
كيف نربي أبناءنا على حب التعلم..؟
تربية الأولاد على حب التعلم مهمة حيوية، ومسؤولية بالغة الأهمية والخطورة، وقد حمَّل الإسلامُ الآباء والمربين مسؤولية كبرى في تعليم الأولاد، وتنشئتهم على الاغتراف من معين الثقافة والعلم، وتركيز أذهانهم على الفهم المستوعب، والمعرفة المجردة، والمحاكمة المتزنة، والإدراك الناضج الصحيح.. وبهذا تتفتح المواهب، ويبرز النبوغ، وتنضج العقول، وتظهر العبقرية.
ومن المعلوم تاريخيًا أن أول آية نزلت على قلب الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه هذه الآيات: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: ١ – ٥] وما ذاك إلا تمجيد لحقيقة القراءة والعلم، وإيذان لرفع منار الفكر والعقل، وفتح لباب الحضارة على مصراعيه. ص 256 ، وهذه المسؤولية لا تقل أهمية عن المسؤوليات الأخرى الواجبة على المربين من مثل: المسؤولية الإيمانية، والخلقية، والجسمية.
فالتعلم هو المفتاح للنجاح في الحياة، ولتحقيق الأهداف المرسومة، وهو الأساس الذي تبنى عليه المجتمعات المتقدمة والحضارات العظيمة. ومع ذلك، فإن كثيرًا من الأولياء يعانون من صعوبة في إيجاد الطرق المناسبة لتنمية حب التعلم لدى أولادهم.
وعليه يأتي السؤال الأهم: كيف يمكن تحقيق هدف تنمية حب التعلم لدى الأطفال؟ وما هي النصائح والإرشادات العملية حول كيفية تحقيق هذا الهدف؟
1- التعليم المنزلي في مرحلة مبكرة: بحيث يمكن للأهل البدء في تعليم أطفالهم منذ الصغر؛ حتى يتمكنوا من تشجيع الأطفال على حب التعلم والاستمرار فيه. ويمكن البدء بأنشطة ترفيهية وتعليمية والتي تركز على تعليم المهارات من مثل اللعب والرسم والقراءة والكتابة والحساب، وكذلك المهارات الاجتماعية من مثل التواصل والتعاون وحل المشكلات.
2– تشجيع الفضول والاستكشاف: يمكن تشجيع الأبناء على حب التعلم من خلال إشعال فضولهم وتشجيعهم على استكشاف العالم من حولهم. على سبيل المثال، يمكن للأبوين تحفيز الأطفال على القراءة والبحث عبر الإنترنت عن أشياء تثير اهتمامهم الفضاء، البيئة، التاريخ، العلوم، وغيرها. وفي مستوى عمري أكبر يمكن تشجيعهم على حضور الحوارات والندوات المجتمعية التي تتناول مواضيع مختلفة وتثري معرفتهم وكذلك تشجيعهم على التطوع في الأنشطة المختلفة المتعلقة بالبحث العلمي والابتكار كأنشطة الكشافة وغيرها..
3- تعليم الطفل مهارات مناسبة لمستوى نموه العقلي: فمن الضروري معرفة مستوى الطفل العمري والعقلي والتعامل معه بطريقة مناسبة لهذا المستوى. وهنا يقتضي الأمر إما معرفة مستوى ذكاء الطفل بالعودة إلى مختص بنمو الطفل أو استشارة بعض العاملين في مرحلة رياض الأطفال فقد يزودوا المربين ببعض المقترحات الهامة أو العودة إلى المواقع المختصة بنمو الأطفال.
4- استخدام الطرق التعليمية المبتكرة: يمكن استخدام العديد من الطرق التعليمية المبتكرة والمسلية لجعل عملية التعلم ممتعة ومشوقة، مثل استخدام الألعاب التعليمية والبرامج الإلكترونية.
وهنا أود أن أشير إلى موضوع استخدام الألعاب الإلكترونية والتطبيقات في التعلم: من الأفضل ومن تجربتي الشخصية كمربية عدم استخدام الألعاب التعليمية قبل عمر 5 سنوات (كي نمنع تشكيل روابط نفسية بين الطفل واكتساب العلم إلكترونيا إذ يكون تركيز الأطفال على كيفية اللعب والنجاح فيه أكبر من تركيزه على ما يشاهده أو ما يتعلمه)
أما إن تجاوز الطفل السنوات الخمس الأولى فنضمن أننا نكون قد دربناه على اكتساب المعلومات بطرق مختلفة وسليمة أولا ثم يمكن لنا أن نضيف بعض التطبيقات التي تركز الحروف والكلمات وبعض المفاهيم، أما عن الألعاب فهناك بعض الألعاب الشهيرة مثل لعبة سالم وغيرها تحقق الهدف.
5- الإشادة بالتحصيل الدراسي والجهود المبذولة: يجب على الأهل أن يعبروا عن إشادتهم بجهود الأطفال وتحصيلهم الدراسي والتقدم المحرز في العملية التعليمية، وتحفيزهم على المضي قدماً. (يمكن للمربين الاستفاضة في أنواع واشكال التعزيز وشروط نجاحه بالعودة للمراجع التربوية)
6- توفير الأدوات المناسبة: يمكن للأدوات المناسبة أن تحفز الأطفال على الاستكشاف والتعلم. على سبيل المثال (يمكن شراء ألعاب تعليمية أو أدوات بناء)، والتي يمكن أن تساعد الأطفال على تعلم الرياضيات والعلوم والهندسة.
7- تحفيز الأطفال وإشراكهم في العملية التعليمية: فيجب تحفيز الأطفال وتشجيعهم على الاهتمام بالموضوعات المختلفة وتقديم الأسئلة والتحديات لهم لزيادة انتباههم وتفاعلهم. (مسابقات تجريها خلال سهرة المساء مع أطفالك، أفسح له مساحة من الإبداع بأن تطرح عليه مشكلة واختبره بطرائق حلها حتى وإن كان فيها شيء من الخيال أو تحتاج مقومات غير موجودة بالواقع حاليًا فاقتراح مثل هذه الحلول يساعد الطفل على تطوير طرائق التفكير لديه وتوسيع البنية المعرفية بكل مداركها) كما يمكن إشراكهم في تحديد الأهداف التعليمية وإعداد خطط العمل لتحقيقه.
8- تعلم الأشياء الجديدة معًا: يمكن أن يكون التعلم أمرًا ممتعًا عندما يتم مشاركته. لذا يمكن للأبوين أن يحفزوا الأطفال على تعلم الأشياء الجديدة معًا، سواء كان ذلك عن طريق قراءة كتاب معًا أو تعلم لغة جديدة أو حتى تعلم طهي وجبات جديدة.
9- الحفاظ على جو من الاحترام والتفاهم: يجب على الأهل الحفاظ على جو من الاحترام والتفاهم مع الأطفال. (لوم الطفل على فشله في حل مسألة معينة أو صعوبة استذكاره لسورةٍ من القرآن من شأنه أن يخلق مشاعر سلبيةٍ اتجاه التعلم الأمر الذي علينا أن ننتبه منه)؛ فالمشاعر اتجاه العلم تعد موجه أساسي لسلوك الطفل. وهنا يمكننا أن نورد بعض المقترحات: (اجعل جو التعلم حماسيًا من خلال استخدامك لكلمات التشجيع مع طفلك كلما أدرك معلومة أو فهم مفهومًا جديدًا، احترام أفكار الطفل الجديدة أو الغريبة وعدم الاستهزاء بها والانتباه لمستوى صوت المربي ولغة الجسد خلال سماعه مثل هذه الأفكار).
10– توفير بيئة داعمة: يجب توفير بيئة داعمة لليافعين لتشجيعهم على حب التعلم. يجب أن تكون البيئة المحيطة بهم مليئة بالمصادر التعليمية والثقافية، ويجب تشجيعهم على التواصل مع الأصدقاء المهتمين بالتعلم أيضا فتوفير البيئة الاجتماعية الحاضنة تعد من المحفزات الهامة لليافع.
كيف نحبب الأولاد في المدرسة والتعلم؟
- شراء الطفل واختياره أدوات التعليم والمدرسة.
- مرافقة الأبناء وتوصيلهم إلى المدرسة واستغلال الوقت بشكل ممتع أثناء الذهاب معهم أمر هام.
- سؤال الأطفال عن تفاصيل حصصهم وبطريقة توصل من خلالها رسائل إيجابية للطفل مثل: صديقك فلان ماذا فعل في الفرصة والمعلم الفلاني ماذا علمكم اليوم؟
- مساعدتهم في واجباتهم وبث الروح الإيجابية خلال الامتحانات لتقويض قلق الامتحان لدى الأطفال وتأكيد فكرة أن الامتحان فرصة لتركيز المعلومات وليس أزمة
- التحفيز المعنوي وليس المادي فحسب فهو أكثر تدعيمًا إذ لا ينقضي بانقضاء الموقف التعليمي بل يمتد اثره إلى مواقف لاحقة..
- استثمار التعلم لترسيخ القيم الإنسانية وربطه بمفهوم الخلافة واستعمار الإنسان في الأرض ودور الفتى/الفتاة المسلمة في مستقبله القريب؛ فهذا يعطي للتعلم عند الطفل بعداً رسالياً محفزاً وخاصة في المراحل العمرية المتوسطة والثانوية.
- إيجابية الأساليب التعليمية والتفاعلية والإشادة بجهود الأطفال.
- إتاحة الفرص العملية للأطفال لتعلم مهارات جديدة وتطبيقها على أرض الواقع.
- تقديم أمثلة لشخصيات مثل العلماء والمخترعين ورجال الدين وغيرهم.
- مشاركة الوالدين مع الأولاد في احتفالات المدرسة وحضور الاجتماعات أمر ذو أهمية ويساعد على تدعيم ثقة الطفل بنفسه فيما بعد.
- اهتمام الآباء والمربين بمدرسة الطفل ومجرياتها مما يدعم ثقة الطفل بنفسه ويطور شخصيته الاجتماعية ومهاراته الانفعالية في فترة مبكرة من حياته.
الخاتمة:
مما سبق نجد أن الاهتمام بتنمية عقل الطفل وشخصيته يتطلب الاهتمام بتنمية حب التعلم لديه، من خلال تشجيعه على الاستكشاف وتوفير مساحة جميلة من الإبداع واحترام أفكار الطفل الجديدة كونها تعبر عن مستوى تفكيره ومعالجته للأحداث من حوله، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على حبه لمصادر العلم وللعلم كغاية أساسية تساعده على تحقيق خلافته في هذه الأرض وإعمارها على الوجه الذي أراده الله لنا أن نكون عليه.1تربية الأولاد في الإسلام..2فنون التربية الإيجابية د. مصطفى أبو سعد..3التربية المثالية قاموس الـ 1000 نصيحة في مجال التربية المؤلّفة: إليزابيث بانتلي.