المشاعر بشكل صحيح (كضعف قدرته على التوازن في مشاعره كالغضب والحب والاهتمام وغيرها) .
  2. الإيذاء العاطفي: عندما يتعرض الطفل للإيذاء العاطفي من قبل الوالدين أو المربين، كالإهانة والتجاهل والتقييد والتلاعب، فقد يتأثر نمط تطور شخصيته وسلوكه بشكل سلبي.
  3. التعرض للإجهاد والصعوبات المعيشية: عندما يعاني الطفل من ظروف معيشية صعبة، مثل الفقر والعنف والتشرد، فقد يتأثر نموه العاطفي بشكل سلبي.
  4. الوراثة: يمكن أن يكون النمط العاطفي لدى الطفل مرتبطًا بعوامل وراثية مثل الاضطرابات العصبية والجينية التي تؤثر على الاستجابة العاطفية.
  5. الاضطرابات النفسية: مثل القلق والاكتئاب واضطرابات طيف التوحد وصعوبات التعلم، قد تؤثر على النمو العاطفي للأطفال بشكل سلبي.

وهو ما يحتم على الوالدين والمربين ضرورة الاهتمام بصحة النمو العاطفي لدى الأطفال، وتوفير البيئة الصحية والمناسبة لنموهم النفسي والعاطفي. كما يجب عليهم أن يعززوا الاتصال العاطفي مع الأطفال وتوفير الدعم العاطفي اللازم، بما في ذلك الاستماع لمشاكلهم وتقديم الدعم والمشورة عند الحاجة. كما يجب تعزيز الصحة العاطفية للأطفال من خلال تعليمهم كيفية التعامل مع المشاعر والعلاقات الإيجابية وتعزيز الثقة بالنفس والتحفيز على المشاركة في الأنشطة الإيجابية. كذلك مساعدتهم على فهم المشاعر السلبية وأسبابها وكيفية التعامل معها خلال المواقف الشخصية والاجتماعية. 

ويمكن للمربى إذا لاحظ بعض مؤشرات النمو العاطفي غير الصحي لدى طفله أن يقوم بأحد أمرين أساسيين / أو هما معا، وهما:

أولاً: تحدث عن مشكلتك إلى مربٍ، قريب أو صديق ثقة، ذو خبرة تربوية واسعة حتى يتشارك معك الحالة فإن هذا التشاور قد يعطيك بعض المعلومات التي تساعدك في فهم حالة طفلك والتعامل معه بشكل أفضل.

وفي هذا السياق، أود أن أقدم لك باقة من السلوكيات تساعدك في تقويض الأزمة العاطفية التي يمر بها طفلك مثل: احرص على استعراض مهارات طفلك الإيجابية أمام أسرتك وكذلك أمام الآخرين (محمد مجتهد في الرياضيات وأنا فخور به، أنت رائع،..) واحرص على ألا تتكلم عن سمة يخلو منها طفلك فأطفالنا يعلمون صدق ما نقول فاحرص ألا تقع في كذب المبالغة. احرص على تقديم الدعم العاطفي له في المواقف اليومية، (الشكر إذا أدى لك معروفا بسيطاً مثلاً: إذا استجاب لطلبك بفتح الباب لاستقبال أخيه العائد من المدرسة، إظهار الامتنان له في سلوكياته وعاداته الحسنة: “أنا سعيد بك لأنك تنظف أسنانك كل يوم، ما شاء الله أنت تعرف كيف ترتدي لباس المدرسة أنت تكبر وأنا فرح بك، أصبحت تذهب للنوم بمفردك هذا رائع، …)، احضن طفلك كلما سنحت لك الفرصة، كلما شعرت أنه يحتاجك، ينظر في عينيك بابتسامة خجل وخصوصاً بعد قيامه بسلوك حسن، إذا انتاب طفلك نوبات من الغضب أو محاولات لفت الانتباه أو إيذاء الذات لا تصرخ فيه ولا تؤنبه بعبارات مؤذيه، بل عالج الغضب ونوبات الانفجار العاطفي بالاحتضان والتهدئة، لا داع للّوم فهذا الوقت ليس وقت تأديب وتربية ولا وقت تعليم، فقط اكتفِ بتذكيره بسلوكياته الحسنة وبامتيازاته، كن واثقًا أن هذا سيجعله يهدأ، يمكنك تذكيره بالضوابط السلوكية والأخلاقية في وقت لاحق.

ثانيًا: في حال تطور الحالة فقد تحتاج إلى التحدث إلى طبيب نفسي مختص، أو مرشد مدرسي عله يساعدك في وضع خطة تساعد طفلك على تطوير مهاراته وتخطي الصعوبات الانفعالية التي يعانيها، وبالتالي يجاري أقرانه في نمو عاطفي سليم.

وهكذا نجد -أيها المربون الكرام- أن الطفل يولد بأرضية نفسية متزنة -هي الفطرة التي فطر اللهُ الناس عليها-، ليأتِ دورنا -كمربين وراعيينَ لهذه الأمانة- بأن نُدعّمها بالأمان العاطفي فلا ابتزاز ولا عدوانية ولا صراخ أو نظرات تهكّم ولا سلطة في غير موضعها، لنتجنب كل ما يمكن أن يلوث تلك الفطرة الإلهية الطيبة، ولنحاول معًا أن نرعى أبناءنا بالحب ونغمرهم بالحنان ونؤدبهم بالحزم لا القسوة ، فهذا كان نهج نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، إننا إن فعلنا هذا أنشأنا جيلاً متوازنًا لا يتراكض وراء التفاهات، ولا ينخدع بالمظاهر، ولا تأسره الشهوات.1.2.3.

1    تربية الأولاد في الإسلام
2    فنون التربية الإيجابية د. مصطفى أبو سعد
3    التربية المثالية قاموس الـ 1000 نصيحة في مجال التربية المؤلّفة: إليزابيث بانتلي
]]>
كيف ننشئ الطفل الصادق؟ https://zidoworld.com/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d9%86%d8%b4%d8%a6-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%82%d8%9f/ Sun, 23 Feb 2025 11:21:33 +0000 https://zidoworld.com/?p=6885 الصدق خُلق يحبه الناس لما له من أهميّة في زرع الثقة بينهم، والإنسان الصادق إنسان قوي بعكس الشخص الكاذب الذي يبقى خائفاً ومهزوزًا، وقد شدد الإسلام على أهميّة التحلي بالصدق، واعتبره بداية سلسلة الأخلاق الحسنة ففي الحديث إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يَكونَ صِدِّيقًا. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا1.

متى يستطيع الطفل إدراك هذا المفهوم؟

يميل الأطفال بفطرتهم إلى قول الصدق، حتى إنهم يعبّرون عما يدور في خلدهم بكل شفافية ودون مجاملات، ولكنهم يبتعدون عن قول الصدق أحياناً وبنفس البراءة، فكيف يكون ذلك؟ 

لا نستطيع أن نقول إن الطفل يكذب قبل عمر 7 سنوات، لأن الطفل قبل هذا السن لا يستطيع أن يفرق بين ما يحدث في الواقع وبين ما يقوله له عقله، وبين ما يسمعه وبين ما يشعر أنه موجود فعلاً.
فقد يصرخ والده ويغضب منه، فيترجم عقل الطفل ما حدث بأن والده لا يحبه، ويخبر أمه بأن والده قال له أنه لا يحبه!، ومع ذلك فالطفل هنا لم يكذب، ولكن هذا ما فهمه.

وقد يتخيل الطفل أنه بطل مغوار قد قضى على كل زملائه الأشرار، فيحكي لأبيه قصص انتصاراته، والطفل هنا لا يكذب ولكنه يتخيل ويسعد بهذا الخيال.

وقد يكسر الطفل تحفة ثمينة فيخاف من العقوبة ويتمنى لو أن غيره كسرها، فيترجم أمنياته كلاماً لعله ينجو، ومهمة المربي هنا هي الشرح والتوضيح لمفهوم الصدق وبيان أهميته، وهي المراحل الأولى لعملية غرس القيم.

غرس قيمة الصدق 

بالرغم من حِرص الوالدين على تعليم أبنائهم القيم والأخلاقيات، إلا أن هناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، حيث إن هناك فرقاً بين تعليم القيم وغرس القيم، فتعليم القيم هو تلقينها للطفل بشكل لفظي فحسب، أما غرس القيم فيتجاوز مرحلة نقل المعلومة إلى مخاطبة الجانب الوجداني، ثم نقل هذه القيمة إلى الجانب السلوكي، كما إن عملية الغرس تتطلب جهداً ووقتاً أطول. 

وغرس القيم في مرحلة الطفولة أسهل من غرسها بعد ذلك، والكثير من الآباء لا يتفطّن لذلك إلا بعد أن يبدأ في معاناة مشاكل ابنه في مرحلة المراهقة.

مراحل أنموذج التاءات الأربع لغرس القيم ومنها الصدق

يكون بالشكل التالي: 

أولاً: التيقظ الوجداني

ويلامس القلب، فيعمد المربي إلى تحبيب الطفل بالصدق وتبغيضه بالكذب 

أفكار عملية: 

  1. رواية القصص أو الترنم بالأناشيد، التي تثمن الصدق وتحببه إلى القلب، وتبغض الكذب مثل رواية الراعي الكذاب، وتحكى هذه الحكايات وهذه الأناشيد في كل مناسبة، قبل النوم وفي أوقات الانتظار.. أو عن طريق الجد والجدة.
  2. لا تنس تعليم الطفل أن أبرز صفة كانت تلازم رسول الله  قبل بعثته كونه: الصادق الأمين، وأن أهل مكة أحبوه كثيراً لأجل هذه الصفة بالذات. 

ثانيا: التعقل

ويخاطب العقل، وذلك بشرح المفهوم وتوضيحه بصبر، لتمييز الصدق عن الكذب، وتمييز الحقيقة عن الخيال، وبيان الأدلة الشرعية والواقعية على أهمية الصدق.

أفكار عملية:

  1. حين يقص الطفل الصغير عليك قصة خيالية اسمعه جيداً، ثم اشرح له أنك معجب بتفاصيل قصته الخيالية، وأتبع ذلك بقولك: بعد الانتهاء من رواية القصص الخيالية الجميلة هل يمكن أن تحكي لي الآن ما حدث معك حقاً في المدرسة اليوم؟ وحين يكذب الطفل الصغير خوفاً أو طمعاً لا تنعته بالكاذب، ولكن اشرح له أن هناك فرقاً ما بين الحقيقة وبين ما يشتهيه، وأخبره بأنك تتوقع منه أن يخبرك بالحقيقة دوماً.
  2. اعمل مسابقة بين الأولاد في حفظ بعض الآيات التي تحض على الصدق مع شرح الآيات المختارة في الجلسة التربوية، أو في حفظ بعض الأحاديث التي تحض على الخلق، ويمكن إدخال الابتكار على المسابقة بكتابة كلمات الحديث على أوراق منفصلة مثلاً وخلط الورق، وتوزيع عدة نسخ بحسب عدد الأولاد، وأيهم يرتبها أولاً يفوز، وقد يتم الخلط بين أكثر من حديث، كما يمكن كتابة الأحاديث بخط جميل، وتعليقها في مكان بارز بالمنزل لمدة شهر مثلاً.

 ثالثاً: التخلّق/ السلوك القيمي

فالتربية ليست فقط بالموعظة المباشرة، ولا تقتصر على وقت معين، بل هي وظيفة العمر، فلنحاول أن نستغل كل الفرص والأوقات والمواقف التي تساعد على ترسيخ التخلق بالصدق.

أفكار عملية:

  1. التشجيع على كل موقف صدق يصدر من الطفل ومكافأته عليه معنوياً، لأن الطفل في هذه المرحلة يهتم بشكل كبير إلى الأمور التي يتم مدحه فيها، فيبقى محافظاً على فِعل ما يُحبه والداه، كما أنه سيتعلم الاعتراف بالخطأ دون خوف.
  2. عدم نعت الطفل بالكذاب أبداً وإلا ستلازمه تلك الصفة، بالعكس، حين يكذب الطفل انتقد الفعل ولا تصفه به، وقل له أنت طفل مسلم صادق لا ينبغي لك أن تقول هذا.

رابعًا: التمثل/ الرسالة القيمية

ينتقل الطفل هنا إلى مرحلة حمل قيمة الصدق كرسالة يريد إيصالها للآخرين ويحرص على تخلقهم بها. فأفضل طريقة لترسيخ القيمة بثبات دائم هي أن يتحول المرء إلى داعية لها.

أفكار عملية:

  1. ناقش مع طفلك أي مشهد يظهر فيما يتابعه من برامج، واسأله عن رأيه في تصرف الشخصية من صدق أو كذب، وتخيل معه أنه جزء من هذا المشهد كيف كان سيبدي ردة فعله؟. 
  2. شجع طفلك ـــ إن كان في عمر كبير نسبياً ـ على كتابة موضوع عن الصدق وأهميته والكذب وخطورته، وانشر هذا البحث بين أصدقائه وزملائه، أو انشره على مواقع التواصل إن كان في عمر أكبر.

وهناك تاءات أخرى مدمرة للتوازن النفسي ومشجعة على تخلق الأطفال بالكذب في مقابل تاءات غرس القيم منها:

  • التهديد والتخويف: وخطرهما شديد، لأن الأمان حاجة أساسية عند الطفل، وكثير من الأطفال يعتادون الكذب خوفاً من العقوبات الشديدة.
  •  التجريح بالكلام البشع والوصف السيئ أو بالسخرية التي تترك في النفس ندوباً تهدم الثقة بالنفس مما لا يساعد في تنشئة طفل قوي صادق.
  • التشكيك بقدرات الطفل وصفاته الجيدة ومواهبه، مما يفقده الثقة بنفسه، أو يدفعه للكذب وادعاء ما لم يفعل في محاولات الحصول على إعجاب والديه.
  • التهويل من أي خطأ يصدر عن الطفل، ووصفه بالكاذب حتى ولو كانت مرّته الأولى، مما يجعل الطفل يكبر وهو يحمل عن نفسه صورة سيئة، ولعله حين يصل إلى فترة المراهقة يتمرد على تلك الممارسات وعلى كل القيم معها.

ولتربية الأطفال على الصدق إليكم بعض النصائح والأفكار:

  1. تخصيص يوم لاجتماع الأسرة والقيام بفعاليات مرحة، وتخصيص ساعة من هذا اليوم لجلسة ربانية تجمعهم فيكون لها من الأثر المبارك الطيب على أخلاق الأولاد. خاصة إذا دعا أحد الوالدين في نهايتها بدعاء جميل يشمل ما يتمناه الجميع وضمّنه أن يرزقهم الله خلق الصدق.
  2. التعامل بصدق من قِبل الأهالي لأنهم هم القدوة الأولى لأطفالهم، ومن ذلك:
    • الإجابة على أسئلة الطفل بصدق بطريقة تُناسب عقله وسنه، مهما كان سؤاله. 
    • عدم الوقوع في فخ (الكذبة البيضاء) ،كأن يتأخر الطفل في الاستيقاظ فيقول المربي لمعلمته أنه كان مريضاً، أو أن تكذب الأم على مضيفتها فتعتذر عن الأكل مدعية أنها قد أكلت، والطفل يشاهد كل ذلك.
    • عدم وعد الطفل بعمل شيء لا ينوي الأهل فعله، كأن يقولوا له: غداً سنصطحبك في رحلة، أو يقولوا لو نجحت فسنشتري لك هذه اللعبة، ثم لا يفعلون. 
  3. عمل برنامج لتطبيق هذا الخلق بحيث يجيب عن أسئلة منها:
    • هل تحريت الصدق في كل أقوالك وأفعالك اليوم؟
    • هل تحريت الصدق في المزاح؟
    • هل دعوت الله أن يرزقك الصدق؟
  4. تخصيص وقت معين يوميًا يحكي فيه الطفل ما مر به أو يصف ما يدور في خاطره دون تعنيف، وإن كانت الفكرة خاطئة أو مخيفة، مما يساعده على الانفتاح والشجاعة لقول الصدق وإن أخطأ.
  5. تعويد الأطفال على أن قولهم الصدق سيخفف عنهم العقوبات المعتادة، أما إن كذبوا فستكون العقوبة مضاعفة؛ لأنهم جمعوا عصيانًا وكذبًا.
  6. عدم نعت الطفل بالكاذب لا يعني أن نتهاون مع تكرار الكذب بل نفهم سببه ونوضح خطورته، ونتفق مع الطفل على عدم الكلام معه لفترة مُعينة إذا كرر الكذب، وبعد انتهاء مدة العقاب يجب أن يتم تذكيره بأهميّة الصدق، ومدى غضب وحُزن والديه من تصرفه الخاطئ هذا. 
  7. وأخيرًا لا ننسَ الدعاء والتضرع إلى الله بهداية الأولاد وصلاحهم فهو ولي ذلك والقادر عليه.
1    صحيح البخاري، رقم: 6094.
]]>
القدوة وتأثيرها في التربية https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d9%88%d8%a9-%d9%88%d8%aa%d8%a3%d8%ab%d9%8a%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9/ Tue, 18 Feb 2025 09:27:47 +0000 https://zidoworld.com/?p=6771 كما النبتة تفتش عن ضوء الشمس كي تنمو وتزهر، وتمتد فتغدو شجرة عظيمة مثمرة، يرتبط الإنسان بما حوله، ويتأثر بمن يعايش، وبقدوات في الماضي تتحدث عنها الأمم جيلاً بعد جيل، فيتأثر بها، وتسري روحها في داخله، ليكون امتداداً لخير بدأ به الأسلاف يوماً ما.

ولذلك فإن الارتباط بالقدوات ليس ترفاً، بل هو محور أساسي لتربية سوية، إذ بغير الاقتداء يفقد الطفل إجابات مهمة حول حياته ومجتمعه وأمته، وتختل نظرته لواقعه ومستقبله، ومن هنا تأتي أهمية القدوة التي تصل إليه من خلال كل مرحلة من مراحل حياته، يتابع ويشاهد ويسمع ويسأل ويتأثّر، ثم يبدأ بالاقتداء، وهذا الاقتداء هو ما يرسم جزءً مهماً من ملامح شخصيته.

وتعرف القدوة في معجم المعاني الجامع أنها: من يُقْتدى به، أسوة، من يتّخذه الناسُ مثلاً في حياتهم، وتعرّف في معجم اللغة العربية المعاصر أنها: جمع قُدُوات وقُدْوَات: من يُقْتدى به، أسوة، من يتّخذه الناسُ مثلاً في حياتهم:-لي بك قدوة، – قدوتي في الحياة معلِّمي.

وقد وردت القدوة في القرآن الكريم، وأمر الله تعالى بها نبيه أن يسير ويقتدي بخطى الأنبياء، فقال تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90]، كما أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالتأسي والاقتداء بنبي الأمة  حيث قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].

والقدوة تحمل معاني عديدة منها الأسوة، والمثل، والإمام وتتجه هذه المعاني نحو من ينشر الفضيلة والخير بسلوكه وأخلاقه، مما يجعل الناس يقتدون بمثل هذا السلوك فيغدو هو قدوتهم، كما كان رسول الله قدوتنا في الحياة، وهو الذي قد بُعث ليتمم مكارم الأخلاق.

ومن هذا المنطلق فلابد أن نتعرف إلى دور القدوة في تكوين في حياة الطفل:

  1. منذ بداية نشأة الطفل، في مراحل نموه الأولى:
    يتعرف إلى محيطه من خلال مشاهداته، ومن خلال الأشخاص الذين يحتك بهم، وبخاصة والده ووالدته، فيحاول محاكاتهم وتقليد أفعالهم دون أن يميز هل هي صائبة أم خاطئة.
    ولذا فعلى المربي في هذه المرحلة أن يهتم ويراقب كل ما يصدر عنه، لأن واقع الطفل كأن أمامه عدسة تراقب وتصور لتعيد ذات السلوك فيما بعد، وهذه فرصة لينتظم السلوك.
    ومن المفيد في هذه المرحلة إتاحة الأدوات التي تهم الطفل كالصور والأسماء والتي يتعرف من خلالها على انتماءاته وتاريخه، فيمكن عرض صور أعلام ومعالم مدينته وما يرتبط بهويته الإسلامية، ويسمي له المربي اسمها، فيتعرف عليها ويرتبط بها.
  2. في مرحلة المدرسة (الطفولة المتوسطة):
    • يتأثر الطفل كذلك بمحيطه، وبخاصة المدرسي، فيرتبط بالمعلمين والمربين تمامًا كما كان يرتبط بالجد والجدة في محيط أسرته.
    • تمتلئ ذاكرته بمخزون خاص من القصص والحكايات والمواقف والعادات الحميدة.
    • تكون الفرصة متاحة للطفل أن يطلع على ما يغذي فكره، ويهذب أخلاقه.
    • ينصت الطفل ويتعلم في سير الأنبياء والصحابة والصالحين فتتحدد وجهته وأهدافه في الحياة.
  3. في مرحلة المراهقة:
    • يرتبط الطفل بنشأة الحضارات وازدهارها، وقصص الفاتحين والعلماء وكل من تركوا أثرًا وغيّروا ووضعوا بصمة في التاريخ.
    • يتعمق أكثر في التفاصيل، وتغدو مشاهدة الأفلام الوثائقية التي تتحدث تفصيلًا عن الماضي وحضارة الإسلام وبصمة المسلمين ذات تأثير عميق في نفسه.
    • كلما انتقل الطفل إلى مرحلة جديدة تختلف مشاهداته، وتتنوع علاقاته ومعارفه ومعلوماته، فتترك المدرسة والمعلم تأثيرهم الإيجابي أو السلبي في نفسه، ويربط الطفل باستمرار بين هذا التأثير وبين أسرته، وتكثر تساؤلاته، ويبحث عن إجابات تعزز أو تغيّر قناعاته.
    • عندما نتحدث مع الطفل أو المراهق عن حضارة فحاول أن تلقي الضوء على صناعها من قدوات الأمة، علماء ومصلحين ودعاة وفاتحين.
    • كلما كانت البيئة المحيطة بالطفل صحية وتربوية، فإنه يتخلّق بأخلاقها، ويتجه إلى سلوكها، فعلى سبيل المثال عندما ينشأ الطفل في بيئة تتأسى بالنبي وتسير على خطاه وتؤدي السنن وتحسن الاقتداء، فتذكره في المواقف المختلفة، فإنه سيحب شخصية النبي ولن يجد من صعوبة أو حاجزاً يحول بينه وبين الاقتداء الحقيقي به، وذات الأمر فيما يتعلق بحياة الصحابة رضوان الله عليهم، أو تأثر الفتيات بحياة وسلوك أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين.
    • كلما ضعف هذا الارتباط وغابت القدوات الصالحة فإن القدوات السيئة هي التي ستفرض نفسها، والبيئة التي تخلو من قدوات صالحة يصعب على الإنسان تمييز الخير والشّر وهذا أخطر ما يتعرض له الإنسان، حيث لا يوجد نورٌ يضيئ هذه الحياة أو يوجه السلوك أو يجيب على التساؤلات.

أساليب ووسائل عملية لربط الطفل بقدوات الأمة:

  1. تحدّث عنهم: فإن في تذكّر سير القدوات والحديث عنهم ما يربط الطفل نفسيًا وعاطفيًا بهؤلاء القدوات، فيسعى أن يتأسى ويقتدي، لأن الإنسان قد جُبل على فعل ما يحب، فإن تكرار الحديث عن السير الحسنة من عوامل دفع الطفل أن يسير على ذات الخطى.
  2. استحضر سيرتهم في المواقف المناسبة: فالحياة مليئة بالمواقف التي تستدعي تذكر قصة أو موقف جاد ومؤثر قام به أحد هؤلاء القدوات فمن المهم الحديث والتركيز على هذا الجانب.
  3. أخبر طفلك أن القدوات يعيشون حولنا: قد يكون منهم معلم المدرسة، وسائق الحافلة، وبائع الحلوى، وشرطي المرور، وكل شخص يقوم بدوره الصحيح ويساهم في الخير والنفع والصلاح هو قدوة يجب أن نقُدّرها ونحترمها ونتحدث عنها كي ننشر هذا الخير.
  4. أخبر طفلك أن القدوات بشر، ومن طبيعة البشر الخطأ، فلا يظن بوجود المثالية المطلقة، وتتحطم صورة القدوة لديه إن بدر منه خطأ ما، ولكن علِّمه أن القدوة إن بدر منه خطأ فلا يلبث يعتذر عنه ويتراجع، ويتابع وهو حريص ألا يكرره.
  5. امنح طفلك فرصة البحث: فمن خلال البحث في الكتب أو البحث الإلكتروني ما بين مقروء ومسموع ومنظور هناك كثير من القصص التي تستحق التوقف عندها وهناك شخصيات رائعة في كل أنحاء العالم وعلى مر العصور تستحق التحدث عنها، ومن الإيجابي تشجيع الطفل على البحث، ومتابعته ومساندته ومناقشته في كل ما وصل إليه.
  6. دع طفلك يتحدث: فعندما يلاحظ الطفل سلوكًا طيبًا في مجتمعه ومحيطه فإن من الجيد أن يذكره ويثني عليه أو يكتب عنه، أو يعبر بالرسم أو ما شاء من صنوف التعبير ليؤكد على أهمية هذا الأثر الطيب ويساهم في نشره، ومن الجيد تشجيعه عند كل خطوة يقوم بها.
  7. يمكن ربط الطفل بقصص تعبّر عن ماضيه، كقصص نشأة المدن وسير القدوات الحسنة، أو من خلال مشاهدات فيديوهات وأفلام تشرح أهمية المدن والأعلام والدول، وكيف ساهم القدوات في مختلف المجالات في نهوضها ورفعتها وازدهارها.

وأخيرًا فإن ربط الطفل بماضيه وتعريفه على قدوات قدّموا أعظم الأثر هو من الأعمال الجليلة التي تنعكس على التربية الصحيحة، وإن ربط الطفل أيضًا بقدوات في حاضره يُعلّمه أن الخير باق يتجدد ما دام الإسلام حيًا في النفوس، ولعل هذا الجيل يغدو قدوة صالحة لمن سيأتي بعده إن أحسنا الغرس.


المراجع:

1- القدوة وأثرها في الدعوة إلى الله، د. إسماعيل محمد.

2- القدوة الحسنة وأثرها في بناء الجيل، علي نايف الشحود.

3- منهج صناعة القدوة في الشريعة الإسلامية، محمد علي النجار.

]]>
كيف نحمي أطفالنا من غزو الثقافة الغربية؟ https://zidoworld.com/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d8%ad%d9%85%d9%8a-%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7-%d9%85%d9%86-%d8%ba%d8%b2%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d8%a8%d9%8a/ Sun, 16 Feb 2025 10:22:21 +0000 https://zidoworld.com/?p=6767 في ظلّ هذا التدفق الكبير للمعلومات، والانتشار الواسع لكلّ ما يقدّمه الغرب في جميع المجالات، وبخاصة في مجال الثقافة والتربية، مع عدم وجود سدٍّ منيع من قبل المربّين في البلاد الإسلامية، تأتي ضرورة البحث عن خطواتٍ عملية لحماية أبنائنا من هذا الغزو الفكري والثقافي الغربي.

وبناءً على أهمية الحفاظ على هويتنا الإسلامية وتعزيز وجودها في وسط أجيالنا القادمة، كان لا بدّ من الحديث عن تعزيز حماية أبنائنا من هذه الثقافة القادمة إلينا من الغرب.

وسنتناول في هذا المقال مجموعة من الأسس التي يمكن الاعتماد عليها مشفوعة بخطوات عملية تساعد المربّين على القيام بهذه المهمة.

أولاً: ما المقصود بالثقافة؟

يمكننا القول بأن الثقافة هي ذلك التمازج بين الفكر والعقيدة والقيم، إضافة للعلوم والمعارف والفنون التي علينا التّمسك بها والحفاظ عليها، لأنّه كما قيل “الشعوب التي تحافظ على ثقافتها لا تموت”.

وهذا ما عرَفه الغرب فحاول تهديم هذه القلعة الصامدة، فبدأ بممارسة غزوه الفكري والذي يمكن أن نعرفه بأنه: تلك العملية المنظّمة والتأثير المدروس الذي يمارسه الغرب عن طريق الإعلام، والأدب والفنون والموسيقى والتكنولوجيا واللباس، من أجل سلخ أسس العقيدة والتهوين من ثوابت الأمة وقيمها.

ثانياً: مجالات الغزو الفكري

لا يقتصر غزو الثقافة الغربية لأمتنا على جانب واحد، بل شمل أغلب جوانب الحياة التي تحيط بأبنائنا، ومن أهمها:

تأثير الغزو الفكري الغربي على العقيدة:

وذلك عن طريق نشر الأفكار التي تنافي العقيدة الإسلامية أو الشبهات التي تشوهها، وتزعزع قناعات النشء بها، كتلك الجهود التي تسوق للإلحاد تحت أردية التفكير والموضوعية، وتلك الجهود التي تشكك تحريف اليهودية والنصرانية وتطعن في تفرد الإسلام بكونه سبيلا للنجاة يوم الدين، تحت أغطية اتحاد الدعوات السماوية وتسويق ما سمي بالديانة الإبراهيمية.

خطوات لحماية عقيدة الأطفال:

  • تعليم الأطفال العقيدة الصحيحة؛ ويكون ذلك منذ اللحظات الأولى من حياتهم، قال ربنا في وصية لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].
  • ربط الأبناء بأسماء الله الحسنى، كالعليم والحكيم، وشرحها بما يتناسب مع مستواهم العقلي.
  • شرح قدرة الله تعالى وعظمته من خلال ربط ذلك بما حولهم، أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية:17]، وإخبارهم بقدرته تعالى.

تأثير الغزو الفكري الغربي على القيم:

حيث يقوم إعلام الغرب ومؤسساته بنقل قيم وسلوكيات تتعارض مع قيمنا الإسلامية، وهو ما يجعل الجيل الناشئ مرتبطاً بثقافة غير ثقافته، الأمر الذي ينعكس على المجتمع بأثر سلبي، فأصبحنا نرى أعيادًا مثل “الهالويين” وغيرها تنتشر بين أبنائنا، حيث يُصدّر الإعلام الغربي أنّ من يقوم بمثل تلك السلوكيات هو إنسان حرّ ومتقدّم وحضاري، وللأسف تحت ناظر مجتمعاتنا دون أيّ توعية بخطورة ذلك أو استنكار فاعل من مؤسسات التوجيه وكثير من الأسر والمربين.

خطوات لمواجهة الإعلام الغربي في مجال القيم:

  • على الآباء والأمهات بشكل خاص، والمؤسسات التربوية بشكل عام تقييم المحتوى الإعلامي الموجّه للأبناء، مثل البرامج التلفزيونية والألعاب الإلكترونية.
  • يمكن الاستعانة بمتخصصين في تقييم هذه المواد التي يعرضها الإعلام الغربي على أبنائنا لمعرفة مدى مناسبتها وتوافقها مع قيمنا الإسلامية أم لا.

تأثير الغزو الفكري الغربي على سلوك الأبناء:

أثرت الثقافة الغربية بصورة جلية على سلوك أبنائنا، حتى اختلفت تصرفاتهم وتباينت أساليب حياتهم بناء على ما يشاهدونه من برامج هدامة موجّهة لفئتهم، ومن بين تلك الجوانب، فقدانهم لاحترام كيان الأسرة ومركزية دور الأبوين في الرعاية والتوجيه تحت دواعي الحرية، لأنّ الثقافة السائدة في الغرب هي استقلال الأبناء بمجرد وصولهم لسن الثامنة عشرة، وهذا ما يشجّعهم على البعد عن أسرهم، بعدًا يجعلهم عرضة لكثير من السلوكيات السلبية.

خطوات لمواجهة تسلل السلوك الغربي لأبنائنا:

  • تعزيز الحوار الأسري، وبخاصة بين الأولاد والوالدين، والاستماع لأسئلته وأفكارهم والإجابة عليها بما يتناسب مع مستواهم العقلي وخبراتهم الحياتية، مع التركيز في ثنايا الحوار على الإقناع لا الفرض والإقصاء.
  • الاهتمام بجانب الأنشطة التربوية: من خلال قيام الأسرة بربط أبنائها بالمساجد ومراكز تحفيظ القرآن، وغيرها من الأنشطة التربوية والثقافية النافعة.
  • تعزيز انتماء الأولاد لأمتهم واعتزازهم بدينهم من خلال توسيع دائرة ثقافتهم الإسلامية، وربط ذلك بقصص الصحابة وسير العظماء.

دور الغزو الفكري الغربي في انتشار الثقافة المادية في أوساط الناشئة:

من الملحوظ لدى كثير من أولاد المسلمين اليوم طغيان الثقافة المادية، والتي هي أثر من آثار الغزو الثقافي والفكري الغربي، حيث أثّر ذلك على اهتماماتهم وعلى أنماط الشراء والاستهلاك لديهم، حتى صار همُّ كثير منهم هو اللهث وراء آخر إصدارات الهواتف المتحركة، والألواح الذكية، وصرخات الألبسة والأحذية رغم امتلاكهم لما يغنيهم منها، حتى صار جانب التفاخر بينهم ليس في إتيان فضيلة ولا في تحصيل معرفة ولا في صناعة ابتكار ينفع البشرية بل بناء على ما يرتديه من لباس أو يحمله من هاتف ذكي أو سماعة لاسلكية أو ساعة ذكية.

خطوات لمواجهة تغول الثقافة المادية الغربية في أوساط الناشئة:

  • تعزيز الوعي لدى الأطفال بحيث تتغير نظرتهم إلى ثقافة الاستهلاك، حتى يتم تحويلهم لأفراد واعين ومنتجين.
  • تعليم الأطفال ثقافة الاقتصاد، والتفريق بين الأساسيات والحاجيات والكماليات.
  • ربطهم بقيم الإسلام السامية، المبنية على قوة الشخصية والارتباط بالتقى والفضيلة وعدم تقليد الآخرين، إذ المسلم هو القدوة لغيره، وليس العكس.

دور الغزو الفكري الغربي في الإخلال بالبنية التربوية وأولوياتها:

ويعدّ هذا الجانب من الثقافة الغربية من الأمور الخطيرة التي لها تأثير سلبي كبير على جيلنا، بحيث تضطرب فيه الأولويات التربوية للمراحل العمرية المختلفة وتتلاشى الهرمية في التربية وتختلط المفاهيم والخبرات والسلوكيات الشخصية والاجتماعية وهم في سنّ غير مناسبة، عن طريق برامج الأطفال، وألعاب الفيديو، والإعلانات، وبخاصة في جوانب إثارة الشهوة والعلاقة بين الرجل والمرأة، وهو ما يؤثر سلبيًا على الجيل وبخاصة من هو منهم في سنّ المراهقة.

خطوات عملية لمواجهة الإخلال التربوي:

  • تنمية التفكير النقدي والتحليلي عند الأبناء لمعرفة المفيد من الضار.
  • توجيه الأطفال للمحتوى المناسب لمرحلتهم العمرية.
  • اتخاذ خطوات تربوية استباقية من خلال شرح المفاهيم التربوية بما يناسب سنّ الطفل، حتى يأخذها من المنبع الصافي.
  • تربية الطفل على أهمية محاسبة النفس والشعور بمعيّة الله تعالى ومراقبته لعباده.
  • تنظيم وقت مشاهدة البرامج وتوفير بيئات تربوية ملائمة لها، وتحديد أجواء وفترات زمنية ملائمة لاستخدام الأجهزة التقنية.
  • توفير بدائل ترفيهية جاذبة بعيدة عن الألعاب والبرامج الغربية، مثل القراءة والرياضة، والحرف اليدوية.

دور الغزو الفكري الغربي في توسيع الصراع بين الأجيال:

من بين الآثار السلبية الملموسة للغزو الفكري والثقافي الغربي، توسيع الصراع بين الأجيال، حيث عمل على تعميق الفجوة بين تفكير الأبناء وتفكير الأبوين، حتى صار الأبناء يعتقدون بأنهم متقدمون على والديهم، وأن خبرات الأهل أصبحت قديمة وسطحية وبلا قيمة ولا تناسب حجم التطور الحاصل في الحياة من حولهم.

خطوات عملية للحماية من تصارع الأجيال:

  • تربية الأبناء على ثقافة الحوار.
  • تنمية احترام الآباء لآراء أبنائهم وعدم الاستهزاء بها.
  • بناء علاقة صداقة مع الأبناء.
  • مبادرة الأسر إلى الاستعانة بمتخصصين في حال زادت الهوّة بين الآباء والأبناء.

همسة في أذن الوالدين:

حتى ينجح الأبوان الكريمان في أداء مهامهم التربوية على أحسن وجه، وحتى يكونا قادرين بصورة أكثر فاعلية على تحمل مسؤولياتهم التربوية في رعاية أولادهم وتوجيههم توجيها يتمكنوا من خلاله من مقاومة المشروع التغريبي الذي يستهدفهم يحسن تنبهما إلى ما يلي:

خطوات عملية تختصر مسألة التربية لمواجهة هذا الهجوم الغربي:

  • أهمية حرص الأبوين على العلم الشرعي، وزيادة الاطلاع على الثقافات المعاصرة.
  • الاطلاع على سيرة النبي  وسير الصحابة وأعلام الأمة وعظمائها.
  • عناية الوالدين بأن يكونا قدوة حسنة لأبنائهم.
  • تعلم مهارة الاستماع وعدم كتم أسئلة الأبناء.
  • تقبل الوالدين للنقد وتجنب ادعاء العصمة وترك الاعتراف بالخطأ متى وقع من أحدهما.

وهكذا نكون -متى نجحنا في تحقيق ذلك- قد استطعنا أن نقف أمام هذا الغزو الفكري الغربي، وأن نحمي أبناءنا من آثاره السيئة، ونرشدهم للاستفادة الإيجابية ممّا يأتينا من الآخر.

]]>
أطفالنا وتحمل المسؤولية https://zidoworld.com/%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7-%d9%88%d8%aa%d8%ad%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9/ Thu, 09 Jan 2025 09:15:47 +0000 https://zidoworld.com/?p=6769 لا يمكن بناء شخصية قوية متوازنة لأطفالنا ما لم نغرس في داخلهم قيمة المسؤولية، ليكونوا قادرين على التحكم بأفكارهم وسلوكهم وحل مشكلاتهم، وكي يكونوا قادرين على التفكير المتوازن واتخاذ القرار الصحيح.

ومن التعريفات التي وردت لكلمة المسؤولية ما جاء في معجم المنجد أنها:”ما يكون به الإنسان مسؤولًا ومطالبًا عن أمور أو أفعال أتاها”، أو هي: “أن يتحمل الإنسان نتائج الأفعال المحرمة التي يأتيها مختارًا وهو مدرك لمعانيها ونتائجها”، وعرّف مجمع اللغة العربية بالقاهرة المسؤولية بأنها “شعور الإنسان بالتزامه أخلاقيًا بنتائج أعماله الإدارية فيحاسب عليها إن خيرًا وإن شرًا”، وتطلق (أخلاقيًا) على: التزام الشخص بما يصدر عنه قولًا أو عملًا، وتطلق (قانونيًا) على: الالتزام بإصلاح الخطأ الواقع على الغير طبقًا لقانون.).

ولا تستقيم شخصية الطفل وبناؤها البناء السوي دون قدر من المسؤولية يتحمّلها تناسب قدراته العمرية والذهنية والنفسية والجسدية، ومع أهميتها فإنه قد يحجم أو يتردد بعض الآباء عن تحميل الأطفال المسؤولية ويرجعون ذلك لعدة أسباب منها:

  1. الفهم الخاطئ لمفهوم الحرية، واعتبار أن الطفل بإمكانه أن يفعل ما يريد وأن يتصرف كما يشاء دون أن يتحمل مسؤولية ذلك، ومن هذا المنطلق ينشأ الأطفال من هذا النوع غير مبالين ولا يتمكنون من تجاوز أي مشكلات تعترضهم في مجتمعهم، كما إنهم يفقدون مزايا كثيرة في التفكير وبناء الشخصية عند من يتحملون المسؤولية.
  2. اعتبار الأطفال أنهم غير قادرين على اتخاذ أي قرار فيما يتعلق بحياتهم، كاختيار ألوان الملابس التي يفضلونها، أو اختيار اللعبة المناسبة، أو الطعام المناسب، كلها أشياء يفرضها الأهل دون أن يناقشوا أولادهم فيها ودون أن يفسحوا لهم مساحة للتفكير وتحمل مسؤولية القرار، مما يجعلهم متواكلين مترددين معتمدين بالكامل على والديهم.
  3. يعتقد بعض الآباء أن الأطفال لن يتمكنوا من اتخاذ قرارات صحيحة، ويتهيّبون من منح هذه الفرصة لأطفالهم، وبالتالي هم يسلبون أطفالهم منحة التأمل والتفكير وخوض التجارب، فتنشأ شخصياتهم هشّة تعاني مع كل موقف يتعلق باتخاذ القرارات..

ومن هذا المنطلق لابد أن نعرف الأسباب التي تدفعنا للاهتمام بالمسؤولية باعتبارها قيمة تربوية أساسية:

  1. تساعد الطفل على اتخاذ القرار الصحيح، فحينما يطالب الطفل بأمر ما قد لا يدرك نتائجه وعواقبه، ولكن عندما يعرف أنه سيتحمل تلك النتائج، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فسيفكّر بالأمر وسيجتهد ليكون قراره سليمًا قدر الإمكان.
  2. تنمّي لدى الطفل القدرة على حل المشكلات: وذلك عندما ينظر لنفسه كشخص مسؤول، فسيبحث عن طرق أكثر نضجًا في التعامل مع مشكلاته، وهذا سيدفعه ليبحث ويتعلم ويسأل ويستشير حتى يتمكن من إيجاد الحل المناسب.
  3. تبني الثقة في نفس الطفل، وتعالج لديه مشكلات الخوف والتردد، وكلما استطاع اتخاذ قرار صائب سيصبح أكثر ثقة وأقل خوفًا.
  4. تعزز مفهوم الرقابة الذاتية، فيصبح الطفل قادرًا على مراقبة أقواله وتصرفاته ونقدها، ويستطيع تمييز الخطأ والاعتذار وقت الحاجة.
  5. تساهم في امتلاك الطفل لروح المبادرة والتأثير بمحيطه، فالطفل الذي أصبحت لديه حصيلة من الخبرات والتجارب يستطيع أن يبادر ويطرح الأفكار ويحفز جميع من حوله للتعاون والعمل الجماعي.

وهنا لابد أن نجيب عن سؤال مُلحٍّ حول الكيفية التي يمكن من خلالها أن يتحمل الأطفال المسؤولية، وفي هذا عدة طرق:

  1. التكليف:
    وذلك من خلال تكليف الطفل بمهام واضحة ومحددة بعد مناقشته، وتشجيعه على القيام بتلك المهام، ومن ثم مناقشته بمهامه وكيف قام بها، ومكافأته على ذلك، كلها خطوات مهمة لبناء شخصية مسؤولة، كذلك الأمر مع التكليف بأعمال جماعية يشارك فيها مجموعة من الأطفال، فإن هذا يبني النضج لديهم ويساعدهم على العمل المشترك.
    أمثلة عملية:

    • تكليفه بإدارة مصروفه الشهري.
    • تكليفه بالمسئولية عن إيقاظ الجميع لصلاة الفجر.
  1. النمذجة والتعليم بالقدوة، فحين يشاهد الطفل أمامه سلوك الآخرين، ويناقشه، فسيحاول تقليد السلوك الإيجابي ويتجنب السلوك السلبي.
    أمثلة عملية:

    • ربطه مع أخيه الأكبر بمسؤولية مشتركة يكون دوره مساعد ومتابع.
  1. التعلم بالمحاولة والخطأ: فكثيرًا ما تكون للأخطاء جوانب إيجابية يمكن للطفل نقدها والتعلم منها وهذا يضيف لشخصيته كثيرًا من النضج والوعي.
    أمثلة عملية:

    • تكليف الطفل بمسؤولية معينة واخباره بأن لديه ثلاث محاولات خاطئة مقبولة.
  1. طرح الأسئلة: فالسؤال ضروري ليساعد الطفل على إيجاد الإجابات الملائمة للأمور المتوقع حدوثها، واكتشاف أبعاد المشاكل والقضايا التي يدور تفكيره حولها، وتشجيع الطفل كذلك على طرح الأسئلة أمر إيجابي كي يتجه نحو التفكير الصائب.
  2. الحوار: فبالحوار يتمكن الطفل من أن ينظر للأمور بشكل أكثر شمولية واتساعًا وتوازنًا، ومن خلاله يمكنه أن يحلل المواقف ويتخذ قراراته ويتحمل مسؤولياته بشكل أفضل؛ كما أنه يرفع لديه مستوى الاهتمامات والذي يعتبر العمود الفقري لتحمل المسئولية.
    أمثلة عملية:

    • الحوار معه حول مشكلة معينة في البيت أو عند أحد إخوانه أو ظاهرة سلبية في مدرسته.

أما الاعتبارات التي ينبغي أن يحرص عليها المربي وهو يغرس قيمة المسؤولية فهي:

أولًا المسؤولية التعبدية؛ فالأمر بالعبادة في الكتاب والسنة لمصلحة ونجاة الإنسان، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132]، فالأمر بالعبادات من باب تحميل المسؤولية للطفل في ذلك من باب تعويده، فلا يستثقل القيام بها عندما يؤديها، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:8]. وهنا ينعكس تحمل الأهل للمسؤولية على حسن تربية الأبناء وتوجيههم التوجيه الصحيح.

ثانيًا: المسؤولية عن الذات؛ فتربية الطفل منذ الصغر أنه مسؤول عن أقواله وأفعاله، وكلما كان قادرًا على التعلم من أخطائه فإن ذلك سيسهم في نموه ووعيه وإدراكه، وحين يغرس المربي في داخله أن الله مطلع على أعماله وتصرفاته؛ فإن هذا سيكون حافزًا ليقدم أفضل ما يرُضي الله تعالى عنه، قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105].

ثالثًا: المسؤولية العاطفية؛ فلابد من تنمية الذكاء العاطفي لدى الطفل، وفي تنميته تعميق لروح المسؤولية في فهم وضبط المشاعر، وكذلك في التعاطف مع الآخرين وحسن التعامل معهم.

رابعًا: مسؤولية العقل والحواس؛ وتتطلب هذه المسؤولية بناء العقل وتغذيته بكل ما ينفعه، ووقايته من كل ما يضره، وكذلك الحواس، فلابد من توجيه الحواس لتؤدي ما أراده الله تعالى منها، فلا تبطش، ولا تفسد، ولا تسيء ولا تضل، وقد دعانا الله في هذه المسؤولية أن نتحرى الصواب، ونبني عقولنا بالعقل والمعرفة والفهم لأننا سنُسأل عن كل ذلك، قال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36].

خامسًا: المسؤولية المجتمعية؛ ويقع في إطار هذه المسؤولية أن يهتم الطفل بواقعه ومجتمعه، وأن يغرس المربي فيه الرغبة والهمة والمبادرة للإصلاح والتغيير، والنقد البنّاء لما يشاهد ويسمع من مشكلات وأخطاء تواجهه، فإنه ليس بمعزل عنها، ولا يمكن أن يتابع حياته دون أن تعترضه في محيطه مشكلات ومعوقات، وبالتالي فلا بد من اتخاذ روح المبادرة لما في ذلك من بناء القدرة وتحفيز الطاقة لعمل الخير ونشره، قال سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:110].

ولابد مع الإلمام بكافة هذه الجوانب مع التأكيد على أن غرس قيمة المسؤولية في نفس الطفل تحتاج إلى كثير من الصبر، وقدر من الاهتمام والمتابعة، يصاحبها التشجيع والثناء، مما يسهم في بناء جيل مسؤول قادر على النهوض بواقعه وبأمته.


المراجع:

[1] تعريف المسؤولية، سجاد أحمد بن محمد أفضل، الألوكة، 2015.

[2] المسؤولية التربوية بداهة المفهوم ومفارقات الممارسة، د. لطفي حجلاوي.

[3] مسؤولية الأسرة عن تربية الأبناء، محمد عبد الله الجبوري، رابطة العالم الإسلامي.

[4] تربية الشعور بالمسؤولية عند الأطفال، كونستانيس فوستر.

]]>
كيف نقي أبناءنا من فتن الشهوات والشبهات؟ https://zidoworld.com/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d9%82%d9%8a-%d8%a3%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1%d9%86%d8%a7-%d9%85%d9%86-%d9%81%d8%aa%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%87%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a8%d9%87%d8%a7/ Sat, 14 Dec 2024 11:32:55 +0000 https://zidoworld.com/?p=6750 جاء الأمر من الله بوجوب وقاية الأولاد من النار، وأن يبعدهم وليهم عن كلِّ طريق يوصل إليها يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم: 6].

وجاء البيان من رسول الله ﷺ بأنَّ المرء يُسأل عن رعيَّته يوم الدين، فبأي شيء يجيب مَن ضيَّع أولاده؟

يقول ابن القيم رحمه الله: “كم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه… وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد، رأيتَ عامَّته من قِبَل الآباء! “.

وتعد المرحلة الانتقالية ما بين الطفولة والشباب مرحلة حساسة تتميز بالتقلبات المزاجية والعاطفية والبحث عن الذات والتفرد، والنقد لكثير من الموروثات، فما بالكم بمن يعيشها في هذا الزمن حيث تكاثرت الفتن التي حذّرنا نبيُّنا ﷺ من مجيئها في آخرِ الزّمَانِ حيث يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً. أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً. يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا1.

والناظر في حال الأمة اليوم يرى الفتن قد أحاطت بأبنائنا من كل جانب، تدخل كل بيت وتعرض للجميع دون عناء بحث، بطرق مباشرة وغير مباشرة، وماعاد المربي يربي ابنه وحده بل صار العالم كله شرقه وغربه يشاركنا في صياغة عقول أبنائنا ونفسياتهم إن لم نتسلح بالوعي الكافي لمواجهة ذلك.

دور الأسرة الوقائي:

حين تكون الأسرة حضناً دافئاً ومنبعاً للحب وسندًا وأمانًا للطفل وإن أخطأ فإنه سيلجأ إليها دوماً وستكون حصنه الحصين في مواجهة ما يتعرض له من فتن. أما حين تسود القسوة بدل الحب واللوم المخيف الذي يُلجئ الأطفال إلى الكذب أو إخفاء ما يلاقونه فكيف لهم أن يحتموا بأسرهم؟ وحين ينشغل الوالدان عن سماع ما يدور بخلد الأبناء، أوحين لا تتاح الفرصة للأبناء للحديث لأن التوتر واللوم والأوامر تسود العلاقات المنزلية فمتى وأين يفضون بما يعانونه أو يواجونه؟ وحين يتكلم الطفل مرة عن شبهة دارت بخلده فيسكته أبوه أو أمه بعنف فلمن سيلجأ بعد ذلك؟

جاء في نتائج وتوصيات البحث الذي نشرته مجلة كلية التربية في جامعة الأزهر عن أهمية الدور الوقائي للأسرة في حماية الطفل من الإلحاد أن التربية الوقائية من الإلحاد تحتاج أن تؤمن الأسرة بأن الطفل هو أعظم استثمار لـديها، وتقوم على تكامل ثلاث استراتيجيات:

عوامل الوقاية من فتن الشبهات

بدخول الانترنت لجميع البيوت ومع غياب الرقابة الأسرية عن معرفة ما يقوم به الطفل عبر وسائل التواصل زادت الانحرافات الفكرية لدى الأجيال المسلمة الحديثة، وللوقاية من حدوث ذلك لا بد للمربين من:

  1. التقوي على ذلك بتقوى اللهِ جلّ وعلَا، والتمسكُ بدينِهِ، والدعاءُ للأولاد بالصَّلاح والهداية والخير، فها هو الخليل إبراهيم ﷺ يدعو: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ [إبراهيم: 40].
  2. ربط الطفل منذ نشأته بأسماء الله الحسنى وتجلياتها في كل ما يراه حوله من مخلوقات الله وبديع صنعه، وتدبيره وحكمته؛ وذلك من أجل المحافظة على سلامة فطرة الطفل من الإلحاد، فالله فَطَر الخلق على الإِيمان به وعلى المربي حماية هذه الفطرة، كما تعد تلاوة القرآن وتدبره، وذكر الله تعالى من أكبر المساعدات على تقوية الفطرة وتثبيتها.
  3. الإجابة عن كل تساؤلات الأبناء التي تدور في عقولهم، وعدم نهرهم عنها، فالنهر والعنف يجعلهم يسكتون لكنها تبقى تدور في عقولهم، وقد يبحثون عن إجاباتها في المكان الخاطئ، ولا شـك أن الإجابة عليها تتطلب معرفة وعلماً عند المربي، فإن صعُب عليه السؤال عليه أن يسأل أهل العلم، وعليه أن يحثُّ أبناءه على طلبِ العِلم؛ فالعلمُ يُضيء الطريقَ، ويُبَصّرُهم بما يُعرضُ عليهم من الفتن، ولابد من إحالتهم عندَ وجودِ الاختلاف إلى العلماءِ الربّانيينَ الأكابر المتفق عليهم.
  4. ضرورة وجود الاستقرار في الأسرة والعلاقة الطيبة مع الوالدين، ففي محاولات بعض الباحثين دراسة الخلفيات الأسرية للملاحدة، ظهر أنه كلّما تضاءل اهتمام الوالدين بالدين كلّما ازدادت احتمالية تمرّد أبنائهما عليه، أما في الأسر المتديّنة فقد كانت علاقة الملحدين في الغالب بأسرهم غير طيّبة كما يرى عالم النفس2، كما ظهر أن الأبناء المعرضين لسوء المعاملة الأسرية تزيد احتمالات توجههم نحو الإلحاد مقارنة بنظرائهم الذين لديهم آباء جيدون كما يرى فيتز.
  5. الربط بالقدوات الحقيقة وإبرازها لتسد فجوة القدوات السيئة التي يصطدم بها هذا الجيل؛ فقد ذكر فيتر أيضًا أن ” أي انحراف يشين رجال الدين يُعتبر عاملاً قوياً ممهدًا للإلحاد3“.
    ويمكننا رؤية صحّة هذه النظرية في عالمنا الإسلامي، إذ إن ممارسات بعض رجال الدين في المجال السياسي أحبطت الكثير من الشباب، وزاد من حدّة موجة الإلحاد الممارسات “الداعشية” التي وفرت مادة للإعلام لتشويه الدين.
  6. استخدام اللين والغرس الإيماني في تعزيز علاقة الأبناء مع الله تعالى، حيث تلجأ بعض الأسر للشدة مع الطفل لأنه مقصر في الصلاة أو في حفظ القرآن أو تجبر الصغيرات على الحجاب ثم في مرحلة المراهقة يسير الأبناء نحو التفلت، لذا على المربين أن يهتموا بالإيمان أولاً ثم الشعائر، عن جندب بن عبدالله  قال: “كنَّا معَ النَّبيِّ ﷺ ونحنُ فتيانٌ حزاورةٌ فتعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعلَّمَ القرآنَ ثمَّ تعلَّمنا القرآنَ فازددنا بِه إيمانًا “4.
  7. الحرص على البيئة الصالحة وحسن الصحبة، ومجالس العلم، ومتابعة ما يشاهده الأبناء في مواقع التواصل أو ما يتعرضون له من نقاشات مع أصحابهم أو معلميهم، والحذر من سفر الشباب إلى بلاد غير مسلمة.

عوامل الوقاية من فتن الشهوات:

لا شك أنّ صلاحَ الوالدينِ لهُ أثرٌ إيجابيٌ على الأبناء؛ فهما القدوةُ التي يرونَها أمامهم، ومع ذلك قد يتأثر لأبناء بعوامل وقدوات أخرى، وبتكاثر الفتن وانتشار الفواحش كيف لنا أن نحفظ أبناءنا في هذا الزمان؟.

  1. الحرص على تحصين الأبناء بأذكارِ الصّباحِ والمساءِ، والدعاء لهم بالصلاح وتربيتهم على الحرص على الصّلاةِ والمحافظةِ على النوافلِ وذكر الله والبعد عن المعاصي وتعويدهم على مداومة تلاوة القرآن مع تدبُّره لأنه يُربي الإيمانَ في القلوب، وفيه الهدى والنور والهداية لكل خيرٍ.
  2. التربية الجنسية السليمة منذ الطفولة، والتعويد على ستر العورة، والتدريج في تعليمهم أسس العلاقة بين الجنسين كتحريم الخلوة والأمر بغض البصر وحفظ الفرج، وتقوى الله تعالى في الخلوات، وفي الحديث يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ، فإنَّ لَكَ الأولى، وليسَت لَكَ الآخرةُ5، وتعويد الأبناء على مصارحة الوالدين بكل ما يحدث لهم ومايتعرضون له مهما كان محرجاً، فعلى الأسر أن تبقى السند الآمن على الدوام.
  3. الحرص على صحبة الأخيار، وذلك بإتاحة الجو الملائم لاختيار هذه الصحبة كاختيار المدرسة الجيدة ومكان السكن المناسب، والتسجيل في النوادي العلمية والرياضية المميزة ودور التحفيظ ومجالس العلم، وزيارة الأسر الطيبة التي لديها أبناء بنفس العمر.
  4. تطهير البيوتَ من وسائلِ الإفسادِ، والانتباه لما يتابعه الأبناء، والحرص على التربية التكنولوجية السليمة، وإشغال وقت الأبناء بالمفيد والنافع من الرياضات والهوايات والنشاطات الكشفية. وتبصرة الأبناء بخطورة المواقع الإباحية، وبيان حرمة وضرر الإدمان عليها، وشرح سبل التخلص من هذا الإدمان.
  5. الحكمة والرفق في التعامل مع آرائِهم ومشاعرهم، والاقتداء بالنبي ﷺ حين أتاه الشاب يستأذنُه في الزّنَا، فلم ينهرْهُ ولم يُغلظْ عليه القولَ، بلْ كان جوابُه: أتحبُّهُ لِأُمك؟.. أفتُحِبُّهُ لابنَتِك؟.. الحديث، فكانَ الردُّ العمليُّ أشدَّ تأثيراً منَ الكلامِ، كذلك الدعاء: اللّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصّنْ فَرْجَهُ؛ فلمْ يكنْ الفتى بعد ذلكَ يلتفتُ إلى شيء6.
  6. اللجوء للصوم، ففي الحديث يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء7.
  7. تجريم الزنا وإظهار مساوئه، وما فعله بالمجتمعات التي انتشر فيها، والابتعاد عن القذف، وتجريم الشذوذ ومخالفة الفطرة والتشنيع على مروجيها، ومحاربة وكشف من يشيعون الفاحشة في المجتمع المسلم بكل الوسائل.
  8. وأخيرًا الالتزام بالدعاء النبوي: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، فلا يأمن الإنسان على نفسه، ولا على أولاده من هذه الفتن، وعليه أن يحذر منها ويقاومها، عليه أن يتمسك بدينه ولو كان كالقبض على الجمر.
1    مسلم (118).
2    د.عمرو الشريف، الإلحاد مشكلة نفسية، نيو بوك للنشر والتوزيع، نقلاً عن بنيامين هلاهمي، النمط النفسي للملحد دراسة أجريت على أعضاء الاتحاد الأمريكي للإلحاد المتقدم /2007.
3    بول فيتز، نفسية الإلحاد، ترجمة مركز دلائل.
4    صحيح ابن ماجة (52).
5    سنن الترمذي (2777).
6    الألباني، السلسلة الصحيحة، (1/ 712).
7    مسلم (1400).
]]>
كيف نعزز أثر العبادات في نفوس أطفالنا؟ https://zidoworld.com/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d8%b9%d8%b2%d8%b2-%d8%a3%d8%ab%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%8a-%d9%86%d9%81%d9%88%d8%b3-%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%9f/ Sun, 01 Dec 2024 11:35:49 +0000 https://zidoworld.com/?p=6780 إن تنشئة ذريةٍ صالحة تؤمن بالله، وتحسن عبادته هو خير ما يغرسه الأهل والمربون في أبنائهم ويبذلون لأجله كل جهد، لتحقيق خير ثمرةٍ يحصدونها في الدنيا والآخرة وهي الولد الصالح.

ولقد بُني الدين على مجموعة من الشعائر والحدود والأركان ينبغي تعزيزها لدى الأطفال لتبلغ في نفوسهم منزلة رفيعة وتصبح بوصلةً توجههم في حياتهم أنى ذهبوا..ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، وسنأتي في هذا الموضوع على بعض أصول الدين وعباداته الكبرى وشيء مما يعزز أثر هذه العبادات في نفس الطفل.

أولاً: تعزيز أثر الشهادتين

إن جوهر الدين هو التوحيد وشهادة أن لا إله الله وأن محمداً عبده ورسوله.. وهنا يمكننا أن ننهل من أسلوب لقمان الحكيم ووصاياه لابنه، فموعظته الأولى والأهم عن توحيد الله، قال تعالى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

لا بد إذًا من تعزيز الإيمان بالشهادتين لدى الطفل من خلال:

  • تعريفه بأسماء الله وصفاته وتصويرها بأمثلة قريبة من تفكيره وإسقاطها على مواقفَ مختلفةٍ من حياته، فهو اللطيف الخبير، يرانا ويسمعنا ويعلم بحالنا..
  • التركيز على التأمل والتفكر في عظمة الكون وآيات الله ومخلوقاته، والتسبيح بحمد مبدع هذا الكون وخالقه.
  • تعليم الطفل سيرة نبينا محمد النبي الأميّ، واستشعار عظيم مكانته والاقتداء به، فهو الرسول الذي بعثه الله ليعلمنا هذا الدين..
  • تعليم الطفل قصص أصحاب رسول الله وتابعيه فهم النموذج الأمثل لتطبيق شرع الله والاقتداء بنبيه.
  • تعزيز التوكل على الله في نفس الطفل والالتجاء إلى الله ودعاؤه ورجاؤه..

ثانياً: تعزيز أثر الصلاة في نفوس الأطفال.

الصلاة محطة اتصال بالخالق وهي الشعيرة العظيمة التي سماها الرسول نوراً وهي عماد الدين وأساسه. والطفولة مرحلة مهمة لإعداد الطفل ليكون مستعداً للالتزام بالصلاة في سن العاشرة.

  • من الضروري إعداد الطفل نفسيًا للصلاة في سن مبكرة، في البداية عبر دعوته للوقوف إلى جانب أهله أثناء أداء الصلاة..
  • تحفيظ الطفل سورة الفاتحة وقصار السور من القرآن ليكون مستعداً، وبناء العادة بالتدريج. ولا يتوقع الأهل الالتزام التام من الطفل في البداية فالموضوع بحاجة إلى اللين والصبر وتحبيب الطفل بالامتثال لأمر الله، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:١٣٢].
  • من الجميل أن يصحب الأهل أطفالهم إلى المساجد فيستشعروا بمظاهر صلاة الجماعة والتآلف لتتعلق قلوبهم بالمساجد وليشعروا بدخولهم في المجتمع واندماجهم فيه.
  • الإحسان في الوضوء ليستشعر الطفل أن ذنوبه تخرج مع قطرات الماء..
  • الترديد خلف المؤذن والتماس وقت إجابة الدعاء.
  • أهمية المواقيت في حياة المسلم، فكلُّ شيءٍ في الكون يخضع لنظام وميقات محدد.
  • يمكن تصميم جدول أو خارطة لأوقات الصلاة وعدد الركعات والسنن بشكل لطيف يتتبعه الطفل ويتوق لملء خاناته بالإنجاز.
  • تعزيز المكافآت المعنوية للطفل حين يؤدي الصلاة بالثناء عليه والدعاء له بالخير لتحفيزه على الالتزام والشعور بأهمية ما يقوم به.
  • كما ويمكن إعداد هدايا مميزة للطفل حين يؤدي صلوات الأسبوع كاملةً لتشجيعه على الاستمرار والمواظبة.

ثالثاً: تعزيز أثر الصيام

إن شهر رمضان هو خير فرصة لتعزيز أهمية شعيرة الصيام، وهو موسمٌ للطاعات والخيرات، فيمكن اقتناص هذه الفرصة بالاحتفاء بهذا الشهر الكريم وطقوسه وجعله ذكرى لا تُنسى يحملها الطفل في ذاكرته بفرحٍ ويحنّ لها.

يحب الأطفال تقليد الكبار ويشعرون بالفخر حين يجارونهم، فتتوق أنفسهم للصيام..

يمكن البدء مع الطفل من عمر السابعة بالصيام حتى أذان الظهر ثم حتى العصر وبالتدريج دون أن نحمّل الطفل ما لا طاقة له به.

ويمكن تحبيبهم بالصيام عن طريق بيان ما له من فضلٍ ومكانةٍ عند الله، عن سهل بن سعد عن النبي قال: إن في الجنة بابا يقال له: الرَّيَّانُ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم.. متفقٌ عليه.

وأيضًا عن طريق استحضار المعاني الجميلة التي يربينا عليها الصيام، كالتربية على الصبر ومراقبة الله تعالى، والإحساس بالفقير والمحتاج ومن هو أقل منه حالاً.

رابعاً: تعزيز أثر الزكاة

من المهم أن يترسخ في ذهن الطفل أثر إيتاء الزكاة والصدقات ومنافع ذلك، وأن المال هو نعمةٌ من الله ينبغي شكرها واستخدامها على النحو الذي أمرنا الله تعالى به.

ولتبسيط الفكرة فلا بد من غرس مبدأ العطاء في البداية ومساعدة الغير وحب الخير لهم، فإن التربية على هذا المبادئ الأخلاقية تدعم فطرتهم السليمة التي جبلهم الله عليها وتساعد في امتثالهم للطاعات بشكل جيد.

كما أن أثر الإنفاق والصدقات يعزز مبدأ التكافل الاجتماعي فالطفل ينتمي للمجتمع الذي يحيط به، ورؤيته لطبقات المجتمع المختلفة يوسّع من مداركه ويبني شعوره بالمسؤولية تجاه الآخرين، عن أبي موسى الأشعري  أن النبي قال: المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه رواه البخاري

خامساً: تعزيز أثر الحج إلى بيت الله

إنّ قصّة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام زاخرةٌ بالمعاني العظيمة، كالبذل لله والتسليم لأمره، ورحمة الله ولطفه.. حيث يمكن استغلال موسم الحج وعيد الأضحى وشرحها للطفل بأسلوب قصصي شيق.

كذلك لا بد من رؤية الحجاج لبيت الله الحرام وتأمل طوافهم وسعيهم وتلبيتهم مما يزرع في نفس الطفل الاشتياق لبيت الله…

سادساً: بر الوالدين

لا بد للطفل أن يعلم أن طاعته لوالديه وبرّه بهما باب يوصله إلى الجنة بإذن الله، وله في الإسلام مرتبةٌ عظيمة هذا من باب الترغيب بالأجر والثواب، كما أنه يزيد من الألفة والمودة في العائلة الواحدة، عن عبد الله بن مسعود قال: يا نَبِيَّ اللهِ، أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ أخرجه مسلم.

سابعاً: طلب العلم

من الجميل أن يربي الأهل أطفالهم على حب العلم والتعلم وتبيان فضل ذلك لهم، مما يرفع مكانته في نفوسهم بدلاً من أن يكون عبئاً يثقل كاهلهم.

فطلب العلم عبادة يرفع الله بها المؤمنين درجات، وينفع بها عباده، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضًى بِمَا يَصْنَعُ أخرجه أبو داوود.

في النهاية علينا ألا ننسى الأثر الكبير الذي تتركه العبادات في نفس الطفل ودورها الجوهري في تكوينه النفسي والاجتماعي، والخصال العديدة الحميدة التي يكتسبها الطفل نتيجة الالتزام فتنعكس على شخصيته وسلوكه، فالإحسان مطلوبٌ من الوالدين في التربية الإسلامية الصحيحة، فهي خير ما تُبذل لأجله الجهود وتُستقطعُ من أجله الأوقات والانشغالات، وما جزاء الإحسانِ إلا الإحسان..

وما أبهاها من حسنات تطال الوالدين حتى بعد الموت بفضل تربيتهم للولد الصالح الذي يحفهم بدعواته، فتجعل عملهم الصالح مداداً لا ينقطع في الدنيا والآخرة..

]]>
نصائحُ من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لتربية الأطفال https://zidoworld.com/%d9%86%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%ad%d9%8f-%d9%85%d9%86-%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a8%d9%8a-%d8%b5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%87-%d9%88%d8%b3%d9%84%d9%85/ Wed, 27 Nov 2024 11:43:43 +0000 https://zidoworld.com/?p=6697  جاء عن أبي الدرداء : “البِرُّ لا يَبلى والإثمُ لا يُنسى، والديّانُ لا ينام، فكنْ كما شئت، كما تُدينُ تدان” فمن رعى وتعِبَ وسَهِرَ من أجل تربية أولاده حتى كبروا فإنه سيحظى بتوقيرهم ودلالِهم له حتى يغادر هذه الدنيا، والعكس أيضاً، فمن ضيّع ولم يؤثِر على نفسه من أجل أبنائه، بل تركهم عُرضةَ رياح هائجة تأتي على براعمهم الغضّة فتدمرها، فإنه سيحصد ما زرع، ولن يجني من أولادِه إلا العداوةَ، أو على الأقل التجاهل والهجران.

هذا من حيث إنّ الجزاء من جنس العمل، أما من الناحية الشرعية فإن هناك واجبٌ عظيم مناطٌ بالوالدين لتربية أولادهم، وكذلك جائزة سَنيّة على هذا الواجب، أما الواجب فإنه يُقرأ في الحديث: إن الله سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاه، أحفِظ ذلك أم ضيَّع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته1. وفي رواية: ما منْ عبدٍ يسترعيه اللهُ رعيةً، يموتُ يومَ يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرّم اللهُ عليه الجنة2.

وأما عن هذه الجائزة، فإنّ في صلاحِ الأولاد رصيدٌ يزيدُ في الحسنات إلى ما بعد الموت، كما جاء في الصحيح: إذا مات الإنسانُ انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علم ٍينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له.

نصائح نبوية لتربية الأطفال:

من الأهمية أن يقطفَ المربّون -وهم يعانون عوائقَ كثيرة في درب تربية النّشء- من دوحةِ رسول الله ، وأنّ يتمثلون نصائحه وتوصياته ويشكرون له، ويصلون عليه ويسلمون تسليمًا.

وإنني في هذا البحث القصير عاجزٌ عن قطافِ النصائح النبوية في مجال تربية الأولاد، لكنني أسدد وأقاربُ، وأختصر وأقفُ على أهم تلك النصائح؛ ومنها:

  • التغاضي عن بعض الأخطاء: من المعروف أن الأطفال كثيرو الأخطاء بحكمِ صِغَر سنّهم وعدم نضوجهم وإدراكهم للحقائق، وإنّ متابعتَهم على كل خطأ وتوبيخهم عليه لأمرٌ متعبٌ للولي وللطفل معاً، لذا يُنصح بأنْ يتجاهل المربّي كثيراً من الأخطاء، وخاصةً تلك التي لا تؤثر على أخلاقه وقِيَمه.
    وسبب هذه النصيحة أنّ كثرة الملامة والتوبيخ ترسّخُ مع مرور الوقت تبّلُّداً في مشاعر الطفل وبطء استجابة، ولنا في مبدأ التغاضي تعاملُ رسول الله مع أنس ، وقد خدمَه وهو غلام مدةَ عشر سنين، يقول أنس مجلياً عن حقيقة هذا المبدأ: “فخدمتُه في السفر والحَضر؛ فما قال لي لشيء صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هذا هكذا؟”3.
    وما أكثَرَ وقوعَ الأخطاء في مدة غير قصيرة، ممتدة من عشر سنين إلى عشرين، وفي مرحلتين عمريتين، قبل البلوغ وبعده!
  • الغضب يُفسد التربية: إن الجهدَ الذي يُبذل في بناء بيت يساوي أضعافَ الجهد الذي يبُذل لهدمه، وكذا الإنسان؛ فإنّ طريقَ تربيته وَعْرةٌ وشاقّة، لكن إفسادها من السهولة بمكان، وإن الغضب وما ينتج عنه من صراخ وشتمٍ وتعيير، وربما ضربٍ أو تكسير يفسد تربية الأطفال أيّما إفساد.لذلك كان رسولُ الله يقول: ليس الشديدُ بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسَه عند الغضب4. وكان يقول أيضاً: لا يَحكُمْ أحَدٌ بين اثنين وهو غضبان5. ولو قِسنا القضاء على التربية، فإن على المربّي أن يملكَ نفسَه ولسانَه عند الغضب وإلا هدم في لحظةٍ ما بناه في سنوات.
  • الضرب: لعل الظروف التي كان يعيشها الأطفال في القرون الماضية تتباين أشدَ التباين مع ظروفنا اليوم، قديماً كان الطفل إذا ضُرب يجلس يبكي ويؤنب نفسه، أما اليوم فما أكثرَ الأحضانَ الخبيثة، وما أكثر الذين يتلقفونه ويحرضونه على أهله. علماً أنّ الضربَ في حدّه الأدنى غير المبرّح وضمن شروط خاصة، قال به جملة من علماء التربية، أمثال الغزالي والنووي والعز بن عبد السلام، وكثير يضيق حصرهم رحمهم الله.وباب هذا النوع من التأديب هو قول رسول الله : مُروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناءُ سبعٍ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع 6.
    غير أن جدوى عدم الضرب أولى وأكثر أثرًا في زماننا هذا من جدوى الضرب حتى في حدوده المشروطة، هذا إذا استثنينا حالة واحدة وهي جوازه في التدرّج لإقامة الصلاة، لأنّ هذه الشعيرة هي عماد الدين وركنه. ويبقى أن لكل حالة استثناءاتها الخاصة بها.ويعود السبب إلى أنّ الخوف الذي يولّده الضرب لن يدوم، لأن الطفل بعد أن يكبرَ لن يخاف والديه، بل قد يحقد عليهما، وأن المطلوب في التربية هو الحب لا الضرب، وقد جاء عن أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنها قالت: “ما ضرب رسول الله شيئاً قطُّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قطُّ فينتقم من صاحبه إلا أن يُنتهك شيءٌ من محارم الله، فينتقم لله تعالى”7.
    والمطلوب الرفقُ بدلاً من الضرب، وفي حديث السيدة عائشة -رضي الله عنهاـ قالت: قَالَ النبيَّ : إنَّ الرفق لا يكون في شيءٍ إلَّا زانَه، ولا يُنزعَ من شيءٍ إلَّا شانَه8.

ويستعاض عن الضرب بالحزم أحياناً؛ وأوجه الحزم متعددة وطرائقها كثيرة؛ يختار الوالدان منها ما يتناسب وشخصية ابنهم؛ ولا يسرفوا في ذلك حتى لا تصطبغ العلاقة كلها بصبغة الخوف والشدة والعقاب فتفسد الود بينهم وبين ولدهم.. فيبقى اللين هو الأصل والشدة والحزم هو الاستثناء.

  • الصحبة الصالحة: لا يخفى على أحدٍ ما للصاحب من دور وتأثير في نفس صاحبه، وإن أكثر العادات الحسنة أو السيئة التي تتلبس بالأطفال جاءت من أصحابهم، لذلك لابد من تحفيز الأبناء على اختيار أصدقاء جيّدين، وما أحكمَ قولَ رسول الله : إنما مثلُ الجليس الصالح وجليس السوء: كحاملِ المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذِيَك، وإما أنْ تبتاعَ منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة9. وأرى أن يتخيّر الأهل أصدقاءَهم بحذر، ولا بأس بمشاركة الطفل في اختيار اصدقائه، وكذلك يتخيّرون المدرسة التي سيدرس فيها أبناؤهم؛ لأن الطفل يبدأ في صحبته بأبناء أصدقاء أبيه وأمه، وكذلك بزملائه في المدرسة.
  • ضمُّ الأطفال والدعاء لهم: يرى علماء النفس والتربية ضرورة ضمّ الطفل إلى الصدر مرة واحدة على الأقل كل يوم، واللمس هو واحد من لغات الحب الخمسة، وعلى الطفل أن يُلمس ويحضن عدّة مرات كل يوم.
    في دراسة أجراها باحثون من قسم علم النفس بجامعة (ويسكونسن ماديسون) بالولايات المتحدة، سنة 2012، على أطفال لمدة 10 أسابيع، أنّ لمسة الحنان والرعاية مثل العناق اللطيف هي التي يمكن أن توفر نوعاً من التحفيز الإيجابي الذي يحتاجه الدماغ لينمو بشكل صحي.ولنا في حنو رسول الله على سبطيه الحسن والحسين رضي الله عنهما وحمله لهما واحتضانهما ما يدعم هذه التوجّه.
    أمّا الدعاء لهم على مسامعهم: فيه خيرٌ من جهتين، الأولى: تنبيه ِالطفل بأنّ المعطي والقادر ليس الأب أو الأم بل هو الله تعالى، وهذا ترسيخٌ للعقيدة في نفسه. والجهة الثانية: تعريفه بالطريق التي سيسلكها والصورة المستقبلية التي يطمح والداه لتحقيقها فيه، فلو دعتْ له أمّه أن يكونَ حافظاً للقرآن مثلا، فإنه سيتهيّأ للسير في طريق الحفّاظ، وقِس على ذلك.وقد تجلى هذا الموقف المؤثر من حيث ضمّ الغلام والدعاء له فيما يرويه ابن عباس : ضمّني النبيُّ  إلى صدرِه، وقال: اللهم فقّهُّ في الدِّين، وعلِّمه التأويل10.
  • سؤال الأطفال عن الأمور التي يهتمون بها: عندما تسأل الكبير عن أمرٍ يهمّه، يدرك أنك تطمئن عليه، لكن عندما تسأل الطفل الذي لم يبلغ بعد عن أمرٍ يشغله أو يحبّه فإنه يظن أنّك تشاركه فيه، لذا يستحسن أن يشعر الطفل بأنَّ ما يشغله من لهوٍ مباح هو مثار اهتمام من والديه، ولعل سؤال رسول الله الطفلَ عن عصفورة خيرُ دليل على هذه اللفتة التربوية. ينقل أنس هذا المشهد قائلا: كان لي أخ ٌيقال له: أبو عمير، كان فطيماً، فكان إذا جاء رسولُ الله فرآه قال: أبا عمير! ما فعل النُّغير؟ 11.
  • التربية الجنسية منذ الصغر: ويشمل سترَ العورات ولباس الحشمة، والتفريق في المضاجع لحديث رسول الله : وفرّقوا بينهم في المضاجع 12، وعدم إبداء أي مظاهر جنسية بين الوالدين أمام الأولاد. كذلك العمل على تجنيب الأطفال المشاهد الجنسية على الشاشات -وما أكثرها اليوم_ واستبدالها بما ينمّي قيمَهم وأخلاقهم الحسنة ويتوافق مع أعمارهم، ومرد ذلك الفتنة الحاصلة بين الرجل والمرأة والتي قال فيها رسول الله كما جاء في الصحيح: ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرِّجال مِن النِّساء.
    وغاية الغريزة هي التحصن في الزواج، أما في عدا ذلك، وبالنسبة للأطفال فهي ضرر كبير تلعب فيه الصورة تأثيرا كبيرا في ذهن المتلقي.
  • القوة البدنية: يعلن هذا الدين أن ذلّ العبد لا يكون إلا لله العزيز الحكيم، ومن المحزن أن ينشّأ الطفل جباناً ضعيفاً، تسلبُ حقوقَه وتؤخذ أغراضه ولا يدافع عن نفسه، لذا ينبغي للأولياء تخيّر نَوادٍ ملائمة لتقوية جسم الطفل وتأهيله للدفاع عن نفسه، وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة : المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفي كلٍّ خيرٌ. احْرِصْ على ما يَنفعُكَ، واسْتَعنْ باللهِ ولا تَعجزْ. …. الحديث13 ويتبع ذلك ما يلزمه من توسّط في المأكل وتقشف في بعض الأحيان.
  • تربيته على الصدقة: من الحَسَن أن يتعوّد الطفل على التصدّق، وأن يشرح الوالدان قيمة هذا البِرّ، وأن الصدقة تطفئ غضب الله تعالى، وسببٌ لتداوي الأمراض، وأنها تطهير للنفس ومرضاة للرب، وأنّ بها يزداد المال ويكثر الخير.ومن الجيد أن يعوّد الطفل على التصدق من ماله، أي من (المصروف اليومي أو الأسبوعي) الذي يُمنح له. وذلك لتنكسر شوكة الأثرة في نفسه. كذلك في تصدّق الطفل تعوّد على العطاء لا الأخذ، والفاعلية والإيجابية لا السلبية والسرور بمشاعر صاحب اليد العليا الذي هو خير من اليد السفلى. كما ورد في الصحيح.
1    صحيح ابن حبان.
2    متفق عليه.
3    البخاري ومسلم.
4    متفق عليه.
5    البخاري ومسلم.
6    رواه أحمد وأبو داود.
7    رواه مسلم.
8    صحيح مسلم.
9    متفق عليه.
10    البخاري ومسلم.
11    البخاري ومسلم.
12    أبو داود في سننه.
13    رواه مسلم.
]]>