
التقنية المعاصرة ومخاطرها على الأطفال
غزت التقنيات الحديثة شتى المجالات الحياتية، واستطاعت الوصول لجميع الفئات العمريّة، ورغم أنها وفرت المعلومات ولها العديد من الإيجابيات إلا أن لها آثارًا سلبية تعاني منها معظم الأسر.
محتويات المقالة
الآثار السلبية للتقنية الحديثة على الأطفال
ثلث مستخدمي الإنترنت تقريبًا في العالم من الأطفال، وهم يتصفحون وسائل التواصل الاجتماعي، ويلعبون الألعاب، ويستخدمون تطبيقات الهاتف المحمول، ويحدث هذا كثيرًا من دون إشراف الكبار، مما يسبب آثارًا ومخاطر نذكر منها:
الآثار الاجتماعية
- تقليص العلاقة بين الطفل وبين أسرته، فالطفل يعيش في عالم خاص به، كأنه غريب في بيته.
- الانطواء والعزلة وعدم رغبة الطفل في اللعب الجماعي مع أقرانه، أو ممارسة الرياضة، أو التنزه، أو القراءة، أو الرسم، وغير ذلك، مما قد يؤدي إلى فقدان الكثير من المهارات الاجتماعية والمعرفية والوِجدانية والتعليمية.
- زعزعة مكانة الكبار والبالغين وسلطتهم، وانخفاض مكانة المدرسة.
- تغيير سلوكيات الطفل وخاصة عند ممارسته للألعاب العنيفة.
أفكار عملية:
- الجلوس مع الطفل واحتوائه من قبل الوالدين في المنزل وإعطائه جرعات من الاهتمام.
- تفعيل المشاركة الأسرية، وجعل ساعات يومية يقوم فيها أفراد الأسرة بالتواصل فيما بينهم وإشراك الطفل فيها، وسؤاله عن أحواله وأصدقائه.
الآثار النمائية
- التأخر اللغوي، فقد أثبتت دراسة أجراها علماء من جامعة بوسطن في الولايات المتحدة ونشرت في 1/ 2015 في مجلة «طب الأطفال» «journal Pediatrics» أنه كلما زاد الوقت المنقضي أمام الشاشات قل نمو الطفل الإدراكي، ويمكن أن يعاني من مشكلات لغوية.
- قلة الحركة المصاحبة لاستخدام الأجهزة الإلكترونية وتؤدي إلى الإرهاق والتعب وتسبب مشكلات القلق والتوتر والعصبية وقلة التركيز والتشتت الذهني والتأخر الدراسي.
- كثرة جلوس الطفل بالساعات أمام الأجهزة تؤدي إلى ضعف نظره، وإصابته بالصداع وأوجاع العظام، خاصة وأن جسده لا يزال في مرحلة التكوين، كما قد تؤدي إلى إصابته بالسمنة وما يرتبط بها من أمراض.
أفكار عملية:
- ألا تزيد ساعات المتابعة التلفزيونية، أو الألعاب الإلكترونية، أو الإنترنت للطفل عن ساعة واحدة يوميًا.
- إشراك الطفل في أنشطة رياضية واجتماعية وترفيهية خارج المنزل، أو في مسابقات دورية كحفظ القرآن مثلًا.
الآثار النفسية
- فقدان الطفولة (حرق المراحل العمرية): أدَّت المضامين الإعلامية المتنوعة الموجهة للصغار والبالغين على حد سواء إلى إلغاء الحدود بين عالم الطفولة وعالم البلوغ؛ لأنها تكشف للأطفال أسرارًا من عالم البلوغ كالعنف والجنس، حيث يمكن أن يتعرض لنماذج سلوكية غير ملائمة لجيله.
- فقدان الثقة بالنفس وإضعاف شخصية الطفل نتيجة مقارنة نفسه بنماذج غير واقعية، بالإضافة لتعريض الطفل إلى الكثير من الأفكار والمعتقدات الغريبة والثقافات التي لا تتوافق مع مجتمعه وبيئته.
- متلازمة الإنهاك المعلوماتي بسبب كثرة المعلومات التي يتعرف عليها الطفل دون التأكد من صحتها.
أفكار عملية:
- مساعدة الأطفال على تصفح المواقع الهادفة والمفيدة في تكوين شخصياتهم ودعم قدراتهم ومهاراتهم. أو تثبيت التطبيقات ذات المحتوى الآمن الموافق لأعمارهم.
- عدم وجود الجهاز التقني في غرفة مغلقة، كغرفة الطفل الخاصة به، وإنما ينبغي أن يكون في مكان عام في المنزل، فيكون ما يشاهده أو يلعبه الطفل مراقبًا ومتابعًا من الأهل. كما أن هناك أدوات وبرامج للوالدين تتيح لهما خيارات التحكم.
الآثار الأخلاقية
- العنف: عندما يقوم الطفل بممارسة لعبة إلكترونية فإنه يشارك بنفسه في العنف، بالقتل والضرب والتخريب والسرقة والتفجير وغير ذلك؛ مما يولد عنده تبلدًا للإحساس وقلة احترام النظام والتقاليد، فضلًا عن عدم احترام قواعد الإسلام ومبادئه. وليست الألعاب وحدها المليئة بالعنف، فنظرة فاحصة لما تعرضه وسائل الإعلام، تُظهر الاستخدام المفرِط للعنف. مما يرسِّخ تلك القيم في عقول أبنائنا، فيتبنونها تدريجيًّا. كما يمكن أن يصاب الأطفال بصدمات نفسية بسبب مقاطع الفيديو المروعة التي يشاهدونها على الإنترنت.
- الإباحية: حيث تحتوي التقنيات الحديثة على مواد بها مشاهد خليعة قد يشاهدها الطفل، وهي ما تقتل براءته، وتشوش أفكاره، وتشوه جمال طفولته، ثم إن الطفل يتعلم هذا السلوك الذي يشاهده دون إدراك لصحة هذا الفعل أو خطئه، ويختزنه الطفل في العقل الباطن، وقد يستدعي هذا الفعل في أي وقت إذا توافرت الظروف الملائمة له.
ثقافة الاستهلاك ونشر القيم الفردية
لعب الإعلام دورًا بالغَ الأهمية في نشر وتدويل ثقافة الاستهلاك، وإعلاء قيم الفردية؛ مما أسهم في إيجاد احتياجات ومطالب يرفعها الناشئة داخل الأسرة ترهق كاهل الأبوين ماديًّا أو معنويًّا، وتثير توترات في عملية التنشئة الاجتماعية.
أفكار عملية:
- التربية الإيمانية: وتعتبر هي الخطوة الأولى والأهم في الممارسة الآمنة للأطفال في استخدام هذه الأجهزة، فالعناية بالجانب الإيماني لدى الأطفال، وتعزيز القيم الإسلامية، سيكون بمثابة جدار الحماية حين تعرضهم لأي نوعٍ من أنواع الأذى، وقد عني القرآن بهذا الجانب فقال تعالى: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [سورة ق: 33].
- الانتباه لأي أعراض أو مؤشرات تظهر على الطفل كالعزلة أو العنف أو فقدان الشهية، أو ضعف النظر، أو قلة النوم، أو البكاء بلا سبب، أو عدم الرغبة في الكلام أو تبنّي أفكار وأفعال شاذة والتمسك بها، أو ضعف التحصيل الدراسي، أو ظهور أعراض صحية غير طبيعية كالتبول اللاإرادي، أو الصداع، أو الخوف الدائم وغيرها من الأعراض التي تتطلب التدخل السريع.
خطر الوقوع ضحية للجرائم الإلكترونية
- يحدث عبر الإنترنت الكثير من التنمر الإلكتروني، حيث يمكن أن يتعرض الأطفال للسخرية في الأحاديث المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في الألعاب؛ لذا لابد من التحدث إلى أطفالك بصراحة عما يحدث في حياتهم وعن كيفية التصدّي للمتنمرين.
- انتشار التحرش والاستغلال الجنسي للأطفال: يمكن أن يطارد المتحرشون الجنسيون الأطفال على الإنترنت، فيستغلون براءتهم وثقتهم، وربما يجذبونهم في النهاية إلى لقاءات شخصية خطيرة للغاية. يتخفى هؤلاء المتحرشون على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الألعاب التي تجذب الأطفال، ففي هذه الأماكن، لا يستغلون براءة الأطفال فحسب، بل يستغلون موهبتهم في التخيل. وتعد لعبة التظاهر والتخيل جزءًا شائعًا كطُعم لاجتذاب الأطفال.
- نشر معلومات خاصة: لا يُدرك الأطفال الحدود الاجتماعية بعد. فقد ينشرون معلومات شخصية عبر الإنترنت لا ينبغي أن تُنشَر على العامة، بدءًا من صور لأوقات خاصة غير مناسبة، ووصولاً إلى عناوين منازلهم، أو معلومات بطاقة ائتمان الوالدين.
- منشورات تعود لتطارد الطفل في حياته لاحقًا فأي شيء ينشره طفلك عبر الإنترنت يستحيل تقريبًا إزالته لاحقًا. لكن الأطفال على وجه الخصوص لا يفكرون في المستقبل ، فينشرون الصور المضحكة أو المحتويات الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع الويب الأخرى. اشرح لأبنائك أنهم قد يغيرون الصورة التي يرغبون في الظهور بها عبر الإنترنت لاحقاً، لكن قد لا يسمح لهم الإنترنت القيام بذلك.
أفكار عملية:
- التحقق من فواتير البطاقات الائتمانية والهاتف بحثًا عن أي رسوم غير مألوفة.
- تعليم أطفالك كيفية السلوك الآمن والمسؤول عبر الانترنت، مع توضيح المخاطر ووضع القواعد ومنها:
-
- لا تنشر أبدًا أو تتاجر بالصور الشخصية.
- تجنُّب النقر على رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية الواردة من الغرباء.
- الحذر من العروض عبر الإنترنت التي تعد بالكثير من المغريات .
- لا تكشف أبدًا عن أي معلومات شخصية، مثل العنوان أو رقم الهاتف أو اسم المدرسة أو الموقع.
- لا تشارك كلمات المرور مع أحد سوى والديك.
- لا توافق أبدًا على الاجتماع وجهًا لوجه مع أي شخص قابلته عبر الإنترنت من دون موافقة ولي الأمر.
- لا تردَّ أبدًا على رسائل التهديد والتخويف التي تردك عبر البريد الإلكتروني أو في وسائل التواصل الاجتماعي، وأخبر والديك عنها فورًا.
- أبلِغ الجهات المعنية عن أية تصرفات مريبة، أو مشكوك فيها، أو أية مقاطع، أو صورٍ خادشة للحياء ومنافية للآداب والذوق العام، أو أية برامج أو ألعاب تدعو للعنف، أو الكراهية، أو الأذى الجسدي.
الآثار الإيجابية للتقنية
وختامًا فإن لكل عملة وجهان، ولكي نكون منصفين لابد لنا من الحديث عن فوائد التقنية لأبنائنا، ومن تلك الفوائد:
الاستمتاع بالتعلم
فبدلاً من التلقين الممل يمكن للتقنية أن تعزز التعليم، وتساعد على شرح المفاهيم الصعبة والنظرية، وأن تساهم في جعل التعلم ممتعًا كاللعب.
التواصل
وتساعد التقنية في تعزيز هذه العملية. وتمكن الطلاب من التواصل مع بعضهم البعض ، ومع شبكة المدرسين وقتما يريدون، بالإضافة لتمكين التواصل مع الأقارب والأرحام وخاصة مع ظروف بُعد الإقامة .
التعلم الذاتي
يمكن للعديد من طلاب اليوم الولوج إلى المكتبات الإلكترونية من أجل البحث عن مبتغاهم. ومن فوائد أدوات التعلم الذاتية الإلكترونية الأخرى أنها تجعل الطلاب متحمسين للتعلم بشكل فردي ودراسة مواد جديدة، والبحث عما يناسب ميولهم ورغباتهم، فيكون الدافع للتعلم داخليًا لا خارجيًا.
التعلم المجاني
وهو مفهوم تعليمي جديد مثير للاهتمام نشأ خلال الثورة التقنية. وفي الوقت الراهن، من الممكن “الحصول على شهادة” بشكل رسمي في أي مجال تريده دون الحاجة فعلاً إلى دفع ثمنها1للاستزادة يمكن الاطلاع على: – التكنولوجيا الحديثة والأطفال، استشاري طب الأطفال د. هاني رمزي عوض، الشرق الأوسط 2/2015. – أثر استخدام التكنولوجيا على سلوك الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، مجلة بحوث التربية النوعية، 10/ 2018، راندا محمد المغربي، قسم دراسات طفولة کلية الاقتصاد المنزلي جامعة الملک عبد العزيز. – بحث أثر التكنولوجيا الحديثة على الأطفال، المجلة الإلكترونية الشاملة، 4/2022، منى خزعل العميري كلية التربية الأساسية، الكويت. – Environ Res. 2018 Jul.Adverse physiological and psychological effects of screen time on children and adolescents: Literature review and case study..