001.jpg (إرشادات عملية للأمهات في تربية البنات)
السبت 10 محرم 1447هـ by ajjaj

إرشادات عملية للأمهات في تربية البنات

قبل البدء بالحديث عن أهم الإرشادات والخطوات العملية التي تساعد الأمهات في تربية البنات تربية صحيحة صالحة ومثمرة لا بد من الإجابة عن كثير من التساؤلات التي تدور حول الاهتمام بتربية البنات، مثل: لماذا يُثار كل هذا الجدل حول تربية البنات؟ ولماذا يتم التمييز بين الإناث والذكور في العملية التربوية؟.

وفي هذا المقال محاولة للإجابة عن الكثير من هذه التساؤلات من خلال سرد بعض النقاط المهمة، والتي يتضح من خلالها الضرورة الملحة للاهتمام بتربية البنات، وأنها عملية تربوية سليمة ترتكز على الركائز الدينية والعلمية والنفسية الصحيحة، وتزداد تلك الأهمية للأسباب الآتية:

  • التكوين الفيزيولوجي والبيولوجي للبنات والذي يجعل منهن كائنات عاطفية حساسة، تعتريها تقلبات على الصعيد النفسي والجسدي، والذي بدوره يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالمحيط ومجريات الواقع من حولها، وهذا يتطلب جهداً من المربين في تقديم الدعم اللازم للفتيات تبعاً لاختلاف الفئات العمرية.
  • الحملات الشرسة (مختلفة المصادر) ضد الفتيات على اختلاف أعمارهن، والتي لا تهدأ منذ القدم، ولكنها تشهد تفاقماً وتطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى تجريد الفتيات من فطرتهن الأنثوية التي فُطرن عليها، وسلخهن عن كل القيم والمبادئ الأخلاقية التي ترافقهن بشكل عام على اختلاف الأزمنة والأمكنة، والتي تؤدي بدورها إلى فساد المجتمع وزلزلته، وقد تأخذ هذه الحملات شكل التيارات الفكرية ويتجمع حولها المروّجون من كافة أنحاء العالم كمحاربة الحجاب والعفة وتهديم ضوابط العلاقة مع الجنس الآخر، والنسوية ونظرية النوع الاجتماعي، وغير ذلك.
  • أهمية البنت كفرد في المجتمع، فالأنثى هي الحلقة الأولى والأهم في سلسلة التكوين الأسري، وهي التي تلد الأفراد، فتصنع بهم مجتمعاً بأكمله قادراً على الإنجاز والتغلب على مصاعب الحياة، وتقديم النسخة الأفضل من تحقيق استخلاف الله لنا في هذه الأرض.

لذلك علينا أن نولي تربية البنات وإصلاحهن وفلاحهن اهتماماً كبيراً، ونسعى لذلك سعياً دؤوباً محفوفاً بالجد والبحث والعمل.

الإرشادات والخطوات العملية للأمهات في تربية البنات

من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى سن البلوغ:

  • مراعاة الجانب النفسي للفتاة وتقلباتها المزاجية واحترام مشاعرها ودوافعها العاطفية البحتة وتقديم الدعم اللازم لها من حب وحنان واهتمام وإعجاب.
  • الحرص كل الحرص على العدل بينهن وبين إخوانهن وأقرانهن من الذكور، فإن ذلك يجنب المربين والفتيات معاً الكثير من المشاكل التي قد تحصل نتيجة للتمييز بين الذكور والإناث والذي قد تورث حقداً دفيناً في قلب البنت تجاه الذكور، وقد يأخذ أشكالاً مختلفة من الفشل في علاقاتها مع إخوانها وزوجها عند الكبر.
  • مراعاة الحشمة في اختيار ملابسهن منذ نعومة الأظفار، وتدريبهن على الاختيار الأمثل للملابس، وهي نقطة البداية التي تساعد على الالتزام بالحجاب عند البلوغ، فالاعتياد على التستر والحشمة في سن مبكرة مهم جداً، وهو من الخطوات التمهيدية العملية التي تسبق ارتداء الحجاب.
  • ضرورة تنمية مهارات الفتيات الصغيرات في المجالات كافة، وعدم الاقتصار على تركهن للاستمتاع بالدمى فقط، كخوض المسابقات وحفظ القرآن الكريم وتنمية الثقافة العامة وممارسة الرياضة المناسبة لها، فإن ذلك يسعد الفتيات ويملأ وقتهن بالنافع والمفيد، ويكسب الفتاة ثقة بنفسها وبذويها مع مراعاة الاختيار الأمثل للنوادي وصحبة الأهل لها في كل المحافل والمسابقات دعماً وحماية لها.
  • لابد من التنويه إلى موضوع اختلاطهن بالجنس الآخر بالنسبة للبنات الصغيرات، ولابد من السير في طريق الوسطية المتوازن مع التذكر بأنهن لسن مكلفات بعد، وإنما ما نعمل عليه من أجل التعود والتدريب والتدرج، فلا نمنع ذلك منعاً قطعياً، فقد يورث المنع رغبة جامحة في فعل الممنوع، ولا نترك الأمر دون مراقبة.
  • ضرورة منح البنات الحرية المدعمة بالثقة اللازمة (ضمن الضوابط الشرعية) لضمان استمراريتهن وضمان تحقيقهن أعلى مستوى من الإنجازات.
  • زرع الثقة في أنفسهن وتبادل الحوارات والنقاشات البناءة بشكل دائم ومستمر وتدريبهن على تقبل النقد البناء وتنمية الروح الرياضية في نفوسهن وتقبل الربح والخسارة، والتي تجنبهن الكثير من المشكلات الاجتماعية التي تحصل في كبرهن كرد فعلٍ للشعور بالنقص وقلة الثقة بالنفس، بالمقابل لابد من حمايتهن من النقد المجتمعي الجارح بشكل صارم وغير متساهل.
  • تدريبهن على تحقيق التوازن بين جمال الشكل وكمال العقل، ومساعدتهن على اكتساب هذه المهارة عن طريقين:
    • تحقيق جمال المظهر، وذلك باختيار الملابس الجميلة والتي تجاري متطلبات عصرهن (ضمن الإطار الشرعي)، وتهذيب الشعر وإصلاح بعض العيوب إن كانت تؤثر سلباً على الثقة بالنفس، والتي لا حرمة فيها كإصلاح الأسنان مثلاً.
    • تحقيق كمال العقل بحصولهن على التعليم المناسب لهن وتنمية مواهبهن وتوسيع ثقافتهن ومداركهن وتدريبهن على استخدام الأجهزة التكنولوجية وتشجيعهن على حفظ القرآن وخوض المسابقات العلمية والأدبية وحضور ورشات العمل واصطحابهن إلى الندوات الأدبية والمحاضرات الثقافية.
  • العمل المستمر على ملء فراغ البنات وعدم تركهن للهو والزينة والثرثرة، بل لابد من تنمية مواهبهن وتطوير مهاراتهن في المجالات المختلفة.
  • الحذر من الخوض العميق في وسائل التواصل الاجتماعي وهذا يستوي فيه الذكور والإناث، لكن ربما تكون الفتيات أكثر تصديقاً وتأثراً بما تسمعه وتراه في هذا الفضاء الواسع، فلابد من تحديد المحتوى والرقابة المستمرة.
  • الحرص على تفعيل دور الصحبة الصالحة والقدوة الحسنة وربط الفتيات بمثال أعلى كأمهات المؤمنين أو واحدة من الصحابيات أو العالمات أو إحدى النماذج الناجحة والمتميزة في عصرهن أو محيطهن.
  • أخيراً؛ إن السلام الذي تنعم به بعض العلاقات المميزة بين الفتيات وذويهم، وبين الفتيات وأنفسهن يكمن سره في مدى قدرة الوالدين على التفهم والاحتواء، وقدرتهم على زرع محبة الله وخشيته في نفوس البنات، فإن ذلك يسهل في كبرهن وقوفهن عند حدود الله ​​​​​​​، والتفاني في بر والديهم، وسعيهن لتكوين أسرة مسلمة بحق، يرضى عنها الله ورسوله، عمادها العلم والإيمان والعمل الصالح وحسن الخلق.

إن تربية البنات مسؤولية كبيرة يلقيها الله على عاتقنا وهي شرف عظيم، وإن الإحسان إليهن سبب لدخول الجنة، ففي الحديث الشريف عن أبي سعيد الخدري  قال رسول الله من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فله الجنة رواه أبو داوود والترمذي، وإنهن من ألطف العطايا الإلهية وأبهجها، كيف لا وهن المؤنسات الغاليات اللواتي ما حللن في بيت إلا وأضأن عتمته كالقمر في وسط الظلام، ولا نزلن بدار إلا وأشرقت جنباته كالشمس في وسط النهار فلابد من مراعاتهن والعمل الدؤوب على تربيتهن تربية صالحة مصلحة ناجحة فالحة.

لمزيد من الأفكار والوسائل العملية الاطلاع على: (لمحات في تربية البنات) للمؤلف عبد الملك القاسم.