متى وكيف أتحدث مع أبنائي عن المثلية الجنسية؟ copy
الثلاثاء 22 ذو القعدة 1446هـ by ajjaj

متى وكيف أتحدث مع أبنائي عن المثلية الجنسية؟

يعصف هذا العصر الحديث بنا مستحدِثًا مواضيعَ لم يكن المربي يومًا مضطرًا للتعامل معها، ونجد أنفسنا اليوم في صراعٍ ما بين وجوب تناول هذه المواضيع وسدّ الثغرات أو النأي عنها وسلوك مسلك السابقين، وخاصة إذا كان الموضوع حساسًا كالتربية الجنسية.

ولوقت ليس بالبعيد كان الحديث عن هذه المواضيع يعتبر من المحرمات المجتمعية، وينظر لمن يطرحها على أطفاله نظرة المتهم الذي يفتح عقولهم -كما يقولون- على ما لا ّيصح لأعمارٍ صغيرة أن تعيَه.

والحقيقة أن هذه الأعمار والنفوس الصغيرة تتعرض للعشرات إن لم يكن المئات من الرسائل المباشرة وغير المباشرة عن هكذا مواضيع تأتيهم من كل حدب وصوب من حيث لا ندري أو يدرون.

وتؤكد الدراسات أن الطفل صاحب السنوات السبع لا بد له أن يكون قد سمع أو رأى شيئًا عن هذه المواضيع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فكان لزامًا على المربي أن يتدارك هذا الواقع المفروض بأن يكون النافذة الأولى لطفله عن هذه المواضيع؛ فيطرح عليه ما يناسب عمره وشخصيته وبأنسب الطرق وأسلمها؛ فيكون هو المصدر الأول الموثوق للطفل في هذه المواضيع، وكما قالوا: الوقاية خير من العلاج.

وقبل أن نجيب عن سؤالنا.. كيف ومتى نحدثهم عن المواضيع الجنسية؟
دعونا نطرح السؤال الأهم .. لماذا يتخوف البعض ويبتعد عن الحديث في هذه المواضيع؟
يحتمل الأمر عدة احتمالات عند المربين:

أولاها؛ ثقافة العيب التي أشرنا لها سابقاً، والتي تجعل كل ما يمت لهذه المواضيع بصلةٍ موصومٌ بوصمةِ عارٍ تجعل حتى الحديث العلمي عنها مُعيبٌ لقائلهِ، فينفر منه المربون.

وثانيها؛ الخوف على براءة أطفالهم، ولو علم هؤلاء ما يُدَسَّ لأطفالهم منذ سنيّهم الأولى على الشاشات وبرامج الأطفال الملونة المبهجة من رسائلَ مدروسةٍ ممنهجةٍ لما قبِلوا إلا أن يحموا فطرتهم باستباق التعليم عن هذا الأمر وتنصيب أنفسهم منصب المعلّم الأول.

وثالثها؛ الجهل، فنحن مع كل ما وصلنا إليه من تطور وعلوم حديثة جاهلون بحقيقة الطبيعة الجنسية والمعلومات الواجب علينا معرفتها فنورِّث الجهل الذي ورثناه عن آبائنا إلى أبنائنا على اعتبار أنه لن يضرهم شيئًا، فإن لم يكن يضرنا عدم معرفتنا حينها، لكن مع هذا العصر المتسارع سيضرهم بالتأكيد وهم محاطون برسائل مشوَهة من كل مكان.

وإذا أردنا أن نعود لسؤالنا الأول.. كيف ومتى نعلمهم؟!.. فأقول أن نبدأ بأنفسنا ونبحث بعين العاقل الراشد متفتح الذهن الذي يهدف إلى تجميع كل المعلومات عن هذا المجال ثم غربلته وتنقيحه وتبسيطه لإعطائه لأبنائه بأفضل شكل وحمايتهم من المعلومات المغلوطة المشوهة التي قد يستقبلها من لعبة أو أغنية أو صديق أو فيديو كرتوني.

وهذه بعض النقاط الأساسية التي قد تجيب عن بعضٍ من تساؤلاتنا وكثير من تساؤلاتهم.. 

ما الذي يجب عليَّ معرفته كمربي؟

أنواع المثلية المنتشرة، والتي لم تعد تنحصر على النوع الأول المعروف، وهو أن يميل الشخص إلى نفس جنسه بل تعددت إلى عدم الراحة على حد زعمهم في جنسهم الذي خلقوا فيه، فيعمدون إلى تغييره نفسيًا أو جسديًا وهم المتحولون جنسيًا، وهناك أصحاب الازدواجية الجنسية، والذين يحرّكهم الحب بزعمهم فيجرون وراءه بغض النظر عن جنس صاحبه، وعسى الله أن يعافينا مما سيأتي من أنواع بعدها، وحريٌّ هنا بالمربي الواعي أن يسمي الأسماء بمسمياتها بدون خدش للحياء ولا توريةٍ للحقيقة، فكل ما سبق ذكره هو من الشذوذ، وعندما أتكلم مع طفلي يجب مراعاة استخدام هذه اللفظة ليأنف ممّن شذّ عن فطرته وجنسه وهويته التي وهبه إياها الخالق .

ما يجب عليّ معرفته أيضًا أن الأمر برمته ليس مجرد سوء خلق أو قلة وازع ديني فحسب، بل هو أجندات عالمية ضخمة واقتصادٌ كامل قائم على هذه الأفكار المسمومة، فالحذر كل الحذر.

متى أتحدث مع أبنائي عن الموضوع؟؟

حيث أبناؤك الآن.. كلٌّ حسب ما يناسب شخصه وعمره، فنبدأ مع أطفالنا منذ سنيهم الأولى بتعزيز هويتهم الجنسية الخاصة والتأكيد على ألفاظ ومعانٍ من مثل، ذَكر وأنثى، أب وأم، عائلة، وكيف أن الله فطر الإنسان على الزواج وتكوين أسرةٍ وإنجاب أطفالٍ بإطارٍ من الحب الجميل.

ثم إذا كبروا قليلًا أوضحنا لهم أن بعض الناس يشوهون فطرتهم السليمة بتغيير هويتهم الجنسية أو ميلهم الفطري للجنس الآخر، وكيف أنهم يضطرون لتغييرات نفسية وجسدية ويعانون من مشاكل نفسية وجسدية إثر ذلك.

ومع تقدم أعمارهم نحدثهم عن أنواع الشذوذ وأخطاره على الفرد والمجتمع، ونبيّن لهم أن الأمر لم يعد بعيدًا، بل هم يحاولون سوقه إلينا سوقًا، وعلينا أن نكون يقظين في كل حين. 

وقد يفيد أن نناقش معهم في عمر أكبر أسباب هذه الظاهرة من تشوهٍ في الفطرة ونقص في العاطفة أو مواقف تحرش في الطفولة ورسائل إعلامية ومجتمعية مع التأكيد على خطورة وبشاعة وفداحة الأمر وأن الإنسان قادر أن يختار طريق الحق رغم صعوبته فإن لم يستطع فحريّ به طلب المساعدة.
يساعدني هنا أن أزيد رصيدي من الكتب والدورات التي تتحدث عن التربية الجنسية بشكل عام لأحدد المعلومات المناسبة لكل فئة عمرية.

هل هي عيب جيني؟

يتحدد جنس الجنين وهو ما بين ستة عشر إلى عشرين أسبوعًا في بطن أمه، وفي حالات نادرة جدًا يولد الطفل بجهازين تناسليّين وهي بنسبة حالة واحدة من كل 25000 ولادة، وتسمى الخنثى المُشكِل، وقد ناقش أحكامه فقهاءُ المسلمين، وكان الرأي أن يتم الانتظار حتى البلوغ ورؤية هل علامات البلوغ تتبع كونه ذكرًا أم أنثى! ثم تحديد جنسه على هذا الأساس. 

وهذا ليس الحال أبدًا عند الشاذّين جنسيًا، حيث لا عيب خَلقيًا عندهم وإنما فطرةٌ تشوهت بفعل عواملَ مثل البيئة والمجتمع والأسرة والتربية والمُدخلات وطبيعة العلاقات والكثير غيرها، ويضطر الكثير منهم إلى الخضوع إلى علاجات هرمونية مكثفة وجلسات نفسية عديدة ليستطيع ممارسة حياته الطبيعية بعد انسلاخه من فطرته التي فُطر عليها، فهي قطعا ليست جيناتٍ وإنما خُلقٌ مكتسب.

هل هي حرية شخصية؟

ووصل الحال بالدول التي كانت تنادي بالحرية للمثليّين أن وضعت قوانين تمنع الوالدين من تمييز هوية جنسية معينة للطفل منذ ولادته، بل وتدين الأهل الذين يحاولون مساعدة طفلهم الذين لاحظوا عليه ميلًا متطرفًا بأخذه إلى طبيب أو معالج نفسي على اعتبار أن هذا مسّ بحريته الخاصة.. 

فإن كانت حرية شخصية لماذا لا أستطيع أن أختار عدم الإيمان بها؟، وإن كانت حرية شخصية فلماذا يحارب مخالفوها؟، ولماذا لا أستطيع أن أربي طفلي بهوية جنسية واضحة كنوع من أنواع الحرية؟، ولماذا لا أستطيع أن أفتح أبسط برنامج كرتوني لابني من دون أن أخشى عليه من رسائل مبطنة لا تمت للحرية بصلة؟.

الازدواجية في طرح الحرية واضح تمامًا عند داعمي الشذوذ، فهو حرية لهم لزامٌ على غيرهم، وإن كانت حرية الفرد تنتهي عند حرية الآخرين فلننظر إلى تبعاتها علينا.

ما هي تبعات الموضوع على حياتنا وحياتهم؟

كون الأطفال من أعمار صغيرة -على عكس ما قد نتوقع- جاهزين ليعلموا ما آثار كل ما تحدثنا به عليهم وعلى حياتنا بشكل عام، ويمكن لنا أنا نبادر بطرح أسئلة تفتح مداركهم لما قد يحصل مثل .. ماذا تتوقع أن يحصل في العالم إذا تزوج الرجال بالرجال والنساء بالنساء؟، ماذا لو لم يكن هناك جنس، محدد ولم ندرِ من الذكر ومن الأنثى؟، كيف سيربي هؤلاء الأطفال الذين سيتبنونهم ؟ ومن إجاباتهم نسلط الضوء على موضوع قلة الولادات وبالتالي قلة كبيرة في عدد سكان الأرض يعقبها انقراضٌ للعالم على المدى البعيد.

انتشار ظاهرة الأسر غير الطبيعية والتي تفتقر إلى الرابط البيولوجي مع أبنائها والتي تخرج أطفالًا بعقد نفسية كثيرة، انتشار ظواهر الاكتئاب والانتحار بين المثليين، تشوه في المشاعر والعلاقات بشكل عام وتفكك في المجتمعات، وننطلق من هنا إلى الحديث عن عقوبتهم حيث اللعنة هي جزاؤهم من الله.. لأنهم شوهوا الفطرة التي فطر اللهُ الناسَ عليها، فقد لعن رسول الله  المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء، ولنا في قصة لوط أفضل مثال ضربه الله تعالى لنعي أن هذه الأفعال الشاذة موجودة دائمًا، قد تكون سرًا أو جهرًا كما في قوم لوط، وكما بدأ يحصل في عصرنا، وهي من الكبائر التي توجب نزول لعنة الله على فاعليها وتشمل من يسكت عنها من غير فاعليها كامرأة لوط التي لم تقع في الفاحشة لكنها لم تستنكرها بل أعطت لفاعليها مساحةً من الحرية المزعومة فكان أن أصابها ما أصابهم، وهنا نؤكد معهم على أهمية استنكار هذا الفعل وليس فقط تجنّبه.

كيف أتعامل مع الإيحاءات والرسائل غير المباشرة؟  

يتوجب علينا كمربين توعية أبنائنا من الرموز والصور المنتشرة والتنبيه إليها، فمعرفتهم بها أدعى لأن يتجنبوها وهم واعون بكل ما يقدّم لهم، وكما قيل : عرفتُ الشرَ لا للشرِ بل لتوقّيه.. ومن لم يعرف الشر يقع فيه.

فلنستغل المواقف حين تظهر لهم شخصية كرتونية تثير هكذا شبهات برسالة مبطنة بشكلها أو بكلامها
فنلفت نظرهم  ونسأل أسئلة تعمل عندهم الجزء المنطقي في الدماغ مثل.. هل لاحظت.؟ ما رأيك بأنهم جعلوا شكله أو تصرفاته تشبه الفتيات؟ ماذا يريدوننا أن نفكر؟ هل تتوقع أن ألوان علم المثلية التي انتشرت على معظم ألعاب الأطفال هي بالصدفة أم شيء مدروس ومقصود؟، ونخبرهم أنهم يريدون أن يألفها الصغار ويعتادوها فيكونون داعمين غير مباشرين لها، فالحذر الحذر..

وكما أوضحتُ سابقًا فإن المثلية من المواضيع المستحدثة، لكن انتشارها المخيف وقربها من أطفالنا يجعل من الحكمة للمربي أن يتناولها بوعي وحكمة ويكون هو دائمًا المصدر الموثوق والمرجع الأول.