مقالات تربوية – عالم زيدو https://zidoworld.com Sun, 02 Nov 2025 14:24:07 +0000 ar hourly 1 https://zidoworld.com/wp-content/uploads/2023/08/logo1-120x120.png مقالات تربوية – عالم زيدو https://zidoworld.com 32 32 الصحبة وأثرها على إيمان الطفل وسلوكه https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%a8%d8%a9-%d9%88%d8%a3%d8%ab%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a5%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%84-%d9%88%d8%b3%d9%84%d9%88%d9%83%d9%87/ Thu, 02 Oct 2025 08:29:28 +0000 https://zidoworld.com/?p=7010 قل لي من تصاحب أقل لك من أنت..
لهذه الدرجة كان وسيبقى للصحبة الأثر الأكبر في تشكيل شخصية الإنسان، لهذا فإن من الضرورة بمكان أن ينظر المربي إلى أمر صحبة أبنائه بعين الاهتمام ويوليه من العناية الكثير؛ فمن أصحابهم من قد يسحبهم إلى طريق الخير والصلاح، ومنهم من قد يسحبهم إلى طريق الضلال ــ لا سمح الله.
فماذا على المربي أن يفعل؟

الدعاء لهم

عندما ندرك أن الصحبة تُعدُ نوعًا من أنواع الرزق يجود بها الله على عباده بدرجات متفاوتة، وأن السعيد منهم من يكرمه الله بصحبة تعينه وتأخذ بيده للخير والصلاح، حينها نعرف أهمية السر الذي نحن عنه غافلون.. ألا وهو الدعاء.

فحين ندعو لهم بالصحة والهداية والنجاح وغيرها من مجالات الخير والفلاح، لا ننسى أن نسأل الله أن يرزقهم صحبة صالحة تعينهم على الخير ويأنسون بها.
فالعالم حتى بالنسبة للأطفال أصبح أكثر بشاعة، ونسب التنمّر والضياع الأخلاقي أصبحت مخيفةً. فاللهم ارزقهم من تأنس به قلوبهم ويعينهم ليكونوا منك أقرب وعلى تحقيق رسالتك أقدر.

انتقاء البيئة المناسبة

معنا أولاً؛ لأن الطفل لا يكون في سنيّه الأولى جاهزًا لتكوين صداقات خاصة به فيكون على المربي العبءَ الأكبر في الاختيار.. فنختار من العائلات التي عندها من الأطفال من نرغب لأبنائنا في التفاعل معهم وبناء علاقة جيدة معهم، فنجعل أبناءنا يعيشون تجربة الصداقة الأولى من اختيارات نرضاها نحن أولاً، ثم هي تكون مقياسًا لاختياراتهم المستقبلية.
فنحن، وأصحابنا، والبيئة التي يكون الطفل غارقا فيها ومتعرضًا لها بالشكل الأكبر في بداياته لها كل الأثر في اختياراته لاحقًا.

ثم مع مجموعات أخرى قريبة.. من خلال إشراكه بأنشطة خاصة كتسجيله في حلقة قرآنية قريبة.. أو في نادِ رياضيٍ في المنطقة.. أو في دورة تربوية.. وهكذا نمنحه البيئة الجيدة التي تساعده لتكوين ما يصلح من علاقات.. فبالتأكيد صحبة المسجد المُنتقاة ستتفوق بصلاحها على صحبة أولاد الحي العشوائية الذي قد يصلح البعض منها ويفسد الآخر. ولا ننسَ أن نقترب من هذه المجموعات بالقدر الذي يجعلنا قادرين على تقييم تلك الصحبة.. فنجعل لهم من وقتنا نصيبًا ونشاركهم بعض الأنشطة المحببة ونكون كمشرفين رفقاء عليهم فقط ما أمكن ذلك.

التوعية بأثرها سلبًا وإيجابًا..

في الغالب لا يعرف أبناؤنا من الصداقة غير الشخص الذي يشاركنا طعام الغداء في المدرسة ويلعب معنا كرة القدم أو يساعدنا في حل مشكلاتنا ربما، ويغفلون عن مدى تأثيره على شخصياتهم، فكان واجبًا على الأهل توضيح مدى التأثّر الشديد الذي قد يحصل بين الأصدقاء لدرجة كبيرة وبدون حتى أن يشعروا به.
الأمر الذي يلزم معه توضيح هذه النقطة عن طريق:

  1. القصص: فنحكي لهم قصصًا عن الصداقة والأصحاب ونسلّط الضوء على التأثير الذي قد يأتي من خلالها سواء كان خيرًا أم شرًا، وقد نختلق من خيالنا قصصًا تخدم هدفنا في توصيل هذه الرسالة.
  2. الناس: والأمثلة في المجتمع كثيرة، ومهمتنا أن نلفت نظرهم إليها بطرق مختلفة ونجعلهم يلحظون كيف يتأثر الناس بأصدقائهم تارة بالسلب وتارة بالإيجاب، من مثل: هل لاحظت طريقة تقليد هذا الطفل لأصحابه في سلوكهم!!.. وهل انتبهت إلى أن ذاك يستخدم نفس الألفاظ الذي يستخدمها أقرانه رغم أن أهله لا يستخدمونها.!!
    مع التعقيب فورا على هدفنا بأن ينتبه إلى أثرها لا أن تكون مجرد إطلاق أحكام على الناس أو التقليل من شأنهم.
  3. السيرة النبوية: ورسولنا عليه الصلاة والسلام رأى هذا التأثير وقوّته فنصحنا حين قال المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل1.
     فرسولنا الكريم الذي لا ينطق عن الهوى يعلم أننا لو كنا في بيئة فاسدة، فإن فسادنا نحن قد يكون مسألة وقت، وأن من احترام المرء لنفسه أن يبعدها عما يفسدها من أماكن أو أشخاص..

والذكي لا يضع نفسه مع ناس لا يرضى بأخلاقهم ويقول لا يهمني ما هم عليه فلست مثلهم، فالطفل الذي تربى في بيئة جيدة بمبادئ سليمة قد يجد نفسه في مرحلة ما ضمن مجموعة من الأصحاب ليسوا على نفس أخلاقه ومبادئه فيرى أن تصرفاتهم لا تهمه لأنه أدرى بنفسه فيغترّ بها ويقول: حتى لو كانوا يكذبون فأنا لا أكذب، مهما استخدموا من ألفاظ سيئة فلا يمكن أن أكون مثلهم، فينكرها عليهم في البداية، ومع الوقت تخف وطأتها على نفسه فلا هو يقبلها منهم ولا ينكرها عليهم، ومع ألفتها قد يقبلها ويعتاد عليها إلى درجة اتخاذها طبعا له من دون أن يشعر بالخطوات التي مر بها.. فمن حق نفسه عليه أن يمنعها من هذا الطريق من البداية ولا يرضى من الأصحاب من لا يوافق دينه وخُلقه، أما اختلاف الطباع والشخصيات فأمر مستحب جميل.

وكما أن الأصحاب قد يجروننا إلى ما لم نكن نرضاه لأنفسنا، فالعكس صحيح، وقد يكون صلاحنا على يديهم بعد هداية الله، فالطفل الذي يصلي ولكنه قد ينشغل عن صلاته أو ينساها أحيانا قد يرى في صديقه الذي يحافظ على صلاته قدوة له، فيشدّ أحدهما الآخر، أو إن رأى منه جدّا ومثابرة فيتشجّع هو الآخر ويكون حافزا له..
فللمربي بعد أن يوجّه ويبيّن أضرار وإيجابيات الأمر أن ينصح أبناءه بأن يتحرّوا في الاختيار من يقودهم إلى كل ما يرضيهم ويرضي الله عنهم ويبتعدوا عمّن قد يبعدهم عن رضى الله ولا يغترّوا بأنفسهم وعدم تأثّرهم.

أسس الاختيار.. ما الذي يجب توافره في الشخص الذي تحب أن يكون صديقك؟؟

نسألهم على فترات متباعدة ونرى أفكارهم وما يمكن أن نضيف عليها.
فبعد أن نكون قد بيّنا لهم أثر الصحبة نسمع منهم عن الأشياء التي يفضّلونها في الأصدقاء مع الأشياء التي من المفترض أنهم أصبحوا ينتبهون لها، وقد يقول الواحد منهم أنه يفضّل في صديقه أن يكون ماهرًا بلعبةٍ يحبها، أو تحب البنت في صديقتها أن تكون هادئة مثلا، ولا ضير في ذلك طالما ينتبهون معه إلى أن يكون الصديق مؤمنًا، صادقًا، نظيف القلب واللسان، ويُضاف إلى ذلك كل ما يتبع المرحلة العمرية التي هم فيها من معطيات وسلوكيات.

ومن الأهمية بمكان أن يعرف أبناؤنا أن أصدقاءهم – مثلهم – يخطئون، فلسنا وليسوا معصومين عن الخطأ، ومن الرحمة أن نصوّبهم إن أخطأوا ونمسك بأيديهم إلى الخير ولا نتركهم عند أول زلل، بل نكون معهم بالقدر الذي لا يجلب لأنفسنا ضررا.

كن صديقًا له.. فليكن لك في كل حين جلسة ودّية معه تسأل فيها عن أخباره من غير أحكام أو نصائح أو تعليقات سلبية (مهما تراءى لك وجوب تدخلك).. جلسات لطيفة كالتي تكون بين الأصدقاء.. نسأله فيها مَن أصدقاؤه، ومن هم المقربين منهم، ما الذي يعجبه فيهم، وما الذي يستمتعون بفعله معا وغيرها!!!!

قد لا يكون الطفل جاهزا للبوح من البداية، ولكنه مع الوقت، ومع استمرارية هذه اللقاءات واطمئنانه معها واستشعاره اهتمامنا الحقيقي بشؤونه سيصل إلى مرحلةٍ يشاركنا فيها.
والمشاركة هنا لوحدها تكفي – إلا إذا طلب هو المساعدة أو الاستشارة في أمر – فجلّ ما قد يريده المرء أذناً تصغي له، إن استماعنا ومعرفتنا لمشاكل صحبته وطبيعة علاقته يساعدنا في المساعدة بشكل غير مباشر لاحقًا باستخدام الطرق المذكورة أعلاها كالقصص والأمثلة غيرها..

متى أتدخل؟!

وكما أعلّم أبنائي أسس اختيار أصحابهم وبناء علاقات طيبة معهم فيجب عليه تعليمهم متى يبتعدون عن علاقات قد تؤذيهم.. فمتى أنصحهم بالابتعاد؟

  • عندما أرى من أصحابهم تسلطًا عليهم وتحكمًا غير مبرر.
  • عندما أراهم يتعرضون للتنمر والاستهزاء.
  • عندما أعلم أن من أصحابهم من لا يرضي الله في تصرفاته.
  • عندما أرى في أبنائي تغيّرا سلبيًا سببه أصحابهم.

حينها وجب علي أن أقول: هذا لا يصلح صديقًا، وهذه ليست بالصداقة الحقيقية.
وأكون معهم في هذه الفترة وأتفهّم انفعالاتهم وأتعاطف معها، فليس من السهل للإنسان الانفصال عن صديقٍ مهما كان حاله.

احتواء الصداقة الحقيقية

والذي يقع على عاتقنا كأهل بعد الدعاء والتوجيه والإرشاد، أن نحتوي صداقاتهم الحقيقية، فإن نحن رأينا لهم صديقا نرتضي دينه وخلقه نساعد في تقوية هذه الصداقة ونتوسّع بها فننظم لقاءاتٍ لهم خارج أوقات الدراسة مثلاً، ونضمّ هذا الصديق لبعض الأنشطة العائلية ونفسح له مجالاً ولو بسيطا بيننا فيأنس الأصحاب ببعضهم، ويزيد التأثر ونسدُ من الثغرات ما نرى أنه يحتاج تدخلاً.2

1    رواه أحمد وغيره.
2    للاستزادة اقرأ..
السيرة النبوية (قصة الهجرة مع أبي بكر الصديق ــ ومؤاخاة النبي بين المهاجرين والأنصار).
منهاج تفكر مع أنوس ــ المستوى الثالث.
]]>
عادات تضر بصحة الأطفال https://zidoworld.com/%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d8%aa%d8%b6%d8%b1-%d8%a8%d8%b5%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84/ Wed, 24 Sep 2025 09:57:22 +0000 https://zidoworld.com/?p=6778 فإن الاهتمام بالأطفال فلذات الأكباد وصُنَاع المستقبل فطرة فُطر عليها الإنسان والحيوان، وغريزة الأمومة من أقوى الغرائز على الاطلاق، والتربية السليمة السوية تشمل جميع جوانب حياة الطفل ومن ذلك صحته وسلامته. وتقع هذه المسؤولية على الجميع لاسيما أولياء الأمور؛ لأن الطفل عاجز عن القيام بشؤون نفسه واتخاذ قراره السليم، ولا يزال عقله وجسده في طور النمو؛ ويحتاج إلى من يقوم عليه ويعوده العادات الصحية السليمة. وكما قيل:

وينشأ ناشئ الأطفال فينا على ما كان عوده أبوه 

ومن المؤسف انتشار بعض العادات السيئة المضرة بصحة أطفالنا ومستقبلهم مثل: سهر الليل ونوم النهار، وسوء التغذية، وإدمان المأكولات المضرة، وإدمان التكنولوجيا الحديثة كألعاب الجوال والنت وقضاء الوقت في مشاهدة الشاشات، وإهمال التعليم والنظافة والرياضة والابتعاد عن الطبيعة الجميلة؛ نعم من المؤسف أن نرى أبناءنا يغوصون في العادات السيئة التي ضرت بهويتهم وفكرهم وأخلاقهم، ووصل شرها إلى صحتهم البدنية والنفسية؛ لينتج لنا جيلا ضعيفا!

وللأسف أن بعض الآباء يمارسون تلك العادات السيئة ويطبعون أولادهم عليها!

إن كثيرا من الأمراض المنتشرة اليوم بسبب تلك العادات السيئة التي انتشرت وصارت ثقافة تمارس بدون وعي!

وفي هذه المقالة سنشير إلى بعض العادات السيئة المتعلقة بصحة أطفالنا واستبدالها بالعادات الصحية السليمة. ونقصد بالعادات الصحية السليمة هنا تلك الممارسات التي تمارس بشكل دوري وتعزز من صحة الطفل الجسدية والنفسية والعقلية. وهذا مقصد شرعي جاء به الإسلام القائم على درء المفسدة وجلب المصلحة.

والمتأمل في أحكام الشرع يجد أنها جاءت لإصلاح الإنسان جسدًا وروحًا؛ فالصلاة والصوم والحج ومُعظَم العبادات والأحكام الشرعية لا تقتصر على كونها عبادة لله فقط بل يعود نفعها على البدن بوقايته من الأمراض أو شفائه منها، وفي كتب الحديث النبوي أقسام خاصة بالطب؛ وما زال العلم الحديث يكتشف معالجات طبية وممارسات صحية؛ ذات أصل إسلامي وإرشاد نبوي؛ فديننا دين الفطرة السليمة؛ قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30]؛ وقال النبي : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .

والخير والشر عادة؛ ولابد من تعويد الطفل على الآداب والعادات التي تعزز من صحته وسلامته. وسنذكر هنا أبرز العادات السيئة المضرة التي غزت مجتمعنا وأطفالنا، والتي يجب الانتباه لمخاطرها والعمل على تجنبها.

العادة الأولى: (سهر الليل ونوم النهار).

وهذه العادة مخالفة للسنة الكونية التي سخرها الله لمصلحة العباد؛ فجعل الليل لباسا أي للنوم والراحة؛ وجعل النهار معاشا أي للكسب والعمل، وجسم الإنسان متناغم مع هذه السنة الربانية؛ وهناك خلايا وهرمونات وغُدد تنشط في النهار وإشراقه؛ وترتاح في الليل وظلامه، وسهر الليل ونوم النهار يسبب اضطرابا في تلك الهرمونات ويُضعف المناعة ويتسبب في أمراض نفسية وبدنية. بعكس الاستيقاظ في الصباح الباكر المملوء بإنزيمات هوائية صحية تُكسب الجسم نشاطا وصحة؛ وقد ورد في الهدي النبوي الحث على البكور وكراهية السهر بعد العشاء.

إن من الأخطاء التربوية تعويد الأطفال على سهر الليل ونوم النهار وهذا خلاف فطرة الطفل وفطرة الكون وسبب لمحق الوقت والبركة وللفشل والمرض.

ولعلاج هذه العادة يجب على أولياء الأمور الحرص في أنفسهم وفي أولادهم على تحديد مواعيد النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا، واستثمار وقت النهار بالأعمال المتنوعة، ومحاربة النوم فيه إلا من القيلولة وهي هجعة خفيفة قُبيل الظهر أو بعده يسترد فيها الجسم نشاطه، فإذا صلى العبد العشاء فليعلم أن أهم أعماله النوم مبكرا ليأخذ الجسم نصيبه من السكون والراحة، فنوم الليل صحي ولا يقوم مقامه نوم النهار. وفي الحديث الصحيح: فإنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا أي بالنوم والراحة.

العادة الثانية: إدمان الأطعمة والأشربة الضارة

لقد حرم الله علينا بعض المأكولات كالميتة؛ وعلة التحريم الضرر؛ ونحن اليوم وللأسف نعاني من أطعمة وأشربة مُضرة انتشرت وغزت واقعنا واشتدت ضراوتها على أطفالنا، وهي رخيصة الثمن وذات ألوان وأشكال ودعايات جذابة ظهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب.

لقد صار أطفالنا مدمنين على الحلويات والبسكويت والعصائر والمقرمشات الصناعية والمعلبات الصناعية والمشروبات الغازية وصارت الأسر بشكل عام تعتمد في غذائها على الدقيق الأبيض والدهون الصناعية الضارة وتكثر من السكريات المصنعة، وصار معظم غذائنا مشبعًا بمواد حافظة وبصبغات كيميائية وبدهون مضرة وسكريات معقدة يعسر على الجسم التعامل معها، والتخلص منها؛ والتي هي بمثابة السموم والمرتع الخصب للسرطانات واضراب الهرمونات مما أدى إلى أمراض خطيرة عصرية.

ومن رجع الى كلام الأطباء وجد أن هذه حقيقة لم تعد غائبة ولكن للأسف مازال كثير من الناس يجهل ذلك أو يتغافل عنه؛ كما هو الحال في شرب الدخان (السجائر) التي دون عليها تحذير صحي شديد اللهجة ومع هذا فإن المدمنين عليها كثر! وقد انتشرت في الآونة الأخيرة إدمان التدخين بأنواعه ونكهاته المضرة والكحوليات والمخدرات المتنوعة؛ بسبب الرفقة والبيئة السيئة، وضعف الوعي الصحي والديني. وهاكم بعض طرق العلاج:

  • متابعة البرامج الصحية الغذائية وسؤال الأطباء الناصحين، ومجاهدة النفس نحو التطبيق والالتزام، بحيث يصبح النظام الغذائي الصحي من عاداتنا المحبوبة. وهناك قنوات وبرامج وفيديوهات كثيرة تستحق المتابعة من الآباء والأبناء حتى تتولد القناعة الكاملة؛ ونستطيع تغيير نظامنا الغذائي بحسب ذلك. وكما قيل: (دوائك في غذائك) و(العقل السليم في الجسم السليم) و(المعدة بيت الداء).
  • جلب النظام الغذائي الصحي المتنوع للمنزل وبيان فوائد المأكولات المفيدة النافعة وعمل (شورى) في الوجبات الغذائية اليومية، والاقتصاد الحكيم حتى لا يزهد الطفل في الطعام المتوفر.
  • إعطاء الأطفال المال بقدر حاجتهم لا رغباتهم ومتابعة نفقاتهم ومشترياتهم وترشيدهم في شراء النافع وترك الضار؛ وتقليص النفقة حين يصرفها في المضار وتشجيعه أكثر عندما يصرفها في النافع المفيد.
  • غرس حب الأشياء الطبيعية التي خلقها الله لنفعنا، وبيان منافعها وكيفية الاستفادة منها؛ ومن ذلك تربية الحيوانات الداجنة؛ وزراعة الخضروات والفواكه، والسباحة، والمشي. وتعويد أطفالنا على الانتفاع بالطبيعة الجميلة.
  • الالتزام بالإرشادات الصحية والنبوية بحيث تصير عادة لنا ولأطفالنا؛ كتعليمهم الأذكار اليومية وآداب قضاء الحاجة والطهارة وغسل اليدين وتغطية الأواني واستخدام اليد اليمنى للأكل واليد اليسرى لإزالة القذر، والشرب جالسا؛ وعدم التنفس أو النفخ داخل الإناء؛ والشرب على ثلاث جرعات.
  • استبدال الأشياء الضارة والمشبوهة بأشياء نافعة من خلال إشاعة الثقافة الصحية السليمة؛ ومن ذلك الإكثار من المشروبات النافعة كشرب الماء والمشروبات الطبيعية الدافئة؛ لاسيما في الصباح الباكر؛ واستبدال المشروبات الغازية بالعصائر الطبيعية والزنجبيل والشاي الأخضر، وتنظيم الوجبات والأكل عند الجوع والاعتدال في أكل الطعام مع الاهتمام بجودته وتنوعه، واستبدال الزيوت الصناعية عند الطبخ بالماء أو بالزيوت الطبيعية كزيت الزيتون والسمسم؛ وشرب زيت الزيتون على الريق، وأكل سبع تمرات على الريق، واستبدال المقرمشات الصناعية بالمكسرات الطبيعية، واستبدال الحلويات بالعسل والتمر والزبيب والفواكه الطازجة، وكثرة المشي وممارسة الرياضة، والألعاب التي تنمي الذكاء كتركيب المكعبات وتشكيلها أو معرفة أسماء البلدان والحيوانات والنباتات، والمشي حافيا أحيانا على الرمال والأرض وهي دافئة، والتعرض للشمس الدافئة والتهوية الجيدة.. وبالعودة إلى الطبيعة الجميلة رويدا رويدا سنتعود وسنحب ذلك وسنكون أكثر سعادة وصحة.

العادة الثالثة: الإفراط في الجلوس أمام الشاشات

إننا نعيش ثورة تكنولوجية حتى صارت الشاشات والقنوات والجوالات يمتلكها الكبير والصغير والغني والفقير، وصارت بعض الألعاب الإلكترونية أشبه بالإدمان!

إننا لسنا ضد التكنولوجيا الحديثة ولكنا مع ترشيدها وحسن استثمارها؛ حتى لا تصبح سببا لهلاكنا، وقد وقع الكثير من الكبار والصغار ضحية هذه التكنولوجيا؛ فهي سلاح ذو حدين. والطفل لا يدرك مصلحته ويلهث وراء متعته. ولذا من الجيد التنويه إلى بعض المضار التي تعود على الأطفال جراء الإفراط في استخدام التكنولوجيا:

  • العزلة الاجتماعية: الطفل يحتاج الى من يتفاعل معه ويحاكيه ويراعيه، وهذا لا يحصل مع كثرة استخدام الشاشات الإلكترونية والأجهزة الذكية، ومع الوقت يصبح الطفل ضعيف التفاعل مع مجتمعه. وعلاج ذلك ألا يترك الطفل حبيسا للتكنولوجيا الحديثة؛ بل لابد من أن يحاكيه أبوه وأمه ويتفاعلان معه ويتفاعل معهما ومع إخوانه ومن حوله. وللأسف أننا نرى كثيرا من الأطفال والشباب ممن أدمن الجوال واللعب فيه صار كالمتوحد ضعيف التفاعل بمن حوله منهمكا بجواله فحسب!

ولهذا ينبغي التقليل والترشيد في استخدام الجوالات والتفاعل مع المجتمع ومناسباته، وإعمار الوقت بكل خير ونافع، وإعطاء كل مقام حقه وواجباته.

  • التفكير الخاطئ والممارسات المسيئة التي قد تصل إلى الانتحار: إن المشاهد العنيفة والخرافية والمسيئة تشوش الذهن وتصنع إنسانا غير سوي وطفلا شاذًا؛ فالطفل صفحة بيضاء وبصري يتأثر بالمشاهدة ويحاكيها؛ فإياك أن تتركه فريسة للشاشات والجوالات والقنوات؛ لتتخلص من مسؤولية التربية وعنائها؛ وكن أنت الموجه والمربي مستعيناً بتلك التكنولوجيا على حسن التربية وإصلاح طفلك. واعلم أن كثيرا من المشاهد والمسلسلات والبرامج والألعاب كالعسل الذي دُس فيه السم؛ وبعضها لا يتناسب مع المرحلة العمرية للأطفال ويزيدهم طيشا؛ وبعضها يُسبب قلقا واضطرابا نفسيا وعاطفيا؛ وبعضها تجعل الطفل يرتكب ممارسات وسلوكيات خاطئة وعنيفة وصلت ببعضهم الى الانتحار والقتل! وعلاج ذلك ضبط هذه التكنولوجيا وتوجيهها بما ينفع أولادنا صحيا ونفسيا وأخلاقيا وعلميا. ومتابعة أولادنا وتوجيههم التوجيه الصحيح وشغلهم بما ينفعهم من البرامج العلمية والعملية التي تزيد من قدراتهم.

أمراض تصيب الرقبة والعمود الفقري والبصر وبعض الحواس: بسبب إدمان هذه الأجهزة وقضاء ساعات طويلة معها؛ تظهر أضرارًا صحية في الرقبة والعمود الفقري والعين والأذن واليد؛ حتى ظهر مصطلح طبي بمرض (رقبة الرسائل) بسبب انحناء الرأس وضغطه على الرقبة حين مطالعة رسائل الجوال. وقد يتفاجأ الوالدان أن ابنهم الصغير صار ضعيف البصر بسبب مطالعته في الشاشات الإلكترونية! وعلاج ذلك شغل الأولاد بأشياء غير الجوالات والشاشات وتنظيم وقت الطفل وترشيده في التعامل مع هذه التكنولوجيا كالجلوس الصحيح وتغيير وضعية الجلوس والنظر في غير الشاشة بين الفينة والأخرى والاقتصاد في المكالمات، والاقتصار على المهم والمفيد وعدم قضاء وقت طويل مع هذه الأجهزة الإلكترونية. وشغل الأطفال بأشياء نافعة لا تعتمد على هذه الشاشات كممارسة الرياضة والخط والقراءة والألعاب المفيدة.

]]>
الخوف عند الأطفال مميزات وعيوب https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%88%d9%81-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84-%d9%85%d9%85%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%b9%d9%8a%d9%88%d8%a8-2/ Mon, 15 Sep 2025 11:41:12 +0000 https://zidoworld.com/?p=6773 الخوف عبارة عن شعور عاطفي داخلي وغريزة فطرية ناتجة عن الشعور بالخطر أو توقعه. ويمكن ان نقسم الخوف إلى ثلاثة أنواع:

  • خوف فطري وهذا موجود في الإنسان والحيوان لمواجهة الأخطار والمحافظة على البقاء؛ حتى الأنبياء وقع منهم هذا الخوف فيعقوب عليه السلام خاف على ولده يوسف عليه السلام من الذئب أن يأكله، ونبي الله موسى عليه السلام خاف عندما رأى عصاه انقلبت إلى حية عظيمة تسعى، وهذا كله خوف فطري طبيعي لا يلُام عليه الإنسان. ومن حكمته توقي الخطر ومواجهة التهديد.
  • والخوف الثاني خوف شرعي محمود مرغب فيه وهو الخوف من الله وهو من صفات المتقين الصالحين يحملهم على فعل الطاعات وترك المعاصي.
  • والخوف الثالث خوف مذموم وهو خوف غير منطقي وغير مبرر له بتبرير سليم أو خوف مبالغ فيه. وهذا النوع مرض يجب معالجته وهو متفاوت؛ فمنه ما يجعل صاحبه ضعيفا وقد يفوت عليه حقوقه ومصالحه، ومنه ما يصل بصاحبه إلى مرض نفسي معقد يجعل صاحبه يعيش حياة القلق والتعاسة والاكتئاب، وربما اشتد الخوف بصاحبه فقتله والعياذ بالله.

وللخوف تأثير على هرمونات الجسم وإفرازاته، وقد تظهر علامات الخوف جلية على البدن مثل الرعشة أو التعرق أو التشنج أو التجمد – لا يستطيع الحركة – أو البكاء أو المواجهة والقتال أو الهروب.

مميزات الخوف:

الخوف الفطري الطبيعي سبب للمحافظة على البقاء والسلامة ومواجهة الأخطار والاستعداد لها. والطفل بطبيعته ضعيف؛ ولهذا فالخوف عنده أكثر ليحافظ على سلامته، وللخوف الفطري فوائد ودوافع تجعل الإنسان يحرص على سبل السلامة والنجاح؛ فالخوف من الفشل يقتضي الاجتهاد، والخوف من الضياع يقتضي عدم الابتعاد من المنزل، والخوف من الخسارة يقتضي الحرص على المال، والخوف من المهالك يقتضي مجانبتها، والخوف من الله يقتضي التقوى. فالخوف الفطري والمنطقي غريزة لصالح الإنسان وحمايته. كما أن هناك أطفالاً قد يغلب عليهم اللامبالاة وعدم الخوف! وهؤلاء يحتاجون إلى التخويف المنطقي الذي ينبههم على العواقب والأضرار حتى لا يقعوا فيما لا يحمد عقباه.

عيوب الخوف:

الخوف غير المنطقي أو المبالغ فيه يعيق الطفل عن تطوير ذاته، ويزعج حياته، ويقلق راحته، ويشل حركته، ويحرمه كثيرا من الفرص. ومن مظاهر الخوف المرضي التبول اللاإرادي عند الأطفال، والخوف من الجن والأشباح وتخيل ذلك، والخوف من الظلام بشكل عام والخوف من الوحدة فدائما يريد الطفل مرافقا ومصاحبا له، والخوف من الحشرات الصغيرة ومن الحيوانات الأليفة بشكل مفزع ومبالغ فيه، والخوف من الناس، وهو ما يُسمى بالرهاب الاجتماعي، وهذه الأعراض وغيرها منتشرة عند الأطفال بشكل متفاوت، وهناك أعراض أخرى للخوف المرضي إلا أنها أقل في الأطفال كالخوف من المجهول أو من الموت.

وهذا الخوف إذا زاد عن حده صار مرضا يحتاج إلى علاج وإلى مختص نفسي. وسنذكر هنا بعض أسباب الخوف المرضي عند الأطفال ووسائل تربوية علاجية مبكرة لتكوين شخصية شجاعة متماسكة قوية بعيدة عن الخوف المرضي.

أسباب الخوف المرضي:

  • الحكايات والقصص والمواقف المرعبة التي يتعرض لها الطفل؛ وبعض أولياء الأمور يتعمد ذلك ليحد من نشاط ولده. وهذا خطأ فادح من الآباء والأمهات وعادة قبيحة تزرع الخوف المرضي في قلب الطفل مبكرا.
  • مشاهدة القصص والمقاطع التي تثير عاطفة الحزن أو الخوف أو الرعب بقوة؛ فينزلها الطفل على واقع حياته.
  • تعرض الطفل لمواقف مفزعة أو مؤلمة من إنسان أو حيوان فينطبع الخوف بقلبه من ذلك الشيء ويصاب بتوتر تجاه ذلك السبب.
  • التربية السلبية للطفل كالتهديد والتخويف والتحقير والكلمات العنيفة والمؤذية. وهذا خطأ من المربين يجب استبداله بالتربية الإيجابية القائمة على التشجيع.
  • العقوبات المبالغ فيها للطفل.
  • المشاكل الأسرية والصراخ يؤثر سلبا على الطفل. والأولى تجنيب الأطفال ذلك ما أمكن.
  • الخوف الزائد على الطفل ومنعه من الاختلاط والخروج والدخول مما يولد عنده الخوف من الأشياء.

علاج الخوف المرضي:

  • تدريب الأطفال وتعويدهم التعامل مع الأشياء التي تبدو مخيفة لديهم كالظلام والنوم وحده والحشرات وغيرها.
  • المعالجة بالقدوة وإظهار الشجاعة من الكبار أمام الأطفال بدلا عن الخوف والفزع.
  • الإكثار من القصص والحكايات عن الشجاعة والشجعان وإبراز النماذج الشجاعة التي تكسب الطفل شجاعة وقوة.
  • التربية الإيجابية والتشجيع والإشادة بالطفل وقدراته بدلا عن العبارات المثبطة والتي تزيد من خوف الطفل وتثبيطه.
  • ترك العقوبات البدنية والنفسية والتهديد ما أمكن، وفتح الحوار المنطقي والمنصف مع الطفل، واختيار العقوبة المناسبة عند اللزوم، والتي تربي الطفل وتهذبه.
  • احتضان الطفل واحتوائه والاستماع إليه ومعرفة أحواله واصطحابه وإشعاره بالأمان وبالوقوف بجانبه.
  • استبدال ثقافة الخرافة والتخويف بتعزيز ثقافة الطفل بثقافة سليمة كبيان الحكمة من الأشياء؛ وأنها لخدمة الإنسان ونفعه فالليل والظلام ليستريح الإنسان، وعالم الجن ليس له سلطان على الإنس وأنهم يخافون الإنس، وأن الحيوانات هي التي تخاف الإنسان، والإنسان أقوى منها.
  • التعزيز من قوة الطفل وصلابته بالرياضة والمهارات التي تزيده ثقة وقوة.
  • استخدام أسلوب الغمر وهو مواجهة الخطر المزعوم لينكشف أنه أمر طبيعي ومعقول وليس بخطر حقيقي وأننا نستطيع التعايش معه. وهذا الأسلوب يحتاج إلى عناية وتدرج وإشراف.

وأخيرًا فالطفل بطبعه يخاف من أشياء كثيرة ويبالغ في الخوف منها مع أنها لا تستحق ذلك، وكلما كبر الطفل تخلص من كثير من المخاوف غير المنطقية. والتربية السليمة لها دور كبير في الحد من الخوف المرضي وإصلاح الطفل وإكسابه الثقة بنفسه، بعكس التربية والثقافة الخاطئة التي تزيد من الخوف وتجعله مرضا نفسيا مقلقا.

]]>
تربية الأبناء على التخطيط للنجاح https://zidoworld.com/%d8%aa%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ae%d8%b7%d9%8a%d8%b7-%d9%84%d9%84%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%ad/ Tue, 02 Sep 2025 13:01:15 +0000 https://zidoworld.com/?p=6619 يخطف ناظريك ابنٌ يعتلي المنصة بثقةٍ؛ ليُكرَّم، وآخر يتفوق بمهارة على أقرانه، وثالث يُبدع في عرض موهبتهِ، ورابعٌ وخامسٌ… قائمة من النَّاجحين وَدِدتَ لو كان ابنُك أحدَهُمْ.

النَّجاح كلمةٌ رنَّانةٌ لها وقعها على القلوب، ويحلو وقعُها حين يُنسب النجاح لفلذة كبدِك، وثمرة فؤادك: لابنك أو ابنتك. 

ومـمَّا لا شكَّ فيه لكل أبٍ عاقلٍ وأمٍّ ناصحةٍ أنَّ النجاح الذي ينشدونه في أبنائهم، ويرغبون فيه ليس طريقه التواكل، أو ترك تنشئتهم للظروف والبيئة المحيطة، فإنَّ “تربية الأبناء في نطاق السهل الممتنع، فهي أهم وأصعب من أن يستهان بها، وتترك للظروف، وهي في الوقت نفسه أسهل وأبسط مِنْ أن تثار حولها المخاوف فتُزاد تعقيدًا”1، وهذا يستدعي من الوالدين التخطيط الجيِّد لاستثمار طاقات أبنائهم فيما يوصلهم للنَّجاح، ويرقى بهم سلالِمهُ. 

تتناول هذه المقالة مفهوم النَّجاح الذي نهدف لتربية أبنائنا عليه، كما ستقترح جملة من الوسائل التي تعين الآباء والأمهات على التخطيط الجيِّد لنجاح أبنائهم، وتعرِّف بأهمِّ المفاهيم الأساسية للنجاح، التي لو نجح الآباء في تربية أبنائهم عليها؛ فقد هيَّأوا لهم الأرضية التي يُشيدون تميَّزهم عليها إذا كبروا.  

مفهوم النَّجاح:

أن تكون ناجحًا يعني: أن تُجِيد إدارة حياتك بفاعلية، وحين نقول حياتك، فإنَّا نقصد ألا تشهد الحياة اختلالًا وعدم اتِّزانٍ، فمن تراه يجيد التعامل المهنيَّ، لكنْ تسوء أخلاقه وطباعه مع زوجته وأولاده؛ ما حقَّق النجاح؛ وإن بدا في أعين الكثير كذلك. ومن لم تصلح حياته مع مولاه في فرائضه ونوافله مع أنَّ حياته الأكاديمية والتعليميَّة متميَّزة؛ فإنَّه إنَّما يعرج في نجاحه؛ وإن بدا للناظرين سليمًا صحيحًا.

أن تُربِّي ابنًا ناجحًا يعني أن تربِّي ابنًا يجيد التعامل مع مختلف أدواره الحياتية، في البيت، في المدرسة، في الحيِّ والشارع، في المدرسة والمسجد … هكذا فليصنع النّجاح، وهكذا فليُخطَّط له، ولا ضير في أن يبرز الابن في دورٍ دون دورٍ، بروزًا لا يفشل فيه مع باقي الأدوار المناطة بهِ.

أهمُّ مهارات التخطيط للنَّجاح:

انطلاقًا من ذلك كان لزامًا على الوالدين أن يعرِّفا أبناءهم أهمَّ المهارات الأساسية التي بها يخطِّطون لنجاحهم، فإنَّهم بغير هذه المهارات والأدوات تختلُّ عندهم عجلة التوازن في أدوارهم الحياتية، ويقعون فريسة التصوُّر المغلوط عن النَّجاح، أو الغفلة عن أهدافهم نتيجة الكسل واللامبالاة وعدم التخطيط الجيِّد للنَّجاح، وسنتناول أهم مهارتين من مهارات التخطيط للنَّجاح يجدر تدريب الأبناء عليها:

1. إدارة الوقت:
لا تسل عن كمِّية الأوقات المهدرة لأبنائنا أمام شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي، وبنظرةٍ خاطفةٍ لإعدادات الأجهزة المحمولة لمدة استخدام الجهاز؛ يتجلَّى كارثةُ ما يُهدر من أوقات أبنائنا على متابعاتٍ -إن لم تكن حرامًا؛ فإنَّها على أقلِّ تقديرٍ من اللغو المثبِّط عن معالي الأمور، والتفاهاتِ المتفنِّنة في تضييع الأوقات-، ولا يُنكَر وجود نماذج نفاخر بها في استثمار تلك الأجهزة في المفيد النافع، لكنَّا نخبر بما عمَّت به البلوى، وهنا يأتي دور الوالدين في تربية أبنائهم على إدارة أوقاتهم فإنه أولى مفاتيح الوصول للنجاح، ويُنصح الآباء في هذا الدور بما يلي:

  • تكرار الحديث بوسائل متعدِّة عن الوقت وأهميَّته، تارةً بالحوار، وتارةً بالقصة، ومرة بضرب النماذج وحكاية أحوال الناجحين الذين استثمروا أوقاتهم.
  • إبراز النماذج ذات الإنجاز والتميُّز، واستعراض كيف استثمروا أوقاتهم في التدريب والتعليم للوصول للنَّجاح.
  • وجود نظام واضح ومحدَّد يُعَوَّد عليه الأبناء لِينظِّم لهم أوقاتهم، وإن بدا التذمُّر منهم والغضب؛ فسرعان ما يألفونه، ويصبح أحد القوانين التي لها اعتبار في جدولهم اليومي، مثل أوقات النوم، والصلوات، والمذاكرة، وغيرها.
  • تدخُّل الوالدين مع كمِّيَّة الوقت المهدرة من الأبناء بغير فائدةٍ، أو حال تجاوزهم الحدود الزمنيَّة المتَّفق عليها في استخدام وسائل الترفيه، واللَّعب، أو مع اجتماعهم بأصدقائهم، ولا بأس من المرونة والحكمة وتقدير الموقف بما يناسبه.
  • تدريب الأبناء على تحديد الأولويات كجزء من تنظيم الوقت، وذلك بالتركيز على المهام والأعمال الضرورية الأول فالأول، والأهم فالأهم؛ هذا التدريب مهمٌّ للأبناء ليتمكنوا من ربط إنجاز مهامهم بالوقت المتاح لهم، هذا التدريب على إدارة الأولويَّات مفتاحهم لإدارة أوقاتهم، وتحسينٌ للإنتاجية الموصلة للنجاح مستقبلًا.

نموذج مبسَّط لمصفوفة شهيرة تستخدم إدارة الأولويات هي مصفوفة أيزنهاور، يمكن أن ينطلق منها الوالدان في إسقاط الممارسات اليومية لأبنائهم، على المصفوفة، ثم توجيههم لطريقة التعامل 2.

2. إدارة الأهداف
لا يمكن أن يصل المرء للنَّجاح بغير أهدافٍ يسعى لها، وإنَّ كثيرًا من الفرص تذهب على أصحابها؛ نظرًا لأنهم لم يجيدوا تخطيط ولا إدارة أهدافهم التي يطلبونها لمستقبلٍ دراسيٍّ أو مهنيٍّ أو غير ذلك.

حين ننجح كآباء في توجيه اهتمامات أبنائنا مبكِّرًا، وإعانتهم على التخطيط لأهدافهم؛ نكون قد اختصرنا عليهم وعلينا كثيرًا من التِّيهَ والضياع الذي يعانيه مَن يفقد بوصلة الأهداف مِن حياته، وتلك مأساةٌ ربَّما أفاق عليها الآباء والأبناء متأخِّرًا وقد فاتهم الكثير من الفرص، فإنَّ “مَن يمتلكون القدرة على تحديد أهداف كبيرة، ويخطِّطون من أجلها؛ هم أصحاب طموح كبير”3.

  وحتى ننجح في إدارة أهداف أبنائنا؛ ننصح بما يلي:

  • الانطلاق من أمنيات الأبناء ورغباتهم المستقبلية في تحديد أهدافهم، لا أن نقولِب مجموعة من الأهداف هي في الحقيقة أهدافنا نحن، لا أهدافهم هُم، ولا يمنع ذلك أن نوجِّههم للالتفات لأهدافٍ ربَّما كانت غائبة عنهم، أو غير مدركين لها بحكم طبيعة مرحلتهم العمرية، وفي إطار ضيِّقٍ نلزمهم بها كونها من المصلحة الراجحة شرعًا وعُرفًا.
  • وإن بدت أهداف الأبناء عمومًا متشابهة بالصورة والشكل العام؛ كونها تدور غالبًا حول الحاجات والأفكار والرغبات أو الثقافة المشتركة بينهم، إلا أنَّه من المهمِّ أن ينتبه الوالدان للفروق الفردية في مستويات الأداء من ابن إلى آخر، وهي تختلف من طفلٍ إلى طفل، ومن بيئةٍ إلى بيئة، وهنا يأتي دور الوالد المربي الذي يجيد توظيف قدرات كلِّ ابنٍ في الوصول لأهدافه. 
  • تعليمهم التخطيط الجيِّد للأهداف بأن يدِّربهم على مواصفات الهدف الذّكيِّ بما يناسب فهمهم وتفكيرهم، فيرسم معهم الأهداف: المحدَّدة، القابلة للقياس، الممكنة، الواقعية، والمحدَّدة بزمن، منطلقًا من أنشطتهم اليومية البسيطة مدرِّبًا على إسقاط هذه المعايير عليها، وتلك خطوة مهمة لتربية الأبناء على التخطيط للنَّجاح.

الخطوات العملية مع الأبناء للتخطيط للنَّجاح4:

   وهو الجزء العملي الأهم في هذه المقالة، وفيه نوجِّه الوالدين للخطوات العمليَّة للتخطيط مع أبنائهم للنَّجاح، وتتمثَّل فيما يلي:

  1. دراسة الظروف المحيطة الداخلية والخارجية للأبناء، يعقبها تذليل الصعوبات التي تكون سببًا في منعهم من التخطيط للنَّجاح، كالرِّفقة، ووسائل التواصل، وطبيعة المشاغل داخل البيت، واستقرار الحياة الأسرية بين الوالدين، والتفاهم بينهما فيما يريدونه من الأبناء. 
  2. تحديد نوع الخطة، ووضع عنوان واضح ومحدد لها، مثل: خطة إتمام عشرة أجزاء في الإجازة الصيفية، أو خطة إكساب مهارة تصميم العروض التقديمية عبر الباوربوينت، وغيرها. 
  3. ملخَّص يحمل أهم مبادئ وقيم الأسرة ورؤاها المستقبلية لكل ابن على حدة، يبرز في مكان واضح أمام نظرهم جميعًا؛ ليكون دافعًا لهم نحو النّجاح، وعونًا لهم مع باقي إخوانهم.
  4. تحديد وقت التنفيذ ومكانه: ففي خطة إتمام عشرة أجزاء في الإجازة الصيفية يكون مثلًا مكان التنفيذ مسجد الحيِّ، أو التسميع عند الشيخ فلان، ووقت التسميع بعد العصر مثلًا، ويستعين الوالدان بالجداول ذات الأشكال والتصاميم الجاذبة لتعليقها على غرفة الابن أو في صالة المعيشة.
  5. تحديد استراتيجيات التنفيذ: وهنا ترصد الأنشطة والمهام المطلوب من الابن القيام بها للوصول لهدفه، ويفضَّل مناقشة هذه الأنشطة في جلسة عصف ذهني واستمطار للأفكار مع الابن؛ ذلك أدعى لقناعته بالتنفيذ، أو اقتراحه لوسائل يحبُّها، ولا ينبغي للوالدين أن يلزما بوسيلة معينة ما دام الوصول للهدف صحيحًا، بالمعايير التي يتفقان عليها مع الأبناء، وذلك كأن يختار الابن أن تكون الحلقة أون لاين وليس حضوريًّا.
  6. اقتراح وسائل التعزيز والتحفيز: فإنَّ النفس البشرية تحبُّ من يقدِّر نجاحها، ويثمِّن جهدها، وحتى نضمن مسيرة النَّجاح بخطواتٍ متواصلةٍ؛ يجدر أن نعزِّز بالكلمة، ونحفِّز بالثناء، ونقدِّر بالهديَّة، ولا يشترط أن تكون كلُّ وسائلنا حسيَّةً، بل التنويع مطلبٌ، رسالة ثناء تُعلَّق على غرفة الابن، أو حفل تكريميٌّ يقام له أمام العائلة والأقارب، أو دعوة أصدقائه لمجلس البيت وضيافتهم، وهي دعوةٌ للتجديد في وسائلنا التحفيزيَّة.
  7. تصميم نموذج للمتابعة والتقييم والتقويم: وذلك عبر جداول وملصقات يتابع فيها الوالدان مهامَّ الأبناء، أو يقوم الأب بوضع إشارة تشير إلى إنهاء المهمَّة المطلوبة منه، هذه الجداول -لا سيَّما في المراحل العمرية الأولى- تجعل من أداء الابن ملحوظًا للتقييم والمتابعة، ليستدرك التقصير الحاصل منه في مهامِّه، وليكون محفِّزًا حال تميُّزه لباقي إخوانه على الإنجاز. 
  8. تقديم البدائل والنصح في حالات الطوارئ والتعثر: وهذا من الدور الإرشادي التوجيهي الذي يقدِّمه الوالدان للأبناء، بأن يرشدا للطريقة الأمثل لاستدراك التقصير في أداء المهام، بأن يدلَّانه على وسيلة أخرى، أو يعيدا النظر في معايير الأهداف، وغير ذلك.

عقبات في طريق تربية الأبناء على التخطيط للنَّجاح:

هي عقبات نوردها لا لتخور عزائم الآباء في تربيتهم لأبنائهم على النَّجاح، وإنما ليتنبَّهوا لها ألا تكون صوارف عمَّا يريدون تحقيقه معهم، فربَّ عائقٍ منها منع همَّةً، وأقعد عزمًا، وثبَّط مجتهدًا، ومن تلك العقبات: 

  • ضعف دافعية الأبناء نحو النَّجاح، وهو أمرٌ طبيعيٌّ في البدايات بحكم المرحلة العمرية، وميل الأبناء للرَّاحة واللَّعِب، فَلْيأخذهم بالحكمة واللِّين، والترغيب والتحبيب، وليبذل لهم من وقته ما يشجِّعهم، وليتخوَّلهم بالتوجيه والنصح والتحفيز، ولا ييأس، ولا يملّ منهم، فإنَّ الله  لا يملّ؛ حتى تملُّوا5. 
  • النماذج التافهة المصَّدَّرة على وسائل التواصل على أنها رموز للنجاح، وللأسف مثل هذه النماذج تحصد أعلى المشاهدات، مثل: تحديات الطبخ، والمقالب، ومقاطع تقليد الحركات، والفرق الموسيقية والغنائية، وغيرها من النَّماذج التي يتقزَّم معها طموح الأبناء؛ لما يرون من البهرجة والإبهار، والأرقام الخادعة للمشاهدات والاشتراكات، وهم بفطرتهم لا يدركون أنَّ إغراقهم في متابعة أمثال أولئك؛ تعميقٌ للتفاهة الصَّارفة عن معالي الأمر، وهذا يستلزم من الوالدين تحجيم مشاهدات أبنائهم للتافهين، وإبراز القدوات الحقيقة للنَّاجحين، في شتَّى المجالات التي يُفيد منها الأبناء.  
  • ضعف شخصية الأب، وكثرة انشغالاته؛ مِمّا يضعف متابعة إنجاز الأهداف، وما يتبع ذلك الانشغال من قلة أوقات الجلوس مع الأبناء، وانعدام أوقات الأسرة التي معها يكون التحفيز، والتوجيه، والحوار حول واقعية الأهداف، والتدرُّج فيها، وكيف يصلون إليها، والأسئلة المفتوحة عما يريد أن يكون عليه الابن في المستقبل، وجلسات النقاش والحوار حول المهن والشخصيات التي تعجبهم، وهنا تأتي أهمية استكشاف مواهب الأبناء من خلال هذه الجلسات والحوارات.

ممنوعات مع تربية الأبناء على التخطيط للنَّجاح:

  ينبغي التنبيه على بعض الممارسات من قِبل الآباء والأمهات حين يربُّون أبناءهم على التخطيط للنَّجاح، فمن ذلك:

  • خلوِّ حياة الأبناء من الهدف والطموح: إمَّا بدافع ألا يضغط عليهم الوالدان، أو ليعيشوا طفولتهم، وسيتعلَّمون إذا كبروا، وهذا وأْدٌ للنجاح في مهده، “فإنَّ الطفل الذي لا يملك هدفًا لحياته، وطموحًا يوجِّه غاياته، ورغباته، وتصرفاته؛ يعتبر أكثر هشاشةً نفسيَّةً، وأقلَّ قدرة على مواجهة الحياة بظروفها ومصاعبها”6، وبخلوِّ حياة الأبناء من التخطيط تنشأ سلوكياتٌ غير مقبولةٍ، وتنمو بعض الصفات السلبية، كتملُّلِه الدائمِ من الأنشطة التي يمارسها، وشعوره بالفراغ، وضعف شخصيته، فهو لا يجد في نفسه شخصًا مؤثرًا وفعالًا، له قيمةٌ في محيطه، ويتعلَّم الكسل واللامبالاة لعدم وجود أهدافٍ يوجِّه اهتمامه نحوها، إلى غير ذلك من العادات السيِّئة، كالاتكالية، وعدم تنظيم أوقات النوم، وغيرها، وهي صفاتٌ غير مستحبة لا يرغب أحدٌ بوجودها في طفله، وإنَّما نشأت بإهمال الوالدين. 
  • فرض مستوىً من الطموح دون قناعة الأبناء، نحن “واجبنا مساعدة هذا الطفل أولاً على اختيار أهدافه التي تتلاءم مع إمكاناته وميوله من جهة، وتحقِّق له النجاح والرضا في المستقبل القريب والبعيد من جهة أخرى”7، والحوار في جوٍّ مفعمٍ بالدفء والحنان يوصل لتلك القناعات.
  • المقارنة بالغير: كثرة مقارنة أبنائنا بغيرهم ولو كانوا من النَّاجحين تؤثِّر في ثقة الأبناء بأنفسهم، وفي احترامهم لذاتهم، وفي إحساسهم بالمسؤولية الذاتية، والشعور بالاستقلالية، “وبغياب الثقة بالنفس، واحترام الذات، والشعور بالاستقلالية والمسؤولية؛ فإن الحديث عن الطموح، سيكون مجرد أمانٍ فارغة”8.

خاتمة: نجاحنا في تربية أبنائنا على التخطيط للنَّجاح إنَّما هو في إكسابهم الطموح أوَّلًا، وهو عملية شاقةٌ -ولا شكَّ-، وتحتاج إلى صبرٍ، وإذا كان الوالدان لا يمتلكان الصبر على تحقيق هذا الهدف؛ فكيف يتوقَّعان من الأبناء النجاح في ذلك.

واجبنا تجاه الأبناء حين نربّيهم على التخطيط أن نشجِّعهم على المضيِّ قدُمًا لتحقيق أهدافهم، وأن نحفِّزهم للطموح دون أن يرجع بأثرٍ سلبيٍّ عليهم، أو يقتل فيهم الإبداع، أو يسلب منهم الشغف والرَّغبة فيما فيه اهتماماتهم، أو يجعلهم مجرَّد روبوتات تنفِّذ ما بُرمجت عليه، استخدموا أيها الآباء أساليب الترغيب كالمكافأة عند تحقيق أيِّ تقدُّمٍ، أو نجاحٍ، وافخروا بإنجازات أبنائكم.

ابحثوا عمَّا يحفِّزهم، ولاحظوا وتابعوا، “فالملاحظة الدقيقة، والمتابعة الجيِّدة من أهمِّ عوامل نجاح تنفيذ الخطط على أرض الواقع، وتحقيق الأهداف، ولا يستطيع المربي ذلك إلا بالصبر والنفس الطويل، وأن يلغي من قاموسه كلمات قصيري الأنفاس، مثل: (لقد تعبت وضجرت من الأبناء، ولم أكن أحسب أنّ الأمر بهذه الصعوبة، إلى متى سأظل أربِّي؟ متى يتخرج الأبناء وأرتاح منهم؟)، وليتذكر قول الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:١٣٢]9، أصلح الله لنا ولكم الذريَّات، وبلَّغنا فيهم ما نرجو ونؤمِّل.

1    سماح المزيَّن: هل تحتاج تربية الأبناء إلى خطة تربوية مدروسة؟. مقال منشور على الانترنت.
2    ستيفن كوفي: الأمور الأهم أوَّلًا، ص1.
3    أحمد النعيمي: تربية الأبناء على الطموح، مقال منشور على الانترنت.
4    بعضها بتصرف من سماح المزيَّن: هل تحتاج تربية الأبناء إلى خطة تربوية مدروسة، مقال منشور على الانترنت.
5    أخرجه النسائي، من حديث عائشة، رقم (761).
6    سامي بلال: أهمية الأهداف والطموحات في حياة الطفل، مقال منشور على الانترنت.
7    سامي بلال: أهمية الأهداف والطموحات في حياة الطفل، مقال منشور على الانترنت.
8    أحمد النعيمي: تربية الأبناء على الطموح، مقال منشور على الانترنت.
9    سحر شعير: التربية الناجحة عمل يحتاج إلى تخطيط.
]]>
وسائل وأدوات لتطوير عبادة التأمل في الكون عند الأطفال https://zidoworld.com/%d9%88%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d9%88%d8%a3%d8%af%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d9%84%d8%aa%d8%b7%d9%88%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84/ Sun, 24 Aug 2025 13:12:01 +0000 https://zidoworld.com/?p=6753 أنعم الله تعالى على الإنسان بنعمة العقل وجعله مناطَ التكليف، وعندما يُعطل الإنسان عقله يهبط بنفسه عن التكريم الذي ميَّزهُ الله به عن سائر المخلوقات، وبينما تكتظ الحياة الحديثة بالكثير من الضوضاء والإلهاء وزخم المعلومات فإن قدرة الإنسان على التأمل في الخلق وذكر الله تعالى تتراجع بقوة، فكيف نعيدها إلى ما ينبغي أن تكون عليه؟ وكيف نربي أبناءنا عليها؟.

مفهوم التأمل

التأمل عبادة قلبية خالصة تُنمّي في النفس عظمةَ الله  وهي تُمارس بالقلب والعين.

هي عبادة انتهجها الأنبياء لأنها من أعظم العبادات، وكانت الأقرب إلى قلب المصطفى  قبل بعثته، فبها يتصل القلب بخالقه فيعرفه معرفة حب وحياء وخشية.

وقد يلتبس على بعض المسلمين مفهوم كلمة “التأمل”، لأن هناك الكثير من الأنواع المختلفة له، وبعضها يرتبط بالمعتقدات والممارسات الدينية التي تتناقض مع الإسلام. لكن التأمل بمعناه اللغوي هو مفهوم إسلامي ابتداء، فقد قَالَ تَعَالَى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ۝ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار [آل عمران:190، 191].

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في الفوائد “الله  يدعو عباده في القرآن إلى معرفته من طريقين: أحدهما؛ النظر في مفعولاته، والثاني؛ التفكر في آياته وتدبرها، فتلك آياته المشهودة، وهذه آياته المسموعة المعقولة “.

أهمية التأمل

إن خير ما ننشئ عليه أطفالنا هو التفكر والتبصر بمخلوقات الله واستشعار عظمته للوصول إلى إيمان صادق يباشر قلبوهم، فيكون حصناً لهم من فتن هذا الزمان، ويجعلهم يحيون في فهم لأسماء الله الحسنى، ولهدف وجودهم في الحياة، وفي انسجام مع الخلائق من حولهم، وفي سكينة تغشى قلوبهم. بالإضافة إلى فوائد أخرى كثيرة منها:

  1. زيادة التواضع للمسلم، لأنه يقف أمام ما يراه من عظمة صنع الله تعالى.
  2. يزيد حسن الثقة بالله، لأنه يرى معجزاته وبدائعه؛ ومن ثم الزيادة في محبتة .
  3. فتح الكثير من أبواب العلم أمام المسلم، لأن التأمل يجر وراءه الرغبة في اكتشاف الأمور.
  4. يُنمّي الإحساس بوجود الله ومراقبته، مما يجعل المسلم أكثر ابتعادًا عن ارتكاب المعاصي والذنوب.

كيف نطور هذه العبادة لدى أبنائنا؟

هناك العديد من الأساليب التي تُسهم في تنشئة الأبناء على هذه العادة العظيمة، ومن الأنسب أن ينوع المربي في الأساليب فلا يقتصر على أحدها لتكون النتيجة أقرب للتحقق، ومن المهم أن يحاول المربي نفسه تمثل هذه القيمة وتدريب نفسه عليها، واستشعارها في جميع أحواله، لتكون تربيته لأبنائه عليها تربية القدوة، تربية نابعة من القلب والفكر، لا مجرد كلام، فما ينبع من القلب يدخل إلى القلوب بسلاسة ويسر.

إثارة الفضول

لن يعرف الطفل في البداية أنه يقوم بعبادة عظيمة المكانة والقيمة، لكنه يحب بفطرته اكتشاف المخلوقات، لذا من المناسب استثمار هذا الفضول للتفكُّر في خلق الله وقدرته ، ويكون ذلك باحترام هذا الفضول ومساعدته على البحث عن إجابات، وعدم التضجر من أسئلته المتكررة بل تشجيعه عليها، واعتبارها دليلاً على أنه: مفكر صغير، بل وإثارة فضوله بسؤاله أسئلة مشابهة.

أفكار عملية:

  • السؤال عن جسم الإنسان وتركيبته المعقدة وقد نستعين بطبيب أو برنامج تعليمي ليجيبنا كيف نرى؟ وكيف نسمع؟ كيف تعمل أجهزة الجسم، ما مكونات الجسم؟
  • يبدي الكثير من الأطفال الاهتمام بالحيوانات، يمكننا استثمار ذلك بلفت نظر الطفل إلى التفكير بالعديد من الأسئلة: من علم هذا الكائن أن يحصل على طعامه؟ ماذا لو لم يكن للعصفور منقار؟ كيف تعرف السلحفاة البحرية التي فقست حديثاً طريقها إلى البحر؟ سبحان الخالق العظيم الذي دبّر كل شيء وجعل لكل حيوان خصائص تناسب طعامه وحياته. لابد بعد تجولنا وتفكرنا في المخلوقات أن نستدل على عظمة الخالق.

تدبُّر القرآن

إن الحرص على قراءة القرآن الكريم لتدبر معانيه وفهم الكون من خلاله يساعد على التأمل بشكل أعمق. فآيات كتاب الله تنسجم مع آياته في الآفاق والأنفس وكلها تدعو إلى التفكر والتدبر.

أفكار عملية:

  • عمل حلقات قرآنية أسبوعية يقرأ فيها الأب مع أبنائه القرآن الكريم ويتدبر معهم آيات القرآن، ويتباحثون في الآيات الإعجازية والعلمية منها، وذلك لتدريب الذهن على التفكُّر والتدبر أثناء قراءة القرآن.
  • الربط الدائم بين ما نراه حولنا وبين آيات تدلّ عليه في كتاب الله، فمثلاً حين نرى اخضرار الأرض في الربيع نتلو قوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ [الروم:19]، وحين نتأمل قطعان الأغنام ترعى في السهول نتلو قوله تعالى وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النحل:6].

تهيئة البيئة

حين ينشأ الأطفال في بيئة مهيئة للتفكر، تحث على العلم، وتثمن التأمل فإنهم يكبرون وهم يعظمون هذه العبادة في أنفسهم، بخلاف من ينشأ في بيئة تفتقر إلى محفزات التعلم.

أفكار عملية:

  • عمل جناح في مكتبة البيت يكون مختصاً ببدائع الخالق جل وعلا مثل كتب الإعجاز العلمي والألبومات المصورة لبديع المخلوقات.
  • تخصيص ساعة أسبوعية يجتمع فيها أفراد الأسرة لمشاهدة فيلم علمي عن إعجاز الخالق ، مع فتح حلقة نقاشية يتم فيها طرح التساؤلات التي وردت في أذهانهم أو النقاط التي استرعت انتباههم أثناء المشاهدة، وجعل ذكر الله والتسبيح بعظمته مظلة عامة لتلك الجلسة.

الرحلات الاستكشافية

القيام برحلات استكشافية تزيد من المتعة، فالأطفال يحبون الرحلات، لذا لابد من اصطحاب الأطفال بشكل دوري إلى أماكن طبيعية وحثهم على التأمل في النبات والطبيعة والحيوانات.

أفكار عملية:

  • تأملوا بيت النمل في الغابة وكيف يعيش النمل بمجموعات منظمة، راقبوا النملات النشيطة التي لا تتوقف عن العمل لتوفير طعامها، تحدثوا عن تعليم الله النمل كيفية الاحتفاظ بطعامها، حيث تقوم النملة بشطر الحبة إلى نصفين بعد أن تنقل الحبوب إلى بيوتها كي لا تنبت هذه الحبة في بيتها، اربطوا الرحلة بالحديث عن قصة النملة وسيدنا سليمان في القرآن الكريم.
  • القيام برحلات لأماكن تتجلى فيها عظمة الخالق حيث المناظر الخلابة، من جبال وبحار وأنهار، مع تأمل الغيوم بأشكالها نهاراً، أو مناظر الغروب والشروق، أو المجموعات النجمية والمجرات ليلاً، ثم الحديث مع الأطفال أن الله الذي خلق كل هذه المخلوقات الجميلة عليم وخبير وبديع.

التكليف بالبحث

يمكن للمربّي أن يقيم مسابقات دورية بين أبنائه للقيام ببحوث علمية منوعة، بحيث يطرح سؤالاً يقومون بالبحث عن إجاباته في الموسوعات أو الأفلام العلمية أو سؤال العلماء، أو يمكن أن يكون البحث جمعاً لمواد طبيعية. المهم أن يكون البحث ممتعاً وألا يشعروا بأنه مهمة ثقيلة على نفوسهم.

أفكار عملية:

  • تكليف الأطفال بجمع أنواع مختلفة من أوراق الشجر ومن ثم التدقيق في الاختلافات بينها وتدوين ملاحظاتهم.
  • سؤالهم سؤالاً يحتاج إلى تفكير وبحث للإجابة مثلاً: لماذا اختار الله تعالى الأرض تحديداً من بين كواكب المجموعة الشمسية لحياة الإنسان عليها؟ وماهي ميزات كل كوكب؟

استثمار كل الفرص

لا يقتصر التفكر على الرحلات الاستكشافية أو الجلوس لقراءة كتاب علمي، بل إن كل لحظة نعيشها تمتلئ بالعديد مما يمكننا أن نتفكر به، فإذا حوّل الوالدان هذا التأمل إلى عادة يومية فإنه سيصبح صفة ملاصقة لأبنائهم مهما كبروا.

أفكار عملية

  • استثمار تجمع الأسرة على مائدة الطعام في التفكر في النعم الموجودة والمراحل الإعدادية التي مرت بها لتصل إليهم هكذا، ليُعيد الأب بذلك النعمة إلى صانعها ورازقها الله . يقول تعالى فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ۝ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ۝ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ۝ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا [عبس:24- 27].
  • استثمار أي موقف نصادفه مثل رؤية قطة ترضع صغارها، أو تشكل قوس المطر، أو ظهور براعم الربيع، لربط الطفل بأسماء الله الحسنى، فمن اتساع الكون نعرف أنه الواسع، ومن كثرة الكائنات وروعة جمالها نعرف أنه البديع، ومن إتقان كل شيء نعرف أنه العليم الخبير، ومن رحمة أمهات الحيوانات بصغارها نعرف أنه الرحيم، ومن ظهور البراعم نعرف أنه المحيي .

وختاماً، ليكن التأمل أسلوب حياتنا اليومي، ولنتمثّله في أنفسنا أولاً ثم لنحاول غرسه في أبنائنا، لعلنا نحظى بتلك السكينة التي يحرمنا منها أسلوب الحياة المعاصر اللاهث وراء المادة الغافل عن معنى الحياة الحقيقي.


 مراجع إثرائية

]]>
التدريب على إدارة المال منذ الطفولة https://zidoworld.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%af%d8%b1%d9%8a%d8%a8-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d9%86%d8%b0-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%88%d9%84%d8%a9/ Sun, 27 Jul 2025 11:11:03 +0000 https://zidoworld.com/?p=6603 حتى وقت قريب، كانت التربية المالية للأولاد خارج حسابات المربين إلا ما ندر منهم، وربما كان للفهم المغلوط عن التزهيد في الدنيا أثر في إهمال السعي الحثيث من أجل الكسب والقبول بالقليل، ونقل هذا التصور لأولاده، مما يستدعي مراجعة تصورنا عن المال أثناء سيرنا في طريق التربية المالية لأولادنا.

أولا: تصورنا عن المال

  • المال هو مال الله تعالى، ونحن مؤتمنون عليه ، قال تعالى : ...وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ ءَاتَاكُم [سورة النور: ٣٣]، واجبنا أن نكسبه كما أمر الله وننفقه كما أمر الله تعالى، قال رسول الله ﷺ: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه1.
  • المال هو وسيلة لإعمار الأرض، وضمان العيش الكريم بإذن الله، ومساعدة الآخرين ، قال الله تعالى : آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وأنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكم مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فالَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وأنْفَقُوا لَهم أجْرٌ كَبِيرٌ [سورة الحديد: ٧].
  • المال هو عصب الحياة، وهو وسيلة لكسب العلم، وتطوير النفس.

لنضع باعتبارنا أن التربية المالية لا تنفك عن التربية الدينية، لأن الله تعالى هو من حدد لنا طرق الكسب المشروعة، وهو من وجهنا للمصارف المشروعة.

ثانيًا: وسائل الكسب المالي

مهم أن نعرّف أولادنا على الفرق بين الكسب الطيب والكسب الخبيث

الكسب الطيب:

هو ما وافق أمر الله تعالى وله عدة مصادر:

  • عطية أو هدية : بالتأكيد فإن المصدر الأول الذي يستطيع الطفل من خلاله كسب المال هو الوالدين، من خلال إعطائه مصروفه الشخصي، وقد يحصل على هدايا ومكافآت في مناسبات عديدة.

كلما كبر الطفل كلما زادت طلباته، يمكننا حينها أن نحدثه عن الطريقة الثانية للكسب الحلال.

  •  عمل يده: عن أبي هريرة   قال، قال رسول الله : لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ2.

نخبر الطفل أن بإمكانه الحصول على مال أكثر من خلال العمل بواجبات إضافية في المنزل، وهكذا ينقسم عمله إلى:

  • واجبات أسرية يعملها كل من يعيش وينتمي للأسرة دون مقابل مادي.
  • واجبات زائدة يمكن لمن يعملها أن يحصل على مقابل مادي، وتكون هذه الأعمال فرصة لتعليم الطفل بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بعقود العمل وضرورة توضيح كم الأجرة ومنع الجهالة والغرر.

نوجه الطفل من عمر عشر سنوات لاحتراف بعض المهن والعمل فيها أثناء العطل المدرسية إن أمكن، أو احتراف بعض الهوايات عن بعد كالتصميم والبرمجة والمونتاج، ونزرع في ذهنه أنها قد تكون مصدر كسب، وليست مجرد هواية.

الكسب الخبيث:

تتعدد مصادر الكسب الحرام:

  • السرقة: في عمر أربع سنوات، ما تزال فكرة الملكية الشخصية غير ناضجة بشكل كاف عند الأطفال، وما يزال الطفل لا يعرف كيف يتحكم برغباته، لذا من الوارد أن يسرق، نستغل الموقف لنحدثه عن الكسب الحرام لكن دون وصمه بالسارق أو المبالغة بتخويفه.
  • الغش: كأن يبيع لعبة لأخيه أو صديقه، رغم معرفته أنها مكسورة.
  • الربا: سأقرضك خمس قطع نقدية بشرط أن تعيدها لي سبعة، يحصل كثيرًا أن نسمع مثل هذه العبارات بين أولادنا، لعدم معرفتهم أن هذا ربا.
  • عدم رد الدين والقرض: كأن يستدين أو يقترض من أخوته أو أصدقائه، وهو ينوي ألا يعيده لهم، وقد يظن أن ذلك ذكاء منه.
    من عمر ثماني سنوات تقريبًا يمكن أن نعلمه أحكام الدَيْن، مثل كتابة الدين، والتفريق بين الدين والهبة، والربا.

يمكن للوالدين أن يستدينوا من الطفل، أو يتعامل الإخوة فيما بينهم بالدين تحت مراقبة الأبوين أو بإرشادهما بغرض التدريب  ، ثم يكتبوا الدين في ورقة: مبلغ الدين ومتى يعيدوه له ويعلموه الآية الكريمة. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٨٢].

بالمقابل يفضل أن يرشدوا الطفل أن يشتري لهم ولو قطعة شوكولا من ماله، كي يعتاد بر والديه بماله، وحينها يفرق بين الدين والهدية.

أيضًا نشرح له عن الربا وأنه لا يجوز أن ندفع مالًا أكثر مما استدنا، ولا يجوز لمن يدين أن يطلب أكثر مما أدان.

ثالثًا: المصارف المالية

يمكن من عمر أربع سنوات أن تصطحب طفلك معك إلى البقالة، وبدلًا من أن تشتري له العصير وتعطيه إياه، اعطه نقوداً واطلب منه أن يعطيها للمحاسب بنفسه ويأخذ العصير، كي تتوضح لديه فكرة المصارف المالية.

تقسم المصارف إلى نفقات يومية، وادخار .

النفقات اليومية:

لابد من توجيه الطفل وتعليمه بعض المهارات :

التمييز بين القيمة والسعر : يمكننا تعليم أولادنا ذلك عمليًا عن طريق تخييرهم بين عبوتين مختلفتين بالحجم، الأولى نصف كيلو مثلًا وسعرها عشرة، الثانية كيلو وسعرها خمسة عشر

للوهلة الأولى قد يظن الطفل أن العبوة الثانية أغلى، حينها نعلمه أن يضع باعتباره: الحجم والوزن والجودة، وتاريخ الصلاحية للمواد التي قد تفسد، وبتلك الاعتبارات يظهر أن العبوة الثانية هي الأرخص.

التمييز بين الحاجة والرغبة : مهم جدًا أن نساعد أولادنا على التمييز بين الحاجات والرغبات، وهذا من جهته يقلل أيضًا من صراعنا المالي معهم من أجل شراء بعض ما يرغبون به.

  • الحاجات : هي الأشياء التي لا يمكننا الاستغناء عنها مثل الأكل العادي، أو أن عدم وجودها قد يسبب صعوبات كبيرة مثل السيارة لبعض العائلات.

الحاجات ليست كلها بنفس الدرجة، قد يكون الطفل بحاجة فعلا لدفتر، لكن هناك دفتر يفي بالغرض وسعره متوسط، ودفتر آخر مزين وجميل وبسعر أعلى، في هذه الحالة يصبح الدفتر الأول حاجة والدفتر الثاني رغبة، نطبق عليه ما تعلمناه بأن نشتريه بعد تقدير حاجتنا ووجود مبلغ ادخار وإن كان بسيطًا.

والحاجات تختلف من عائلة لأخرى، ومن طفل لآخر، حيث يحتاج الابن الذي يلعب كرة قدم لحذاء رياضي، بينما أخاه الذي لا يلعب كرة قدم، لا يحتاج لذلك.

  • الرغبات : هي الأشياء التي نود الحصول عليها، لكن يمكننا أن نستمر بالحياة بسهولة إن لم نحصل عليها، مثل الحلويات.

تدريب عملي : نلعب مع الطفل لعبة، نذكر له بعض الأشياء وعليه أن يصنفها حاجات أم رغبات؟ كي نتأكد من فهمه الصحيح لها، وبعد أن يتعلم الطفل الفرق بينهما نعلمه القاعدة المالية التالية: نشتري بالمال الحاجات أولًا، وندخر منه قليلًا، والذي يتبقى نشتري منه الرغبات.

للحاجات والرغبات أيضًا حدود؛ مهما كانت حالتنا المالية جيدة وممتازة، من المهم ألا نصل بها إلى حالة الإسراف والتبذير، لذا في كل تصرف مالي مع أولادنا لنسأل أنفسنا: ماذا أريد أن أعلم ابني من هذا التصرف؟

عندما أطلب منه أن يدخر من أجل شراء شيء يرغب به، فأنا أعلمه تأجيل الإشباع وضبط النفس.

عندما أمنعه أن يشتري ما لا يلزمه أو ما قد يضره، أو أن يسرف في الرغبات، حتى وإن كانت من مدخراته أو كسبه، فأنا أعلمه مبدأ عدم الإسراف والتبذير ، والابتعاد عما يضره .

تحديد الأولويات : قد تتزاحم الحاجات أحيانًا أو الرغبات، وفي مثل هذه الحالات ينفع تعليم طرق اتخاذ القرار وتحديد الأولويات: أي منها يمكن أن تؤجل شراءه وتكتفي بالاستعارة من أخيك مثلًا؟ أو تستمر في استخدام القديم؟

معرفة وجود أوقات في السنة، تقدم فيها المتاجر خصومات: إذا رغب الطفل بشيء ما غالي الثمن، أو احتاج شيئًا يمكن تأجيله، نخبره أن ينتظر حتى تقدم المتاجر خصومات، وربما نشرح له ذلك عمليًا بأن نقص عليه قصة شراء أحد الأشياء، وكيف أننا اشتريناه بسعر مخفّض، بينما سعره الأصلي أغلى.

الحذر من العروض : الخصومات والعروض هي سيف ذو حدين، تحب النفس البشرية كلمة (عرض خاص) ولذلك قد نشتري أشياء لسنا بحاجة فعلية لها، نوجه طفلنا إلى التأكد من حاجته للشيء قبل شرائه، ويتم ذلك عن طريق نقاشه: إذا اشتريته ماذا تستفيد؟ إذا لم تشتره ماذا ستخسر؟ كم مرة ستستخدمه؟ هل يمكن استبداله بشيء آخر؟

الادخار :

يمكن للأطفال من سن خمس سنوات أن يفهموا فكرة الادخار فقد أجرت دراسة في جامعة كانساس على الأطفال، إذ خيروهم بين أن يأخذوا قطعة حلوى الآن أم يدخروها ليأخذوا قطعتين في المقابل ولكن في وقت لاحق. وأظهرت النتائج أن عددا كبيرا من الأطفال اختاروا القطعتين.

خطوات تساعد الأطفال على الادخار : 

  • وجود هدف محدد للادخار، مثل شراء لعبة، يساعد على الادخار أكثر من الادخار بلا هدف، الأطفال الصغار يصعب عليهم الادخار لوقت طويل، لذا من الأفضل تدريبهم على الادخار لفترات قصيرة، ليومين أو بضعة أيام.
  • وضع النقود في حصالة مخصوصة، وإبعادها عن عيون الطفل، يساعد أكثر من ترك النقود بلا مكان محدد.
  • وجود حافز للطفل كي يدخر، كأن تتفق الأم مع الطفل أن تساعده في بقية سعر اللعبة إن ادخر نصف السعر. ولننتبه أن بعض الأطفال يميلون للتطرف في تصرفاتهم، لأننا إذا ما علمناهم الادخار، أمسكوا أيديهم وأصبحوا بخلاء، فلنعلمهم الآية الكريمة وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا [سورة الإسراء: ٢٩].

من الادخار الدنيوي، يمكننا الدخول للحديث مع الأطفال عن الادخار الأخروي، بمعنى الإنفاق في سبيل الله

الادخار الأخروي : نذكرهم بقوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ [سورة البقرة: ٢٦١]، وأن ما نعطيه للفقراء، هو رزقهم من الله، لكن وضعه الله أمانة عندنا، وسيجزينا سبحانه على أداء هذه الأمانة.

ونوجههم إلى أنواع الإنفاق في سبيل الله:

  • إعطاء الفقراء والمساكين: يمكن تخصيص حصالة خاصة يدخر فيها المال، ولو كان مبلغًا بسيطا كل مرة، وعندما يصبح المبلغ معقولًا، يعطونه لمن يستحقه.
  • شراء هدايا لوالدينا ولو كانت بمبلغ صغير جداً من البقالة، وهذا اسمه بر الوالدين.
  • نتذكر إخوتنا ونشتري لهم بعض الأحيان حين نشتري لأنفسنا.
  • يساهموا في مشاريع بناء مساجد أو تبرعات لجمعيات خيرية.

وهكذا نضع حجر أساس التربية المالية للأبناء، وهم يبنون عليهم مستقبلا ما سيتعلمونه لاحقًا3.

1    أخرجه الترمذي، باب في القيامة (4/ 612).
2    أخرجه البخاري (2347).
3    المراجع: كتاب: Get a Financial Life:Personal Finance Your Twenties and Thirties للمؤلف: بيت كوبلينر كتاب الأب الغني والأب الفقير: روبرت كيوساكى وشارون ليكتر (دراسة في جامعة كامبريدج) the Money Advice Service: Habit Formation and Learning in Young Children (Dr. David Whitebread and Dr. Sue Bingham University of Cambridge).
]]>
دور الوالدين في إدارة العلاقات بين الإخوة https://zidoworld.com/%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5/ Tue, 22 Jul 2025 13:10:46 +0000 https://zidoworld.com/?p=6608 الأطفال.. أمانة الله بين أيدينا في هذه الدنيا، أهدانا الله إياهم ووكلنا زمام أمورهم، وجعل لنا الوصاية عليهم، وأمرنا بالإحسان إليهم وتأديبهم وتنشئتهم على الخير والإحسان والفضيلة والأخلاق الحسنة، فكل ما يخصهم في دينهم ودنياهم هو مسؤولية الآباء أولاً وآخرًا، مكلفون بذلك ومحاسبون عليه.

 ولعل من أبرز الجوانب التي تندرج تحت مسؤولية الوالدين تجاه أبنائهم هي إدارة وتنظيم علاقاتهم مع بعضهم البعض، وإن السعي لنجاح وسلامة هذه العلاقة يبدأ من نعومة الأظافر، كغرس الإحسان والاحترام في نفوسهم، وغرس المحبة والرحمة في قلوبهم، ودفعهم لتقديم المساعدة لبعضهم البعض، وكذلك تقديم الدعم النفسي والجسدي والعلمي لمن يحتاجه منهم، وبهذا تنشأ العلاقة السليمة بين الإخوة والتي تكون نتاج جهد مستمر من الأبوين، ويختلف هذا الجهد باختلاف فئاتهم العمرية وسماتهم الشخصية وحالاتهم النفسية.

وهنا لابد للآباء من الاطلاع على الأساليب والوسائل التي تساعدهم على ذلك، كالقراءة والبحث والاطلاع واستشارة المستشارين الأسريّين إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

أهمية سلامة العلاقات بين الإخوة

إن الأسرة كما نعلم هي الخلية الأولى للمجتمع وسلامتها ونجاح العلاقات بين أفرادها تعني سلامة المجتمع والعكس صحيح، ومن أبرز مميزات الأسرة الناجحة هي سلامة العلاقة بين الإخوة، وإن هدوء الأسرة وسلامة العلاقات القائمة بين أفرادها ينعكس إيجاباً على الأبناء وصحتهم النفسية والجسدية وتحصيلهم العلمي وإنجازاتهم في شتى المجالات، وإن العلاقة السليمة تُقوّي صلتهم ببعضهم البعض، فيتراحمون ويتعاضدون فيما بينهم، ويأخذون بأيدي بعضهم البعض إلى الخير والفلاح والنجاة في الدين والدنيا، ويجنون بذلك فلاحاً كثيرًا وخيًرا وفيرًا، وإنه لأمر على قدر عال من الأهمية حقًا، حيث إنه كثيرًا ما يؤدي توتر العلاقات بين الإخوة وهم صغار تحت سقف واحد إلى تدهور هذه العلاقة في كبرهم، ويمتدّ هذا الخلاف والتوتر إلى أزواجهم وأبنائهم، كما قد يؤدي إلى قطع الرحم، فلا بد من تمكن الآباء من قيادة دفة السفينة، وأخذ زمام المبادرة في المحافظة على سلامة العلاقة بين أبنائهم منذ نعومة أظفارهم، والحد من المشكلات ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها في ضوء الإرشادات الدينية والتربوية.

 إليكم أهم الخطوات العملية التي تساعد الآباء على إدارة العلاقات بين أبنائهم:

الخطوات العملية للحفاظ على سلامة العلاقة بين الإخوة

  • العدل بين الأبناء وعدم التمييز بينهم في المعاملة والرفق والمديح والثناء والثواب والعقاب، وبالأخص بين الذكور والإناث، فإن عكس ذلك يخلق شرارة حقد وكره في نفوسهم تشتعل عند أول خلاف فيما بينهم وتولد عندهم ردة فعل عنيفة مؤذية في كثير من الأحيان، وقد حث النبي  في كثير من الأحاديث على وجوب العدل بين الأبناء ومن ذلك قوله : سووا بين أولادكم في العطية1.
  • اطلاع الأبناء على أهمية العلاقة فيما بينهم، وأنها من أسمى العلاقات القائمة بين البشر، وأن الإخوة يتشاطرون الأم والأب والمكان والزمان والذكريات ذاتها، وهذا ما يجعل لهم مكانة خاصة لا تكون لغيرهم، وتذكيرهم بأن الأخ نعمة من الله تعالى، وأن سيدنا موسى عليه السلام استعان بأخيه هارون عند شعوره بالخوف من دعوة فرعون إلى الإيمان، والاستعانة بالكثير من قصص السلف عن مكانة الأخ وقيمة هذه العلاقة السامية.
  • الطلب المباشر من الإخوة الاهتمام ببعضهم وتحميلهم مسؤوليات وهموم بعضهم البعض وتقديم العون لمن يحتاجه، فيقدم الأخ الدواء لأخيه المريض ويعد له الطعام الذي يحبه، ويعطف الكبير على الصغير، ويراعى الصغير لصغر سنه، ويساعد من هو في مرحلة دراسية متقدمة، من هو أصغر منه سنًا، ويقدم له النصح والإرشاد وتقدم الهدايا التحفيزية لمن يقدم العون الأكبر، والدعم الأكثر من الأبناء، ويثني عليه لمسؤوليته وحسن خلقه.
  • الحفاظ على وحدة العائلة بأي وسيلة مناسبة؛ كجلسة عائلية يومية بإدارة أحد الأبوين بطريقة عفوية كالاجتماع على الطعام مثلاً، يحكي فيها الأبناء تفاصيل يومهم مع مراعاة اختلاف الفئات العمرية والإنصات لهم ومشاركة الجميع أفراح بعضهم ونجاحاتهم وتقاسمهم الهموم والأحزان والبحث عن الحلول للمشكلات التي تواجههم، فإن ذلك يُقوّي أواصر الإخوة فيما بينهم ويشعرهم بالقوة والبهجة والدفء والأمان.
  • تجنب المقارنة بين الأبناء سواء كانت هذه المقارنة بقصد بث روح الحماس فيما بينهم أو عن غير قصد، فإن ذلك يشعل نار الحقد والغيرة والحسد في قلوبهم .
  • الحديث عن الأبناء في غيابهم بإيجابية و إخبار كل واحد منهم على حدة بأن أخاه يحبه وهو ممتن لوجوده، ويسعى إلى إسعاده ويحزن لحزنه ويفرح لفرحه وإغراقهم بالدعوات على مسامعهم بأن يؤلف الله بين قلوبهم وأن يجمعهم على الخير في الدنيا والآخرة .

معوقات تواجه الآباء في إدارة العلاقة بين الإخوة والحلول المناسبة لها

الفروق الفردية بين الأبناء

وهو أمر طبيعي فلكل طفل طباعه وسماته الخاصة، والتي تميزه عن غيره، ولكن قد تؤدي هذه الفروقات بين الأبناء إلى خلق مشكلات مختلفة إن لم يستغلها الآباء بالطريقة الصحيحة كأن يتسم أحد الأبناء بالعناد والقوة والتسلط، ويتسم أحدهم بالضعف والخجل والتردد مما يؤدي إلى سيطرة الأول وضياع حقوق الآخر، وهذا بدوره يؤدي إلى خلق الكثير من المشكلات بين الأبناء وتوتر العلاقة بين الإخوة.

أو الفروق الفردية التي تؤدي إلى نيل أحد الأبناء إعجاب المحيطين به ( وبالأخص الجد والجدة والمحيط القريب منه) دونما إخوانه، كأن يمتلك شكلاً جميلاً أو حسًا فكاهيًا أو حضورًا اجتماعيًا مميزًا مما يجعله محط أنظار وإعجاب ومحبة الجميع، ويكون بمقابله ابن آخر لا يمتلك شكلًا جميلًا بمعايير المجتمع الذي يعيش فيه، أو لا يمتلك طلاقة اجتماعية أو حسًا دعابيًا يمكنه من أن يحظى بالقبول الاجتماعي مما يولد الغيرة بين الأبناء ويؤدي إلى خلق العديد من المشكلات في علاقتهم.

والحلول المقترحة لذلك:

عمل الآباء على سمات القوة والتسلط وصقلها وتوجيه طاقتها نحو الخير والإحسان والدفاع عن الحق بالحق والبحث عن الأسباب والدوافع الدفينة التي أدت إلى خلق هذه السمات وإيجاد الحلول المناسبة لها والعمل على سمات الضعف بتقويتها والبحث عن أسبابها ودوافعها وإيجاد الحلول لها.

وكذلك توعية الأبناء (مع مراعاة اختلاف فئاتهم العمرية) أن الإنسان من صنع الله الجميل الذي خلقه في أحسن تقويم وأن وجود مميزات في الشكل عند بعض الأفراد هي مميزات شكلية لا ترفع من قدر إنسان ولا تحط من قدر آخر، وأن أجمل الناس أنفعهم للناس وأحسنهم أخلاقًا وأكثرهم علمًا وتواضعًا، والسعي لتنمية المهارات العقلية والجسدية عند الأبناء والتي تجعلهم على قدر عال من الثقة بأنفسهم وعدم السماح للمحيطين بالطفل التمييز بين الإخوة والجزم في ذلك جزمًا قاطعًا لأن هذا التمييز يورث مخلفات نفسية سيئة عند الأبناء ويؤثر سلبًا على علاقتهم.

وجود إخوة وأخوات من أمهات متعددة

فقد يؤدي ذلك إلى خلق جو من التوتر بين الإخوة ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب كأن يتم التمييز بين الأبناء وعدم العدل بينهم والمحاباة من الأب إلى أبناء الزوجة المفضلة عنده، وربما ينقم الأبناء من الزوجة الأولى على إخوتهم من الزوجة الثانية انتقامًا لأمهم، وربما تسعى إحدى الزوجات إلى تمييز أبنائها وحصولهم على دعم واهتمام والدهم والمحيطين بهم بطريقة تؤذي الأبناء من الزوجة الأخرى، مما ينحدر بمستوى العلاقة بين الإخوة ويخلق جوًا من المشاحنة والبغضاء بين الإخوة.

والحل المناسب:

الوعي الكامل من جميع الأطراف (الأب والزوجات) بضرورة إقصاء الأبناء خارج دائرة الصراع والسعي لزرع المحبة والاحترام فيما بينهم، فتعدد الأمهات لا ينبغي أن يؤدي إلى تفريق الأبناء، فوجود عدد أكبر من الإخوة يجعلهم في تميز وقوة ومنعة وغمرة من البهجة والسعادة، فهم من أب واحد يجمعهم وإن تعددت الأرحام، وإبراز هذا المعنى للأبناء يساهم في الألفة بينهم وحل جميع الخلافات بطريقة حضارية واعية في ضوء التعاليم الشرعية والتربوية.

الخاتمة: إن سلامة العلاقات بين الإخوة من أجمل ما تتميز به البيوت المسلمة، وكذلك فإن هذا السلام يمتد إلى الأبناء والأحفاد وأبنائهم، فهو أمر مهم ومحوري في تربية الأبناء، وللآباء دور مباشر في ذلك، فهم الذين يُديرون هذه المؤسسة الصغيرة، وهم معنيون بالحفاظ على سلامة العلاقة بين أفرادها، وعليهم بذل كل جهودهم واتباع كل الطرق والوسائل التي تضمن سلامة هذه العلاقة، وصحة مسارها، كالحب غير المشروط لجميع الأبناء والعدل بينهم وفرض الاحترام المتبادل والوعي المعرفي واكتساب الخبرات التربوية الضرورية وتطبيق الهدي النبوي في حل الخلافات فيما بينهم، فيجنون بذلك خيرًا وبركة و وفضلًا وأجرًا عظيمًا، ويعكس ذلك على المجتمع المسلم بأسره فيعم الخير والفلاح في الدين والدنيا.

1    أخرجه الطبراني.
]]>
تعامل الطفل مع الممتلكات العامة والخاصة ـ ضوابط ومحاذير https://zidoworld.com/%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%81%d9%84-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%85%d8%aa%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7/ Sun, 13 Jul 2025 08:57:49 +0000 https://zidoworld.com/?p=6757 من أسس التربية الصالحة تعويد الأطفال منذ سنوات عمرهم الأولى على احترام الممتلكات العامة والخاصة، وإعدادهم على حسن التعامل معها، والعناية بها، وأن يكونوا قدوات صالحة تتحمل مسؤوليتها تجاه وطنها وتجاه الأسرة، فتقدر قيمة الأشياء، وتحسن الالتزام بالقوانين والضوابط والإرشادات التي يوجهها المربي في الأسرة، أو يدعو لها القانون والأخلاق العامة في الوطن والمجتمع، وقد يعتقد بعض الناس ممن ينقصهم الوعي اللازم أن اللامبالاة والإهمال أو سوء استخدام الطفل لتلك الممتلكات وسوء تصرفه فيها أمر مقبول وطبيعي كونه طفل صغير، أو كون الممتلكات عامة، فيستبيح استخدامها بشكل سيئ.

ولعل بعض الآباء والأمهات يسرفون في تدليل أطفالهم في المنزل، ويتجاهلون سوء تصرف أبنائهم فلا يوجهونهم مهما أحدثوا من أذى أو فوضى، وفي هذا إساءة كبيرة للطفل ولتربيته، الأمر الذي يستمر معه عندما يكبر، وتكون له عواقب سيئة، ومن هذا المنطلق كان لابد من التركيز على بعض المحاذير والضوابط المهمة في التربية في هذا المجال:

أولاً: محاذير تعامل الأطفال مع الممتلكات العامة أو الخاصة

  1. إعطاء الطفل الحرية بلا ضوابط: وهذه من إشكاليات التربية، فقد يعتقد بعض الآباء أن التربية الجيدة هي أن يفعل الطفل ما يشاء، دون أن يفكر في العواقب، مما يجعل الفوضى والتشويش والتخريب أمراً واقعاً، وكثيراً ما نشاهد في الأماكن العامة أو حتى في المنازل أطفالاً يقومون بالتخريب على مرأى ومسمع من آبائهم فلا نجد من يوجههم أو يردعهم، ومن مخاطر هذا الأمر أن ينشأ الطفل فوضوياً لا يتحمل المسؤولية، ولا يميز بين الخطأ والصواب، ومن هذا المنطلق لابد من تنشئة الطفل على الوعي العام بأضرار ومفاسد التخريب المتعمد.
  2. أن يرتكب الطفل الخطأ دون أن يبادر بالإصلاح والاعتذار: أو حتى إبداء الندم على أي تخريب يحدثه في الممتلكات العامة أو الخاصة، وهنا لابد من التنويه من أن وقوع الأخطاء أمر وارد، ولكن المهم تعويد الطفل على الاعتذار ومساعدته على إصلاح أي خطأ يرتكبه، وعلى سبيل المثال إن قام الطفل بالخربشة على الجدران فمن الجيد أن يعطى أدوات للتنظيف ليقوم بإصلاح ما أفسده، وهذا سيجعله يتحمل مسؤولية أفعاله لاحقاً.
  3. الحركة المفرطة وإزعاج الآخرين بالصراخ: خاصة في الأماكن العامة والمؤسسات الرسمية، فمن المهم تنبيه الطفل قبل زيارتها على أهمية التصرف بهدوء، والكلام بطبقة صوت هادئة، والتزام قواعد المكان.
  4. تجاهل القوانين واللوائح: وإن من المهم أن نلفت نظر الطفل إلى خصوصية كل مكان، ووجود مجموعة من القوانين واللوائح للتصرف الصائب فيه، فالتصرف في الحديقة العامة يختلف عن المستشفى، ويختلف كذلك عن المنزل، وبالتالي فإن وضع الطفل في الصورة العامة وتعريفه على التعليمات المطلوبة يسهل عليه الالتزام بها.

ثانياً: ضوابط التعامل مع الممتلكات العامة والخاصة

  1. التربية بالقدوة: فعندما يراقب الطفل تصرفات والديه في المنزل وخارجه، وكيف يتعاملون مع الأماكن والأشياء فإنه يبادر لتقليدهم، خاصة وأن الطفل في مراحل عمره الأولى يراقب والديه بدقة ويكتسب منهما أهم عاداته وسلوكياته، فالأطفال لا يولدون فوضويين أو غير مبالين أو مخربين، بل إن سوء التربية وانعدام التوجيه والقدوات السيئة هي ما تصنع منهم تلك الشخصيات المسيئة، وكذلك الأمر عند الأطفال الذين تربوا في بيئات سوية، فإننا نلحظ مدى حرصهم ومراعاتهم لحسن السلوك في أي مكان كانوا.
  2. إعطاء التعليمات المحددة والواضحة: يفاجأ الطفل في كثير من الأحيان أنه في أماكن يزورها ويتعرف إليها للمرة الأولى، من مساجد أو مدارس أو مستشفيات ومستوصفات أو حدائق عامة وغيرها من الأماكن العامة التي يمكن أن يصطحبه والداه إليها، فيجد نفسه يتصرف ويتحرك بشكل عشوائي وفضولي بهدف الاستكشاف، ويتسبب بحركته تلك بالإزعاج للناس في تلك الأماكن، كما أنه يشعر بأنه مقيّد ضمن أوامر الوالدين بأن يجلس ويلتزم الصمت والهدوء، وكثيراً ما يشعر بالضجر من الانتظار لوقت طويل، وعدم التمكن من الكلام أو الحركة، فتظهر منه تصرفات غير اعتيادية من بكاء أو صراخ أو محاولات للتخريب، وكلها تصرفات تنم عن عدم إدراك لما يتوجب عليه فعله، ومن الضروري أن يقوم الوالدان بخطوة استباقية، وذلك بإخباره عن المكان الذي يزوره، مع شرح وافٍ لما سيشاهده، وخلق تصور كامل في ذهنه لما سيقابل، وإعطائه تعليمات واضحة لكيفية تصرفه في تلك الحالات، دون تركه يواجه كل شيء وحده، وبهذا يختصر المربي نصف الطريق على الطفل، ويساعده على التقبل وحسن التصرف.
  3. التعزيز الإيجابي: من الجيد ترغيب الطفل والثناء عليه إن أحسن التصرف فهذا دافع له لتكرار السلوك الصائب،  ففي الحديث عن أنس بن مالك  قال: قال رسول الله : لَا يغْرِس مُسلِم غرْساً، وَلاَ يزْرعُ زرْعاً، فيأْكُل مِنْه إِنْسانٌ وَلا دابَّةٌ وَلاَ شَيْءٌ إلاَّ كَانَتْ لَه صَدَقَةً. رواه مسلم.
  4. تقبّل ردود فعل الطفل وانفعالاته في حال شعر بالضيق أو الملل، وإتاحة البدائل المقنعة مثل التجوال قليلًا خارج المبنى، وإخباره بهدوء أنك تتفهم ملله أو غضبه، ولعلنا نذكر هنا بضرورة وجود بعض الأدوات المساعدة على السلوك الجيد، كأن تضع الأم في حقيبتها بعض القصص الممتعة، أو بعض الأوراق والألوان مما يجعل استجابة الطفل إيجابية.
  5. المبادرة لإصلاح الأخطاء في حال ارتكابها، وتعليم الطفل أصول الشكر أو الاعتذار، فهذه التجارب من الخطأ والرجوع والاعتذار عنه تبني شخصية الطفل وتدفعه لأن يكون ناضجاً مهذباً قادراً على حل مشكلاته، واعياً بها.
  6. رفع مستوى انتمائه للممتلكات العامة من خلال إتاحة دمجه في أنشطة تساهم في رفع وعيه كالمشاركة في حملات تهتم بالنظافة أو غرس الأشجار أو نشر الوعي، ومن هذا المنطلق فإن الطفل سيدرك فيما يتعلق بالممتلكات العامة أن ما يحق له يحق لغيره أيضاً، فلا يستأثر بشيء لنفسه بل يدرك أن هذه الممتلكات وجدت لمساعدة الجميع، وبالتالي يجب أن نتعامل معها على هذا الأساس، وأما ما يتعلق بالممتلكات الخاصة فمن الجيد تذكيره أنها من نعم الله  وهبنا إياها لنحافظ عليها ونحسن التعامل معها، ومن هذا المنطلق سيقدر قيمة الأشياء ويدرك أنها لنفع الناس وجعل حياتهم أفضل، قال الله : وَتَعَاوَنوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعدْوَانِ [المائدة:2].

وأخيرًا فإن بناء الوعي في نفس الطفل، وتعويده تحمل المسؤولية منذ الصغر، واكتساب المعرفة، والتعلم من التجارب والأخطاء، والدربة على إصلاحها يحتاج إلى أسلوب حكيم وفن في التعامل، وتبيان للأهداف والغايات من ذلك كله، وإن المربي الواعي يستطيع أن ينوع في أساليبه، وأن يتحين الفرص دائماً ليغرس قيمة، وهو بذلك يخطو خطوات مهمة في تأسيس جيل مؤمن صاحب رسالة.


المراجع:

1 – الممتلكات العامة.. ثروة مهدورة بأيدي العابثين، أشجان المقطري.

2- دور الأسرة في التربية المدنية للأبناء وعلاقتها بتحمل المسؤولية الاجتماعية لديهم، د. جمال السناد.

3- كيف نوقف أعمال العبث والتخريب في المرافق العامة؟، غالية الذخرية.

]]>
متى وكيف نقدم السيرة لأبنائنا؟ https://zidoworld.com/%d9%85%d8%aa%d9%89-%d9%88%d9%83%d9%8a%d9%81-%d9%86%d9%82%d8%af%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d9%84%d8%a3%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a6%d9%86%d8%a7%d8%9f-2/ Sun, 06 Jul 2025 09:05:29 +0000 https://zidoworld.com/?p=6962 متى وكيف نقدم السيرة لأبنائنا؟

عدم معرفتهم، لها سببان:

أن نُعلّم أولادنا الدين بكل ما فيه من عبادات وأخلاق وعلاقات وسلوكيات من خلال القصص، أفضل من التعليم المجرد، وأن تكون هذه القصص هي قصص نبينا محمد ، فهذا أفضل ما يمكن أن نقدمه لأولادنا، كي يحبوا رسول الله فيتبعوه، أولًا، وكي نضمن أنهم يمشون في الطريق الصحيح عندما يتبعونه ثانيًا.

قال تعالى: لَّقَد كَانَ لَكُم فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ یَرجُوا ٱللَّهَ وَٱلیَومَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرًا [سُورَةُ الأَحزَابِ: ٢١]. وليعلموا أن اتباع الرسول الكريم هو في الحقيقة اتباع لله تعالى: قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحبِبكُمُ ٱللَّهُ وَیَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِيمٌ [سُورَةُ آلِ عِمرَانَ: ٣١]. 

أفضل وقت لسرد السيرة، هو وقت استعداد الطفل للاستماع والأجواء مهيئة لذلك ، ولعل قبيل النوم يُعد من الأوقات المناسبة بعد أن نتخلص من جميع المشتتات ويعم السكون المكان . كذلك وقت الانتقال أو السفر بالسيارة هو وقت مناسب للحديث عن السيرة، خاصة أننا بتنا نقضي وقتًا طويلًا نسبيًا في السيارة.

أساليب عرض السيرة

هناك أسلوبان رئيسيان لعرض السيرة الشريفة : 

الأسلوب الشامل: 

نقصُّ الأحداث الرئيسية في السيرة دون ذكر التفاصيل في جلسة واحدة أو جلستين، كي يصبح عند الطفل تصوّر كامل للسيرة، وهذه تكون بعمر سبع سنوات وأكثر، مع تعليم الطفل أن يصلي على النبي ، كلما ذكر اسمه. 

الأسلوب التفصيلي: 

نقصُّ أحداث السيرة بشكل مجزّأ على جلسات كثيرة، وبمواقف كثيرة، في كل مرة نذكر حدثًا بشكل تفصيلي. 

لكن لا نتعامل مع السيرة على أنها مجرد قصص نقصها على أولادنا، لابد من متابعتهم لتنفيذها، وربطها بمواقف يومية. 

يقول بعض المربين: نريد أن نربط السيرة بحياة أولادنا لكن لا نعرف كيف؟

ـ قلة إحاطتهم بالسيرة النبوية. 

ـ عدم قدرتهم على اختيار موقف من السيرة يناسب الموقف الذي يمر به الطفل. 

لحل المشكلة الأولى: على الوالدين عدم الاكتفاء بما يعرفونه من قصص السيرة، والتي قد يكون كثير منها غير صحيح، من فضل الله علينا أن المصادر الصحيحة أصبحت متوفرة للعامة، مثل كتاب الرحيق المختوم، وكتاب اليوم النبوي. 

أما حل المشكلة الثانية فهي أيضًا متصلة بطريقة ما مع حل المشكلة الأولى، لأن كثرة القراءة والاستماع للسيرة النبوية، يجعلنا نعرف كيف نربطها بالمواقف اليومية لأطفالنا بشكل مباشر، وكيف نربطها بحياتنا نحن كمربين فنكون قدوة لأولادنا.

يحدث في البداية أنه بعد أن ينقضي الموقف، يخطر ببالنا موقف السيرة المناسب له، أو بعد أن ينقضي الموقف نجلس مع أنفسنا ونسألها: “أي موقف من السيرة يناسب ما حدث؟”.

وهكذا يتدرب عقلنا، ويصبح سريع البديهة يربط مواقف أطفالنا مع المواقف المناسبة من السيرة. 

تختلف المعلومات المقدمة من السيرة وطريقة التقديم، باختلاف عمر الطفل.

وباعتبار أن هذا المقال يتناول الطفل من عمر ٤- ٦ سنوات فينبغي أن نعلمهم التالي:

المعلومات الأساسية عنه :  

وقت ومكان ولادته، اسم أمه، اسم أبيه، اسم جده، نسبه الشريف. 

هذه المعلومات تقدم من عمر أربع سنوات، عن طريق الأناشيد المحببة للأطفال. 

 يمكن الاستعانة ببطاقات تعليمية لتقديمها، تجدون هذه البطاقات متوفرة للطباعة على الانترنت، في كل بطاقة توجد معلومة من المعلومات السابقة، نعرض هذه البطاقات على الطفل بطريقة إبداعية، كأن نضعها في صندوق وكل يوم يسحب الطفل بطاقة بشكل عشوائي، ثم يتعلم ويحفظ المعلومة الموجودة عليها. 

أو عن طريق لعبة المطابقة، حيث تُكتب المعلومة في بطاقتين، يطابق الطفل بين المعلومة وبين جوابها الصحيح، مثال: في بطاقة نكتب “اسم أم النبي” وفي بطاقة ثانية “آمنة” وعلى الطفل أن يطابق بين هذه البطاقتين. 

الوحي والمعجزات:

في عمر ست سنوات يكون الطفل قابلًا لفهم معنى المعجزات، والأمور الخارقة للطبيعة، من ضمنها الوحي، وكي لا يخلط بينها وبين ما قد يشاهده في التلفاز مثل كلام شخصيات أفلام الكرتون مع الحيوانات، أو الأبطال الخارقين، علينا أن نوضح له أن المعجزات أمر حقيقي وليست خيالًا، وقد أعطاها الله القدير لنبيه محمد دليلًا على نبوته كي يصدقه الناس، وإكرامًا له، من هذه المعجزات الجمل الذي اشتكى لرسول الله أن صاحبه يجيعه ويتعبه. 

معاملته للصغار: 

من طبيعة الإنسان أنه يحب المحسنين، ويزداد حبه عندما يكون هذا الإحسان موجها له أو لأقاربه أو لمن يخصه ويشبهه.

لذا عندما يعرف الصغار كيف كان رسول الله يحسن للصغار الذين مثلهم، يلاعبهم ويلاطفهم ويقربهم إليه في المجالس، فإن ذلك يزيد في حبهم لرسول الله

طريقة تقديم القصة: 

نحكي للطفل قصة من قصص النبي مع الصغار، ثم نطلب منه أن يتوقع كيف تصرف رسول الله

مثال: جاء رسول الله ليصلي في المسجد، وهو يحمل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما، عندما سجد رسول الله ، صعد الصغير على ظهره، توقعوا ما هو رد فعل النبي؟

عن عبد الله بن شداد قال: “خرج علينا رسول الله في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم رسول الله ، فوضعه ثم كبَّر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر الرسول الكريم، وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي؛ فلما قضى رسول الله الصلاة، قال الناس: “يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يُوحى إليك، فقال: “كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته”!!1

شجاعته: 

نحدث الطفل عن شجاعة النبي منذ عمر أربع سنوات، لكن يتم التركيز أكثر على قيمة الشجاعة في السيرة النبوية ابتداء من عمر ثماني سنوات، حيث يميل الأطفال خاصة الذكور منهم في هذا العمر للأبطال والشجعان، كتب السيرة مليئة بالمواقف الدالة على شجاعة رسول الله في السلم والحرب، مثل هذا الموقف: “فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناسٌ مِن قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله راجعًا، وقد سبقهم إلى الصوت، -وفي رواية-: وقد استبرأ الخبر – وهو على فرس عُرْي لأبي طلحة، في عنقه السيف، وهو يقول: لن تُراعوا، قال: وجدناه بحرًا، أو إنه لبحر، قال: وكان فرسًا يبُطَّأ”2.

ونحدثهم عن شجاعته في غزواته ، عن علي قال: “لقد رأيتُني يوم بدر. ونحن نلوذ (أي نحتمي) بالنبي عليه السلام وهو أقربنا إلى العدوِّ، وكان مِن أشدِّ الناس يومئذ بأسًا))؛ [حسن سنده محقق شرح السنة]. ومن عمر عشر سنوات تقريباً نتوسع أكثر بتفاصيل الغزوات …

تعامله مع أهل بيته: 

لابد من الحرص على شمولية الطرح في جوانب السيرة النبوية، نحدثهم عن شجاعة رسول الله، وأيضًا نحدثهم عن رفقه مع أهل بيته وصحبه، كي تكون معرفتهم بالسيرة شمولية متوازنة، لا تميل إلى طرف واحد. 

قالت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته” أخرجه أحمد، والترمذي في الشمائل

طريق تقديم صفاته: 

تبادل الأدوار: 

بعد عمر تسع أو عشر سنوات، يمكن أن نتبادل الأدوار مع أولادنا، بحيث هم يبحثون عن قصص من سيرته ويخبرونا بها في جلسة عائلية. 

ماذا نستفيد من هذه الطريقة؟ 

  • هذه الطريقة حماسية وفعّالة أكثر. 
  • تعلم الطفل طرق البحث بشكل عام. 
  • تعلم الطفل التأكد من صحة القصص المنسوبة للسيرة النبوية، كي يصل إلى مرحلة يتقصى قبل أن يصدق كل ما يسمع. 

وكي نساعده ونسهل عليه المهمة في البداية، يمكن أن نحدد له عدة فيديوهات أو كتب وقصص يبحث فيها، مثل سلسلة أبجديات الثقافة الإسلامية على اليوتيوب، أو كتاب مختصر الشمائل المحمدية، وكتاب اليوم النبوي. 

نشاط ماذا نفعل؟ 

هدف النشاط هو معرفة كيف يطبق الطفل القيم التي تعلمها من السيرة النبوية في حياته، كي لا يكون هناك انفصال بين الجانب النظري والجانب التطبيقي. 

يمكن تنفيذ هذا النشاط بطريقتين:

الأولى: في أي وقت بدون تحديد، نسأل الطفل عن موقف محدد ونقول له: ماذا تتوقع أن رسول الله سيفعل لو كان معنا في هذا الموقف؟

الثانية: عندما يتعرض الطفل لموقف ما، نسأله: “ماذا ستفعل لو كان رسول الله يراك؟” 

تلك هي الطريقة العامة لتقديم شمائله وصفاته للأطفال، والمربي الفطن هو من ينتبه إلى ما ينقص طفله من صفات ومهارات مثل الكرم أو الصبر أو حسن التعامل مع الناس، فيختار من سيرة النبي المواقف التي تدعم ذلك وتحث على ذلك، فيقصها على طفله ويكررها حتى تصبح عنده عادة.3.4.5.6.

1    صحيح النسائي، رقم 1140.
2    متفق عليه.
3    المصادر:
4    الرحيق المختوم: صفي الرحمن المباركفوري.
5    منهج نماء إعداد مؤسسة المربي.
6    كتاب علم نفس النمو، حامد عبد السلام زهران.
]]>
إرشادات عملية للأمهات في تربية البنات https://zidoworld.com/%d8%a5%d8%b1%d8%b4%d8%a7%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%87%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%aa/ Sat, 05 Jul 2025 20:41:51 +0000 https://zidoworld.com/?p=7002 قبل البدء بالحديث عن أهم الإرشادات والخطوات العملية التي تساعد الأمهات في تربية البنات تربية صحيحة صالحة ومثمرة لا بد من الإجابة عن كثير من التساؤلات التي تدور حول الاهتمام بتربية البنات، مثل: لماذا يُثار كل هذا الجدل حول تربية البنات؟ ولماذا يتم التمييز بين الإناث والذكور في العملية التربوية؟.

وفي هذا المقال محاولة للإجابة عن الكثير من هذه التساؤلات من خلال سرد بعض النقاط المهمة، والتي يتضح من خلالها الضرورة الملحة للاهتمام بتربية البنات، وأنها عملية تربوية سليمة ترتكز على الركائز الدينية والعلمية والنفسية الصحيحة، وتزداد تلك الأهمية للأسباب الآتية:

  • التكوين الفيزيولوجي والبيولوجي للبنات والذي يجعل منهن كائنات عاطفية حساسة، تعتريها تقلبات على الصعيد النفسي والجسدي، والذي بدوره يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالمحيط ومجريات الواقع من حولها، وهذا يتطلب جهداً من المربين في تقديم الدعم اللازم للفتيات تبعاً لاختلاف الفئات العمرية.
  • الحملات الشرسة (مختلفة المصادر) ضد الفتيات على اختلاف أعمارهن، والتي لا تهدأ منذ القدم، ولكنها تشهد تفاقماً وتطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى تجريد الفتيات من فطرتهن الأنثوية التي فُطرن عليها، وسلخهن عن كل القيم والمبادئ الأخلاقية التي ترافقهن بشكل عام على اختلاف الأزمنة والأمكنة، والتي تؤدي بدورها إلى فساد المجتمع وزلزلته، وقد تأخذ هذه الحملات شكل التيارات الفكرية ويتجمع حولها المروّجون من كافة أنحاء العالم كمحاربة الحجاب والعفة وتهديم ضوابط العلاقة مع الجنس الآخر، والنسوية ونظرية النوع الاجتماعي، وغير ذلك.
  • أهمية البنت كفرد في المجتمع، فالأنثى هي الحلقة الأولى والأهم في سلسلة التكوين الأسري، وهي التي تلد الأفراد، فتصنع بهم مجتمعاً بأكمله قادراً على الإنجاز والتغلب على مصاعب الحياة، وتقديم النسخة الأفضل من تحقيق استخلاف الله لنا في هذه الأرض.

لذلك علينا أن نولي تربية البنات وإصلاحهن وفلاحهن اهتماماً كبيراً، ونسعى لذلك سعياً دؤوباً محفوفاً بالجد والبحث والعمل.

الإرشادات والخطوات العملية للأمهات في تربية البنات

من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى سن البلوغ:

  • مراعاة الجانب النفسي للفتاة وتقلباتها المزاجية واحترام مشاعرها ودوافعها العاطفية البحتة وتقديم الدعم اللازم لها من حب وحنان واهتمام وإعجاب.
  • الحرص كل الحرص على العدل بينهن وبين إخوانهن وأقرانهن من الذكور، فإن ذلك يجنب المربين والفتيات معاً الكثير من المشاكل التي قد تحصل نتيجة للتمييز بين الذكور والإناث والذي قد تورث حقداً دفيناً في قلب البنت تجاه الذكور، وقد يأخذ أشكالاً مختلفة من الفشل في علاقاتها مع إخوانها وزوجها عند الكبر.
  • مراعاة الحشمة في اختيار ملابسهن منذ نعومة الأظفار، وتدريبهن على الاختيار الأمثل للملابس، وهي نقطة البداية التي تساعد على الالتزام بالحجاب عند البلوغ، فالاعتياد على التستر والحشمة في سن مبكرة مهم جداً، وهو من الخطوات التمهيدية العملية التي تسبق ارتداء الحجاب.
  • ضرورة تنمية مهارات الفتيات الصغيرات في المجالات كافة، وعدم الاقتصار على تركهن للاستمتاع بالدمى فقط، كخوض المسابقات وحفظ القرآن الكريم وتنمية الثقافة العامة وممارسة الرياضة المناسبة لها، فإن ذلك يسعد الفتيات ويملأ وقتهن بالنافع والمفيد، ويكسب الفتاة ثقة بنفسها وبذويها مع مراعاة الاختيار الأمثل للنوادي وصحبة الأهل لها في كل المحافل والمسابقات دعماً وحماية لها.
  • لابد من التنويه إلى موضوع اختلاطهن بالجنس الآخر بالنسبة للبنات الصغيرات، ولابد من السير في طريق الوسطية المتوازن مع التذكر بأنهن لسن مكلفات بعد، وإنما ما نعمل عليه من أجل التعود والتدريب والتدرج، فلا نمنع ذلك منعاً قطعياً، فقد يورث المنع رغبة جامحة في فعل الممنوع، ولا نترك الأمر دون مراقبة.
  • ضرورة منح البنات الحرية المدعمة بالثقة اللازمة (ضمن الضوابط الشرعية) لضمان استمراريتهن وضمان تحقيقهن أعلى مستوى من الإنجازات.
  • زرع الثقة في أنفسهن وتبادل الحوارات والنقاشات البناءة بشكل دائم ومستمر وتدريبهن على تقبل النقد البناء وتنمية الروح الرياضية في نفوسهن وتقبل الربح والخسارة، والتي تجنبهن الكثير من المشكلات الاجتماعية التي تحصل في كبرهن كرد فعلٍ للشعور بالنقص وقلة الثقة بالنفس، بالمقابل لابد من حمايتهن من النقد المجتمعي الجارح بشكل صارم وغير متساهل.
  • تدريبهن على تحقيق التوازن بين جمال الشكل وكمال العقل، ومساعدتهن على اكتساب هذه المهارة عن طريقين:
    • تحقيق جمال المظهر، وذلك باختيار الملابس الجميلة والتي تجاري متطلبات عصرهن (ضمن الإطار الشرعي)، وتهذيب الشعر وإصلاح بعض العيوب إن كانت تؤثر سلباً على الثقة بالنفس، والتي لا حرمة فيها كإصلاح الأسنان مثلاً.
    • تحقيق كمال العقل بحصولهن على التعليم المناسب لهن وتنمية مواهبهن وتوسيع ثقافتهن ومداركهن وتدريبهن على استخدام الأجهزة التكنولوجية وتشجيعهن على حفظ القرآن وخوض المسابقات العلمية والأدبية وحضور ورشات العمل واصطحابهن إلى الندوات الأدبية والمحاضرات الثقافية.
  • العمل المستمر على ملء فراغ البنات وعدم تركهن للهو والزينة والثرثرة، بل لابد من تنمية مواهبهن وتطوير مهاراتهن في المجالات المختلفة.
  • الحذر من الخوض العميق في وسائل التواصل الاجتماعي وهذا يستوي فيه الذكور والإناث، لكن ربما تكون الفتيات أكثر تصديقاً وتأثراً بما تسمعه وتراه في هذا الفضاء الواسع، فلابد من تحديد المحتوى والرقابة المستمرة.
  • الحرص على تفعيل دور الصحبة الصالحة والقدوة الحسنة وربط الفتيات بمثال أعلى كأمهات المؤمنين أو واحدة من الصحابيات أو العالمات أو إحدى النماذج الناجحة والمتميزة في عصرهن أو محيطهن.
  • أخيراً؛ إن السلام الذي تنعم به بعض العلاقات المميزة بين الفتيات وذويهم، وبين الفتيات وأنفسهن يكمن سره في مدى قدرة الوالدين على التفهم والاحتواء، وقدرتهم على زرع محبة الله وخشيته في نفوس البنات، فإن ذلك يسهل في كبرهن وقوفهن عند حدود الله ​​​​​​​، والتفاني في بر والديهم، وسعيهن لتكوين أسرة مسلمة بحق، يرضى عنها الله ورسوله، عمادها العلم والإيمان والعمل الصالح وحسن الخلق.

إن تربية البنات مسؤولية كبيرة يلقيها الله على عاتقنا وهي شرف عظيم، وإن الإحسان إليهن سبب لدخول الجنة، ففي الحديث الشريف عن أبي سعيد الخدري  قال رسول الله من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فله الجنة رواه أبو داوود والترمذي، وإنهن من ألطف العطايا الإلهية وأبهجها، كيف لا وهن المؤنسات الغاليات اللواتي ما حللن في بيت إلا وأضأن عتمته كالقمر في وسط الظلام، ولا نزلن بدار إلا وأشرقت جنباته كالشمس في وسط النهار فلابد من مراعاتهن والعمل الدؤوب على تربيتهن تربية صالحة مصلحة ناجحة فالحة.

لمزيد من الأفكار والوسائل العملية الاطلاع على: (لمحات في تربية البنات) للمؤلف عبد الملك القاسم.

]]>