الخوف عند الأطفال ـ مميزات وعيوب copy
الثلاثاء 8 ذو القعدة 1446هـ by ajjaj

الخوف عند الأطفال مميزات وعيوب

الخوف عبارة عن شعور عاطفي داخلي وغريزة فطرية ناتجة عن الشعور بالخطر أو توقعه. ويمكن ان نقسم الخوف إلى ثلاثة أنواع خوف فطري وهذا موجود في الإنسان والحيوان لمواجهة الأخطار والمحافظة على البقاء؛ حتى الأنبياء وقع منهم هذا الخوف فيعقوب عليه السلام خاف على ولده يوسف عليه السلام من الذئب أن يأكله، ونبي الله موسى عليه السلام خاف عندما رأى عصاه انقلبت إلى حية عظيمة تسعى، وهذا كله خوف فطري طبيعي لا يلُام عليه الإنسان. ومن حكمته توقي الخطر ومواجهة التهديد. 

والخوف الثاني خوف شرعي محمود مرغب فيه وهو الخوف من الله وهو من صفات المتقين الصالحين يحملهم على فعل الطاعات وترك المعاصي. 

والخوف الثالث خوف مذموم وهو خوف غير منطقي وغير مبرر له بتبرير سليم أو خوف مبالغ فيه. وهذا النوع مرض يجب معالجته وهو متفاوت؛ فمنه ما يجعل صاحبه ضعيفا وقد يفوت عليه حقوقه ومصالحه، ومنه ما يصل بصاحبه إلى مرض نفسي معقد يجعل صاحبه يعيش حياة القلق والتعاسة والاكتئاب، وربما اشتد الخوف بصاحبه فقتله والعياذ بالله. وللخوف تأثير على هرمونات الجسم وإفرازاته، وقد تظهر علامات الخوف جلية على البدن مثل الرعشة أو التعرق أو التشنج أو التجمد – لا يستطيع الحركة – أو البكاء أو المواجهة والقتال أو الهروب.

مميزات الخوف:

الخوف الفطري الطبيعي سبب للمحافظة على البقاء والسلامة ومواجهة الأخطار والاستعداد لها. والطفل بطبيعته ضعيف؛ ولهذا فالخوف عنده أكثر ليحافظ على سلامته، وللخوف الفطري فوائد ودوافع تجعل الإنسان يحرص على سبل السلامة والنجاح؛ فالخوف من الفشل يقتضي الاجتهاد، والخوف من الضياع يقتضي عدم الابتعاد من المنزل، والخوف من الخسارة يقتضي الحرص على المال، والخوف من المهالك يقتضي مجانبتها، والخوف من الله يقتضي التقوى. فالخوف الفطري والمنطقي غريزة لصالح الإنسان وحمايته. كما أن هناك أطفالاً قد يغلب عليهم اللامبالاة وعدم الخوف! وهؤلاء يحتاجون إلى التخويف المنطقي الذي ينبههم على العواقب والأضرار حتى لا يقعوا فيما لا يحمد عقباه.

عيوب الخوف:

الخوف غير المنطقي أو المبالغ فيه يعيق الطفل عن تطوير ذاته، ويزعج حياته، ويقلق راحته، ويشل حركته، ويحرمه كثيرا من الفرص. ومن مظاهر الخوف المرضي التبول اللاإرادي عند الأطفال، والخوف من الجن والأشباح وتخيل ذلك، والخوف من الظلام بشكل عام والخوف من الوحدة فدائما يريد الطفل مرافقا ومصاحبا له، والخوف من الحشرات الصغيرة ومن الحيوانات الأليفة بشكل مفزع ومبالغ فيه، والخوف من الناس، وهو ما يُسمى بالرهاب الاجتماعي، وهذه الأعراض وغيرها منتشرة عند الأطفال بشكل متفاوت، وهناك أعراض أخرى للخوف المرضي إلا أنها أقل في الأطفال كالخوف من المجهول أو من الموت.

وهذا الخوف إذا زاد عن حده صار مرضا يحتاج إلى علاج وإلى مختص نفسي. وسنذكر هنا بعض أسباب الخوف المرضي عند الأطفال ووسائل تربوية علاجية مبكرة لتكوين شخصية شجاعة متماسكة قوية بعيدة عن الخوف المرضي.

أسباب الخوف المرضي:

  1. الحكايات والقصص والمواقف المرعبة التي يتعرض لها الطفل؛ وبعض أولياء الأمور يتعمد ذلك ليحد من نشاط ولده. وهذا خطأ فادح من الآباء والأمهات وعادة قبيحة تزرع الخوف المرضي في قلب الطفل مبكرا.
  2. مشاهدة القصص والمقاطع التي تثير عاطفة الحزن أو الخوف أو الرعب بقوة؛ فينزلها الطفل على واقع حياته.
  3. تعرض الطفل لمواقف مفزعة أو مؤلمة من إنسان أو حيوان فينطبع الخوف بقلبه من ذلك الشيء ويصاب بتوتر تجاه ذلك السبب.
  4. التربية السلبية للطفل كالتهديد والتخويف والتحقير والكلمات العنيفة والمؤذية. وهذا خطأ من المربين يجب استبداله بالتربية الإيجابية القائمة على التشجيع.
  5. العقوبات المبالغ فيها للطفل.
  6. المشاكل الأسرية والصراخ يؤثر سلبا على الطفل. والأولى تجنيب الأطفال ذلك ما أمكن.
  7. الخوف الزائد على الطفل ومنعه من الاختلاط والخروج والدخول مما يولد عنده الخوف من الأشياء.

علاج الخوف المرضي:

  1. تدريب الأطفال وتعويدهم التعامل مع الأشياء التي تبدو مخيفة لديهم كالظلام والنوم وحده والحشرات وغيرها.
  2. المعالجة بالقدوة وإظهار الشجاعة من الكبار أمام الأطفال بدلا عن الخوف والفزع.
  3. الإكثار من القصص والحكايات عن الشجاعة والشجعان وإبراز النماذج الشجاعة التي تكسب الطفل شجاعة وقوة.
  4. التربية الإيجابية والتشجيع والإشادة بالطفل وقدراته بدلا عن العبارات المثبطة والتي تزيد من خوف الطفل وتثبيطه.
  5. ترك العقوبات البدنية والنفسية والتهديد ما أمكن، وفتح الحوار المنطقي والمنصف مع الطفل، واختيار العقوبة المناسبة عند اللزوم، والتي تربي الطفل وتهذبه.
  6. احتضان الطفل واحتواؤه والسماع منه ومعرفة أحواله واصطحابه وإشعاره بالأمان وبالوقوف بجانبه.
  7. استبدال ثقافة الخرافة والتخويف بتعزيز ثقافة الطفل ثقافة سليمة كبيان الحكمة من الأشياء؛ وأنها لخدمة الإنسان ونفعه فالليل والظلام ليستريح الإنسان، وعالم الجن ليس له سلطان على الإنس وأنهم يخافون الإنس، وأن الحيوانات هي التي تخاف الإنسان، والإنسان أقوى منها.
  8. التعزيز من قوة الطفل وصلابته بالرياضة والمهارات التي تزيده ثقة وقوة.
  9. استخدام أسلوب الغمر وهو مواجهة الخطر المزعوم لينكشف له أنه أمرًا طبيعيًا ومعقولاً وليس بخطر حقيقي وأننا نستطيع التعايش معه. وهذا الأسلوب يحتاج إلى عناية وتدرج وإشراف.

وأخيرًا فالطفل بطبعه يخاف من أشياء كثيرة ويبالغ في الخوف منها مع أنها لا تستحق ذلك، وكلما كبر الطفل تخلص من كثير من المخاوف غير المنطقية. والتربية السليمة لها دور كبير في الحد من الخوف المرضي وإصلاح الطفل وإكسابه الثقة بنفسه، بعكس التربية والثقافة الخاطئة التي تزيد من الخوف وتجعله مرضا نفسيا مقلقا.