مقالات تربوية – عالم زيدو https://zidoworld.com Tue, 12 Nov 2024 09:10:35 +0000 ar hourly 1 https://zidoworld.com/wp-content/uploads/2023/08/logo1-120x120.png مقالات تربوية – عالم زيدو https://zidoworld.com 32 32 متى وكيف نقدم السيرة لأبنائنا؟ https://zidoworld.com/%d9%85%d8%aa%d9%89-%d9%88%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d9%82%d8%af%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d9%84%d8%a3%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a6%d9%86%d8%a7%d8%9f/ Tue, 12 Nov 2024 09:10:35 +0000 https://zidoworld.com/?p=6691 عدم معرفتهم، لها سببان:

أن نُعلّم أولادنا الدين بكل ما فيه من عبادات وأخلاق وعلاقات وسلوكيات من خلال القصص، أفضل من التعليم المجرد، وأن تكون هذه القصص هي قصص نبينا محمد ، فهذا أفضل ما يمكن أن نقدمه لأولادنا، كي يحبوا رسول الله فيتبعوه، أولًا، وكي نضمن أنهم يمشون في الطريق الصحيح عندما يتبعونه ثانيًا.

قال تعالى: لَّقَد كَانَ لَكُم فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ یَرجُوا ٱللَّهَ وَٱلیَومَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرا [سُورَةُ الأَحزَابِ: ٢١]. وليعلموا أن اتباع الرسول الكريم هو في الحقيقة اتباع لله تعالى: قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحبِبكُمُ ٱللَّهُ وَیَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِیم [سُورَةُ آلِ عِمرَانَ: ٣١].

أفضل وقت لسرد السيرة، هو قبل النوم، بعد أن نتخلص من جميع المشتتات. كذلك وقت السيارة هو وقت ذهبي للحديث عن السيرة، خاصة أننا في العصر الحديث بتنا نقضي وقتًا طويلًا نسبيًا في السيارة.

هناك أسلوبان رئيسان لعرض السيرة الشريفة:

الأسلوب الشامل:

نقص الأحداث الرئيسية في السيرة بدون ذكر التفاصيل في جلسة واحدة أو جلستين، كي يصبح عند الطفل تصوّر كامل للسيرة، وهذه تكون بعمر سبع سنوات وأكثر، مع تعليم الطفل أن يصلي على النبي ، كلما ذكر اسمه.

الأسلوب التفصيلي:

نقص أحداث السيرة بشكل مجزّأ على جلسات كثيرة، وبمواقف كثيرة، في كل مرة نذكر حدثًا بشكل تفصيلي.

لكن لا نتعامل مع السيرة على أنها مجرد قصص نقصها على أولادنا، لابد من متابعتهم لتنفيذها، وربطها بمواقف يومية.

يقول بعض المربين: نريد أن نربط السيرة بحياة أولادنا لكن لا نعرف كيف؟.

ـ قلة إحاطتهم بالسيرة النبوية.

ـ عدم قدرتهم على اختيار موقف من السيرة يناسب الموقف الذي يمر به الطفل.

لحل المشكلة الأولى: على الوالدين عدم الاكتفاء بما يعرفونه من قصص السيرة، والتي قد يكون كثير منها غير صحيح، من فضل الله علينا أن المصادر الصحيحة أصبحت متوفرة للعامة، مثل كتاب الرحيق المختوم، وكتاب اليوم النبوي.

أما حل المشكلة الثانية فهي أيضًا متصلة بطريقة ما مع حل المشكلة الأولى، لأن كثرة القراءة والاستماع للسيرة النبوية، يجعلنا نعرف كيف نربطها بالمواقف اليومية لأطفالنا بشكل مباشر، وكيف نربطها بحياتنا نحن كمربين فنكون قدوة لأولادنا.

يحدث في البداية أنه بعد أن ينقضي الموقف، يخطر ببالنا موقف السيرة المناسب له، أو بعد أن ينقضي الموقف نجلس مع أنفسنا ونسألها: “أي موقف من السيرة يناسب ما حدث؟”.

وهكذا يتدرب عقلنا، ويصبح سريع البديهة يربط مواقف أطفالنا مع المواقف المناسبة من السيرة.

تختلف المعلومات المقدمة من السيرة وطريقة التقديم، باختلاف عمر الطفل.

وباعتبار أن هذا المقال يتناول الطفل من عمر ٤_٦ سنوات فينبغي أن نعلمهم التالي:

  • المعلومات الأساسية عنه :

وقت ومكان ولادته، اسم أمه، اسم أبيه، اسم جده، نسبه الشريف.

هذه المعلومات تقدم من عمر أربع سنوات، عن طريق الأناشيد المحببة للأطفال.

يمكن الاستعانة ببطاقات تعليمية لتقديمها، تجدون هذه البطاقات متوفرة للطباعة على الانترنت، في كل بطاقة توجد معلومة من المعلومات السابقة، نعرض هذه البطاقات على الطفل بطريقة إبداعية، كأن نضعها في صندوق وكل يوم يسحب الطفل بطاقة بشكل عشوائي، ثم يتعلم ويحفظ المعلومة الموجودة عليها.

أو عن طريق لعبة المطابقة، حيث تُكتب المعلومة في بطاقتين، يطابق الطفل بين المعلومة وبين جوابها الصحيح، مثال: في بطاقة نكتب “اسم أم النبي” وفي بطاقة ثانية “آمنة” وعلى الطفل أن يطابق بين هذه البطاقتين.

  • الوحي والمعجزات:

في عمر ست سنوات يكون الطفل قابلًا لفهم معنى المعجزات، والأمور الخارقة للطبيعة، من ضمنها الوحي، وكي لا يخلط بينها وبين ما قد يشاهده في التلفاز مثل كلام شخصيات أفلام الكرتون مع الحيوانات، أو الأبطال الخارقين، علينا أن نوضح له أن المعجزات أمر حقيقي وليست خيالًا، وقد أعطاها الله القدير لنبيه محمد دليلًا على نبوته كي يصدقه الناس، وإكرامًا له، من هذه المعجزات الجمل الذي اشتكى لرسول الله أن صاحبه يجيعه ويتعبه.

  • معاملته للصغار:

من طبيعة الإنسان أنه يحب المحسنين، ويزداد حبه عندما يكون هذا الإحسان موجها له أو لأقاربه أو لمن يخصه ويشبهه.

لذا عندما يعرف الصغار كيف كان رسول الله يحسن للصغار الذين مثلهم، يلاعبهم ويلاطفهم ويقربهم إليه في المجالس، فإن ذلك يزيد في حبهم لرسول الله .

  • طريقة تقديم القصة:

نحكي للطفل قصة من قصص النبي مع الصغار، ثم نطلب منه أن يتوقع كيف تصرف رسول الله .

مثال: جاء رسول الله ليصلي في المسجد، وهو يحمل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما، عندما سجد رسول الله ، صعد الصغير على ظهره، توقعوا ما هو رد فعل النبي؟.

عن عبد الله بن شداد  قال: “خرج علينا رسول الله في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم رسول الله ، فوضعه ثم كبَّر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر الرسول الكريم، وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي؛ فلما قضى رسول الله الصلاة، قال الناس: “يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يُوحى إليك، فقال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته1!!

  • شجاعته:

نحدث الطفل عن شجاعة النبي منذ عمر أربع سنوات، لكن يتم التركيز أكثر على قيمة الشجاعة في السيرة النبوية ابتداء من عمر ثماني سنوات، حيث يميل الأطفال خاصة الذكور منهم في هذا العمر للأبطال والشجعان، كتب السيرة مليئة بالمواقف الدالة على شجاعة رسول الله في السلم والحرب، مثل هذا الموقف: “فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناسٌ مِن قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله راجعًا، وقد سبقهم إلى الصوت، -وفي رواية-: وقد استبرأ الخبر – وهو على فرس عُرْي لأبي طلحة، في عنقه السيف، وهو يقول: لن تُراعوا، قال: وجدناه بحرًا، أو إنه لبحر، قال: وكان فرسًا يبُطَّأ))2.

 ونحدثهم عن شجاعته في غزواته ، عن علي قال: ” لقد رأيتُني يوم بدر. ونحن نلوذ (أي نحتمي) بالنبي عليه السلام وهو أقربنا إلى العدوِّ، وكان مِن أشدِّ الناس يومئذ بأسًا))3.  ومن عمر عشر سنوات تقريباً نتوسع أكثر بتفاصيل الغزوات …

  • تعامله مع أهل بيته:

لابد من الحرص على شمولية الطرح في جوانب السيرة النبوية، نحدثهم عن شجاعة رسول الله، وأيضًا نحدثهم عن رفقه مع أهل بيته وصحبه، كي تكون معرفتهم بالسيرة شمولية متوازنة، لا تميل إلى طرف واحد.

قالت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته” أخرجه أحمد، والترمذي في الشمائل

طريق تقديم صفاته:

تبادل الأدوار:

بعد عمر تسع أو عشر سنوات، يمكن أن نتبادل الأدوار مع أولادنا، بحيث هم يبحثون عن قصص من سيرته ويخبرونا بها في جلسة عائلية.

ماذا نستفيد من هذه الطريقة؟

  • هذه الطريقة حماسية وفعّالة أكثر.
  • تعلم الطفل طرق البحث بشكل عام.
  • تعلم الطفل التأكد من صحة القصص المنسوبة للسيرة النبوية، كي يصل إلى مرحلة يتقصى قبل أن يصدق كل ما يسمع.

وكي نساعده ونسهل عليه المهمة في البداية، يمكن أن نحدد له عدة فيديوهات أو كتب وقصص يبحث فيها، مثل سلسلة أبجديات الثقافة الإسلامية على اليوتيوب، أو كتاب مختصر الشمائل المحمدية، وكتاب اليوم النبوي.

نشاط ماذا نفعل؟

هدف النشاط هو معرفة كيف يطبق الطفل القيم التي تعلمها من السيرة النبوية في حياته، كي لا يكون هناك انفصال بين الجانب النظري والجانب التطبيقي.

يمكن تنفيذ هذا النشاط بطريقتين:

  • الأولى: في أي وقت بدون تحديد، نسأل الطفل عن موقف محدد ونقول له: ماذا تتوقع أن رسول الله سيفعل لو كان معنا في هذا الموقف؟.
  • الثانية: عندما يتعرض الطفل لموقف ما، نسأله: “ماذا ستفعل لو كان رسول الله يراك؟”

تلك هي الطريقة العامة لتقديم شمائله وصفاته للأطفال، والمربي الفطن هو من ينتبه إلى ما ينقص طفله من صفات ومهارات مثل الكرم أو الصبر أو حسن التعامل مع الناس، فيختار من سيرة النبي المواقف التي تدعم ذلك وتحث على ذلك، فيقصها على طفله ويكررها حتى تصبح عنده عادة.

1    صحيح النسائي، الصفحة أو الرقم (1140).
2    متفق عليه.
3    حسن سنده محقق شرح السنة.
]]>
كيف نُنمّي مهارات التفكير العليا لدى أبنائنا؟ https://zidoworld.com/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d9%8f%d9%86%d9%85%d9%91%d9%8a-%d9%85%d9%87%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d9%83%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d8%af%d9%89-%d8%a3/ Sun, 10 Nov 2024 10:36:56 +0000 https://zidoworld.com/?p=6688 يسعى الآباء الناجحون والذين يمتلكون وعيًا وإحساسًا بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه أبنائهم والذين يدركون حقيقة النعمة العظيمة التي وهبها الله لهم وهي الذرية إلى بذل كل مافي وسعهم لتربية أبنائهم تربية صالحة وإنارة عقولهم بالعلوم والمعارف المختلفة، وبالقيم والأخلاق العالية، ولا يكتفون بتعليمهم ما تعلموا هم، بل يُناضلون من أجل دفع أبنائهم ليكونوا نسخة أفضل منهم، فينالوا من العلوم والمعارف مالم ينالوه هم، ويكتسبوا من المهارات ما يتناسب وبيئتهم، فيواكبوا ركب التطور والحضارة ويحققوا الفلاح في الدنيا والآخرة.

وبما أن المهارات العقلية هي من أهم المهارات التي يمكن للإنسان أن يكتسبها وينميها ويطورها لتكون وسيلة لتحقيق النجاح في كل المجالات المختلفة في حياة الإنسان، فهي البوصلة التي تساعد الإنسان في حياته وتهديه إلى الفلاح والنجاح في الدارين، لذلك يجب على الآباء أن يولوا اهتمامًا كبيرًا لتنمية هذه المهارات عند أطفالهم ومنذ نعومة أظفارهم، فإن اكتساب الطفل لمهارات التفكير منذ صغره وتدريبه على استخدام هذه المهارات في صغره ستصنع منه إنسانًا ناجحًا متميزًا قادرًا على حل المشكلات واتخاذ القرارات وأداء المهام وتحمل المسؤولية، وبالتالي أسرة ناجحة متميزة تسهم في نجاح وفلاح المجتمع بأسره.

وإذا علّمنا الطفل كيف يفكّر بطريقة صحيحة وكيف يختار وكيف يتخذ قرارًا ويوازن بين المعطيات أمامه فقد علمناه كل شيء في حياته، فالتفكير أساس النجاح، ونضج التفكير وسلامته هو الخطوة الأولى في درب النجاح والسلامة للإنسان في هذه الحياة.

وكما يقول سقراط: “لا أستطيع تعليم أي شيء لأي فرد، ولكن أستطيع تعليم كل شيء لكل فرد إذا علمته التفكير”.

فما هي مهارات التفكير العليا عند الإنسان؟

إن التفكير هو مجموع العمليات العقلية والإدراكية والنشاطات الذهنية التي يقوم بها عقل الإنسان، ومنها ما هو لا إرادي كأن يفكر الإنسان في كل ما يسمعه أو في كل ما تقع عينه عليه، ومنها ما هو إرادي وكأن يفكر الإنسان في حل لمشكلة تواجهه أو يجري عملية حسابية أو يتخذ قرارًا.

وقد قسّم العلماء هذه المهارات تقسيمات مختلفة سنذكر أهمها:

مهارة حل المشكلات:

وتعني قدرة الطفل على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجهه، وتبدأ هذه المهارة من مرحلة الرضاعة، حيث يحاول الطفل الحبو للحصول على ما يريد، كما يحاول النزول من الأعلى للتحرر من الشعور بالضيق في المكان الذي يجلس فيه،.. كذلك تستمر هذه المهارة في مرحلة الطفولة المبكرة فيحاول الطفل تقسيم الحلوى نصفين عند وجود قطعة واحدة فقط له ولأخته، كما يقوم بوضع الكرسي للوصول إلى العصير الذي يحب.

وتستمر إلى مرحلة الطفولة المتأخرة، حيث يحاول إيجاد الحلول للمشكلة التي واجهته مع صديقه ويحاول إيجاد طريقة للحصول على المال عند الحاجة إليه، كما يحاول إقناع والده بذهابه إلى رحلة مدرسية، ويحاول تنظيم وقته بين الدروس والنشاطات والأعمال التي يكلفه بها والداه.

مهارة التفكير الإبداعي:

وتعني إيجاد الحلول أو الإجابة عن الأسئلة أو قراءة الواقع بطريقة مختلفة عن المعتاد، وبعبارة أخرى التفكير خارج الصندوق؛ كأن يفكر الطفل بطريقة مختلفة عن التي اعتاد أهله على التفكير بها أو أنه يجد حلًا لمسألة رياضية بطريقة مختلفة أو يكتشف كل ما هو جديد مع سرعة في الانتباه ودقة في الملاحظة.

مهارة التذكر:

وهي القدرة على التذكر وحفظ الأسماء والأماكن والوجوه والأشياء وأماكن تواجدها والأيام والتواريخ والأحداث، كما هي القدرة على حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والنصوص الطويلة والأشعار.

مهارة التحليل:

وهي القدرة على إيجاد الأسباب والتعليلات وراء كل الحوادث والمتغيرات التي تحيط بالطفل، وكذلك إيجاد التفسيرات المنطقية للأحداث والمشكلات التي تواجهه، ويبدأ التحليل بكلمة (لأن).

مهارة التركيب:

وهي القدرة على الربط والجمع بين الأشياء والأحداث للحصول على نتيجة منطقية ونهاية مقنعة، وأكثر ما يُساهم في تنمية هذه المهارة هي لعبة البازل والتي يمكن إعطاؤها للطفل من عمر السنة.

الخطوات العملية لتنمية مهارات التفكير عند الأطفال:

تتنوع الخطوات وتختلف تبعًا لاختلاف المراحل العمرية للطفل، وهنا لا بدّ من تقسيم المراحل العمرية إلى ثلاث مراحل:

مرحلة الرضاع:

وهي المرحلة الأكثر حرجًا، لأنها الأهم على الإطلاق، ففي هذه المرحلة يوضع حجر الأساس وكون الطفل لا يدرك إدراكًا ملحوظًا وواضحًا يكون سببًا في تجاهل الأبوين له والاكتفاء بالرعاية الجسدية، ولكن في هذه المرحلة لا بدّ من اتباع الخطوات التالية:

  • التحدث مع الطفل كأنه شخص واعٍ وذكر أسماء الأشياء المحيطة من أنواع الطعام والأثاث و.. وقراءة القرآن الكريم والقصص على مسامعه.
  • إثراء البيئة المحيطة بالطفل وجعلها غنية ومتنوعة وتنويع المثيرات بين لمسية وحسية وبصرية.
  • تدريبه على الاعتماد على نفسه عند الحَبَي والمشي وعدم تقديم المساعدة له لطالما كان في وضع آمن.
  • مطالبته بإحضار حفّاضه وملابسه وألعابه وإعادتها إلى مكانها وهذا يحفز الذاكرة.
  • إبعاده كل البعد عن الأجهزة الذكية والشاشات المرئية، وذلك (لما فيها من ضرر وتثبيط لنمو الخلايا العصبية تم إثباته بالدليل العلمي القاطع ولسنا هنا بصدد الحديث عن هذه الأضرار)، والاستعانة بالطيور المنزلية والحيوانات الأليفة أو الخروج في نزهة قصيرة، لجذب انتباه الطفل أو تشتيته حسب الحاجة.
  • الحفاظ على البيئة الاجتماعية للطفل، والحرص على وجوده مع الأطفال واللعب والجلوس معهم وهذا يحفز المهارات الاجتماعية.
  • استخدام الألعاب التي تُنمّي ذكاءه، وتساعده على تنمية مهارات التحليل والتركيب وحل المشكلات.

مرحلة الطفولة المبكرة

وتبدأ من مرحلة التعليم ما قبل المدرسة إلى عمر الثامنة، ونراعي في هذا التصنيف الفروقات الفردية بين الأطفال.

  • الحرص على وجوده في بيئة تعليمية (روضة أو مدرسة) جيدة صحيًا وتربويًا وعلميًا.
  • الحفاظ على البيئة الاجتماعية الجيدة وتنمية مهارات الطفل في اختيار الأصدقاء المتميزين وممارسة الأنشطة المختلفة بصحبتهم.
  • الإجابة عن كل التساؤلات التي يطرحها الطفل بطريقة علمية منطقية صحيحة.
  • إثارة التساؤل والفضول عند الطفل من خلال طرح الأسئلة عليه ولفت انتباهه إلى جوانب لم ينتبه إليها.
  • إلقاء المسؤولية على عاتق الطفل وتكليفه بمهام تختلف باختلاف مرحلته العمرية.
  • تدريب الطفل على الالتزام بالقوانين التي تضمن سلامته النفسية والجسدية وإدراكه لمفهوم الثواب والعقاب.
  • الكشف عن مواهب الطفل والمجالات التي يُحبّها ويهتم بها وتنميتها والتوسع فيها.
  • احترام رأيه وقراره وإشراكه في حل المشكلات التي تواجه الأسرة والسؤال عن رأيه في كل حدث مع مراعاة مرحلته العمرية.
  • عدم الإملاء عليه لتفاصيل الطرق التي يجب عليه أن يحل بها ما يواجهه من مشكلات، بل إعطاؤه الخطوط العريضة فقط، ومن ثم السماح له بإطلاق العنان لنفسه في إيجاد الحل الأمثل لما يواجهه ومراقبته عن كثب، وكذلك دفعه لأداء المهام بالطريقة التي يراها مناسبة بشرط الالتزام بجودة النتائج.
  • تنمية مهارته في الاختيار والتمييز بين الجيد والرديء والنافع والضار، وتعليمه الطريقة المنطقية في الاختيار من خلال ذكر السلبيات والإيجابيات لكل اختيار ومن ثم القيام بعملية الترجيح، وإجباره على تحمُّل مسؤولية اختياراته.
  • اصطحابه إلى الأماكن والفعاليات التي تثري معلوماته وتوسع أفق تفكيره ومداركه، مثل حديقة الحيوان ومعارض الكتب والطلب منه القيام بتدوين ملاحظاته بعد كل رحلة.
  • عدم الاكتفاء بالمعلومات والأنشطة المدرسية، بل لابد من الانتساب لمعاهد تحفيظ القرآن الكريم وغرس الهوية الإسلامية والاعتزاز بها، وكذلك الالتحاق بالنوادي الرياضية المختلفة.
  • تقديم التفسيرات العلمية للطفل عن كل المواضيع والظواهر التي تحيط به، كالعلمليات الحيوية في الجسم والأمراض والظواهر الطبيعية و…
  • عدم الاعتماد على التقييم المدرسي للطفل، بل ثقة الأهل بطفلهم والسعي معه للأفضل هي وثيقة النجاح الأولى، وكذلك فإنه بعد النظر في الدراسات العلمية واستقراء الواقع تبيّن أن تقييم المدرسة هو تقييم جزئي وليس كليًا للطفل.
  • تدريبه وحثه على القراءة اليومية والسعي لجعلها عادة لا غنى عنها، فكل طفل قارئ سيكون ناجحًا متميزًا.
  • إبعاده عن الأجهزة الذكية والشاشات الرقمية، وإن كان لا بدّ منها فلابد من تحديد الوقت وتقييد المحتوى ومراقبته والقيام بنشاط ذهني وبدني بعد الجلوس أمام الشاشة.

مرحلة الطفولة المتأخرة:

إن كل ما تم ذكره في الخطوات التي تساهم في تنمية مهارات التفكير عند الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة تصلح في مرحلة الطفولة المتأخرة باستثناء بعض الإضافات والتوسع في بعض الجوانب:

  • إبعاد الطفل بعدًا كاملاً عن منصّات التواصل والألعاب التي تخرب عقول الأطفال وتقتل ساعاتهم وأيامهم، وبالتالي تقتل إنجازاتهم وإبداعاتهم.
  • إشراك الطفل في القرارات الأكثر دقة ومصيرية ودفع المهام الثقيلة إليه والطلب منه القيام بها.
  • ربط الطفل بقدوة حسنة صالحة يرى فيها نموذجًا وقاسمًا مشتركًا، والقدوة جدًا مهمة لهذه الفئة العمرية. (كعَلَم من أعلام الصحابة أو التابعين أو العلماء الذي قدموا خيرًا لهذه الأمة).
  • مساعدة الطفل في إيجاد مساره في هذه الحياة (وإن كان من المحتمل أن يتغير هذا المسار) لكن غالبًا ما يؤدي ربط الطفل في مسار خاص (مع ملاحظات كثيرة عند هذا الربط من الحب والاهتمام والشغف والإبداع ووجود الموهبة) نتائج إيجابية، حيث يوجه طاقته إلى الإبداع والتألق بدل أن تكون متوجهة إلى الحيرة والتخبط.
  • ممارسة الطفل للنشاطات التي تُنمّي ذكاءه وحلّ الألغاز وخوض المسابقات.

وختامًا:

إن التربية هي صناعة الإنسان، وإن بناء عقلية وشخصية الطفل بالطريقة الصحيحة تشبه إلى حدٍ كبير بناء مبنى متكاملًا لبنة لبنة، فلا بدّ من وضع كل لبنة في مكانها الصحيح وبالطريقة الصحيحة حتى يغدو المبنى متينًا وجميلًا ومتكاملًا.

وليس هذا بالأمر السهل، فالتربية طريق طويل يحتاج منا التسلح بسلاحي العلم والصبر، ولكن ستؤتي هذه الثمار أكلها بإذن الله، وسيُزهر ذاك الطفل الذي سعيت من أجله وعلمته وطورته وسلحته بالعلم والوعي والفهم، وسيغدو إنسانًا خيّرًا ناجحًا يُحقق استخلاف الله له في هذه الأرض، وسيكون لك به أجر عظيم.

وإن أهم ما يمكن للمربّي تقديمه لطفله هو تطوير وتنمية مهاراته العقلية كما أسلفنا، فإنه يضمن بذلك أن يحقق الطفل نجاحًا في شتى مجالات الحياة وعلى كافة الأصعدة.

]]>
كيف ننمي ثقافة الاعتذار لدى أطفالنا؟ https://zidoworld.com/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d9%86%d9%85%d9%8a-%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d8%b0%d8%a7%d8%b1-%d9%84%d8%af%d9%89-%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%9f/ Mon, 04 Nov 2024 09:38:15 +0000 https://zidoworld.com/?p=6685 قد تكون كلمة آسف من أسوأ الكلمات التي نعلمها لأطفالنا أثراً، إذا كان استخدامها مقتصراً على محوِ كل عملٍ خاطئٍ يقوم به الطفل أو أذى يتسبب به لشيء أو شخص.. وكأنها الكلمة السحرية التي ينجو بها من كل فعل.. بل هي ربما تزيد جرأته على ارتكاب الأخطاء، لأنه ومهما فعل يمكنه أن يقول بعدها ببساطة.. أنا آسف.
فما الحل لاستخدامها بطريقة صحيحة وليس ككلمةِ سرٍّ للخروج من المآزق؟!

ليس مجرد كلمة.. يجب أن ندرك ويدرك أطفالنا أن الاعتذار ليس مجرد كلمةٍ خفيفةٍ على اللسان ثقيلة في قلوب من نقدّمها لهم.. بل الاعتذار شعور بالأسى والندم على ما تسببنا به من سوء مهما كان حجمه.. هي أنني أعي أنني أحزنتك وأتمنى لو أنني لم أفعل.. وأبذل في سبيل التعويض عن الحزن الذي تسببته وقتاً وجهداً..
والخطأ الذي يقع فيه الكثير من المربين عند تعليم الاعتذار أن يجلبوا الطفل المخطئ ويقولوا له: قل آسف.

بدون مناقشة أسباب الفعل وتبعاته ووصوله إلى شعور الندم الذي يجعل اعتذاره صادقا

فنكون بهذا ساعدناه للخروج من المشكلة بدون أدنى إحساس بالمسؤولية وطبعا بدون إدراك للخطأ.

والصحيح أنني عندما أريد أن أبدأ بتعليم طفلي الاعتذار فلا بد من النقاش معه في كل مرة عن الحدث وأسبابه وما الشيء الخاطئ الذي قام به ويستدعي اعتذاراً
فوعيه بالسبب الذي يعتذر لأجله يجعل اعتذاره أكثر صدقًا.
-آسف لأنني أحزنتك عندما رفعت صوتي عند الحديث معك
-وآسف لأنني آلمتك عندما صدمتك بدون أن أنتبه
تجعله هذه الطريقة يشعر بمسؤوليته تجاه الحدث وتزيد حساسيته تجاه المشكلة ويكون هذا أدعى لعدم تكرارها مستقبلًا.
أضع نفسي مكانه.. ولأحقق المطلوب من شعور الندم على ما فعلت ويكون اعتذاري أكثر صدقًا فلا بد لي أن أشعر بشعور الطرف المقابل..
فنقول للطفل مثلاً: – كيف كنت ستشعر لو أنه فعل معك مثل الذي فعلت.؟؟
– ما إحساسك لو تصرّف معك أحد بهذه الطريقة المزعجة.؟؟
– هل تقبل أن يقول لك أحد هذا.؟؟
ومن إجاباته نوجّهه إلى شعور الطرف الآخر أو مدى الضرر الذي ألحقه، وحينها يكون شعور الندم حقيقيا كما هو الاعتذار.

وليس أبلغ من كلام رسولنا عليه الصلاة والسلام حين قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وليس فقط أن أحبَّ له الخير في الأمور المادية، بل حتى في الشعور!!.. فننبّه الطفل أن ينظر في ما يسببه فعله من شعورٍ عند الآخر، فإن لم يكن يحبه لنفسه فلا يجعل غيره يشعر به بسببه، فإن ذلك يضعف الإيمان.

التعويض ودرجات الاعتذار.. أحياناً يكون الخطأ بسيطاً وتكفيه كلمة اعتذار صادقة.. وأحيانا يكون الخطأ أكبر ويحتاج مع الاعتذار الصادق إصلاحًا لما تم تخريبه.. وأحيانًا يكون الأذى النفسي هو الأكبر فنحتاج لبذل جهد ووقت في إيجاد ما يجبر قلب من آذيته -وخاصة إذا كان قريبًا أو صديقًا.

فنعلّم الطفل ونعطيه من الوسائل ما يمكن أن يستخدمه ليدخل السرور والرضى على قلب من حزن بسببه وخاصة إذا كان الشخص من العائلة أو من الأصدقاء المقربين له.. فنساعده مثلًا ليكتب رسالة لمن يريد أن يعتذر منه، أو قد يجلب له هدية.. أو يفاجئه بأمر يحبه، فالقلب أحيانًا يحتاج إلى جبرٍ بعد الحزن.

وبالتوازي مع هذا نعلّمه عِظَم ما يقوم به عند الله من خلال حديث نبينا عليه الصلاة والسلام حين قال: أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُـرُورٌ تُدْخِلُـهُ عَلَى مُسْلِـمٍ .

حق الله وحق الناس.. وماذا بعد التعويض والاعتذار؟، عندما يتم محو الإساءة من قلب من أسأنا له وهي لا زالت قابعة في صحائفنا؟

فالله سبحانه لا يقبل أن نسيء لعباده، كما لا يحبّ أن يُساء إلينا، فسبحانه هو ودود يحبنا.. خلقنا ورعانا وكرّمنا وأعطانا الكثير لنسعد، ولا يرضيه أن نؤذى غيرنا.

يجب على الطفل إدراك هذا المبدأ من عمر صغير (بطريقة التحبيب والترغيب بالطبع) فكل خطأ مع العباد له عليه حقّان.. حق للشخص.. وحق لله خالقه الذي لا يرضى له الأذى، وعندما يخطئ ابننا مع أحدهم ويستشعر خطأه ويحاول التعويض حتى يتقبله الطرف الآخر نثني على حنانه وشجاعته ثم نقول: هذا حق الناس فأين حق الله؟ ونعوّده على الاستغفار ليرضى الله رب الناس عنه، ثم في عمر أكبر نعلّمه التوبة وشروطها، من حزن واستغفار وعدم العودة إلى الذنب (مع إصلاح للخطأ، وفي هذه الحالة مع استسماح الطرف الآخر).. واستشعاره لمعنى اسم الله التواب سيزيده ذلك تقبّلاً للخطأ وللاعتذار أيضًا، فسبحانه من يتوب علينا بدون ملل مرارًا وتكرارًا.

اعتذر إذا أخطأت معه.. وكما هو الحال بالنسبة لأغلب القيم التي لا يستقيها الطفل ويتشرّبها إلا برؤيتها تُمارَس من قِبل أهله كقيمة راسخة عندهم، كذلك الاعتذار، حين يراني وأنا صاحب السلطة أعترف أنني أخطأت وأحاول الإصلاح، حين أقول أنني لم أستطع ضبط نفسي هنا وأن الغضب تملّكني هناك.. حين أقول “حقك علي” لم أقصد أن أحزنك.. حين أحاول التعويض بطرق محببة له ساعيًا كسب قلبه.. هناك يدرك من صغره أن هذا هو الحال الذي يجب أن يكون عليه، وأن هذا هو الصواب فيتبنى هذه القيمة وهذه الطرق عندما يكبر بدون غضاضة بل بكل قوة، لأن الاعتذار بأفضل أشكاله لا يخرج إلا من قوي واثق.

الاعتذار قوة.. وهل أجمل من قصة حبيبنا حين نكز سواد بن غزية في بطنه يوم بدر وهو يرص الصفوف، ليعدّل من وقفته حيث كان متقدّما عن أصحابه، فادّعى سوادٌ أنه عليه الصلاة والسلام قد آلمه، فما كان من رسولنا العظيم إلا أن كشف عن بطنه ليقتص سوادٌ لنفسه.

لم يتوقف ليقول له أنه يبالغ، وأن الموضوع أبسط من أن يتحدث به، أو أن الموقف لا يستدعي مثل هذا، أو أنه رئيس للجيش ويحق له أن يسوّي الصفوف بأي طريقة رآها مناسبة أو أو أو..، بل أقرّ على فوره أنه أخطأ ووضع نفسه مكان سواد فلم يقبل الألم له وعوّضه بأن سمح له أن يقتص منه بنفس الطريقة.

ولم يكن من سواد حينها إلا أن أمسك بالنبي وقبّل بطنه، وحين سأله النبي عن السبب قال إنه يريد أن يكون آخر عهده بالدنيا أن يمس جلده جلد النبي عليه الصلاة والسلام.

فلنعلّم أبناءنا ثقافة الاعتذار النبوية.. لا تبرر خطأك، فمن القوة أن أقف وأقول أنا أخطأت وإني أعتذر، ولا تُسرف طاقتك في إظهار أنك على حق أو استخراج أسباب تخفيفية لخطئك بل وظّفها في طرق الإصلاح والتعويض.

  • ويفيد التنويه هنا أنه وفي حال لم يكن الشخص من المقربين فإني أعتذر منه مرة وأعطيه وقته الكافي إن لم يقبل، وأعود لأعتذر ثانيةً بصدق، فإن وجدت منه إعراضًا وعدم قبول لاعتذاري فلا حرج علي وهذا قراره هذا لأن الكثير من الأصحاب قد يستغلون هذا الأمر- بوعي أو بغير وعي – ويجعلون الطفل يعتذر منهم طوال الوقت مما يضعف موقفه وحجّته، أو قد يجعله عرضة للاستغلال لأنه يريد رضاهم، وهذا ما لا يُحمد وما لا نريد.
  • كما ولا نجبر الطفل على الاعتذار بالإكراه.. فمشاعر الغضب والانكسار هي عكس القوة التي نريده أن يستشعر بها، فمن الضروري تحقيق ما تم الحديث عنه مسبقا من نقاش حول الفعل وأسبابه ونتائجه ومشاعر الطرف الآخر ليكون اعتذاره نابعًا من قوة في نفسه.

التسامح أيضًا قوة.. علّمه التسامح وأن يقبل بدوره اعتذار غيره.. فالعفو هو من أنبل الأخلاق ولا يقوى عليه إلا كل ذي نفس عزيزة.

قال رسولنا ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك

وأحاديث العفو والآيات في القرآن كثيرةٌ تحُثنا عليه، وترينا كم هو عظيمٌ أمره وأمرُ العامل به..

فلنشجع الطفل أن يقبل اعتذار من أخطأ في حقه، وإن رأى من أحد جهداً لإرضائه بعد مشكلة حدثت أن لا يرهقه ويطيل عليه حتى يسامحه.. ولنا في حبيبنا أسوة حين عفا عن أهل مكة في أعظم مواقف العفو في التاريخ يوم الفتح، وقصص عفوه كثيرة لا تكاد تكفيها الصفحات، .

من منا لا يخطئ؟؟.. ولكن فلنَحذر أيها المربون أن يأتي مع تعليم هذه الثقافة تركيزٌ شديدٌ على أخطاء الطفل وكل صغيرة وكبيرة يفعلها، بل مع ثقافة الاعتذار وشعوره بالندم ووضع نفسه بموقع من أحزنهم وجب أن يعرف أن الخطأ جزء من بشريتنا، وكل خطأ هو فرصة للتعلّم والتطور، وعليه يجب أن أسامح نفسي- بعد أن وعيت خطأي وتعلمت منه- ثم أطلب السماح ممن أخطأت بحقه، فالتسامح يكون مع النفس أولاً إن أردتها نفساً سويّة، وإلا فلن يرى في نفسه إلا قصوراً وأخطاء ستشوّه نظرته لنفسه وتمنعه بالتالي عن أي تحسين فيها، فسبحانه من خلقنا غير كاملين نخطئ ونصيب ومع كل خطأ نصبح أقوى وأفضل.

]]>
كيف نربي الطفل القائد؟ https://zidoworld.com/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d8%b1%d8%a8%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a6%d8%af%d8%9f/ Wed, 30 Oct 2024 12:04:33 +0000 https://zidoworld.com/?p=6683 تعد تربية الطفل القائد من المهمات العظيمة التي يجب أن تسهم فيها جميع مؤسسات المجتمع كلٌ حسب اختصاصه ومسؤولياته، فالأسرة ممثلة بالوالدين والإخوة والأقارب لهم دور بارز في تهيئة البيئة والمناخ الملائم للطفل لاكتساب السمات القيادية منذ السنوات الأولى لنموه، ففي مرحلة الطفولة تتكون ملامح الشخصية وتتشكل العادات والاتجاهات وتتفتح القدرات وتنمو الميول والاستعدادات والقيم والمهارات، ثم يأتي دور المدرسة ليكمل دور الأسرة في صقل الشخصية القيادية للطفل من خلال الأنشطة الصفية واللاصفية، بالإضافة إلى أدوار كل من المسجد والنادي والمؤسسات الإعلامية والثقافية في المجتمع.

لا نبالغ إن قلنا أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تعاني من ندرة القادة المؤثرين، وذلك بسبب توجهات مؤسسات التنشئة الاجتماعية لا سيما الأسرة والمدرسة، والتي تركز على تنمية الجوانب الذهنية للطفل، وتهمل القدرات والمهارات الاجتماعية والانفعالية والقيادية والتي لها الدور الأكبر في تحقيق النجاحات للطفل والمجتمع، وبالتالي فنحن في أمسِّ الحاجة إلى إعداد وصناعة القادة، للنهوض بالمجتمع وتطويره، فالقائد يُصنع صناعة ويُبنى بناءً، قال الله تعالى عن نبيه موسى : وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [سورة طه:39]، وقال : وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [سورة طه:41]، وعن عبدالله بن عمر  قال: سمعت رسول الله يقول: إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة1، ومن هذا المنطلق يأتي الدور الكبير على الوالدين والمربين في إعداد الرواحل والقادة المبدعين، ليتولوا مستقبلاً قيادة مجتمعاتهم وأمتهم، والارتقاء بها إلى المجد والعلياء.

وسنتناول في هذا المقال: كيف نربي الطفل القائد؟

فالقائد هو الذي يملك القدرة على التأثير على الآخرين وتوجيه سلوكهم للعمل بحماس، لتحقيق أهداف محددة تصب في المصلحة العامة المشتركة على المدى البعيد، ومهارة الطفل القائد تعني قدرته على التعامل مع الأطفال من حوله وتحديد دور كل منهم ومساعدتهم لتحقيق أهداف معينة.

السمات العامة للقائد الناجح

يتسم الطفل القائد منذ مرحلة الطفولة بمجموعة من السمات الفطرية أهمها: نزعة السيطرة على الآخرين وإلقاء الأوامر والتعليمات عليهم، وسرعة البديهة، وحب المبادرة، والقدرة على اتخاذ القرار، والقدرة على إدارة الضغوط، وحسن التصرف في الأزمات، وتنظيم نشاط الأقران وتوزيع الأدوار عليهم، وتقديم الاقتراحات، ومد يد العون والمساعدة للآخرين، والإقناع، والثقة بالنفس، كما يتسم الطفل القائد بأنه أكبر عمراً وأكثر ذكاءً من أقرانه، وسنذكر الصفات العامة للقائد الناجح حتى تمثل مرجعية ومعيارًا للوالدين والمربين، لتدريب الأطفال للوصول إليها، سواءً كان الأطفال يتمتعون بالصفات القيادية الفطرية أم لا، ومن أهم صفات القائد الناجح ما يلي:

  1. القدرة على التحدث وإقناع الآخرين: وتعني تبسيط الأفكار الكثيرة والمعقدة وإيصالها للآخرين بسهولة ويُسر حتى تصبح مفهومة لدى جميع المستمعين مما يحمسهم لتنفيذها.
  2. القدرة على الاستماع: فالاستماع الجيد يمكّن القائد من فهم الآخرين بشكل واضح، وفي نفس الوقت يوصل رسالة إلى المتحدث بأن كلامه محل احترام وتقدير، والمستمع الجيد يكون متحدثاً جيداً.
  3. القدرة على استيعاب الآخرين وتحفيزهم: وتعني فهم شخصيات الآخرين وطموحاتهم، حتى يتمكن من حسن التعامل معهم وسهولة توجيههم نحو الأهداف التي يرغب في الوصول إليها، ومساعدتهم على توظيف مواهبهم وطاقاتهم وإسهاماتهم بشكل صحيح، وإشباع حاجاتهم وطموحاتهم مما يشعرهم بالرضا والارتياح.
  4. الشجاعة: وتعني القدرة على مواجهة الحقائق القاسية والأزمات بشجاعة وإقدام، مما يسهم في تماسك الآخرين من حوله، والتمكن من إدارة الأزمات بنجاح، ولنا في رسول الله  الأسوة الحسنة والمثل الأعلى، فقد كان أشجع الناس، حيث كان أصحابه يحتمون به إذا اشتد القتال في المعركة.
  5. الصدق والإخلاص والوفاء والتضحية: وتعني إخلاص القائد لعمله وزملائه وأسرته ومجتمعه والوفاء بالتزاماته معهم، وتقديم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية، والصدق في أقواله وأفعاله.
  6. الهمة العالية: وتعني التفاؤل والسعي نحو التطور والارتقاء، والقدرة على إنجاز المهمات الصعبة، والسعي لتحقيق أهداف وطموحات عالية.
  7. النضج والحكمة والعدل: وتعني تقديم آراء ومقترحات جيدة ورصينة، والتمييز بين المهم وغير المهم، والخطأ والصواب، والخير والشر.
  8. الحماس للعمل: وتعني النشاط والحيوية والرغبة في العمل بغض النظر عن الظروف المحيطة أو الحوافز الممنوحة.
  9. وضوح المهام لديه والجدية في إنجازها: وتعني وضوح الرؤية والرسالة والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها في أعماله، وتحويلها إلى برنامج عملي، والسعي إلى تنفيذها.

الأساليب الناجحة لتربية الطفل القائد

تقوم مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع بدور أساس في تشكيل الشخصية القيادية لدى أطفالها، ويمكن للأسرة والمحضن التربوي والمدرسة وغيرها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية تنمية السمات القيادية لدى أطفالها، من خلال مجموعة من البرامج والأساليب التربوية أهمها:

  1. منح الطفل الحب الصادق: وذلك بمنح الطفل مشاعر الحب الصادق والأمان، لإشباع حاجته الى الحب، فهذا الإشباع يجعله يحب نفسه وتتكون لديه العاطفة المتزنة مما ينعكس هذا الحب والعاطفة على الآخرين من حوله، ويمكن للوالدين والمربين إظهار مشاعر الحب من خلال الاحتضان والمكافآت المادية والمعنوية، وكلمات الشكر والتقدير والثناء.
  2. تدريب الطفل على تحمل المسؤولية: وذلك بتعويد الطفل على تحمل مسؤولية أفعاله وأقواله التي يختارها، وعدم البحث عن مبررات لأخطائه حتى يتعلم منها، ومن التدريبات الصغيرة على تحمل المسؤولية تنظيف فراشه وترتيبه كل يوم، والاهتمام بغرفته، والعناية بأطباق طعامه بعد تناولها، وترتيب ملابسه وشراء الملابس المناسبة له، واختيار أصدقائه ورفاقه وألعابه، واستشارته في اختيار أماكن النزهات والرحلات العائلية أو المدرسية.
  3. تعويد الطفل على حل مشكلاته: من خلال تدريب الأطفال على استراتيجية حل المشكلات واتخاذ القرارات باستخدام الأسلوب العلمي، فعندما يعرض الطفل مشكلاته الصغيرة، يمكن توجيهه إلى التفكير في تقديم حلول لها، ثم مساعدته على اتخاذ القرار المناسب والتوصل لحل هذه المشكلات، مما يشعره بالرضا وينمي ثقته بنفسه لحل أي مشكلة تعترضه في المستقبل.
  4. تنمية حب القراءة والتعلم لدى الطفل: وذلك بتعويده على طرح تساؤلاته والبحث عن إجابات لها بنفسه، وتكون مهمة الوالدين والمربين تصحيح الإجابات والإرشاد والتوجيه، بالإضافة إلى مساعدته للحصول على مصادر التعلم من كتب ومراجع ومواقع علمية موثوقة، وتحفيزه على التعلم الذاتي من خلال القراءة والاطلاع والتلخيص، والمنافسة في المسابقات العلمية والأدبية، والمشاركة في البرامج التدريبية المختلفة.
  5. تشجيع الطفل على المبادرة: وذلك من خلال تعريض الطفل لمواقف طارئة تحتاج الى تدخل وحل سواءً في البيت أو المدرسة، مثل مساعدة أعمى لعبور الطريق، أو جمع تبرعات لأحد المحتاجين، أو تنسيق رحلة الى الحديقة، أو تجهيز برنامج الإذاعة المدرسية، وغيرها من المبادرات التي تحتاج إلى تصدر أحد الأطفال لتنسيق جهود الآخرين لإنجاحها.
  6. تنمية الوعي الذاتي لدى الطفل: مساعدة الأطفال على اكتشاف أنفسهم وفهمها، والإجابة على سؤال مهم لكل فرد في الحياة، لا سيما القائد، وهو: من أنا؟ وتدريبهم على وضع الخطط الشخصية ورسم أهداف تتفق وميولهم وقدراتهم واستعداداتهم، وتدريبهم على استخدام جدول المهام والأعمال اليومية، وذلك حتى يتعرف الطفل على جوانب قوته لتعزيزها، وجوانب ضعفه لتجاوزها، فلا يمكن أن يقود الآخرين ما لم يكن قادراً على فهم نفسه وقيادتها.
  7. إشراك الطفل في الألعاب الجماعية: وذلك لأن الألعاب الجماعية تحقق النمو الشامل المتكامل للطفل، ويكتسب من خلالها مهارات التفكير المختلفة؛ كالفهم والإدراك والتذكر، وتنمي القدرة على الابتكار والإبداع، وتساعد الطفل على الاندماج في محيطه الاجتماعي، وتهيئ له الفرصة لممارسة أدوار القيادة والجدية من خلال التواصل والإقناع والحوار واتخاذ القرار وحل المشكلات.
  8. تنمية المهارات الإدارية: يمكن تنمية مهارات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتفويض وإدارة الوقت وتقويم الأداء لدى الأطفال من خلال تكليفهم ببعض المهام في المدرسة أو البيت، وإشراكهم في عملية التخطيط وتنظيم العمل وتقييم الأداء حتى يتمكنوا من ممارسة هذه المهام في الواقع العملي، ففي الأسرة يمكن توزيع مهام شراء مصروفات البيت على أطفالها، والإشراف عليهم وتقويمهم حتى يحققوا النجاح، وفي المدرسة أو المحضن التربوي يمكن توزيع مهام كثيرة على الأطفال، مثل رئاسة الفصل ونظافته والنشاط الرياضي والثقافي والعلمي والفني، ومهام أخرى على مستوى المدرسة كالمشاركة في إدارة أندية القراءة والمناظرة والإبداع وغيرها.
  9. تحسين مهارات الاتصال: وذلك من خلال تدريب الأطفال على استخدام لغة مفهومة ومشوّقة، وجذب الانتباه الكامل للمستمعين، باستخدام الأمثلة ووسائل الإيضاح، واختيار الوقت والمكان المناسب للتواصل، وتنظيم الأفكار قبل عرضها، والإنصات الجيد، وهذه المهارات يمكن تنميتها لدى الأطفال من خلال المناهج الدراسية وأثناء ممارسة الأنشطة المختلفة.
  10. تنمية مهارات الحوار وإدارة النقاش: بتدريب الأطفال على الاستعداد والتحضير للحوار، واستخدام الحجج المنطقية، من خلال أنشطة المناظرات بين الطلبة في المدارس، وذلك بتشكيل فريقين أحدهما يمثل الموالاة والآخر يمثل المعارضة وطرح قضية للنقاش وكل فريق يقدم حججه ويفند حجج الفريق الآخر من أجل الفوز ويمكن تطبيق مثل هذا بين الإخوة بالمنزل كذلك تحت إشراف الوالدين.

نخلص إلى أن تنمية السمات القيادية للطفل تساعده على النجاح في كافة مجالات الحياة، بالإضافة إلى أن الشخصية القيادية تكون قوية وقادرة على اتخاذ القرارات وتحدي العقبات وتجاوز الصعوبات مهما كانت، كما أن الشخصيات القيادية أفادت مجتمعاتها، وساهمت في تحديثها وتطويرها على مر التاريخ، لا سيما القادة المبدعون والذين تركوا بصمات لا تنسى في مسيرة مجتمعاتهم، وستظل قصصهم مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة من بعدهم.

1    رواه البخاري.
]]>
اللعب الجماعي وأهميته في نمو شخصية الطفل https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a-%d9%88%d8%a3%d9%87%d9%85%d9%8a%d8%aa%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88-%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b7/ Sun, 27 Oct 2024 11:27:53 +0000 https://zidoworld.com/?p=6681 عالم الطفل يغلب عليه اللعب، فاللعب يعد حاجة فطرية ونشاط تلقائي يمارسه الطفل للاستكشاف وتحقيق المتعة والسرور، وتظهر الحاجة إلى الألعاب الجماعية لدى الأطفال بعد سن السابعة حيث يميل الأطفال إلى الألعاب الجماعية المنظمة والتي تحكمها قواعد وقوانين واضحة، مثل لعبة كرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة وغيرها.

وسنتطرق في هذا المقال إلى أهمية اللعب الجماعي في نمو شخصية الطفل، حيث سنبدأ بتوضيح مفهوم اللعب الجماعي بأنه نوع من الأنشطة الترفيهية التي يشارك فيه مجموعة من الأطفال، ويتطلب تفاعلاً بين المشاركين والتوافق والتنسيق فيما بينهم لتحقيق الأهداف المشتركة، ويعرف بأنه نشاط تلقائي وموجه يكون على شكل حركة أو عمل، ويمارس جماعياً ويشغل طاقة الجسم الحركية والذهنية، ويمتاز بالسرعة والخفة ويرتبط بدوافع طبيعية متأصلة في كل طفل أهمها الاستمتاع، كما يعرف بأنه جميع الأنشطة التي يقوم بها الأطفال لإشباع حاجاتهم النفسية وتفريغ طاقاتهم بحيث يجدوا فيها متعة ولذة أثناء اللعب، والخلاصة أن اللعب الجماعي نشاط موجه يقوم به الأطفال لتنمية سلوكهم وقدراتهم العقلية والجسمية والوجدانية ويشبع رغباتهم ويحقق لهم المتعة والتسلية وتوسيع الآفاق المعرفية.

أهمية اللعب الجماعي للطفل

للعب الجماعي أهميّة كبيرة في حياة الطفل حيث يساعده على النمو النفسي والجسمي والعقلي والحركي والاجتماعي واللغوي والأخلاقي، فاللعب لدى الطفل لا يقل أهميّة عن الأكل والشرب والتنفس، بل إنّ الطفل أحياناً يفضّله على الأكل والشرب، كما أن اللعب الجماعي يجنب الأطفال من الوقوع في الملل، حيث يندمج الأطفال في اللعبة ويكونوا أكثر حباً واستمتاعاً بها من أي شيء آخر.

ويعد اللعب الجماعي ضرورة لنمو الأطفال وتطورهم، لأنه يوفر العديد من الفرص التي تساعد على نمو وتطوير المهارات الاجتماعية والإدارية والذهنية والبدنية لدى الأطفال، كما أنه يُعِدُّ الطفل للحياة من خلال مواقف التعاون والتنافس والصراع والمكسب والخسارة والنجاح والفشل والحزن والسعادة التي تحدث أثناء اللعب الجماعي، بالإضافة إلى أن الألعاب الجماعية توفر للأطفال اكتساب وتبادل المهارات، فلكل طفل طريقته الخاصة في التعامل مع الألعاب، وبهذا تتوفر فرصة تناقل المهارات بين الأطفال.

وتؤكد الدراسات الحديثة أن لعب الأطفال هو أفضل وسيلة لتحقيق النمو الشامل المتكامل للطفل ففي أثناء اللعب يكتسب الطفل مهارات التفكير المختلفة كالفهم والإدراك والتذكر والتحليل والاستنتاج والتركيب والتقييم والإبداع، وتعد مواقف اللعب بمثابة خبرات حسية عملية، والطفل يتعلم ويتذكر المعلومة التي ترتبط بالخبرة الحسية والممارسة العملية بشكل أفضل، وتؤكد نظريات النمو على أن اللعب خلال سنوات الطفولة المبكرة من عمر الطفل هو الإستراتيجية الأولى والأكثر كفاءة لتعليم الطفل وتنمية شخصيته، فاللعب يستثير حواس الطفل وينمي جسمه نمواً سليماً كما ينمي لغته وعقله وذكاءه وتفكيره، فعن طريق اللعب يستطيع اكتساب أصعب المفاهيم العلمية، كما يؤدي اللعب دوراً أساسياً في تنمية القدرة على الابتكار، فالطفل وهو يلعب يحول موقف اللعب إلى أمر جدي ويبرز كل قوته ويتعامل بكامل مشاعره، وعندما يلعب الأطفال فهم لا يهتمون بتحقيق هدف معين وإنما يكتسبون سلوكيات تلقائية تساعدهم على حل مشكلاتهم الحياتية، كما أن اللعب يكشف عن حالة الطفل النفسية ويقودنا إلى علاجها، ومن الفوائد الصحية للألعاب الجماعية أنها تقلل من مخاطر السمنة والسكري وأمراض القلب وغيرها من المشكلات الصحية المرتبطة بنمط الحياة الخامل.

 كما تستخدم الألعاب الجماعية من قبل المعلمين كوسيلة للتعليم، مثل تعليم الحساب والحروف، وأسماء وأشكال وأصوات الحيوانات، وكذلك تعلّيم أنواع الفواكه وأعضاء جسم الإنسان والألوان، لا سيّما أنّ الطفل أثناء التعلّيم باللعب يكون له دور تفاعلي وليس مجرّد متلق سلبي كما يتم في التعليم التقليدي.

دور اللعب الجماعي في نمو شخصية الطفل

من أهم الأدوار التي يحققها اللعب الجماعي في نمو شخصية الطفل ما يلي:

الدور الاستكشافي

اللعب الجماعي يكشف عن شخصية الطفل بشكل عام، فالطفل أثناء اللعب يتصرّف بتلقائية مما يسمح للمربين والوالدين من التعرّف على جوانب شخصيته، لا سيما التعرّف على قدرات الطفل ومهاراته مثل: الذكاء والإبداع ومهارات الاتصال، والتعرّف على نقاط ضعفه مثل: الخجل والانطواء والأنانية وضعف التصرّف واليأس والإحباط السريع، بالإضافة إلى التعرّف على المشكلات النفسية والسلوكية للطفل مثل: العناد والعصبية الزائدة والعنف والعدوان والخوف ونقص الثقة بالنفس والكذب، كما أن الطفل يستكشف العالم الخارجي ويتدرّب على التعامل معه.

الدور الإنمائي

اللعب الجماعي ينمّي شخصية الطفل في جميع جوانبها الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية، ويمكن توضيح هذه الجوانب كما يلي:

  • النمو الجسمي والحركي: تتطلب الألعاب الجماعية من الأطفال الانخراط في ألعاب بدنية مثل الجري والقفز والرمي والإمساك والركل والتسلق، وهذه الألعاب تساعد على تحسين المهارات الحركية والتنسيق والتوازن والتآزر الحسي الحركي واللياقة البدنية العامة وتقوية الجسم، فالألعاب الجماعية تنمّي مفهوم الذات الجسمي، من خلال تمرين أعضاء الجسم مما يساهم في نموّها وتقويتها وصحتها، كما ينمّي القدرات الحركية مثل المهارات اليدوية في لعبة الكرة الطائرة وكرة السلة وكرة التنس، ومهارات الرجلين في لعبة كرة القدم.
  • النمو النفسي والعاطفي: تساعد الألعاب الجماعية الأطفال على تطوير الذكاء العاطفي من خلال تدريبهم على إدارة عواطفهم في بيئة تنافسية يتعلمون فيها التعامل مع النجاح والفشل بمرونة وتقبل، كما تنمو لديهم الثقة بالنفس وتقدير الذات وتحمّل الإحباط في حالة الفشل، وإظهار مشاعر المتعة والسعادة في حالة الفوز، والقدرة على التحدي والتغلب على المصاعب، ويتدرب الطفل كذلك على التحكم بالذات، من خلال احترام قوانين اللعب والالتزام بها، ومن ثمّ يتدرّب الطفل على احترام معايير الصواب والخطأ والحلال والحرام، وتنمية الصفات الخلقية، مثل: الصِّدق والأمانة والعدل، كما تنمو لديهم المرونة النفسية من خلال تبادل الأدوار والمهام والانتقال إلى الخطط البديلة عند الحاجة.
  • النمو العقلي والمعرفي: تساعد الألعاب الجماعية الأطفال على تطوير مهاراتهم المعرفية، حيث يتعلمون تحليل المواقف بسرعة واتخاذ القرارات بناء على الخيارات المتاحة مما ينمي لديهم القدرات العقلية والمهارات الذهنية مثل: الانتباه، والإدراك، والتركيز، والتفكير والاستبصار، والتخطيط للمستقبل، والتفاوض وحل المشكلات واتخاذ القرارات، كما يتعرّف الطفل أثناء اللعب على المفاهيم الجديدة مثل: الأوزان والأطوال والمسافات والأحجام، وينمّي الجوانب الإبداعية مثل: حبّ الاستطلاع والابتكار.
  • النمو الاجتماعي: توفر الألعاب الجماعية فرصة ممتازة للأطفال للتفاعل مع الآخرين وتقبلهم، وتطوير المهارات الاجتماعية مثل: التواصل الفعال والتعاون والعمل الجماعي والقيادة والتعاطف، والتعرف على عادات وقوانين المجتمع، حيث يتعلمون الدور المنوط بهم، والعمل ضمن فريق، واحترام نقاط القوة والضعف لدى بعضهم بعضا، وما يحدث داخل الفريق من التفاهم والتشاور والتعاضد والتضامن وتحقيق المكانة الاجتماعية.
  • النمو اللغوي: تتاح للأطفال أثناء اللعب الجماعي لا سيما في الألعاب الثقافية والفنية الحوار في إطار الفريق الواحد، أو التحدّث مع الآخرين من الفريق المنافس، أو التعبير عن الأفكار والمشاعر بحرية في المواقف المختلفة، مما يسهم في نمو الثروة اللغوية للطفل والقدرة على التحدث بشكل مؤثر، وتمكين الآخرين من فهم ميوله وحاجاته وقدراته.

الدور الوقائي

اللعب الجماعي يقي الطفل من العصبية الزائدة لأنّ اللعب يفرحه، ويقي الطفل من النشاط الحركي الزائد، وليس اللعب مجرد تنفيس عن انفعالات مكبوتة وإنّما هو نشاط يؤدِّي إلى إعادة الاتّزان الحيوي والنفسي في حياة الطفل، كما يقي الطفل من الاضطرابات العضوية، ومشاعر الخجل، والاكتئاب، والمخاوف، والشعور بالوحدة، ويعبّر الطفل من خلال اللعب عن صراعاته اللاشعورية، مثل: الخوف من الأب أو الأُم، أو من المدرسة، أو من الحيوانات، ومن ثمّ يتم تدارك هذه المخاوف بسرعة، فبمجرّد تكسير اللعبة هو تعبير عن عدوان الطفل نحو الأب أو الأُم، والطفل الذي يكون عنيفاً في اللعب يكون لديه مشكلة نفسية، ومن ثمّ يتم تداركها قبل أن تتفاقم، والطفل الذي تقع منه اللعبة كثيراً ربّما يكون السبب في ذلك نوبة صرع صغرى تفقده التحكم بالأشياء، وفي هذه الحالة يجب التدخل لعلاجه، واللعب يقي الطفل من السوك العدواني، فالغضب يؤدِّي إلى العدوان غالباً، ولكنّ اللعب فيه تنفيس للغضب حتى لا يزيد ويتحوّل إلى عدوان، كما أن اللعب الجماعي يقي الطفل من الأنانية والتمركز حول الذات.

الدور العلاجي

  • اللعب الجماعي يساعد الطفل في التخلص من النشاط الحركي الزائد وفرط الحركة، وذلك من خلال تفريغ الطاقات الجسمية والانفعالية الزائدة بل استثمار الطاقات الزائد بدلاً من إهدارها، فالطاقة تخرج إمّا في اللعب وإمّا في العدوان
  • كما يساعد في التخلّص من العصبية، فاللعب يصفي صراعات الطفل اللاشعورية المكبوتة أثناء اللعب.
  • كذلك يساعد الطفل في التعبير عن صراعاته بشكل مباشر، في حين أنّ الراشد يعبّر عن صراعاته بشكل غير مباشر للحفاظ على شكله وعلاقاته.
  • كما يساعد الطفل في التخلّص من العناد، فعند اللعب يطلب الطفل من زميله رمي الكرة ثم يعيدها إليه ومع الاستمرار يتخلص من أنانيته وتمركزه حول ذاته، فيستجيب بسهولة وينفذ طلبات زملائه وأوامر قائد الفريق، ومن ثمّ يعتاد على تنفيذ الأوامر والنواهي ويقل عناده.
  • كما أن اللعب الجماعي يخلّص الطفل من الخجل، والانطواء والشعور بالوحدة، والعنف والعدوان وذلك بتفريغ الطاقات السلبية مما يساهم في تكوين شخصية مستقرة عاطفياً واجتماعياً ومبدعة.
  • ويخلّص الطفل من الاكتئاب عندما ينفتح مع زملائه ويشاركهم اللعب، وشعوره بحبّ والديه ومربيه عندما يسمحون له بممارسة اللعب.
  • ويخلّص الطفل من المخاوف، فلو أنّ طفلاً يخاف من الغرق أثناء السباحة، ففي ظل الأجواء الجماعية وتجهيزه بأدوات السباحة وتدريبه مع زملائه لعدة مرات ستقل مخاوفه وتنتهي بالتدريج.
  • كما يستخدم اللعب في الثواب والعقاب، فالثواب أن يقوم المربي بإشراك الطفل في اللعب في حالة مكافأته على سلوك جيِّد، وحرمانه من اللعب عند العقاب.

ختاما

تعد الألعاب الجماعية ضرورية لنمو الأطفال وتطورهم، لأنها تهيئ العديد من فرص النمو الجسمية والعقلية والاجتماعية والعاطفية مع تعديل نمط الحياة الصحي، لذا يجب على الآباء والأمهات والمربين تشجيع أطفالهم على المشاركة في الألعاب الجماعية من سن مبكرة لمساعدتهم على النمو، حتى يصبحوا أفراداً ذوي لياقة جسمية وعقلية ونفسية، الأمر الذي يمكنهم من المساهمة بشكل إيجابي وفعال في المجتمع.

]]>
الثواب والعقاب -محاذير وفوائد https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%82%d8%a7%d8%a8-%d9%85%d8%ad%d8%a7%d8%b0%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d9%81%d9%88%d8%a7%d8%a6%d8%af/ Tue, 22 Oct 2024 08:46:07 +0000 https://zidoworld.com/?p=6678 تعد تربية الأطفال بأسلوبي الثواب والعقاب من أفضل أشكال التربية، لأنها مرتبطة بنزعة فطرية لدى الإنسان، وهي الفرح بالثواب والخوف من العقاب، ولهما تأثير على سلوكه وبنائه النفسي، فالثواب يساعد في تعزيز وتثبيت السلوك الإيجابي وتدعيمه، وتحسين الأداء وتقويمه، فعندما نكافئ الأطفال على سلوكياتهم الحسنة ونقابلها بالاستحسان والقبول، فإننا نبث الثقة في نفوسهم ونشجعهم على اكتساب المزيد من السلوكيات الجيدة، وقد كان النبي يستخدم المكافأة والثواب في إثارة نشاط الأطفال للتسابق، ويقول لهم: “من سبق فله كذا”، فكانوا يستبقون إليه ويقعون على صدره، فيلزمهم ويقبلهم، فالشكر والثناء والاستحسان وتقديم الهدايا البسيطة يدفع الطفل إلى المزيد من النجاح، أما العقاب وحده فإنه يدفع الطفل إلى الخمول وضعف الأداء، وتثبيط الهمة.

وسنتناول في هذا المقال:

كيفية تربية الطفل بأسلوبي الثواب والعقاب، من حيث الضوابط والفوائد والمحاذير التربوية.

ويعرف الثواب بأنه شكل من أشكال التعزيز الإيجابي للسلوك الإنساني، ويشمل مجموعة من الحوافز والمكافآت المادية والمعنوية، مثل الهدايا والجوائز وعبارات الثناء والشكر والتقدير، وتقدم للطفل مقابل السلوك الجيد الذي يظهر منه، وذلك لتنمية العادات السليمة في شخصيته.

أما العقاب فهو إجراء تأديبي إصلاحي يقصد منه نبذ السلوك السيء ومنع الطفل من ممارسات غير مرغوبة، بوسائل موضوعية، تحفظ كرامة الطفل، وتضبط سلوكه، مما يكفل تعديل سلوكه نحو الأفضل، فالعقاب هو إيقاع الجزاء على الطفل نتيجة لقيامه بسلوك مرفوض أو فشله في أداء سلوك مطلوب، ومن أنواع العقوبات: الحرمان واللوم والتوبيخ والإنذار والضرب.

ضوابط استخدام الثواب في تربية الطفل

حتى يؤدي الثواب دوره في تعزيز السلوك الإيجابي، وتعديل السلوك السلبي، لا بد من توفر مجموعة من الشروط والضوابط في استخدامه، نذكر منها ما يلي:

  1. التنويع في استخدام المكافآت حتى لا يشعر الأطفال بالملل والفتور، فأحياناً تكون هدية عينية مثل ساعة يد أو قلم أو كتاب، وأحياناً تكون شهادة تقدير أو درع أو لوحة شرف.
  2. أن تتناسب جودة المكافآت مع طبيعة الأطفال، فقد يناسب بعض الأطفال التعزيز اللفظي، وقد يناسب البعض الآخر التعزيز المادي، فالوالدان والمربون هم أقرب الناس إليهم وأدرى باحتياجاتهم ومتطلبات نموهم والفروق الفردية بينهم، وميولهم ونمط شخصياتهم وقدراتهم.
  3. أن تكون المكافأة منطقية وغير مبالغ فيها، وذلك باستخدام العبارات التحفيزية التي تتناسب مع مستوى السلوك، فليس من المنطقي الثناء على فكرة تافهة، أو ذم فكرة ممتازة، وعدم المبالغة في شراء الهدايا والجوائز العينية الغالية الثمن أو الرخيصة، فلا إفراط ولا تفريط.
  4. الإكثار من الثناء والجوائز في البدايات، ثم التقليل منها تدريجياً حتى لا يتعلق الطفل بالجائزة فيفقد الحافز الذاتي والعمل المتقن، كما أن الاقتصاد في الثواب يجنب الطفل الغرور.
  5. اقتران الجائزة أو المكافأة بجملة تحفيزية ودعاء صادق، قال رسول الله : من صُنع إليه معروفاً فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء .

ضوابط استخدام العقاب في تربية الطفل

الطفل بحاجة للعقاب عندما يحاول اختبار حدود السلوك المسموح من السلوك غير المسموح، وفي هذه الحالة لابد من استخدام النظام الحازم دون تحفظ أو انفعال، كما ينبغي التدرج في استخدام العقوبات، وأن تكون إنسانية وفي أضيق الحدود، وألا تترك أثراً في شخصية الطفل ونفسيته، والعقاب الناجح هو الذي يؤدي إلى إلغاء السلوك السلبي، وبالتالي فلا حاجة إلى تكراره، ومن الضوابط اللازمة لاستخدام العقاب في تربية الطفل ما يلي:

  1. التغافل والتجاهل لخطأ الطفل في البداية، مع الإشارة والتلميح دون المواجهة والتصريح، حتى يعطى فرصة لمراجعة سلوكه وتصحيح خطأه، وبعد التلميح يأتي التصريح بالتوبيخ والعتاب سراً، مع مراعاة عدم الإكثار من ذلك حتى لا تسقط هيبة المربي.
  2. عتاب الطفل ولومه جهراً، وذلك عندما يستمر على خطأه بعد معاتبته سراً، فيعاتب أمام إخوانه في الأسرة أو أمام زملائه في المدرسة، مع مراعاة استخدام الألفاظ الخالية من الشتم أو السب أو التحقير، لأن الهدف من معاتبة الطفل جهراً هو استغلال خوف الطفل على مكانته بين أقرانه، بالرجوع عن الخطأ وتعديل سلوكه، وأيضاً حتى يكون عظة وعبرة للآخرين.
  3. العقاب: بادئ ذي بدئ فإن التربية لا تتحقق إلا بقدر من الحزم والاعتدال غير أن اللجوء للعقاب لتحقيق النظام لا يعني أبدا استخدام العقاب الجسدي أو النفسي؛ لأن بعض المربين يستعمل ــ أحيانًاـــ جسده كوسيلة للهجوم على التلميذ، ويشمل العقاب الركل واللكم والضرب وجر الأذن والوقوف على أحد الرجلين، وقد يصل إلى إصابات جسدية بالغة في جسم التلميذ.

وقد يستعمل العقاب النفسي للحط من كرامة التلميذ، والتسبب في الألم النفسي، ويشمل التخويف، والانتقاد، والاحتجاز في الصف، والقسوة في المخاطبة. وكل هذا لا يصح ولا ندعو إليه أبدًا…. وحيث إنه من الصعوبة بمكان التقيد بضوابط للعقاب حتى لا يخرج عن مغزاه التربوي حيث لا بد أن يكون الضرب على خطأ حقيقي وليس على شبهة، وألا يكون شديداً مبرحاً، ولا يزيد عن ثلاث ضربات، ولا يكون على الوجه أو أماكن حساسة في الجسم، ولا يضرب الطفل الصغير قبل سن العاشرة، وقد قال النبي : مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع1، وقد روي أيضاً “علقوا السوط على الجدار وذكروهم بالله”، أي تعليق عصا صغيرة أمام الطفل، ولا يضرب بها، فإذا رآها هابها، وإذا ذاقها هانت عليه، وتعود جلده على الضرب، وتذكيره بالله وذلك بربط السلوك الجيد بحب الله ودخول الجنة، والسلوك السلبي بغضب الله، ولما ثبت أيضًا أن العقاب البدني قد يعود بالأثر السلبي على الطفل أكثر من الإيجابي وفق ما أثبتت ذلك بعض الأبحاث؛ فإنه ولهذه الأسباب مجموعة فإننا لا ندعو إليه ولا نود أن يكون ضمن قاموس المربي عند استخدامه وسائل العقاب التربوي المتنوعة.

  1. أن يكون السلوك المستهدف واقعياً يمكن تعديله، وبالتالي لا بد من تحديده وتعريفه إجرائياً، والتأكد من أن الطفل يفهم جيداً ما هو متوقع منه، وما هو السلوك المرغوب قبل البدء بتنفيذ العقاب.
  2. تطبيق العقاب بهدوء، فهو حالة استثنائية يلجأ إليها المربي إذا لم تنجح الوسائل الأخرى في الإصلاح، ويجب ألا تمس العقوبة كرامة الطفل ولا إرهابه، وألا يعاقب المربي وهو في حالة غضب، بل عليه أن ينتظر حتى يهدأ، ويعطي لنفسه وللطفل المخطئ فرصة للتفكير.
  3. سلامة الطفل وحمايته نفسياً وفكرياً واجتماعياً وجسدياً مهما كانت المبررات، لذا يجب قبول أعذار الطفل إذا كانت صادقة، وإشعاره أن الوقوع في الخطأ ليس عيباً، ولكن العيب هو الإصرار عليه والتمادي فيه، والتوقف عن العقاب إذا أدى إلى العناد والتمرد، والابتعاد عن استخدام عقوبة الاستهزاء، أو الحرمان من الاحتياجات الضرورية، أو العقاب الجماعي بسبب خطأ فردي.

فوائد الثواب والعقاب في العملية التربوية

استخدام أسلوبي الثواب والعقاب في تربية الأطفال تذكرهم بالثواب العظيم الذي أعده الله للمحسنين في الدنيا والآخرة، قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [التوبة:120]، فتصبح المكافئات والجوائز والهدايا وسيلة لا غاية، مما يشجع الأطفال على العطاء والشعور بالمسؤولية، فتتحول أعمال الخير إلى سلوك محبوب ومتأصل في شخصياتهم، ومن أهم فوائد الثواب والعقاب في تربية الأطفال ما يلي:

  1. الثواب والعقاب ينمي لدى الطفل مبدأ العدالة الاجتماعية في الحياة، وذلك بإثابة المحسن، وإصلاح المسيء وتوجيهه نحو السلوك الجيد، ليميز بين الخير والشر.
  2. الثواب والعقاب يشجع الطفل على التحلي بالسلوكيات الحسنة والأعمال المرغوب فيها، والتخلي عن السلوكيات السيئة، كالغش والكذب والكسل والتردد والتسويف والغرور.
  3. الثواب يزيد من الدافعية لدى الأطفال، والشعور بالرضا والسرور، والثقة بالنفس، مما يحفزهم نحو التعلم المستمر، والجد والاجتهاد وزيادة مستوى التحصيل العلمي، والسلوك الإيجابي.
  4. تقديم المكافآت الهادفة تشيع أجواء التنافس الإيجابي بين الأطفال، وتسهم في إحداث التفاعل الاجتماعي سواءً داخل الأسرة أو المدرسة أو المحضن التربوي.
  5. تقديم الهدايا والجوائز والمكافآت المختلفة تحسن العلاقات الاجتماعية وتوثقها وتبني جسور التواصل بين الأطفال وآبائهم ومربيهم، قال النبي: تهادوا تحابوا .
  6. استخدام العقاب ضروري لضبط النظام في البيت أو المدرسة، كما يجبر الطفل على الالتزام بالقيم، وتحمل مسؤولية تصرفاته، ويعالج كثير من المظاهر السلبية في شخصية الطفل مثل: الدلال الزائد والتهاون والأنانية.

المحاذير التربوية في استخدام الثواب والعقاب

استخدام الثواب والعقاب في تربية الطفل ينطوي على محاذير تربوية أهمها ما يلي:

  1. العقاب الشديد للطفل: استخدام العقاب القاسي والشديد، قد يعيق نمو الطفل ويؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، من أهمها فقدان ثقته بنفسه وبالآخرين، كما أنَّ العقاب المتكرر تقل فعاليته، ويسهم في ظهور السلوك الانهزامي واللامبالاة، نتيجة العقاب على كل شيء وبدون سبب واضح ومقنع.
  2. التدليل الزائد للطفل: المبالغة في مكافأة الطفل يجعلها هدف في حد ذاتها، فيحرص عليها أكثر من حرصه على مشاعر السعادة بالنجاح والتفوق، مما يؤدي إلى الدلال الزائد وضعف الحافز الذاتي ونمو السلوك الانتهازي لدى الطفل، فلا يعمل شيء إلا بمقابل، لذا يجب أن تكون المكافأة مناسبة للموقف وغير متكررة بشكل مبالغ فيه حتى لا ينعكس أثرها التربوي.
  3. التسلط التربوي: استخدام العقاب بصورة مبالغة يتحول إلى تسلط على الطفل ويسبب مشكلات نفسية خطيرة مثل الخوف والعزلة والانطواء، كما يؤدي إلى ظهور السلوك العدواني لدى الطفل، كرد فعل للممارسات التسلطية عليه.
  4. ضعف تكافؤ العقاب أو الثواب مع السلوك: من الخطأ مكافأة الطفل بنفس المكافأة على سلوكين مختلفين، أحدهما يستحق مكافأة كبيرة والآخر يستحق مكافأة أقل، فلا بد من التمييز بين المكافآت أو العقوبات، فلكل سلوك سلبي عقوبة تتناسب معه، كما أن لكل سلوك إيجابي مكافأة يستحقها، ولا بد أيضاً من التوازن بين درجة العقوبة أو المكافأة والسلوك المستهدف، حتى لا تحدث نتائج سلبية، مثل الفتور والتجاهل أو الكذب للتهرب من العقوبة أو الحصول على المكافأة.
  5. تأخير الثواب أو العقاب: من الأخطاء التربوية تأخير المكافأة أو العقوبة عن السلوك المستهدف لفترة زمنية طويلة، مما يؤدي إلى ضعف الارتباط الشرطي، وعدم الاقتران بين المكافأة والسلوك الإيجابي أو بين العقوبة والسلوك السلبي، فيفقد الثواب أو العقاب تأثيره في تعزيز أو تعديل السلوك.
  6. استخدام العقاب دون الثواب أو العكس: لا يجوز معاقبة الطفل عند قيامه بتصرفات سيئة، وعدم مكافأته عند قيامه بتصرفات مقبولة، فكما يحاسب ويعاقب يجب أن يشكر ويكافأ، ليتحقق التوازن في شخصية الطفل، وينمو لديه مفهوم العدالة من خلال الممارسة العملية في الواقع.

خلاصة القول إن الثواب والعقاب من الأساليب التربوية التقليدية، وقد أثبتت كفاءتها وفعاليتها في تعزيز السلوك الإيجابي وتعديل السلوك السلبي في الماضي والحاضر وربما في المستقبل، لأنها تتناغم مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي حب الخير وكراهية الشر، ويبقى الدور الأكبر على الوالدين والمربين في حسن استخدامها وفق الضوابط والمحاذير التربوية.

1    رواه الترمذي.
]]>
أساليب ووسائل مفيدة في تحفيظ القرآن للأطفال https://zidoworld.com/%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a8-%d9%88%d9%88%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d9%85%d9%81%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%ad%d9%81%d9%8a%d8%b8-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86-%d9%84%d9%84/ Sun, 20 Oct 2024 09:54:52 +0000 https://zidoworld.com/?p=6776 يحظى التّعليمُ الّذي يركّزُ على تحفيظ القرآن الكريم -من مشاريع وبرامج وأكاديميّات- باهتمامٍ كبير من كثيرٍ من الدّاعمين على المستويين المادّي والمعنوي.

ولعلَّ السّببَ يعود إلى الإنجازات الظاهرة الّتي يحقّقها الحافظون من الصّغار والكبار من خلال حفظ الجزء ثمّ الجزء إلى أن يأتوا على حفظ القرآن الكريم كاملاً عن ظهر قلب.

وهذا عملٌ صالحٌ مبرور وأمرٌ محمودٌ مشكور يُحسب لكلّ من يشجّع ويدعم على تحفيظ كتاب الله تعالى وحفره في الصّدور.

لكن يغيبُ عن كثيرٍ من هؤلاء أنّ هذا الخير ينبغي أن يكون مقرونًا بأمرين:

  • الأول: أن يكون إتقانُ التّلاوة شرطاً من شروط الحفظ وخاصّة لدى الصغار، حيث ينبغي أن يستقيم اللّسان على المخارج ويخلو من أيّ خطأ، وذلك لأن خطأ القراءة يترسخ في الذهن ويصعب تصحيحه في الكِبَر.
  • الثاني: وهو التّدبّر أو معرفة معاني القرآن الكريم _ وهي الغاية من القراءة أو الحّفظ -بما يتناسب مع عُمْر الحافظ.

فالطّفل مثلًا في سنيّ الخامسة والسادسة والسابعة يمكن أن يتعرّف على بعض الكلمات الغريبة والّتي عادةً ما يُسأل عنها، وفي سِنّ أكبر ينبغي أن يعرفَ الكلمات الغريبة كاملة، وفي سِنّ أكبر ينبغي أن يُطالع تفسيرَ بعض الآيات من كتب تفسير ميسّرة، مثل ابن كثير والجلالين، وفي سنّ الشباب يمكن أن ينتقل إلى أسباب النّزول والبلاغة.

أمّا أن يكون الحفظُ للحفظ فقط فنكون قد أبعدَنا النُّجعة وأخطأنا الهدف.

وقد كان للشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – تعقيب مهمّ على نظرته في تحفيظ الأطفال القرآن من دون وعي، في كتابه: (كيف نتعامل مع القرآن؟)، فهو يؤكد ضرورة إيجاد طريقة مبسطة سهلة للأطفال، تربط الحفظ بالإدراك لمعاني القرآن بما يلائم سنّ الطفل، حتى ينشئ الطفل من البداية وهو مدرك ما يقرأ، وذكر أنّه عندما كان في العاشرة من عمره، كان يقرأ: وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا [الإسراء:13]. وكان يظن أنّ هناك طائراً ما كالغُراب أو الحمام بعنق كل إنسان. ويرجع ذلك إلى تجريد الحفظ من المعنى.

الأخذ بالأسباب لتحفيظ الأطفال القرآنَ الكريم:

قبل إخضاعِ الطّفل إلى برنامج حفظي لا بدّ من أسباب يأخذ بها الوالدان، وإنّني أوجزها بالآتي:

  • وعاء القرآن: إنّ القرآن الكريم كلامُ الخالق عزّ وجلّ، وهو أقدسُ الكتبِ وأعظمُها، وهذا يدعو إلى أن يكون الوعاءُ الحاملُ له طاهرًا نقيًّا، فالبدء في التحمّل يكون مع الجنين، يقول الدكتور جميل قدسي الدويك: إنّ الدراسات أثبتت أن الجنين يبدأ بالسمع في نصف الشهر الرابع من الحمل، وأولُ ما يسمع نبضات قلب أمّه، ثم يملّ من ذلك، إلى أن يسمع الأصوات الخارجية، لذا ينصح بأن تُسمِعَ الأم الجنين سورةً قصيرةً، وتكرر عليه ثلاث مرات يومياً ويبقى عليها حتى آخر الحمل.

وفي هذا الصدد تذكرُ الدكتورة أماني زكريا الرمادي في كتابها (كيف نُعين أطفالنا على حبّ القرآن الكريم؟): أنَّ التجارب الشخصيّة التي ترويها الأمهات تؤكد أن الجنين يتعلّق بالقرآن الكريم إذا كانت أمّه تستمعُ إلى القرآن الكريم كثيراً، أو تتلوه بصوتٍ مسموع، ويميِّز صوتَ القرآن من بين الأصوات، وينجذبُ إليه حين يسمعه وهو لا يزال رضيعًا، مما يعزز ارتباط الطفل وجدانيًا وعاطفيًّا بالقرآن في المستقبل.

  • التّحفيز على التّحفيظ: ويكون بعدَّة وسائلَ وطُرق، منها:
  • تخصيصُ مكافأة مُجزية للطفل عقِبَ كلِّ سورة أو جزء يحفظه.
  • الحرصُ على أن يحضرَ الطّفلُ المناسبات والاحتفالات التي يُكرَّم فيها الحَفَظة سواء في الواقع أو على وسائل التّواصل؛ لأنّ ذلك يحفّزه على الحفظ، ويعزّز في نفسه إكبارَ وتعظيم القرآن الكريم.
  • الطّلب من الأطفال الإمامةَ في الصلاة على وجه التعليم وقراءة القرآن على المأمومين من نظرائهم الصغار، وفي ذلك فوق التحفيز والتعزيز بناءُ الشخصية القرآنية.
  • تمليك الطفل مصحفاً خاصّاً به، لأنه يحبّ التملك، والطلب منه المحافظة عليه ووضعه في مكانٍ خاص به.
  • تخيّر الشّيخ الحافظ: ولعلّ ذلك من أدقِّ الأسباب وأهمّها، فعلى الوالدين أن يتخيّرا لطفلهما شيخًا يتوفّر فيه ثلاثة شروط على الأقل:
    • التّقوى والورع والعقيدة الصّحيحة.
    • الإلمام بعلوم الشريعة واللّغة العربية.
    • ألّا يكونَ كبيرًا في السّنّ، ذلك لأنّ الكبار في السّنّ يتضجّرون عادةً من شغب الصّغار فلا يحتملونهم، خلافًا للحفظة الشّباب الذين هم أكثرُ احتواءً ومداراة.
  • الدّعاء: من مُجلبات التوفيق الدعاءُ والتضرّع بين يديّ الله تعالى لإصلاح الذّريّة وتثبيت القرآن الكريم في قلوبِهم والعمل به. وهذا لما للدعاء من فائدة في توفيق الأولاد، وقد جاء في الحديث: ثلاثٌ دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوةُ المظلوم، ودعوةُ المسافر، ودعوةُ الوالد لولده [سنن ابن ماجة].

وسائل وأساليب لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال

من خلال عصارة تجارب ومطالعات عدّة يمكن ذكر أهمّ وسائل وأساليب تحفيظ الأطفال للقرآن الكريم:

  • التّكرار: من الوسائل المعينة على حفظ كتاب الله تكرار الطفل للآيات الّتي سيحفظها بشكل فردي أو مع جماعة من الأطفال ويطلب الشّيخ منهم ترديد الآيات المطلوب حفظها وتكرارها مراراً، وذلك لأنّ الحماس يُثار من خلال وجود الجماعة.
  • الحفظ على قدر الاستطاعة: لأن قدرات الأطفال في التحصيل تتباين بين طفلٍ وآخر، وعلى الشيخ والوالدين تحديدُ القدر المأمول حفظه من الطفل من غير تكليفه بما لا يستطيع، فمن كان قادرًا على حفظ نصف صفحة في اليوم فلا يُكلّف بحفظ صفحة، ولعل من الجيد هنا مشاركة الطفل معلمه أو والديه في تحديد القدر الذي سيتمكن من حفظه ليكون ذلك دافعًا له وبمثابة الالتزام الأخلاقي بحفظ المطلوب.
  • برنامج المتابعة: وُصِف القرآن الكريم بأنه سريعُ الحفظ سريع التفلّت، ولقد حثَّ رسول الله على تعاهده خَشية النسيان فيما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله قال: إنما مثلُ صاحب القرآن كمثل صاحبِ الإبل المُعَقّلة أي: المشدودة بعقال إن عاهدَ عليها أمسكَها وإن أطلقها ذهبتْ . كأن يحفظ مثلًا في الأسبوع ثلاثة أيّام ويراجع ثلاثة أيّام.
  • وسائل الإيضاح والشّاشات الإلكترونية: فعلى أولياء الأمور أن يستفيدوا جهدَ استطاعتهم من تقنيات الشبكة العنكبوتية والبرامج القرآنية ومهارات تعليم الأطفال، مثل خاصيات السماع والتكرار والكتابة للآيات ونحو ذلك.
  • إقران الحفظ بالمعنى بما يناسب عمْرَ الطفل ومستوى إدراكه: لأنه توسيع مخيال الطفل بالنسبة للآيات التي يحفظها سببٌ من أسباب تثبيتها في ذاكرته. فيضاف له معاني الغريب، أو أسباب النزول، أو الأحاديث التي ترتبط بالآيات وهكذا بحسب المرحلة.
  • الاهتمام بالقَصص القرآني: عُرفت القصة بقوة سيطرتها على ذِهن المستمع وخاصّة عند الصغار، لذا يمكن أن يقصّ الشيخ أو أحد الوالدين القَصص القرآني المناسب للآيات المطلوب حفظها من الأطفال بطريقة مشوّقة، ويمكن مشاهدة هذا النّوع من القصص على الشّبكة العنكبوتيّة، مع توخّي الحذر، لكثرة السّموم والسّامّين الّذين يدسّون سمّهم في العسل.
  • المحافظة على مصحف واحد ورسم قرآني واحد من دون تغييره طيلة مدّة الحفظ يساعد على تثبيت الحفظ والمراجعة

خلاصة: ينبغي أن يعلمَ الوالدان أنَّ أكثرَ ما يعزّي النفس ويسليها في المشاقّ العظيمة للزواج والتربية الولدُ الصّالح، وأنّ مشروع ولدٍ صالح حافظٍ للقرآن الكريم هو من أنجح المشاريع في الدنيا والآخرة، فقد جاءَ في حديث بريدة الأسلمي  عن النبي أنه قال عن صاحب القرآن: ويوضعُ على رأسِه تاجُ الوَقار، ويُكسى والدَاه حُلَّتين لا يُقَوَّم لهما أهل الدنيا، فيقولان: بمَ كُسينا هذه؟ فيقال: بأخذِ ولدِكما القرآنَ، ثم يقال له: اقرأ واصعد في دَرجة الجنة وغُرَفها، فهو في صعود، ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا [مسند أحمد].

وكذلك لابدَّ أن يُلاحظ الوالدان أنّ الأولاد ليسوا على مستوى واحدٍ من الذكاء والمواهب، وأنّ هناك ظروفًا كثيرةً تلعب دورًا كبيرًا في هذا الشأن مِن مثل البيئة والمجتمع والتّحفيز والقدرات والهوايات، لِذا عليهم ألّا يضغطوا بشدّة على الصّغار لإجبارهم على التّحفيظ، لأنّ الإجبار يؤثّر غالبًا بشكلٍ سلبيّ على الطّفل، فيملّ في وقتٍ مبكّر، وقد يهجر القرآن فيخفقُ الوالدان في أكبر أحلامهما.

]]>
الروتين اليومي للطفل وإدارة الوقت https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%aa%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a-%d9%84%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%84-%d9%88%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d9%82%d8%aa/ Sat, 19 Oct 2024 09:48:49 +0000 https://zidoworld.com/?p=6629 أنه مدعاةٌ للملل والتضجّر، وهذا في المراحل العمُرية الواعية التي تعقبُ مرحلةَ الطفولة، وخاصةً مرحلة الشباب، حيث ينزعُ الشاب بحكم الحماس الذي يتمتع به إلى محاولة كسرِ الروتين ومخالفة العادات اليومية، والميلِ إلى التغيير والفضول.

أمّا بالنسبة لمرحلة الطفولة، فإن الأمرَ مختلفٌ، حيث يُعدّ الروتين بالمجمل أمرًا ضروريًّا في حياة الطفل، من أجل تأسيسه وتهيئته لحياة طبيعية، أو حياة أفضل.

الروتين اليومي لدى الأطفال وأهميته في حياة الطفل:

إنَّ مرحلة الطفولة هي مرحلة غرس القيَم وتأسيس الخيال النفسي والعاطفي الذي يمتد طيلةَ عمر الإنسان، لذا لابد في هذه المرحلة من التكرار مرارًا للأعمال اليومية إلى أن يعتادها الطفل، وتصبح جزءًا أساسيًّا من نظامه اليومي. وإنّ ممارسةَ هذه الأعمال بشكلٍ متكرر والمحافظة عليها من دون التذكير بها فيما بعد هي ما يسمى بـ “الروتين”.

وتبرز أهمية الروتين في حياة الطفل من خلال النقاط الآتية:

  • إنّ عدم معرفة الطفل لما سيفعلُه في اليوم التالي يسبب له توترًا يزجّه في قلق نفسي، أمّا عندما يملك روتينًا فإنه سيتجنب الضغط النفسي الذي يفرضه وفرة الوقت الذي لا يعرف الطفل ما يصنع فيه، وبالتالي يشعر بالأمان.
    وحسب تقرير نشرته صحيفة «مترو» البريطانية: «فإنّ الأشياء التي نقوم بها دون تفكير، لأنها مجردُ جزء من روتيننا اليومي، تتطلب الدافع، لذلك من الناحية النظرية، إذا استطعنا جعل الأشياء التي نريد القيام بها لأنفسنا روتينية، من خلال تكتيكات مثل تكديس العادات، فلن نضطر حتى إلى التفكير في عدم القيام بهذه الأشياء… سنفعلها تلقائيًا».
  • إنّ الروتين لدى الأطفال يكسر حدّة العناد لديهم، ويعوّدهم عندما يكبرون على التقبّل أكثر من الاعتراض. هذا إذا عرفنا أن أكبر المشاكل النفسية التي يتعرض لها المراهق هي بسبب الاعتراض والتعنّت.
  • يفيد الروتين في ترسيخ المبادئ والقيَم التي يتلقاها الطفل من محيطه، حتى إذا ما كبر أضحت جزءًا رئيسيًّا من كيانه. يصدق عليه مقولة:” مَن شبّ على شيء شابَ عليه”.
  • يجني الروتين منافعَ كثيرة في الصّغر، قد لا يتمكّن الكبيرُ على حصول مِعشارها، من مثل روتين الحفظ مثلًا، فإننا نرى أطفالًا حفظوا القرآن الكريم وكثيرًا من متون اللغة والنحو وهُم في سنٍّ صغيرة.

الروتين النافع والروتين الضّار

ليس كل روتين يُعتد به، فكما يوجد روتين نافعٌ فهناك روتين ضار، يفسد على الأطفال حياتَهم، ولابد من كسره وعزله. من أمثلة الروتين النافع على سبيل التمثيل لا الحصر:

من ناحية العادات:

  • النوم باكرًا والاستيقاظ باكرًا، وترتيب أغطية النوم بعد الاستيقاظ.. وقد كان رسول الله يدعو بالبركة للمبكّرين: اللَّهمَّ بارِكْ لأمَّتي في بُكورِها1.
  • النظافة بما في ذلك غسل اليدين قبل الطعام وبعده والاستحمام كل بضعة أيام.
  • قضاء وقتٍ يوميّ لممارسة الرياضة.
  • القراءة والكتابة اليوميّة. وما لها من منافع جمّة على العقل والصحة النفسية.

من ناحية العبادات والطاعات:

  • المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتسمية والأكل باليمنى، والأكل مما يلي الآكل، تطبيقًا لقول رسول الله: يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك 2.
  • اعتياد الصلاة في المساجد، فهذا الروتين يجعله يتعلق بالمساجد عندما يكبر، ويحظى بالجائزة العالية التي قال فيها رسول الله : سبعةٌ يظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَ إلا ظلُّه وعدّ منهم: رجل معلّق قلبه بالمساجد3.
  • روتين الصدقة لدى الأطفال، كأن يعتاد الطفل مثلًا على وضع صدقة في صندوق الصدقات في المسجد بعد صلاة الجمعة.

من ناحية المعاملات:

  • المداومة على الصدق وكراهية الكذب في علاقته بمحيطه مهما كان الموقف صعبًا؛ لأن الصدق مطلب أساسي وهو سيد الفضائل، وقد جاء الحض على الصدق في عدد كبير من نصوص الشرع، منها قوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119].
    وقول رسول الله : عليكم بِالصِّدق، فإنّ الصِّدق يهدي إلى البِرِّ، وإنّ البِرّ يهدي إلى الجنّةِ، وما يزال الرّجلُ يَصدق ويتحرّى الصِّدقَ حتّى يُكتب عند اللّه صدِّيقا 4.
  • استقبال الضيوف ومصافحتهم وإكرامهم. وفي الحديث:” مَن كان يُؤْمن بالله واليوم الآخر فلْيُكرم ضَيْفه”5.

الروتين الضّار

إنّ تعويدَ الأطفال على عادات قبيحة أو مبادئ لا تتفق مع الدين والفضيلة، يكسبهم روتينًا مؤذيًا لهم ولمجتمعهم. من أمثلة الروتين الضّار:

  • السعال والعطاس من دون وضع اليد أو منديل على الفم، لما له من نشر الجراثيم في الفضاء أو في وجهِ الجلساء.
  • الدراسة أو الأكل في الفراش، وهذا يعودّه على الكسل والخمول.
  • رمي ثيابه في أرض الغرفة، بدلًا من تعليقها في أماكنها المخصصة. فإن ذلك يعوّده على الفوضى في حياتِه، ويسبب له الفشل.
  • الجلوس ساعات طويلة للمشاهدة على الشاشات الصغيرة أو الكبيرة. يسمح به بعض أولياء الأمور ليرتاحوا من ضوضاء الأطفال، وهذا من الخطورة بمكان على نفسيتهم وأبصارهم.
  • تعويده على شراء كل ما يراه في السوق، وهذا يعوده على وجوب أخذ كلِّ ما يريد. حتى إذا تعسّر الوضع المعيشي، ولم يعد الوالد قادرًا على شراء كل ما يريده أصيب بالخيبة والانتكاسة، وهذا يعطل فاعليته لوقت طويل.
  • الصراخ أثناء الغضب، والكلام النابي وربما الشتم والكفر. والخطورة تكون عندما يعتاد ذلك في الكبَر، فقد يشتاط به الغضب فيطلّق أو يكفُر أو يَقتل. وهذا يعارض تعاليم رسول الله في قوله: إذا غضبَ أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلس، فإن ذهبَ عنه الغضبُ وإلاَّ فلْيضْطَجِعْ6.

الروتين وتنظيم الوقت في حياة الأطفال

لا يوجد أغلى من الوقت، لأنه هو رأس مال الإنسان في حياته، بل هو الإنسان نفسه، ورحم الله الإمام الحسن البصري الذي كان يقول: “يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك”.

وفِي مصنّفِ ابن أبِي شيبة عن عبد الله بن مسعودٍ  أنّه كان يقول: “إنِّي لأمقت الرّجل أن أراه فارِغًا، ليس فِي شيءٍ مِن عملِ الدّنيا، ولا عملِ الآخِرةِ”.

ثم إنّ الطفل لا يشعر بقيمة الوقت، ولا يعي الخسارة الكبيرة التي قد يُمنى بها إذا ضيّع وقته سدى، بل على الوالدَين أن يعوّداه على تنظيم وقتِه من خلال روتين وقتي، لا يسمح له بأن يمضي وقتًا طويلًا من دون تنظيم، ومن دون معرفة ما يريد.

ويمكن أن نعوّد الأطفال على احترام الوقت واستثماره من خلال النقاط الآتية:

  • وضع رزنامة يوميّة للطفل، بحيث يُذكر فيها العمل والوقت والمدة. تُقرأ على مَسمع الطفل قبل النوم.
  • ترك مكان فارغ في الرزنامة ليملأه الطفل بما يريد في خطوة تعويده على الاختيار.
  • الطلب منه ضبط المنبه ووضعه قريبًا من مكان نومه للاستيقاظ باكرًا. وهذا ينمّي فيه قيمةَ استثمار الوقت.
  • تطبيق المكافأة والعقوبة في نهاية اليوم بناءً على تقويم الروتين اليومي. فالطفل الذي أنجز أكثر من ثلاثة أرباع مهامِه مثلًا يُكافأ، والذي قصّر يعاقب. وهذا يزرع في نفسه أنه نجح في استثمار وقته، فاستحق لذلك مكافأة، أو ضيّع وقته فاستحق العقوبة.
  • وضع إشارة في الرزنامة تفرّق بين روتين الواجبات وروتين العادات والمباحات. ليحرص على تنفيذ الواجبات، وبالتالي يشعر بقيمة الوقت الممنوح له لتحقيقها.
  • المتعة في تنفيذ الروتين اليومي، من مثل استعمال الطفل لأقلام التلوين إذا كان المطلوب منه تلوين رسوم معينة. أو اللعب عن طريق الركض والاختباء ونحوه.. فإن وجود المتعة في الروتين يوفر الوقتَ وينتج النجاح.

إن تعويد الطفل منذ نعومة أظفاره على الاستيقاظ وتناول الطعام والتجهز للمدرسة والرجوع والنوم كل ذلك ضمن أوقات محددة. يساعده على تنظيم وقته والاستفادة من وقته استفادة كاملة خلافا للذين ليس لهم نظام في حياتهم.

نموذج تطبيقي عن التأصيل الشرعي لقيمة الوقت في حياة الأطفال

إنّ التلازمية بين الصلاة المفروضة والوقت الممنوح لها شرطٌ لأداء هذا الفرض، لذلك قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء: 103].

أي إن لكلّ صلاة من الصلوات الخمسة وقتاً تتعلق به، إذا جيء بها خارجَه سميت قضاءً وليس أداءً.

وهنا يأتي حديث رسول الله الذي يدعو فيه إلى روتين الصلاة للأطفال في قوله: مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع 7.

وهذا الأمرُ يحتاج من الوالدين ترسيخًا في نفوس الأطفال من خلال وسائل التحفيز، حتى يستقر في أذهان الأطفال أمران، الأول ضرورة الصلاة وأنها عماد الدين وتعبير مهم عن طاعة المخلوق لخالقه. والأمر الآخر القيمة الثمينة من الوقت، إذ إن لكل صلاة وقت. وبهذا يتعلّم الطفل الواجب عليه أو المباح له مقرونًا باحترامه لوقته.

توصيات ختامية

  • لكي يلعب الروتين دورًا مهمًا في تصحيح وترسيخ العبادات والقِيم في حياة الأطفال؛ لابد أن يوضع مناسبًا لأعمارهم وقدراتهم. ورضي الله عن ابن مسعودٍ إذ يقول: “ما أنت بمحَدِّثٍ قَومًا حديثًا لا تبلُغُه عُقولُهم إلَّا كان لبَعضِهم فِتنة”.
  • الصبر والاصطبار على روتين الأطفال، لتصبح الأعمالُ أمرًا هيّنًا وممتعًا. وقد قال الله تعالى آمرًا نبيّه ، ومعلِّمًا لنا: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه: 132]. والاصطبار هو أشد من الصبر، بل هو الصبر بعد الصبر.
  • يعيش روتين الأطفال فترة طويلة، ربما تمتد إلى كامل حياة الإنسان إذا تخلله اللهو المباح، لذلك كان يقول رسول الله لحنظلة : ساعةً وساعة8.
  • كما قيل “فاقد الشيء لا يعطيه”. فلو كانت حياة الوالدَين عشوائية غير منظّمة فإن ذلك سيتعدى إلى الأطفال بطبيعة الحال، ولن ينجحوا في صنع روتينهم المفيد.
  • في ظاهرة الانفتاح الإلكتروني وتوفر الاجهزة في أيدي الأطفال لابد من تقليص وقت المشاهدة بعد تخيّر المحتوى الأهم والأصلح. نسأل الله أن يحفظ أبناءنا من كل سوء9.
1     صحيح أبي داود.
2    أخرجه البخاري ومسلم.
3    أخرجه البخاري ومسلم.
4    رواه البخاري ومسلم.
5    رواه البخاري ومسلم.
6    صحيح أبي داود.
7    رواه أحمد وأبو داود.
8    رواه مسلم.
9    مراجع للإفادة والتوسّع: https://cutt. us/fsXh9 https://cutt. us/UxgQT https://nash2ar. com/7-benefits-routine-your-childs-life/ https://cutt. us/Z5j6a ـhttps://metro. co. uk/2022/05/22/why-having-routines-is-so-important-for-your-mental-health-16686972/
]]>
أفكار عملية لاستثمار الإجازة الصيفية https://zidoworld.com/%d8%a3%d9%81%d9%83%d8%a7%d8%b1-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ac%d8%a7%d8%b2%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%8a%d9%81%d9%8a%d8%a9/ Wed, 03 Jul 2024 14:58:16 +0000 https://zidoworld.com/?p=6600 تبقى الإجازة الصيفية مساحة واسعة ومهمة للطفل، يبتعد فيها عن ضغوط الدراسة وزخم المعلومات، ويحظى بفرصة ثمينة للراحة والاستجمام، وتتاح له إمكانية البقاء مع الأسرة والأهل وقتاً أطول، مما يتيح تعزيز الروابط والعلاقات، كما يغدو بإمكانه القيام بما كان يطمح له من أنشطة وهوايات.

ولأن الإجازة الصيفية باتت عنصراً لا يمكن تجاهله في الحياة، ولأن الوقت عامل مهم من عوامل النجاح والتطور والتقدم، فإن حسن التخطيط للإجازة الصيفية، وبذل الجهد في استثمارها بالشكل الأنسب، بما يتماشى مع نفسية وعقلية ورغبة الطفل، وبما يوازي خطة الأهل في توجيهه وتطوير ملكاته وقدراته، مما يجعلها علامة فارقة في حياته، ومن هذا المنطلق لابد من بعض الأفكار العملية لاستثمار الإجازة الصيفية.

1- وضع خطة متكاملة بمشاركة الطفل

 ذلك لما للتخطيط من تأثير إيجابي في المتابعة، وحسن توجيه الطفل، وإتاحة الفرصة له أن يعبر عن طموحه ورغباته، ولأن التخطيط الجيد يساعد على حسن تنظيم الوقت، قال تعالى: وَالْعَصْرِ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: ١-٣]، ولذلك فإن من المهم الاجتماع مع الطفل وطرح بعض الأسئلة عليه حول العطلة الصيفية، وترتيب جدول واقعي لما يمكنه إنجازه من خلاله، على صعيد العبادات والعلم والمعرفة والهوايات والأنشطة المجتمعية والرياضية، على أن تُرتّب مرتبطة بزمن محدد بالساعات والأيام ليسهل التعامل معه، وحبذا لو كانت الخطة مطبوعة ومرتبة بأشكال ورسومات وألوان جذابة، يضعها الطفل أمامه في غرفته، ويحتفظ الوالدان بنسختهم الخاصة كي يشجعوا الطفل ويتابعوه بعيداً عن التقييد والإرغام.

ولا يبالغ الوالدان في افتراض خطة نموذجية مليئة بالأمور النافعة فطبيعة الإجازة تتحمل قدرًا من السعة والتبسط والتساهل المحفز لما بعد الإجازة، والمعزز والمرمم للعلاقات مع الطفل.

2- فرصة لتعلّم القرآن الكريم والحديث الشريف والمداومة على العبادات

قال رسول الله : خيركم من تعلم القرآن وعلمه1، وقوله : فإنَّه مَن يَعِشْ منكم فسيَرَى اختِلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضَلالةٌ.

فلا أفضل من هذه المساحة الزمنية لتعليم الطفل من كتاب الله تعالى، والتبحر في معانيه، وتعلم أحاديث شريفة ينتقيها المربي بعناية كي تلائم المرحلة العمرية والقيم التي يرغب في غرسها في نفس الطفل، وليس أثمن من أن يخرج الطفل من الإجازة محملاً برصيد من التدبر والتعمق في الكتاب والسنة، ومداوماً على صلاته وعباداته، ومتشبعاً بإيمانيات تنفعه وترفعه في الدنيا والآخرة، مما ينعكس بالخير على سائر حياته.

3- مساحة حرة لتعلم مهارة جديدة

يطمح الأطفال دوماً لتعلم المهارات، وتضيق مساحة الوقت خلال العام الدراسي، ليأتي الصيف ومعه تنشط المعاهد والنوادي التي تعلم المهارات المتنوعة، ويمكن اختيار المهارات اللازمة والمقبولة لدى الطفل لتنميتها وبنائها كمهارة استخدام الحاسوب، أو تعلم لغة جديدة، أو امتلاك مهارة في القراءة والبحث والكتابة الإبداعية والرسم، إلى غير ذلك من مهارات ممتعة وجميلة تضيف إلى ثقافة الطفل وشخصيته الشيء الكثير.

4- تنمية الهوايات وتطويرها

فلكل طفل هواية محببة أو مجموعة من الهوايات التي يستمتع بالقيام بها، وهذا باب واسع ومهم للمربي ليقدم للطفل فرصته في تنمية مواهبه وهواياته في أي مجالٍ يختاره، ومن المهم العمل على توفير الأدوات والوسائل اللازمة لذلك من مواد أو تكنولوجيا أو دعم وتشجيع معنوي، فبذلك يجد الطفل نفسه محاطاً ببيئة داعمة ومحفزة على الإبداع.

5- الاهتمام بالصحة والرياضة

يرتبط الصيف بالنشاط والحيوية والمرح، وإن من أسوأ ما قد يحدث للطفل أن يكون صيفه خاملاً لا نشاط فيه ولا تجديد، ولذلك فإن من المفيد والداعم للطفل تسجيله في ناد رياضي أو تحفيزه على المشاركة في أنشطة رياضية كالسباحة وكرة القدم والسلة والرماية وركوب الخيل، أو مشاركته في نشاط المشي السريع أو الركض، مع متابعة نظام الطعام الصحي، فهناك من يعتبر الصيف هو فصل المطاعم والوجبات الجاهزة، بينما هو وقت متاح للاهتمام بصحة الجسد من خلال غذاء صحي، ورياضة في جو مرح و إيجابي محفز.

6- القيام بأنشطة مجتمعية

كثيراً ما يخطط الأهل لدمج أطفالهم مع الآخرين ضمن أنشطة مجتمعية، لكن ضيق الوقت يقف عائقاً يحول بينهم وبين القيام بذلك، وفصل الصيف فرصة ذهبية للقيام بالأنشطة التطوعية المشتركة مع رفاقهم، والمساهمة بما يقدم قيمة للمجتمع، ويعلمهم مهارات العمل الجماعي، وأهمية التطوع والمبادرة في خدمة المجتمع.

وتختلف الأنشطة المجتمعية المتاحة من بلد لبلد ومن واقع إلى واقع؛ ولكن كلما كانت الأنشطة التي يدرب الطفل عليها ذات أثر متعدي للآخرين فإن هذا سيرجع بالأثر الإيجابي على شخصيته ونفسيته؛ فمن الأنشطة المجتمعية المحببة للأطفال على سبيل المثال: نشاط الزراعة، وغرس الفسائل، ومساعدة الفئات الضعيفة والمهمشة، ففي كل مكان تنشط الجمعيات الخيرية في هذا المجال، وتهتم بجهود الأطفال التطوعية، وتعرب عن رغبتها وترحيبها باستقبالهم وتفعيلهم ضمن أنشطة منظمة ومميزة، وبهذا يتعرف الطفل على المجالات الخيرية، ويهتم بعمل الخير، ويتأصل لديه شعور أنه فرد من جماعة متضامنة ذات أهداف نبيلة، مما يرقى باهتماماته.

7- الرحلات وزيارة أماكن مهمة من آثار وحدائق والتعرف إلى مدن وثقافات

أكثر الأنشطة الصيفية متعة بالنسبة للأطفال هي الرحلات، وزيارة أماكن جديدة، لما فيها من إثارة لعقله وتحفيز لملكاته، ففي زيارة الأماكن الأثرية تعرف إلى حضارة الماضي العريق، وقصص الأمم الغابرة، وفيها يرتبط الطفل بتاريخه وجذوره، ويدرك كيف تقوم وتهدم الدول عبر العصور، وكيف تسري سنن الله في ذلك كله، وفي زيارة الطبيعة تتفتح آفاقه، وتشف نفسه وتتخلص من شوائب القلق والكدر، ويستمع بعبادة التأمل والتفكر في خلق السماوات والأرض.

وفي زيارة مدن جديدة يتعرف إلى معالم المدن وثقافة أهلها، وتفاصيل حياتهم، وفي زيارته للريف هدوء وتمتع بالطبيعة والخضرة، وبعد عن الصخب والضوضاء، ومساحة لتجديد النفس والعقل والروح.

8- فرصة لزيارة الأقارب وصلة الرحم

تغدو زيارات الأقارب والتواصل معهم من الأمور التي ضعفت وتراجعت وفق ضغوط العمل والمدرسة، لتأتي عطلة الصيف وتتيح المجال للتقارب بشكل أكبر، وزيارة الأهل والتنعم بعبادة صلة الرحم دون قيود الوقت والدوام اليومي الذي قد يقف حائلاً دون الزيارات العميقة، ومن المناسب في برنامج العطلة الصيفية تخصيص جانب لزيارات الأقارب لتقريب الروابط وزيادة الود وحث الطفل على وجود العلاقات الإيجابية معهم والحرص على استمراريتها؛ وتعزيز الذكاء الاجتماعي للطفل..

وليس من الصواب المبالغة في التخوف على أبنائنا من الخلطة بالآخرين؛ ذلك أن بناء شخصية الطفل إنما يكتمل من خلال تلك العلاقات المتعددة وإن كان فيها شيء من الكدر؛ فذلك يتيح للوالدين مجالات من التربية بالأحداث وبالخطأ؛ وهو خير من افتراض النقاء التام له.

9- ترميم فجوات تعليمية

الصيف منحة للمُجدّ كي يرقى بحصيلته العلمية والمعرفية، وهو فرصة لمن تهاون أو تراخى في المدرسة كي يتدارك هذا الخلل ويعوضه من خلال دروس أو التسجيل في دورات تقوية صيفية، يتمكن من خلالها أن يزيد حصيلته ويعود مزوداً بالعلم والهمة اللازمة ليبدأ عامه الدراسي الجديد بقوة وتمكن دون أن تترك نتائج التحصيل الدراسي شرخاً في نفسه، بل تكون دافعاً للتغيير وإثبات جديته، ولكن دون أن تحرمه من أنشطة الصيف الممتعة والمسلية، فتخصيص وقتٍ لذلك يجب ألا يتعارض مع أوقات الأنشطة المحفزة، مما يشعره بالسعادة ولا يدفعه للتذمر أو الفتور أو الملل.

وأخيرًا لابد من التذكير أن بذل الجهد والوقت في تخطيط واقعي هو جهد يستحق، قال : لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟.

إن آثار هذا العمل الطيبة تنعكس على حياة الطفل، من خلال كل ما يتلقاه الطفل بعيداً عن حشد الأنشطة أو إرهاقه بما لا يستطيع، فلابد أن نتذكر أن قليل دائم خير من كثير منقطع، وبأن اكتساب العادات والمهارات وبناء القدرات يحتاج إلى متابعة وجد وإلى نفس طويل وكثير من الحب، وهذا الأهم مما يؤسس لشخصية واعية متوازنة وسعيدة2.

1    رواه البخاري.
2    المراجع:
– أربعون وسيلة لاستغلال الإجازة الصيفية.
– على أعتاب العطلة الصيفية أفكار للمربيات والأهل للنشاط مع الأطفال، منى سروجي زريق.
-استثمار الإجازة الصيفية في حفظ القرآن، أكرم الفرجاني.
– لمتعة وفائدة الأطفال.. نشاطات متعددة لعطلة صيفية نافعة، لاريسا معصراني.
]]>
أبناؤنا والقرآن https://zidoworld.com/%d8%a3%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a4%d9%86%d8%a7-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86/ Tue, 09 Jan 2024 19:34:46 +0000 https://zidoworld.com/?p=6450 يكبر كثير من الأطفال وهم يشعرون بوجود فجوة ما تفصلهم عن فهم معاني القرآن الكريم، أو معرفة مقاصده، أو التدبر في آياته، أو استشعار عظمته، ويلجأ هؤلاء الأطفال في مساراتهم التعليمية والتربوية والفكرية إلى مصادر متعددة ينهلون منها العلم، ويغفلون القرآن الكريم كمصدر أساسي للإيمان والمعرفة، ومن هذا المنطلق كان لابد من التحدث عن الطفل وعلاقته بالقرآن الكريم، وكيف يمكن للمربي أن يربطه بكتاب الله فتصبح حياته تسير على هدى الله ونور منه.

الطفل والتكوين الإيماني أو العقائدي

يتعرف الطفل من بداية سنوات عمره الأولى على بعض المفاهيم الإيمانية الغيبية وذلك من خلال:

  • مراقبته والديه، فهو يرى ويسمع ويلمس ويشعر بكل ما حوله من خلالهما، وعبر هذه العلاقة يتعرف الطفل إلى الله ، حين يجد والديه يصليان لله، أو يشاهد أمه ترفع يديها للسماء وتدعو، أو تقرأ في كتاب الله، ويلاحظ لهذه العبادات أفعالاً مخصصة، كالستر، وتحسين الصوت في تلاوة القرآن، والخشوع واستشعار السكينة والطمأنينة، قال تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [سورة الرعد: 28].
  • يطرح الطفل في سنوات عمره الأولى أسئلة كثيرة حول ما يشاهده، ومن خلال إجابات الوالدين والمحيط تبدأ المفاهيم لديه بالتشكل والنمو.
  • يبدأ الطفل بالربط بين الصلاة والقرآن وصوت الأذان مثلاً بمصدر واحد، فكلها سلوكيات يقوم بها الإنسان ليتقرب من الله، الله هو الخالق العظيم الذي يرانا ولا نراه، ويسمع كلامنا، ويحبنا، ولذلك فقد أنزل إلينا القرآن لنتدبر آياته، ونعمل بها نحن المسلمون الأفعال الصالحة والتي يكافؤنا عليها إن أحسنّا في فعلها.
  • تتزايد تساؤلات الطفل عن الله ، ويبدأ مفهوم الغيب يتشكل  لديه تدريجيًا، وكلما كانت الإجابات قريبة من إدراكه، فهذا يساعده على التفكير والفهم، وفي هذا يحصل الخير والأجر، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه1.
  • يحاول الطفل التعرف على مضمون الآيات الكريمة من خلال قراءة والديه الجهرية، واستماعه لها، قد يلتقط بعض الكلمات التي يعرفها، وقد يسأل عن كلمات لا يعرفها، ما معنى كذا..؟ وهنا يأتي دور الوالدين في شرح هذه المعاني والمفاهيم بما يتناسب مع عمر الطفل وإدراكه، ومن الطبيعي أن يتعثر في القراءة أو اللفظ، وهذه فرصة لتذكيره بقوله : مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهدُه وهو عليه شديد فله أجران2.

تقديم القرآن الكريم مصدراً للمعرفة

لابد من التأكيد أن ارتباط الطفل بالقرآن والسنة عملية مرتبطة بحياته منذ كونه جنينًا ثم طفلًا قادرًا على سماع القرآن الكريم، إلى أن يكبر ويبدأ يفهم معاني الكلمات، ويربط هذه المعاني بحياته ككل، ويستمع لقصص القرآن ويتفاعل معها، فتلامس وجدانه ومشاعره وعقله، وتملأ حياته بالمعاني العظيمة.

وهنا لابد من وقفات لازمة للمربي يقوم بها مع الطفل:

  1. أن يتمثل المربي مبادئ القرآن الكريم في حياته: فيكون القدوة التي تنهل من معين القرآن، وتتمثل آياته في سلوكها وأقوالها وسائر مواقفها، فيلاحظ الطفل هذه القدوة الطيبة، ويرى أمامه تطبيقًا عمليًا واقعيًا يشرح له ما خفي عنه من المعاني فيستشهد المربي بكتاب الله وسنة رسوله   إذا أقدم على أمر أو تراجع عن خطأ، أو وجّه نصحًا.
  2. أن يخصص المربي مع الطفل جلسة لتعلم القرآن الكريم، تتضمن حُسن تلاوته، وشرح معانيه، وتفسير آياته، وربطها بالحياة، ومناقشة هذه المفاهيم مع الطفل وتقريبها من ذهنه ما أمكن، وفي هذه الجلسة يستحسن حسن الإعداد والتحضير لها، سواء بالوضوء وحسن الهيئة والتعطر واختيار المكان الهادئ الذي يساعد على الإقبال والتعلم، كما يستحسن ألا يثقل على الطفل بمعلومات غزيرة بل يراعي التدرج في التعليم حسب العمر والتقبّل، ويراعي أن تكون جلسة خفيفة على القلب والروح، يخرج منها الطفل متزوداً بخير ما ينفعه علمًا وأدبًا..
  3. طرح الأسئلة وإتاحة البحث: وذلك من خلال ما يعترض الطفل من مواقف الحياة المتنوعة، فيطرح المربي سؤالًا يتيح من خلاله للطفل أن يبحث في السور والآيات الكريمة عن المعاني المطلوبة، فعلى سبيل المثال يمكنه أن يطرح سؤالًا على الطفل حول أهمية الصلاة، أو فضل برّ الوالدين، أو أهمية التواصي بالحق والتواصي بالصبر، أو أهمية التعامل الطيب مع اليتيم، ليبحث الطفل في مجموعة من السور القرآنية يحددها المربي، فيستخرج الآيات التي تتحدث عن ذلك، ويترسخ في ذهن الطفل ما أمر الله تعالى به عباده المؤمنين، مما ينفعهم في دينهم وحياتهم وعاقبة أمرهم، ومن الطبيعي مساعدة الطفل في البدايات على البحث حتى يتقنه، ثم تكليفه وحده بذلك، مع متابعته وتشجيعه ومكافأته على جهده واجتهاده.
  4. إتاحة المصادر والمراجع والقصص في مكتبة الطفل: وسواء كان توفرها ورقيًا في مكتبة الطفل أو إلكترونية في مجلد خاص، حيث يقوم المربي بإثراء وإغناء هذه المكتبة بما يلزم من كتب أو فيديوهات أو قصص نافعة أو تفسير ميسّر، مع مراعاة المرحلة العمرية للطفل، فإنها تغدو زوادته الأساسية لنيل العلم والمعرفة خاصة إن تم رفدها يومًا بعد يوم بكل جديد نافع في هذا المجال، وخاصة إن أدرك الطفل أن القرآن الكريم هو المرجع الأساسي له وفيه حلول كل المشكلات الإنسانية لما فيه من عظيم المبادئ والقيم والمثل التي إن تعلمها الإنسان صلحت حياته وآخرته.

أفكار عملية لربط الطفل بالقرآن الكريم

وهنا لابد من طرح بعض الأفكار العملية لربط الطفل بالقرآن الكريم:

البدء من القلب

أي غرس محبة القرآن الكريم في نفس الطفل، وذلك من خلال:

  • المداومة على الاستماع لآيات القرآن الكريم بصوتٍ حسن، وحبذا لو كان هنالك موعد يومي للطفل مع الاستماع لآيات القرآن العذبة، فتلامس وجدانه.
  • شرح معاني الآيات وتوضيح ارتباطها بالأخلاق والقيم والفضائل وكل ما ينفع الناس، فيدرك الطفل أن كلام الله فيه الخير للناس كافة في دنياهم وآخرتهم.
  • سرد قصص القرآن الكريم وقصص الأنبياء الواردة في كتاب الله، بأسلوب محبب، وشرحها للطفل، ويمكن تعزيز تلك المفاهيم بمشاهدة أفلام كارتون تشرح هذه القصص بأفضل طريقة، مع تحري المصادر الموثوقة، فيعيش الطفل مع القصة، ويتشبع بالقيم التي تحملها.
  • مكافأة الطفل كلما قرأ وتعلم شيئًا من كتاب الله، ويفضل أن يختار مكافأته بنفسه، ومن اللازم أيضًا امتداح الطفل والثناء عليه كلما تعلم في كتاب الله أو تقدم حفظًا وفهمًا وإتقانًا.

احترام كتاب الله

وهذا مبدأ أصيل في التربية، ويكون من خلال:

  • حسن الاستماع لكتاب الله، دون لغو أو تشويش أو مقاطعة، وأن يترسخ في نفسه مفهوم الفلاح الذي يحصده الإنسان من خلال تدبره في قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [سورة الأعراف: 204]
  • الاستعداد لتعلم القرآن الكريم من خلال التهيؤ للجلسة بحسن الهندام والوضوء والتطيب والجلوس هادئًا خاشعًا مقبلًا على الله.

تلاوة القرآن الكريم

  • لابد من أن يكون ضمن جدول الطفل اليومي موعدًا خاصًا مع القرآن الكريم وتلاوته، مع متابعته في ذلك، أو تسجيله في حلقة قرآن في المسجد، أو توكيل أحد معلمي القرآن الكريم لمتابعته والعناية بتعليمه تلاوة القرآن الكريم وحفظ ما تيسر منه.
  • إشعاره بخصوصيته وتميزه، وذلك من خلال إهداء المربي للطفل مصحفاً خاصاً، فإن هذا مما يعلق قلبه بتلاوة القرآن الكريم.
  • تسجيل الطفل في مسابقات المدرسة للقرآن الكريم أو مسابقات المساجد، أو تسجيل صوته، وحثه على حسن التعلم وحسن التلاوة، وحسن التطبيق أيضاً.
  • تذكيره بمضاعفة أجر من يقرأ القرآن الكريم، وبرضا الله ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : من قرأ حرفًا من كتاب اللَّه فله به حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ3.

وختامًا: فإن رحلة الطفل مع القرآن الكريم رحلة ممتدة طوال حياته، وكلما حرص المربي على حسن الغرس واهتم بذلك، فإنه يضمن لطفله مستقبلاً آمنًا بحفظ المولى ، ويضمن له حياة عامرة بالخيرات والصلاح والفلاح، وكما أنه يجني خيرًا وبركة في العمر في الدنيا، سيجني خيرًا وشفاعة ورفعة درجات في الآخرة، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ : اقرءُوا الْقرآن فإنَّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه4،  وفي هذا يربح البيع.

1    رواه البخاري.
2    رواه البخاري (4653) ومسلم (798).
3    صححه الألباني في صحيح الترمذي
4    رواه مسلم: (804).
]]>